فرضت الانتخابات النيابية المقررة في السادس من مايو (أيار) المقبل، واقعاً جديداً على الأحزاب السياسية، التي وجدت نفسها أمام حسابات مختلفة عن الدورات السابقة، بحيث بات الركون إلى شخصيات ذات حيثية شعبية أمراً مستحباً، ما فتح الباب أمام استقطاب بعض الشخصيات من خارج الاصطفافات السياسية للأحزاب، وهو ما ينطبق على تيار «المستقبل»، الذي اتخذ رئيسه سعد الحريري (رئيس الحكومة اللبنانية)، قراراً وصف بـ«الجريء»، عبر ترشيحه أسماء كانت منذ الـ2005 تقف في معسكر قوى الثامن من آذار وتقاتل في صفوفها.
ولم تفصح هذه الشخصيات بعد عن أسباب خروجها «محور الممانعة»، والالتحاق بمعسكر الحريري، لكن ثمة علامات استفهام على قدرة الحريري على استقطاب بعضها وضمّها إلى لوائحه، مثل المرشّح وليد البعريني، نجل النائب السابق وجيه البعريني، المقرّب من النظام السوري و«حزب الله» والمرشّح على لائحة الثامن من آذار بمواجهة لائحة «المستقبل» في دائرة شمال لبنان الأولى (عكار)، والمرشّح محمد القرعاوي، الذي كان أحد أبرز المقرّبين من الوزير السابق عبد الرحيم مراد، وترشّح على لائحة الأخير في منطقة البقاع الغربي لدورة 2009.
ويبدو أن هذه التحولات تبقى خاضعة لإرادة ورغبة الطرفين، وفق تقدير عضو المكتب السياسي في تيار «المستقبل» النائب السابق مصطفى علوش، الذي أوضح لـ«الشرق الأوسط»، أن هؤلاء «هم من عرضوا أنفسهم وعبّروا عن رغبتهم بالسير بالخط السياسي لتيار «المستقبل»، وربما وجدوا أنفسهم أنهم كانوا مخطئين في خياراتهم السابقة، أو أنهم يبحثون عن موقع لم يجدوه سابقاً ووجدوه الآن في «المستقبل»، وبالتالي لا أحد يستطيع أن يحكم على نوايا الناس».
وأقرّ علوش بأن البعريني والقرعاوي «لهما دورهما وحيثيتهما الشعبية في منطقتي عكار والبقاع الغربي، ومن المؤكد أن الحسابات الانتخابية لا علاقة لها بالمبادئ، بقدر ما لها علاقة بالأرقام». ورأى أن «كل زعيم أو حزب سياسي ما عدا الأحزاب العقائدية مثل «حزب الله»، لها حساباتها وتريد عبر ضمّ هذه الشخصية أو التحالف مع شخصيات أخرى، أن تكسب أصواتاً جديدة»، لافتاً إلى أن «القاعدة الحزبية ربما تعبّر عن استيائها، لكنها تعود وتسامح على هذه الخيارات، والذي لا يسامح يمكنه أن يخرج». وأشار علوش إلى أن «لعبة الانتخابات تبقى لعبة المصلحة أكثر مما هي لعبة المبادئ السياسية، وكل الأحزاب تخوضها على أساس تكبير حجم كتلتها النيابية».
وعمّا إذا كانت ثمة ضمانات لدى الحريري بالتزام المرشحين الآتين من خارج «المستقبل» ومعسكر قوى «14 آذار» بسياسة التيار بعد الانتخابات، أوضح علوش أن «لا أحد يضمن مسبقاً نوايا الناس، والتاريخ علّمنا أن هناك أشخاصاً ناصعي البياض، لكن عند التجربة كانوا عنيدين لدرجة أنهم لا يخضعون لإرادة قيادتهم، وهناك آخرون التزموا بما تعهدوا به وقاتلوا إلى آخر الطريق».
وكان الحريري أعلن مساء الأحد الماضي أسماء مرشحي تيار «المستقبل» لانتخابات العام 2018. وعددهم 38 مرشحاً من كلّ الطوائف والمناطق، وطلب من اللبنانيين انتخابهم، ليتمكن من المضي بمشروع النهوض بلبنان.
وتعبيراً عن بعض الاستياء مما ذهبت إليه الأمور، قال قيادي في «المستقبل» لـ«الشرق الأوسط»: «هناك من يشعر بالغبن داخل التيار، وهناك مناضلون يستحقون أن يكونوا على اللوائح، لكن للأسف لم يجدوا من يقول لهم كلمة شكراً، ويبقى على الرئيس الحريري أن يمهّد لكيفية إعادة استيعاب هذه الحالة»، لافتاً إلى أن «حالة الإحباط لدى بعض الكوادر كبيرة، لكن ذلك لا يعني الانقلاب على سعد الحريري وتيار المستقبل»، معتبراً أن «النضال لا يعني الصراع على مقعد نيابي أو منصب سياسي، بقدر ما هو دفاع عن نهج وخط ومبادئ».
إلى ذلك، رأى الخبير الانتخابي عبدو سعد، أن «ترشيح الحريري لوليد البعريني ومحمد القرعاوي على لوائحه، هو خيار صائب، وجاء بعد استطلاعات للرأي أثبتت حضورهما وحيثيتهما الشعبية على الأرض». وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أن هذا الخيار «يراعي مصلحة «المستقبل»، باعتبار أن وليد البعريني هو سليل إرث سياسي لآل البعريني في عكار ومن مصلحة الحريري أن يكون معه، وكلّ الاستطلاعات ترجّح فزوز البعريني في عكار بارتياح»، لكنه لفت إلى أن «القرعاوي ورغم حيثيته، فإن فوزه رهن بقدرة «المستقبل» على تجيير أصوات ناخبيه، وتوزيعها بالتساوي بين القرعاوي والنائب زياد القادري».
{المستقبل} يخترق قوى «8 آذار» ويرشّح شخصيتين من صفوفها
{المستقبل} يخترق قوى «8 آذار» ويرشّح شخصيتين من صفوفها
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة