يسكن الصيدلي عبد الحكيم رمضان (52 سنة)، مع أسرته في محافظة الحسكة شمال سوريا، في مدينة منقسمة السيطرة. يقع منزله مقابل دائرة التجنيد وسط المربع الأمني الخاضع للنظام الحاكم، فيما تقع صيدليته في شارع فلسطين عند آخر نقطة تماس تفصل بين مناطق النظام ومناطق الإدارة الذاتية الكردية المعلنة بداية عام 2014 من حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي وأحزاب وجهات عربية ومسيحية.
يعمل عبد الحكيم صيدلاني منذ عام 1992، وهو عضو في مجلس السلم الأهلي بمدينة الحسكة ممثلاً عن المجلس الوطني الكردي المعارض. ينتقل يومياً من مكان سكنه إلى عمله وسط إجراءات أمنية مشددة من الطرفين، كما يشكو من انتشار الحواجز العسكرية ونقاط التفتيش من الجانبين.
يروي عبد الحكيم انه قبل فترة وقعت اشتباكات عسكرية بين عناصر النظام وقوات الأسايش الكردية، امتدت إلى الشارع الذي تقع فيه صيدليته. يقول: «حوصرنا هنا لساعات لم نتمكن من الخروج أو الحركة لشدة الاشتباكات وكان الرصاص مثل زخ المطر»، فالمنطقة التي تقع فيها الصيدلة يتنافس النظام والإدارة لضمها إلى مناطق سيطرتها، باعتبارها المركز التجاري الرئيسي لمدينة الحسكة، مما يعوق عمله الإنساني في تقديم الأدوية والمساعدات الطبية للمواطنين، ويتابع: «بقينا عدة أيام حتى هدئت تلك الأحداث، بعدها وعندما فتحت الصيدلية تفاجئا بأنها سرقت ونهب معظم ما كان فيها، وتعرضت الواجهة الزجاجية للكسر»، وطالت الحالة غالبية المحال التجارية والعيادات الطبية المجاورة وقد تعرضت للحرق والنهب، وأضاف: «الأمر المؤسف أنه لا النظام ولا الإدارة عوضتنا بالخسائر المادية، هذه المواقف تتكرر باستمرار، فالأوضاع هنا متقلبة ومعرضة للتصعيد في أية لحظة».
ومنح انسحاب قوات النظام السوري من مناطق كثيرة من البلاد بداية 2013، الأكراد فرصة لتشكيل إدارات محلية في ثلاث مناطق يشكلون فيها غالبية سكانية، والجزيرة تضم مدينتي الحسكة والقامشلي إحدى التجمعات الكردية، إضافة إلى عين العرب (كوباني) بريف حلب الشرقي، ومدينة عفرين بريف حلب الشمالي، وهي منطقة حدودية محاذية لولاية هاتاي التركية، ومنذ 20 يناير (كانون الثاني) الماضي تتعرض لهجوم غير مسبوق من الجيش التركي وفصائل سورية معارضة موالية لها، بهدف انتزاعها من الوحدات الكردية التي تسيطر عليها منذ أواخر 2012.
ويحتفظ النظام السوري بمربعين أمنيين في مدينتي الحسكة والقامشلي. ففي الحسكة يبدأ المربع من شارع القامشلي غرباً ويشمل ساحة الرئيس والأبنية الحكومية والقصر العدلي وسرايا المحافظة وقسماً من السوق المركزية، لتنتهي عند الحارة العسكرية شرقاً، إضافة إلى سيطرتها على فوج جبل كوكب الواقع على بعد 15 كيلومتر شمال شرقي الحسكة، ويعد أكبر قطعة عسكرية خاضعة لسيطرة النظام إلى جانب فوج 137 في مدينة القامشلي.
ويفصل شارع فلسطين وسط الحسكة مناطق التماس الفاصلة بين سيطرة عناصر النظام و«أسايش» وهي شرطة محلية تتبع الإدارة الذاتية الكردية، وتنتشر حواجز كل قوة على جانبي السوق، ونصبت «أسايش» نقاط تفتيش مقابل كل حاجز عسكري يتبع النظام، ويصف الصيدلاني عبد الحكيم المشهد في مدينته بـ«المعسكر المغلق» ويقول: «حواجز الطرفين متداخلة ومنتشرة بكثرة، يجب إخراجها من المدينة».
