شاشة الناقد

من فيلم {الساعة الأكثر قتامة»
من فيلم {الساعة الأكثر قتامة»
TT

شاشة الناقد

من فيلم {الساعة الأكثر قتامة»
من فيلم {الساعة الأكثر قتامة»

Darkest Hour
> إخراج: جو رايت
> سيرة | بريطانيا 2018
> تقييم:

يدور الفيلم، في معظم أحداثه، حول تلك { الساعة الأكثر قتامة» التي احتلت معظم شهر مايو (أيار)) سنة 1940 والتي كان على تشرشل أن يقرر كيف سينقذ أكثر من 300 ألف جندي حوصروا على الساحل الفرنسي المواجه لبريطانيا وإذا ما كان مستعداً لتحمل العواقب فيما لو استطاع النازيون الوصول إلى بريطانيا. حسب السيناريو الذي وضعه أنطوني ماكارتن («نظرية كل شيء») فإن ونستون، اضطر للموافقة على فكرة الدخول في مباحثات مع الزعيم الإيطالي ماسوليني خوفاً من تعريض جنوده في فرنسا لمذبحة كبيرة وبغية تأمين عودة آمنة للجنود مقابل وقف دعم بريطانيا للحلفاء، لكن - وبتأييد من الملك جورج السادس (بن مندلشون) عاد فرفض التفاوض ونال ثقة الحكومة على المضي قدماً في الحرب ضد النازية.
كثيرة هي الأفلام التي سردت تلك المرحلة الصعبة من حياة ونستون تشرشل السياسية. هذا الفيلم يصوّر الجانب الآخر من أحداث دنكيرك كما عرضها كرستوفر نولان في «دنكرك» الذي تناول الأحداث التي وقعت على الشاطئ الفرنسي وسعي القوات البريطانية لانسحاب آمن رغم القصف الهتلري. لكن «الساعة الأكثر قتامة» يناوئ فيلماً آخر عن شخصية تشرشل تم تحقيقه أيضاً سنة 2017 من حيث إن ذلك الفيلم، وعنوانه «تشرشل»، وتحت إدارة جوناثان تبليتزكي قدّم الزعيم البريطاني منادياً للسلام على عكس ما هو حاله هنا. صحيح أن أحداث ذلك الفيلم الأقل إجادة، دارت قبيل غزو نورماندي (على بعد 4 سنوات من هذا الفيلم) لكن الصورة التي يبثها كلا الفيلمين مناقضة للآخرة بشدّة.
لا يخون المخرج جون رايت نصّه ولا يستعجل مشاهده مطلقاً. بذلك أعني أنه يمنح المشهد الواحد كل ما يُراد من ذلك المشهد التعبير عنه بصرف النظر عن مدّته الزمنية، وبعض المشاهد أطول من بعضها الآخر بدقائق كثيرة. الحال، هي أن الفيلم، من بعد تقديم سريع لشخصية تشرشل في مشاهد مسلية السياق، يدخل الفيلم عرينه الصعب: تشرشل في أصعب خيار يواجهه حال اعتلائه منصب رئيس الوزراء إثر استقالة رئيس الوزراء السابق نيڤيل شامبرلين وهو كيفية مواجهة التهديد الألماني المتمثل في ذلك الهجوم الكاسح على شواطئ كاليه. لقد ورث تشرشل وضعاً حرجاً بعدما أخذت القوات الألمانية اكتساح أوروبا الغربية فتساقطت تشيكوسلوفاكيا وهولندا وبلجيكا في زحف النازيين صوب فرنسا.
يهجم الممثل غاري أولدمن بكل قوته على الدور الذي يؤديه والذي فاز عنه بأوسكار أفضل ممثل قبل أيام. لا يشبه تشرشل لكن تشرشل يعيش داخله. باقي الممثلين يؤكدون الثقة بالأداء الإنجليزي الصارم في جودته على طول الخط. والنواحي الفنية والتقنية تصب جميعاً في أماكنها الصحيحة. يبني المخرج فيلمه على مشاهد مدعومة بحس عميق لفاعلية الحوار والدراما. هي ليست مشاهد سريعة بل كل منها يرفض أن ينتهي قبل أن يترك حضوره الكامل.


