نبه مؤتمر حول «دور الإعلام في حماية التراث» في ختام أعماله مساء الأربعاء الماضي بالإسكندرية إلى أن «تنظيم داعش الإرهابي ليس المسؤول الوحيد عن هدم المباني التراثية والتاريخية في سوريا»، لافتا إلى أن جميع الجماعات المتقاتلة على الأراضي السورية شاركت في ذلك، لأن حماية التراث آخر همومها.
وشدد المؤتمر الذي نظمته مؤسسة «ولاد البلد للخدمات الإعلامية»، بالتعاون مع المعهد السويدي في الإسكندرية، وشارك فيه باحثون مصريون وعرب وأجانب على ضرورة تفعيل دور الإعلام في تحريك الوعي بالأهمية التاريخية للتراث والهوية الحضارية للمدن، في ظل التغيرات العالمية، والانتهاك الممنهج ضد التراث الحضاري والثقافي والمباني التراثية والأثرية.
شهد المؤتمر على مدار 3 أيام مناقشات وأبحاث حذرت من ضياع تراث دول الشرق الأوسط في أعقاب ما يسمى بـ«الربيع العربي» على أيدي الجماعات المتطرفة، وبسبب المضاربة العقارية، وعدم اهتمام معظم الحكومات العربية به. وأكد المؤتمر على أن حماية المباني التراثية جزء مهم من الحفاظ على الهوية، كما أن التراث يمكن أن يشكل عائدا اقتصاديا مهما لو تمت الاستفادة منه بشكل صحيح.
وقال الدكتور شيخ موسى علي، عالم الآثار والخبير بعمارة الشرق الأدنى، ورئيس جمعية حماية الآثار السورية، إن «الحكومات العربية لم تربِ ثقافة الحفاظ على التراث»، مشيرا إلى أن معظم السوريين مثلا زاروا متحف اللوفر بفرنسا، لكنهم لم يزوروا متحف دمشق، اعتقادا منهم أنه لا يستحق الزيارة، منبها على أن «تنظيم داعش الإرهابي ليس المسؤول الوحيد عن هدم المباني التراثية والتاريخية في سوريا، فجميع الجماعات المتقاتلة على الأراضي السورية شاركت في ذلك، لأن حماية التراث آخر همومها».
واستعرضت خديجة رمضان، عضو منصة السيدات الليبيات للسلام، ما حدث للتراث والآثار في ليبيا، مؤكدة أنه «لا يمكن حصر حجم الدمار الذي لحق بالتراث الليبي، فما زالت المناطق الأثرية والتراثية تتعرض للهدم والنهب من قبل الجماعات الإرهابية»، مشيرة إلى أن ما يحدث هو تغيير للهوية الليبية. وقالت: «للأسف فإن الحكومات الليبية لم تنتبه للتراث وكانت تعتبره من مخلفات الاستعمار ولذلك لم يتم الترويج له».
وقال بيتر ويدرود، مدير المعهد السويدي بالإسكندرية، «حين نفقد تراثنا نهدد هويتنا وتاريخنا، وعلى الإعلام أن يلعب دورا في حماية التراث وتعريف الناس به».
وقالت فرانس ديمراي، مديرة البرامج والعلاقات في مجلس المتاحف العالمي، إن «الدول العربية شهدت تدهورا سريعا للإرث التراثي والثقافي في فترة الربيع العربي»، مشيرة إلى أهمية دور المجتمع المدني في حماية التراث.
وذكرت فاطمة فرج، مؤسس ومدير «مؤسسة ولاد البلد للخدمات الإعلامية»، أن «الحملة استطاعت توثيق بعض المباني التراثية في مختلف محافظات مصر، ونشرت أكثر من 30 موضوعا، قرأها نحو مليون ونصف مليون مواطن»، مشيرة إلى أن «الإعلام طرف أساسي في الحفاظ على التراث، ليس فقط باعتباره جزءا من الهوية، بل مكونا اقتصاديا مهما للدولة».
وقالت الدكتورة جليلة القاضي، أستاذ التخطيط العمراني في الجامعة الفرنسية بمصر، أحد خبراء اليونيسكو في الحفاظ على التراث الحضاري في العالم العربي، إن «التراث ليس من أولويات معظم الدول العربية»، مشيرة إلى أن الحرب الثانية ضد التراث هي المضاربة العقارية، وهذا واضح في لبنان».
ولفتت القاضي إلى «أهمية السوشيال ميديا، في إثارة قضايا التراث والآثار، فهي التي أثارت قضية سفر مقتنيات توت عنخ آمون إلى الخارج مثلا». ومن جهته اعتبر الدكتور دانيال سالفودي، الباحث في علم المصريات في جامعة بيزا الإيطالية، إن «السوشيال ميديا أداة وليست حلا، والدولة عليها دور في حماية التراث»، مشيرا إلى أن «القانون في إيطاليا يفرض قيودا شديدة على الإساءة للتراث، كما تقدم الدولة منحا لمن يريد تحويل المباني التراثية إلى مشروعات اقتصادية ناجحة».
يشار إلى أنه في مصر لم تنجح الدولة حتى الآن في سن قوانين صارمة لحماية المباني التراثية، وما زال الكثير منها معرض للهدم والتشويه والإهمال، حتى المناطق التي يتم ترميمها مثل منطقة شارع المعز تعرضت للإهمال من قبل سكانها، ومن ضعف القانون في حمايتها. كما تعرض عدد كبير من القصور التاريخية في الإسكندرية للهدم لبناء أبراج سكنية.
مؤتمر لحماية التراث بالإسكندرية يحذّر من تغيير الهوية
مؤتمر لحماية التراث بالإسكندرية يحذّر من تغيير الهوية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة