«الحالة الحرجة»... خلطة سحرية من أدب اللامعقول

رواية السعودي عزيز محمد دخلت القائمة القصيرة لجائزة «بوكر» العربية

«الحالة الحرجة»... خلطة سحرية من أدب اللامعقول
TT

«الحالة الحرجة»... خلطة سحرية من أدب اللامعقول

«الحالة الحرجة»... خلطة سحرية من أدب اللامعقول

تُهيمن ثيمتا العزلة والصراع مع مرض السرطان على رواية (الحالة الحرجة للمدعو «ك») للروائي السعودي عزيز محمد، التي وصلت إلى القائمة القصيرة لجائزة «بوكر» العربية لهذا العام. وهي الرواية الأولى للكاتب، إذ لم يَكتب قبلها سوى عدد من القصائد، والقصص القصيرة، والمقالات السينمائية التي نشرها في مجلات ثقافية، ومواقع إلكترونية متخصصة بالأدب والفن.
يتعالق الراوي، وهو الشخصية الرئيسية في هذه الرواية، مع أفكار كثير من الكُتّاب والروائيين الأجانب، فلا غرابة في أن يكتظ النص بأسماء وعناوين الكتب التي يفضِّلها بعد أن قرأها بإمعان، وتماهى مع مضامينها الفكرية والإنسانية، مثل كتب فرانز كافكا، وأرنست همنغواي، وتوماس مان، وكنوت هامسون، ودستويفسكي، ومونيتشيرو تانيزاكي، وهاروكي موراكامي، وفريدريك نيتشه، وسوزان سونتاغ، وسيدهارثا موكيرجي، وجورج جونسون، إضافة إلى كُتب شعراء أميركيين ويابانيين، وقصص أطفال مسليّة، واسعة الخيال، تؤنسه في عزلته التي اجترحها بنفسه، سواء في البيت أم العمل أم في الأماكن العامة التي خلت من التسميات، تماماً كما خلت الرواية من أسماء الشخصيات والمدن التي يتحرك فيها هذا الراوي المُحتفي بوحدته، وحياته الخاصة المحصورة بين ثلاثة أماكن، وهي: «شركة البتروكيماويات الشرقية» التي يعمل فيها منذ ثلاثة أعوام، والمستشفى الذي يتعالج فيه من السرطان، والبيت الذي يقيم فيه مع أسرته التي تشظّت هي الأخرى إلى أُسَرٍ صغيرة متباعدة، كلّما تقادمت الأعوام.
تشكّل أسرة الراوي بيئة طاردة للثقافة المعاصرة، والكتاب الحديث. فالأم التي تحاول أن تفرض سيطرتها على المنزل، تطالبه بأن يقلع عن الكتب والسجائر، بينما يشعر الراوي مذ التحق بهذه الشركة، بميله إلى الكتابة والاسترسال في تدوين مذكراته الشخصية؛ خصوصاً بعد أن كرّس اسمه كشاعر ضمن دائرة الأسرة والأقرباء، غير أن قراءاته المكثّفة للروايات العالمية سوف تسحبه من الشعر إلى الفضاء السردي، كي يكرس موهبته الإبداعية التي لا تحظى باهتمام العائلة برمتها، فهم يريدونه أن يعتمد على نفسه، ويؤسس أسرة صغيرة، وينهمك في تربيتها طوال حياته.
لم تكن شخصية الراوي غريبة على القارئ العربي أو الأجنبي، فقد ألفنا هذه الشخصيات المتوحدة والمعزولة التي تشعر بأنها لا تنتمي إلى واقعها، فهو يقول بالفم الملآن: «لقد وُلدت منطوياً، ثم كافحتُ بكل غرائزي الدفاعية، عاماً بعد عام، كي أعزل نفسي» وأكثر من ذلك، فإن الأم تشكوه إلى الطبيب وتصفه «بأنه يغرق في عالم يائس كئيب»؛ خاصة بعد اكتشافه أنه مُصاب بالسرطان، وتحديداً باللوكيميا، أو «ابيضاض الدم». ففي واحدة من حالاته المقرفة يقول: «أستيقظ متعرّقاً. غثيان، صداع، دم على المخدة، آلام في المفاصل، كأني خضتُ عِراكاً في نومي».
يستمر تعالق الراوي مع كُتّابه المفضّلين، وخاصة كافكا، حيث يكتب قصة اسمها «قاعة المؤامرات» بطلها (ك) لكن النهاية تعذّرت عليه، بسبب قصور في الإلهام، ومع ذلك فلم يتذمّر؛ لأن كافكا نفسه لم ينهِ كثيراً من رواياته. وكلما أوغل الراوي في القراءة والتأمل، رفض أن يكون جزءاً من القطيع، ولهذا انشقّ عن المجتمع وانطوى على نفسه المُحتفية بنيتشه، وسواه من آبائه الروحيين الذين يغذّونه بإكسير الحياة.