وباتت الإدارة الذاتية المرجعية التي تتولى تسيير شؤون الناس وإدارة المؤسسات والخدمات، واتخذت سلسلة إجراءات أبرزها إدخال اللغة الكردية إلى المناهج الدراسية، وتشكيل مؤسسات خدمية موازية للدوائر الحكومية، تعمل على جباية الضرائب وإصدار الأوراق الرسمية الصادرة عنها، وكشف عبد الحكيم أنه يدفع الضرائب للنظام وللإدارة في الوقت نفسه، لأن صيدليته تقع بين قطاعي الطرفان، ويقول: «النظام يشدد عندما نسافر عبر المطار أو مراجعة أي دائرة حكومية، ويطلب براءة ذمة بدفع الفواتير والضرائب المالية، الأمر ينطبق كذلك عند الإدارة، فعند مراجعة أي مؤسسة أو طلب المحروقات أو أجرة الغاز، يتأكدون من دفع الضرائب المالية المترتبة علينا لصالحهم».
أما سعاد وهي سيدة في بداية عقدها الخامس، تسكن بالقرب من سرايا المحافظة وسط مدينة الحسكة، شبهت الحياة في مدينتها بـ«دولة ضمن دولة»، لانتشار مؤسسات الإدارة الذاتية ضمن قطاع المربع الأمني التابع للنظام، وتقول: «يوجد (مجلس كومين) في شارعنا وفي بداية فصل الشتاء زارتني رئيسة المجلس، وقالت لي إنهم سيوزعون المازوت وجرة الغاز، لم أصدق ما سمعت لأن منزلي يقع وسط ما يسمى المربع الأمني بالحسكة»، وبالفعل بعد عدة أيام قام المجلس بتوزيع المازوت على سعاد وسكان الحي، كما تحصل على أجرة الغاز، و(الكومين) أو مجلس الحي يعتبر أصغر وحدة إدارة من بين مؤسسات الإدارة الذاتية.
وتروي سعاد حادثة جرت قبل ثلاثة أشهر، إذ إن حراس وعناصر الأمن التابعين لسرايا المحافظة حصلوا على مازوت التدفئة من نفس المكان، وتابعت حديثها: «نحن نعيش في دولة ضمن دولة، شكلياً المربع الأمني يتبع قوات النظام، لكن فعلياً الإدارة الذاتية تدير كل شيء، حقيقةً لا أعرف من يحكمنا، ومعظم سكان الحسكة لا أحد يعلم من هي الجهة المسيطرة».
مدينة منقسمة
لا يختلف المشهد في القامشلي الواقعة أقصى شمال شرقي سوريا، كثيراً عن محافظة الحسكة؛ إذ إن النظام لا يزال يحتفظ بمربع أمني يصفه سكان المدينة بـ«المستطيل»، يضم مقرات الأجهزة الأمنية شمالاً، وقسماً من سوق المدينة يصل إلى شارع الوحدة شرقاً، ومطار القامشلي الواقع جنوباً وهو الوحيد في المحافظة ويعد المنفذ الواصل بينها وبين باقي المدن مع الداخل السوري.
في الطريق إلى السوق المركزي وعند الوصول إلى دوار مدينة الشباب يستوقفك حاجز «أسايش»، وتتوزع مؤسسات ومقرات الإدارة الذاتية في الجهة اليمنية ويسمى بـ«المربع الأمني للإدارة»، وعند إكمال الطريق نحو سوق المدينة، يستوقفك شرطي مرور يقف قبل مؤسسة البريد لا يفصله سوى عدة أمتار عن حاجز (الأسايش)، ثم تأتي ساحة دوار السبع بحرات يتوسطها تمثال الرئيس السوري السابق حافظ الأسد، وتقع شمالها مقرات الأجهزة الأمنية التابعة للنظام، كما تنتشر على جانبيه عناصر المخابرات ورجال الأمن والشرطة.
واعتبر أسعد أبو روند صاحب حلويات الموعد المعروفة لدى سكان القامشلي، أن وجود مؤسسات الدولة ومقرات النظام تخدم مصلحة مواطني المنطقة، حيث يقع محله مقابل تمثال الأسد، ويقول: «يقع دكاني منتصف المربع الأمني، على بعد أمتار غرباً يقف عناصر النظام وشرطة المرور، أما شرقاً وعلى بعد أمتار أيضاً يقف عناصر الأسايش يتبعون الإدارة، والطرفان متفقان ولا يتدخلان بشؤون المدنيين، ويتردد إلينا زبائننا ويشترون أطيب الحلويات دون مضايقات».
وأعلن حزب الاتحاد الديمقراطي وأحزاب الإدارة الذاتية في مارس (آذار) 2016، النظام الفيدرالي في مناطق سيطرتهم شمال شرقي البلاد، وسميت بـ«فيدرالية شمال سوريا» وقسمت إدارياً إلى ثلاثة أقاليم، الجزيرة (شمال شرق) وتضم مدينتي الحسكة والقامشلي، وإقليم الفرات (شمال وسط) ويضم محافظة الرقة ومدينتي تل أبيض والطبقة، فيما تشمل إقليم عفرين (شمال غرب) إلى جانب مدينة عفرين مدن وبلدات منطقة الشهباء بريف حلب الشرقي.
واعتبرت فوزة يوسف، الرئيسة المشتركة للهيئة التنفيذية لـ«فيدرالية شمال سوريا»، أن وجود النظام في المربعات الأمنية في كل من القامشلي والحسكة محدود، وقالت: «لا يمتلكون صلاحية التدخل بشؤون المواطنين لأن الإدارة تقوم فعلياً بإدارة المنطقة بشكل عام»، وأكدت عدم وجود أية علاقة عضوية بين مؤسسات الإدارة ودوائر النظام، منوهة: «في الحالات الطارئة وفي حال ظهور قضايا ومشكلات تمس المواطنين وحياتهم بشكل مباشر؛ يتم التباحث معهم من أجل حلها»، وأشارت إلى أن العلاقة بين الطرفين ندية: «تقوم على التوازن في القوى، ولا يوجد أي غموض أو التباس فيها»، بحسب فوزة يوسف.
ومدينة القامشلي منقسمة السيطرة بين ثلاث جهات عسكرية: قوات الوحدات و«أسايش» وتسيطر على معظم المدينة واتخذت من الدوائر والمؤسسات الحكومية مقرات لها، أما القوات النظامية وميليشيا الدفاع الوطني يسيطرون على المربع الأمني ومطار القامشلي والفوج 137، في وقت تسيطر «قوات السوتورو» على الأحياء المسيحية الواقعة وسط القامشلي وهي ميليشيا متحالفة مع النظام.
وأكد المعارض الكردي سراج كلش (52 سنة)، الذي يعيش بالقامشلي، أنّ عمل أجهزة المخابرات والأمن شبه معطل، وقال: «التعبير الأصح أنها في سبات كامل؛ لا اعتقالات تذكر ولا مداهمات ولا دوريات»، فيما لا تزال دوائر القضاء والأحوال المدنية (النفوس) التابعة للنظام على رأس عملها بالقامشلي، وعن عمل هذه المؤسسات علق سراج: «عملها محصور في خدمة وتسيير معاملات المواطنين كتثبيت حالات الزواج وتسجيل الولادات والعقارات وإصدار الهويات الشخصية ودفاتر العائلة».
ورسمت كل جهة عسكرية حدود سيطرتها بسواتر ترابية ونقاط تفتيش، ولا تدخل عناصر «أسايش» المنطقة الخاضعة لقوات «سوتورو» تجنباً لأي مواجهات بين الطرفان، حيث حاولت الأسايش بداية عام 2016 السيطرة على الحي المسيحي، مما نتجت عنه اشتباكات عنيفة، بالمقابل يتمكن المدنيون من التنقل بسهولة من حي إلى آخر دون تفتيش أو تدقيق في الأوراق الثبوتية، وحتى السيارات الخاصة التي تحمل لوحات الإدارة الذاتية؛ تدخل مناطق النظام والسوتورو دون مضايقات تذكر، بالمقابل يتجول عناصر النظام وآلياته بحرية في باقي المدينة.
وشدد كلش أن العلاقة بين حزب الاتحاد الديمقراطي والنظام السوري لا يشوبها الغموض والريبة، مشيراً: «الحزب يسيطر على جميع المؤسسات ويتحكم بموارد المنطقة، الاقتصادية منها والسياسية والاجتماعية والمدنية والأمنية، دون اعتراض يذكر من شركائها في الإدارة من الجهات السياسية والمكونات المجتمعية كالعرب والآشوريين وممثلي المكونات الأخرى».
