نيازك ميسلون فرج تلمع في باريس

الفنانة العراقية تفتح باب مرسمها في المدينة العالمية للفنون

ميسلون فرج  أمام إحدى لوحاتها
ميسلون فرج أمام إحدى لوحاتها
TT

نيازك ميسلون فرج تلمع في باريس

ميسلون فرج  أمام إحدى لوحاتها
ميسلون فرج أمام إحدى لوحاتها

بدعوة من مؤسسة «المنصورية»، حلت الرسامة والمعمارية العراقية ميسلون فرج ضيفة على المدينة العالمية للفنون في باريس. ومدينة الفنون المطلة على نهر «السين»، وسط العاصمة، هي مشروع تتشارك فيه كثير من الدول، ويوفر الإقامة الإبداعية لفترات تتراوح بين 3 أشهر و12 شهراً، يتفرغ الفنان خلالها لإنجاز أعماله في حضن مدينة النور، مستفيداً من الأجواء الجمالية والمتاحف المحيطة به، ومتعرفاً على زملاء له من مختلف التجارب والثقافات. وللعلم، فإن هناك 300 فنان أجنبي يقيمون في شقق المدينة حالياً، والموقع يستضيف أكثر من ألف رسام كل عام.
واليوم (الخميس)، تفتح ميسلون فرج باب المرسم الخاص بها للزوار، وفق تقليد متبع لعرض الأعمال التي توفرت للفنان خلال إقامته في باريس. ومن تمكن من التسلل إلى المرسم قبل يوم الافتتاح، وجد نفسه في فخ أبيض مؤلف من حجرتين في الطابق الأول من مبنى تاريخي، تتوزع على جدرانه لوحات كبيرة ومتوسطة الحجم، بأشكال هندسية وألوان شرقية حارة، سرعان ما تنسيه برودة الطقس الغائم والمطير في الخارج. مثلثات ومربعات وزوايا حادة أو ملتوية تكشف أن الرسامة هي في الأساس مهندسة معمارية، تحمل شهادة التخرج في كلية الهندسة في بغداد، من دون أن تشتغل بتلك المهنة. لقد كانت الفنون البصرية والتشكيلية أكثر جاذبية لها منذ الطفولة. وحتى حين ذهبت للتدريب في دائرة المباني العامة سنة التخرج، ظل تركيزها في مكان آخر، حيث تقول لـ«الشرق الأوسط»: «شعرت في ذلك الصيف بأن الفن هو ما أريد التفرغ له، لذلك لم أذهب لتسلم شهادة التخرج. مع هذا، شاء القدر ألا أبتعد عن الهندسة لأنني تزوجت معمارياً، ولي ابن معماري أيضاً».
وتطلق الفنانة على هذه المجموعة من اللوحات تسمية «نجوم خاطفة»؛ إنها تلك الشهب والنيازك التي تلتمع في السماء، قبل أن تأفل وتنطفئ. ولعلّ العراقيين الذين اعتادوا النوم فوق سطوح المنازل في موسم القيظ يعرفون متعة التحديق في قبة السماء، والفرجة على النجوم، وتتبع خرائطها. لكنّ ميسلون فرج لم تولد في بغداد، بل في هوليوود، بولاية كاليفورنيا الأميركية، عندما كان والداها طالبين يدرسان هناك. ومع سن 13 عاماً، عادت إلى وطنها، والتحقت بمدرسة خاصة جرى تأميمها، وتولت إدارتها سيدة تدعى غنية الكاطع. لماذا تذكر اسم مديرتها؟ لأنها «نجحت في تطوير المدرسة، مع الحفاظ على النظام الشديد السابق، وكانت تأخذ طالبات الصفوف المنتهية في سفرات لزيارة جبال شمال العراق أو أهوار جنوبه. وهكذا، تعرفت على تلك الطبيعة الخلابة بألوانها الساطعة وأنا في أول الصبا».
وبسبب الحروب المتتالية، تنقلت ميسلون فرج وأسرتها الصغيرة (3 أبناء) بين العراق وخارجه. ومع كل سفر وعودة، كانت تبدأ حياتها من جديد، بكل ما تعنيه من استقرار ومدارس للأطفال وأثاث وعمل. ثم استقر حالها في بريطانيا، حيث بدأت العمل، وأقامت معرضاً صغيراً عن الأهوار في مدرسة الدراسات العربية والأفريقية في جامعة لندن. وتروي الفنانة: «رأيت في الـ(بي بي سي) تقريراً عن الأهوار، ظهرت فيه امرأة من أهالي المنطقة تتساءل والأسى يمتزج بالغضب على ملامحها: لماذا تفعلون بنا هذا؟ ومن تلك السيدة الريفية جاءتني فكرة المعرض، ثم توالت المصادفات».
واختارت المدرسة المعروفة باسم «سواس» لوحة من المعرض لغلاف نشرتها الدورية. ورأت اللوحة سيدة ألمانية تشرف على متحف «غلاسكو»، تدعى أولريكا الخميس، تصادف أنها متزوجة من عراقي. اتصلت بميسلون، التي كانت تستعد لمشروع يشغل بالها، وتحتاج دعماً معنوياً وجهة تؤمن به، فقد كانت تفكر بكتاب يجمع ويجرد كل التشكيليين العراقيين مع أعمالهم. ومع مساعدة السيدة الألمانية، تطور مشروع «ضربات من العبقرية» من فكرته الأولى كمطبوع على الورق، وصار كياناً متحركاً في أكثر من مكان. وكانت البداية مع متحف مدينة «غلاسكو»، الذي استضاف في خريف 2001 معرضاً للفن العراقي، بالتعاون مع المتحف البريطاني. وجمع المعرض لوحات من فنانين مقيمين في المنافي، لكن المعجزة كانت في إحضار لوحات من داخل العراق، ودعوة فنانين للمشاركة من هناك، مع كل صعوبات تلك الفترة التي كان فيها البلد تحت الحصار. وصدر الكتاب، وفتح الباب أمام معرض يطوف في مدن كثيرة منذ 15 عاماً، ويلفت اهتمام متاحف مهمة، ويتلقى الدعوات من مؤسسات فنية وجامعات عالمية.
خلال ذلك، كان لا بد لميسلون من فضاء لعرض اللوحات والمنحوتات التي تجمعت وتتجمع لديها. وبادر زوجها إلى توسيع مكتبه المعماري، وأفرد لها فيه مكاناً يحمل اسم «آية غاليري». وإنها اليوم تستريح من نشاطها العام لتتفرغ لموهبتها وأعمالها الخاصة. وإذا كنا قد فهمنا السبب في ميلها للأشكال الهندسية، باعتبارها درست العمارة، فإن هذا الميل الواضح للألوان يبقى يستدعي السؤال، وهي تجيب: «ألواني هي الرد الطبيعي على القتامة التي أحاطت بنا. أنا اليوم أرسم وأنحت وأنجز أعمالاً خزفية تبدو في أشكالها وكأنها أشعة متشظية وكواكب تبرق كالمفاجأة ثم تختفي. في الحقيقة، كأنني أود إعادة النظام إلى المجرات».
المجرات أم ارتباك حياة العراقيين؟



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.