يعتمد الروائي عزيز محمد على الأسلوب الساخر، والكوميديا السوداء في كثير من الأحيان، الأمر الذي يخفف من وطأة الثيمة الرئيسة التي تتمحور حول الراوي المريض، الذي يتعرض لانتكاسات متواصلة على مدى أربعين أسبوعاً من جلسات العلاج، التي تكشف كل صغيرة وكبيرة عن هذا المرض اللعين، وكأن مبدع النص متخصص بمرض السرطان، وعارف بأسراره، وطرق علاجه الحديثة، التي لا تخلو من قسوة مريرة، وما تسببهُ من مضاعفات وأعراض جانبية، مثل الفشل الكُلوي، واختلال وظائف الكبد، والاضطرابات القلبية، وتساقط الشعر، والعُقم، والعجز جنسي، والضعف في الذاكرة، والتقرّحات في الفم، والصعوبات في التنفس، واحتمال الإصابة بنوع آخر من السرطان.
يتعرف الراوي في أثناء علاجه على عدد من المرضى؛ لكن تظل المرأة المصابة «بورم بحجم البيضة» في رأسها، هي الأقرب إليه روحياً؛ لأنها قارئة من الطراز الرفيع، وتصارع المرض ذاته الذي يعاني منه، وهي التي نصحته بقراءة كتاب سونتاغ المعنون «المرض كاستعارة». وبما أنه يحتاج إلى نقل ثلاثة أكياس من الدم إلى شرايينه، فينصحه الطبيب بالذهاب إلى العاصمة، وأخذ خزعة منه لأنها ستؤكد المرض، وتحدّد نوعه، والمرحلة التي وصل إليها.
ولكي يتقدم النسق السردي بخط مستقيم، يعود الراوي من إجازته المرضية إلى العمل، ليقدم استقالته؛ لكن المدير ينصحهُ بأخذ إجازة مرضية أخرى، كي لا يخسر التأمين الصحي الذي توفره الشركة للموظفين. وبما أن الراوي لا يستطيع التكتّم على مرضه، فيتوجب عليه أن يخبر ذويه وأعمامه جميعاً، كما تقتضي الأعراف المتّبعة في حال الإصابة بهذا المرض المُهلك. وإذا كان البعض من الإخوة والأعمام يتلقون هذا الخبر كقدرٍ لا بد منه، فإن الأم والجد هما اللذان يُصدَمان فقط؛ حيث يُغمى على الأم غير مرة، وتترقرق الدموع في عيني الجد الذي لم يبكِ إلا في وفاة ابنه، وإصابة حفيده بمرض السرطان.
تكمن سخرية النص في العادات والتقاليد الاجتماعية، فبينما يعاني الراوي من أعراض مرض السرطان، يطالبه شقيقه الأكبر بألا يحرجه أمام ضيوفه وأنسبائه الجدد، وحينما يأكل رغم نفوره من الطعام، يسقط في الحمّام مغشياً عليه، وكادت روحه أن تفارق جسده.
يواصل الراوي رحلته العلاجية رغماً عنه، وتُجرى له فحوصات جديدة متعددة، مثل «الرنين المغناطيسي»، ثم يزرعون في جسده «نظائر مشعة» ليتأكد من «أن الألم هو الحقيقة الوحيدة» التي بات يستشعرها في حياته. وبما أن العلاج الكيميائي قد قضى على 40 في المائة من الخلايا السرطانية، فإن عليه الاستمرار بدورة ثانية من العلاج، وثمة خيار آخر متوفر، وهو زرع الخلايا الجذعية التي تقترح أخته أن تتبرع بها مقابل أن يخرج من البيت كي تبيعه، بعد أن وجدت عروساً من عائلة ثرية لشقيقها الأكبر؛ لكنه يرفض هذا المقترح، فتفقد أعصابها وتخرج صارخة متذمرة، عندها فقط يشعر بأنه «أكثر حرية مما كان في أي وقت مضى».
لم يجد الراوي عزاءه في قصص كافكا ورواياته فحسب، وإنما في كافكا الإنسان المغترب، الذي أورثه السل آلاماً كثيرة في الرئة والروح والمزاج معاً.
تنتهي الرواية ببارقة أمل؛ خلافاً لتوقعات القرّاء الذين ظنوا أن الموت سوف يلتهم هذا الكائن، الهش، الغريب، المجبول على العزلة، غير أن التقارير الطبية كشفت أن الإشعاع قد عالج الكبد من الخلايا السرطانية ولم يبق أمامه سوى مواصلة رحلته العلاجية في اليابان، ومع ذلك فهو لا يستبعد أن يستفيق ذات صباح ليجد نفسه قد تحوّل إلى حشرة ضخمة، كما حدث لغريغور سامسا في رواية «المسخ».
تعددت القراءات النقدية لهذه الرواية المحبوكة، فمنهم مَنْ قارنها بغريب كامو، ومَنهم مَن ربطها بجوزيف ك، أو غريغور سامسا، أو ببعض شخصيات تانيزاكي، ولكنها في واقع الحال أقرب إلى الخلطة السحرية من أدب العبث واللامعقول، الذي يمجد البطل المغترب الذي ينفصل عن واقعه تماماً، ويعيش حياة عدمية لا تحطِّم إيقاعها الرتيب حتى علاقة عاطفية عابرة، أما شقيقته الصغرى، فقد كانت تمثل نموذجاً قاسياً للمناكدة الفظّة، والتناحر الأهوج.



