نتنياهو يخضع للتحقيق مجدداً بعد عودته من واشنطن

«شاهد ملك» جديد يورط وزيرين في قضايا الفساد

نتنياهو (إ.ب.أ)
نتنياهو (إ.ب.أ)
TT

نتنياهو يخضع للتحقيق مجدداً بعد عودته من واشنطن

نتنياهو (إ.ب.أ)
نتنياهو (إ.ب.أ)

كشفت مصادر في الشرطة الإسرائيلية، عن أن نير حيفتس، الذي كان مستشاراً مقرباً من رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو وزوجته سارة، وأصبح «شاهد دولة» في التحقيقات ضدهما بجميع ملفات الفساد، لا يقدم لمحققي الشرطة معلومات عن نتنياهو فقط، بل يقدم معلومات أخرى من شأنها تجريم أربعة مسؤولين آخرين في حزب الليكود الحاكم، بينهم وزيران، على الأقل، في الحكومة الحالية.
وقالت المصادر: إن حيفتس قدم رؤوس أقلام للمحققين حول المعلومات التي سيدلي بها خلال التحقيق معه، إذا وافقت على منحه مكانة «شاهد ملك»، وأعفته من الشراكة في المخالفات، وحررته تماماً من الاتهام أو العقوبة. وطرح خلالها أسماء أربعة مسؤولين كبار في كتلة الليكود، ربطته بهم علاقات عمل في الدورتين البرلمانيتين الأخيرتين، كمتورطين بشبهات جنائية. وترتبط هذه القضايا بمشروعات في الجهاز الصحي وفي وزارة شؤون البيئة. وقد عمل حيفتس مع هذه الجهات بفضل مكانته المقربة من نتنياهو.
ويشتبه بأن هذه الجهات استغلت مناصبها بشكل سيئ. والحديث يدور حول قضايا ترتبط بتنظيم الجهاز الصحي، وصفقات عقارات، وقضية تتعلق بشؤون البيئة لا تزال مطروحة على الجدول حالياً.
ولم يقدم حيفتس شهادته الكاملة حتى الآن، لكن الشرطة باتت تعرف بالمعلومات. وقالت جهات مطلعة على الموضوع: «إن المقصود (هو) مواد استخباراتية ذات قيمة عالية، يضاف قسم منها إلى مواد استخباراتية سابقة توفرت لدى الشرطة». وحسب المصادر، فإن حيفتس يحتفظ بعدد كبير من الأدلة والوثائق التي تثبت أقواله وتدين المشبوهين؛ إذ كان على ما يبدو يتوقع التورط في تحقيقات الشرطة وراح يسجل ما يدور حوله، بما في ذلك محادثاته وجلسات العمل مع نتنياهو نفسه.
وعلم أنه جرى إبلاغ النيابة العامة والمستشار القانوني بإمكانية أن يشهد حيفتس ضد مسؤولين آخرين من الليكود. وتم منح المحققين الضوء الأخضر لجباية إفادات كاملة من حيفتس في هذه القضايا، وبعد أن يتم سماع إفاداته ودعمها بأدلة أخرى، سيتم تحويل المواد إلى المستشار القانوني، لكي يقرر ما إذا توجب عليه أن يفتح تحقيقاً ضد تلك الشخصيات. وأما نتنياهو نفسه، فقد تقرر استدعاؤه للتحقيق مرة أخرى، بعد عودته من الولايات المتحدة.
وكان نتنياهو قد حاول المزاح مع الأميركيين بشأن التحقيقات ضده، وتحويل التحقيق إلى موضوع نكات. فحينما سئل عن أبرز ما يهم في منصب رئيس الحكومة في إسرائيل، أجاب: «تحقيقات الشرطة». وعندما سئل إن كان نسّق مع الرئيس دونالد ترمب ملابسهما، عندما ظهرا معاً بالقميص الأبيض وربطة عنق زرقاء، أجاب: «هذا موضوع لتحقيقات الشرطة في إسرائيل». وهاجم الشرطة الإسرائيلية من واشنطن، عندما كتب على صفحته في «فيسبوك»: «إنهم يأخذون الناس الذين يدعون أنهم ارتكبوا مخالفة، ويضعونهم في السجن، يرعبونهم، ويقولون لهم: انتهت حياتكم، انتهت حياة عائلاتكم، سنأخذ منكم كل شيء تقريباً، حتى حريتكم. تريدون النجاة من هذا؟ يوجد مخرج وحيد – لوثوا سمعة نتنياهو. ليس مهماً أن تقولوا أكاذيب مهووسة – المهم لوثوا سمعة نتنياهو». وكرر نتنياهو ما نُسب إلى المقربين منه، في وقت سابق من هذا الأسبوع، قائلاً: «عندما يكون هناك شيء حقيقي، لا توجد حاجة إلى شاهد دولة واحد، وعندما لا يكون هناك شيء، حتى ألف شاهد دولة لن يساعدوا. هذا الركض المهووس وراء شاهد دولة واحد، وشاهد دولة آخر، وشاهد دولة آخر، هو أفضل دليل على أنه لا يوجد أي شيء».
إلى ذلك، انتشر على الشبكة الاجتماعية، في الأيام الأخيرة، تحريض شرس على المفوض العام للشرطة، روني الشيخ، يتوعده بالبكاء بكاءً مريراً، ويصفه باليهودي الشرير. كما تنتشر مواد تحريض ضد المحققين في ملفات نتنياهو.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.