مقالات ذات صلة

«زوجة رجل مش مهم» يُعيد ياسمين عبد العزيز إلى السينما

يوميات الشرق ياسمين عبد العزيز في كواليس أحدث أفلامها «زوجة رجل مش مهم» (إنستغرام)

«زوجة رجل مش مهم» يُعيد ياسمين عبد العزيز إلى السينما

تعود الفنانة المصرية ياسمين عبد العزيز للسينما بعد غياب 6 سنوات عبر الفيلم الكوميدي «زوجة رجل مش مهم».

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق رئيسة «مؤسّسة البحر الأحمر السينمائي» جمانا الراشد فخورة بما يتحقّق (غيتي)

ختام استثنائي لـ«البحر الأحمر»... وفيولا ديفيس وبريانكا شوبرا مُكرَّمتان

يتطلّع مهرجان «البحر الأحمر السينمائي» لمواصلة رحلته في دعم الأصوات الإبداعية وإبراز المملكة وجهةً سينمائيةً عالميةً. بهذا الإصرار، ختم فعالياته.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق الفيلم يتناول مخاطرة صحافيين بحياتهم لتغطية «سياسات المخدّرات» في المكسيك (الشرق الأوسط)

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

فاز الفيلم الوثائقي «حالة من الصمت» للمخرج سانتياغو مازا بالنسخة الثانية من جائزة «الشرق الوثائقية».

«الشرق الأوسط» (جدة)
سينما «من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

تُحرّك جوائز «الأوسكار» آمال العاملين في جوانب العمل السينمائي المختلفة، وتجذبهم إلى أمنية واحدة هي، صعود منصّة حفل «الأوسكار» وتسلُّم الجائزة

محمد رُضا‬ (سانتا باربرا - كاليفورنيا)
سينما «موعد مع بُل بوت» (سي د.ب)

شاشة الناقد: تضحيات صحافيين وانتهاكات انظمة

يأتي فيلم «موعد مع بُل بوت» في وقت تكشف فيه الأرقام سقوط أعداد كبيرة من الصحافيين والإعلاميين قتلى خلال تغطياتهم مناطق التوتر والقتال حول العالم.

محمد رُضا‬ (لندن)

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
TT

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬

تُحرّك جوائز «الأوسكار» آمال العاملين في جوانب العمل السينمائي المختلفة، وتجذبهم إلى أمنية واحدة هي، صعود منصّة حفل «الأوسكار» وتسلُّم الجائزة وإلقاء ما تيسَّر له من تعابير فرحٍ وثناء.

لا يختلف وضع العام الحالي عن الوضع في كل عام، فجميع آمال العاملين في هذه الصّناعة الفنية المبهرة يقفون على أطراف أصابعهم ينتظرون إعلان ترشيحات «الأوسكار» الأولى هذا الشهر. وحال إعلانها سيتراجع الأمل لدى من لا يجد اسمه في قائمة الترشيحات، وترتفع آمال أولئك الذين سترِد أسماؤهم فيها.

يتجلّى هذا الوضع في كل مسابقات «الأوسكار» من دون تمييز، لكنه أكثر تجلّياً في مجال الأفلام الأجنبية التي تتقدّم بها نحو 80 دولة كل سنة، تأمل كل واحدة منها أن يكون فيلمها أحد الأفلام الخمسة التي ستصل إلى الترشيحات النهائية ومنها إلى الفوز.

«ما زلت هنا» لوولتر ساليس (ڤيديو فيلمز)

من المسافة صفر

لا يختلف العام الحالي في شكل التنافس وقيمته بل بأفلامه. لدينا للمناسبة الـ97 من «الأوسكار» 89 دولة، كلّ واحدة منها سبق أن تنافست سابقاً في هذا المضمار. لكن المختلف هو بالطبع الأفلام نفسها. بعض ما شُوهد منها يستحق التقدير، والفرق شاسع بين ما يستحق التقدير وبين ما يستحق الترشيح والوصول إلى التّصفية.

الحلمُ في تحقيق هذه النقلة يسيطر على المخرجين والمنتجين العرب الذين نفّذوا أعمالهم الجديدة خلال هذه السنة وسارعوا لتقديمها.