العثور على أشرطة كاسيت تتضمن أغنيات غير معروفة لمايكل جاكسون

المغني الأميركي الراحل مايكل جاكسون خلال حفل في سنغافورة في 1 سبتمبر 1993 (أ.ف.ب)
المغني الأميركي الراحل مايكل جاكسون خلال حفل في سنغافورة في 1 سبتمبر 1993 (أ.ف.ب)
TT

العثور على أشرطة كاسيت تتضمن أغنيات غير معروفة لمايكل جاكسون

المغني الأميركي الراحل مايكل جاكسون خلال حفل في سنغافورة في 1 سبتمبر 1993 (أ.ف.ب)
المغني الأميركي الراحل مايكل جاكسون خلال حفل في سنغافورة في 1 سبتمبر 1993 (أ.ف.ب)

عُثِر في وحدة تخزين مهجورة في شمال لوس أنجليس على أشرطة كاسيت تحتوي على نحو 15 أغنية غير معروفة للمغني الأميركي الراحل مايكل جاكسون، وفق ما أفادت مجلة «هوليوود ريبورتر»، لكنّ هذه الأغنيات قد لا تصدر أبداً.

وأوضحت المجلة المتخصصة أن الشرطي السابق غريغ موسغروف عثر على هذه التسجيلات، ومن بينها أغنية ثنائية مع مغني الراب إل إل كول جاي، في وحدة تخزين يملكها المنتج الموسيقي براين لورين الذي تعاون مع النجم الراحل ولا يُعرف مكان وجوده راهناً.

وتعود التسجيلات وفقَ الشروح المدوّنة على أشرطة الكاسيت إلى مرحلة 1989 - 1991، قبل إطلاق ألبوم «دينجيروس» Dangerous الذي تضمّن أغنية «بلاك أور وايت» عام 1991.

وقال موسغروف لـ«هوليوود ريبورتر» عن الأشرطة المكتشفة «كنت أستمع إلى تلك التسجيلات وشعرت بالقشعريرة لأن أحداً لم يسبق أن سمعها. كان رائعاً حقاً سماع مايكل جاكسون وهو يتحدث ويمزح».

أشرطة تم العثور عليها في وحدة تخزين لورين («هوليوود ريبورتر»)

لكنّ المجلة أشارت إلى أن محبّي مايكل جاكسون لن يتمكنوا على ما يبدو من الاستماع لهذه الأغنيات إذ لن يتسنى إصدارها، نظراً إلى أن مؤسسة «جاكسون إستايت» التي تتولى إدارة ميراث النجم الراحل رأت أن امتلاك أشرطة الكاسيت لا يعني امتلاك حقوقها.

وأوضح ناطق رسمي باسم «جاكسون إستايت» لـ«هوليوود ريبورتر» أن هذه المقاطع الصوتية ليست «جديدة» وأن «في خزائن التركة» تسجيلات أصلية لها.

أما غريغ موسغروف فأمل في أن يكسب أكثر من مليون دولار من الأشرطة المكتشفة التي سيعرضها على دور مزادات، حسبما أفادت «وكالة الصحافة الفرنسية».

وبيعت نحو 350 مليون نسخة من أسطوانات مايكل جاكسون ومن بينها «ثريلر» Thriller الذي يُعد الألبوم الذي حقق أكبر مبيعات على الإطلاق. وفاز جاكسون بـ13 جائزة غرامي، وتوفي عن 50 عاماً في 25 يونيو (حزيران) 2009 في منطقة لوس أنجليس.