انتقادات
قبل اندلاع الانتفاضة المناهضة لنظام الحكم في سوريا ربيع 2011، عانى الأكراد الذين يشكلون نحو 15 في المائة من تعداد السكان البالغ عددهم 23 مليون نسمة قبل الحرب، من التهميش والحرمان على مدى عقود من حكم حزب البعث منذ سبعينات القرن الماضي، وبعد انسحاب القوات النظامية تدريجياً من مناطقهم بدأوا بتعزيز موقعهم، وبرزوا في وقت لاحق كقوة منضبطة الأكثر فعالية في قتال تنظيم «داعش» المتشدد.
وذكرت هيفا العربو الرئيسية المشتركة لإقليم الجزيرة، أنّ عموم الشعب السوري عانى من الظلم والاضطهاد تحت ظل نظام استبدادي تمثل بحزب البعث الذي أنكر وجود وهوية شعوب ومكونات المجتمع، وقالت: «كذلك نحن الكرد عانينا الأمرين من إنكار هويتنا وإرادتنا تحت حكم مركزي تسلطي»، وأكدت هيفا العربو أن الإدارة الكردية غير معنية بمن يحكم سوريا مستقبلاً، وتضيف: «بقدر ما يهمنا كيفية بناء نظام سياسي للحكم قائم على الفيدرالية والتشاركية واللا مركزية السياسية»، ولفتت: «نحن جزء من سوريا ولا نسعى إلى الانفصال، ولا نسعى للسيطرة على الحكم والتفرد بالسلطة، لأن الإدارة تشاركية بين جميع مكونات وطيف المجتمع السوري، لكن الأهم هو قيام ثورة حقيقية لإظهار حقيقة وإرادة الشعوب وبناء مجتمع ديمقراطي».
وفي صيف عام 2017، أقر حزب الاتحاد الديمقراطي وحلفاؤه في الإدارة الذاتية، قانوناً انتخابياً ودستوراً للنظام الفيدرالي في مناطق سيطرتهم أطلقوا عليه اسم (العقد الاجتماعي) لتنظيم شؤون المنطقة. وبدأت في سبتمبر (أيلول) 2017 انتخابات غير مسبوقة، اختارت في مرحلتها الأولى الرئاسات المشتركة للجان المحلية للأحياء أو ما تسمى بـ«الكومين»، ثم اختارت في المرحلة الثانية وجرت بداية ديسمبر (كانون الأول) العام الماضي، المجالس المحلية للنواحي والمقاطعات التي يتألف منها كل إقليم. وتهدف المرحلة الأخيرة، التي تم تأجيلها بسبب معركة عفرين بريف حلب الشمالي، إلى انتخاب مجلس لكل من الأقاليم الثلاثة التي ستتمتع بصلاحيات تشريعية محلية، ثم انتخاب مجلس مشترك يكون بمثابة برلمان محلي يسن القوانين والتشريعات ويصادق على الحكومات المحلية.
وينتقد «المجلس الوطني الكردي» المعارض وينضوي ضمن الائتلاف الوطني المعارض لقوى الثورة والمعارضة السورية، علاقة حزب الاتحاد الديمقراطي بالنظام السوري. ويقول بشار أمين مدير المكتب الإعلامي للمجلس الوطني الكردي المعارض: «هذه الإدارة لا تتمتع بالحرية الكاملة في اتخاذ قراراتها، لأنها لا تزال على علاقة مع النظام وتتحرك بالتنسيق والتعاون معه ولا سيما في القضايا الأساسية»، ونقل أن النظام لم ينسحب بشكل نهائي وكامل من مناطق الإدارة، مضيفاً: «هذه كانت إحدى الأسباب الرئيسية في عدم قدرة هذا الطرف على قبول الشراكة الحقيقية مع مجلسنا الكردي».
واتهم أمين حزب الاتحاد بالتفرد بالسلطة والحياة السياسية وفرض أجنداته، وتابع حديثه ليقول: «اعتقالاته مستمرة بحق قيادات وكوادر المجلس الكردي وأحزابه، وعمد إلى إغلاق مقراته ومكاتبه، ويلاحق الشباب بعدما فرض التجنيد الإجباري، والإتاوات والضرائب الباهظة على أبناء المنطقة»، وعلق قائلاً على انعدام العلاقة بين المجلس الكردي وحزب الاتحاد بالقول: «المرحلة تقتضي توفير مناخات الحوار والتفاهم بين أبناء المجتمع الواحد عن طريق وحدة الصف والموقف السياسي ولو في حده الأدنى».