من بينهم المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي، الذي وفّر خلال العام الحالي فيلمين، واحدٌ من إخراجه بعنوان «أحلام عابرة»، والثاني بتوقيع 22 مخرجاً ومخرجة أشرف مشهراوي على جمع أفلامهم في فيلم طويل واحد بعنوان «من المسافة صفر»، وجميعها تتحدّث عن غزة، وما حدث فيها في الأسابيع الأولى لما يُعرف بـ«طوفان الأقصى». بعض تلك الحكايا مؤثرٌ وبعضها الآخر توليفٌ روائي على تسجيلي متوقع، لكنها جميعها تكشف عن مواهب لو قُدِّر لها أن تعيش في حاضنة طبيعية لكان بعضها أنجز ما يستحق عروضاً عالمية.

لا ينحصر الوضع المؤلم في الأحداث الفلسطينية بل نجده في فيلم دانيس تانوفيتش الجديد (My Late Summer) «صيفي المتأخر». يقدم تانوفيتش فيلمه باسم البوسنة والهرسك، كما كان فعل سنة 2002 عندما فاز بـ«الأوسكار» بصفته أفضل فيلم أجنبي عن «الأرض المحايدة» (No Man‪’‬s Land). يفتح الفيلم الجديد صفحات من تاريخ الحرب التي دارت هناك وتأثيرها على شخصية بطلته.

«صيفي الأخير» لدانيس تانوفيتش (بروبيلر فيلمز)

مجازر كمبودية

تختلف المسألة بالنسبة للاشتراك الصّربي المتمثّل في «قنصل روسي» (Russian Consul) للمخرج ميروسلاڤ ليكيتش. في عام 1973 عندما كانت يوغوسلاڤيا ما زالت بلداً واحداً، عاقبت السلطات الشيوعية هناك طبيباً إثر موت مريض كان يعالجه، وأرسلته إلى كوسوڤو حيث وجد نفسه وسط تيارات انفصالية مبكرة ونزاع حول الهوية الفعلية للصرب. حسب الفيلم (الاشتراك الثاني لمخرجه للأوسكار) تنبأت الأحداث حينها بانهيار الاتحاد السوفياتي و«عودة روسيا كروسيا» وفق قول الفيلم.

التاريخ يعود مجدداً في فيلم البرازيلي والتر ساليس المعنون «ما زلت هنا» (I‪’‬m Still Here) وبطلته، أيضاً، ما زالت تحمل آلاماً مبرحة منذ أن اختفى زوجها في سجون الحقبة الدكتاتورية في برازيل السبعينات.

في الإطار نفسه يعود بنا الاشتراك الكمبودي (التمويل بغالبيته فرنسي) «اجتماع مع بُل بوت» (Meeting with Pol Pot) إلى حقبة السبعينات التي شهدت مجازرعلى يد الشيوعيين الحاكمين في البلاد، ذهب ضحيتها ما بين مليون ونصف ومليوني إنسان.

وفي «أمواج» (Waves) للتشيكي ييري مادل، حكاية أخرى عن كيف ترك حكمٌ سابقٌ آثاره على ضحاياه ومن خلفهم. يدور حول دور الإعلام في الكشف عن الحقائق التي تنوي السلطة (في السبعينات كذلك) طمسها.

تبعات الحرب الأهلية في لبنان ليست خافية في فيلم ميرا شعيب «أرزة»، الذي يدور حول أم وابنها يبحثان عن سارق دراجة نارية ويتقمصان، في سبيل ذلك، شخصيات تنتمي إلى الطائفة التي قد تكون مسؤولة عن السرقة. هما سنّيان هنا وشيعيان هناك ومسيحيان أو درزيان في مواقع أخرى وذلك للتأكيد على أن التربة الطائفية ما زالت تنبض حية.

حتى كوريا الجنوبية ما زالت تحوم حول الانقلاب (وهي تعيش اليوم حالة مشابهة) الذي وقع في مثل هذا الشهر من سنة 1979 عندما اغتيل الرئيس بارك على يد رئيس شعبة الدفاع لي تايدو-غوانغ (أُلقي القبض عليه لاحقاً وأُعدم). هذا هو ثالث فيلم شاهده الناقد كاتب هذه الكلمات حول الموضوع نفسه.