وبحسب المحلل والكاتب الصحافي آلان حسن، فإن العلاقة الضبابيّة وغير الواضحة بين حزب الاتحاد والنظام في الإعلام فقط، ويرتبط الطرفان بمصالح مشتركة في وجود الحكومة السورية بمدينتي القامشلي والحسكة، وقال: «خروج محافظة الحسكة كاملة عن سيطرة الحكومة يقطع أي تواصل بينها وبين الإدارة، فلا الأخيرة تريد الانفصال عن سوريا، وهي التي تنادي بدولة اتحاديّة، ولا الحكومة مستعدة للتنازل عن جزء من أراضيها، خصوصاً أنّ المنطقة غنيّة بالنفط والغاز، وكذلك بالموارد الزراعيّة، كما تُعتبر خزاناً مائياً مهماً لكلّ سوريا».
وعن التنسيق الأمني والعسكري بين الطرفين، يضيف حسن: «نعم التنسيق يتمّ بالدرجة الأولى بين الأجهزة العسكريّة والأمنيّة، كَون الطرفين يحاربان معاً في جبهات عدة ضد التنظيمات المتطرفة، ويتشاركان بالعداء ضد تركيا، لكن الخلاف السياسي زاد بعض الشيء في ظلّ تحالف قوات سوريا الديمقراطيّة مع الولايات المتحدة، وكذلك إعلان الفيدراليّة في مناطق شمال سوريا».
وتشكل وحدات حماية الشعب الكردية، العمود الفقري لقوات سوريا الديمقراطية التي تتلقى منذ سنوات دعماً من الولايات المتحدة الأميركية ودول التحالف الدولي في حربها ضد تنظيم داعش.
على الحواجز!
ينقل أهالي مدينتي الحسكة والقامشلي، أنه وبعد سيطرة تنظيم داعش على محافظتي دير الزور والرقة في يناير عام 2014، وطرده لاحقاً على أيدي «قوات سوريا الديمقراطية» بدعم وإسناد جوي من التحالف الدولي، عزلت محافظة الحسكة بالكامل عن محيطها السوري، وبقي مطار القامشلي المنفذ الوحيد للسفر ونقل المواد الطبية والأغذية، وللسفر إلى باقي مدن الداخل. ويقول محمد أبو شيرين الرجل الستيني الذي يسكن بمدينة القامشلي، ويتذكر تلك الأيام بالقول: «بقي المطار شريان الحياة لكل سكان المنطقة، والمعبر الوحيد مع باقي مناطق سوريا».
أما عباس أبو محمد (52 سنة) ويعمل سائق تاكسي منذ ثلاثين سنة، ويترأس خط مدينة القامشلي، لم يخفِ أن كل شيء قد تغير، وقال: «الوقود ليس كما كان، وقيمة الليرة متدنية جداً، وإذا قمنا بعملية حسابية الأجرة لم تتغير، فالزبون قبل الأزمة كان يدفع 50 ليرة أجرة توصيلة، أما اليوم يدفع 500 ليرة».
وعن تداخل حواجز النظام والإدارة، أكد أن السيارات العمومية لا تعترضها أي جهة، ويقول: «هناك تعليمات من الإدارة ومرور الحكومة بالإبقاء على عملنا لخدمة الناس، وأنا أدفع الضرائب المالية لدائرة المرور التابع للنظام لأن لوحة سيارتي حكومية»، في حين أكد أن السائق والراكب يقضيان معظم وقتهما على الحواجز ونقاط التفتيش لكثرة انتشارها.
فيما أكد المحلل آلان حسن أنّ المشهد في المنطقة سيبقى ضبابيا، ومستقبله يرتبط بمدى التوافق الأميركي - الروسي على مستقبل سوريا ككلّ، وقال: «الدول العظمى تتخلى عادةً عن بعض أوراقها في التفاهمات الكبرى، وسيبقى مصير المنطقة مرهوناً بهذه التفاهمات الدولية، في ظل عدم وجود محاولات من أي طرف لاستدارة ما، تقلب المعادلة الصفريّة القائمة».