أدوات المراقبة الصحية الرقمية... وقاية أم انتهاك للخصوصية؟

مجسات استشعار داخلية وخارجية تنقل البيانات إلكترونياً إلى الأطباء

رسم تصويري لأول حبة رقمية
رسم تصويري لأول حبة رقمية
TT

أدوات المراقبة الصحية الرقمية... وقاية أم انتهاك للخصوصية؟

رسم تصويري لأول حبة رقمية
رسم تصويري لأول حبة رقمية

المراقبة الصحية على مدار 24 ساعة تمثل أعلى مستويات التكنولوجيا، لكن هل هي مجدية؟ لقد جاء اليوم الذي يستطيع فيه الطبيب مراقبة حالتك الصحية عن بُعد، في كل لحظة إن أردت ذلك.
وتعتمد هذه الفكرة على وضع أعداد كبيرة من المجسات اللاسلكية، بعضها مثبت داخل الجسم وبعضها خارجه، وبعضها يجرى بلعه، وبعضها نرتديه كالملابس.
أدوات محمولة
في عام 2017 صادقت «إدارة الغذاء والدواء» الأميركية على إجازة عشرات الأدوات بغرض مراقبة الحالة الصحية، بصورة مستمرة. وصرح البروفسور أنطونيو، كوموراف، رئيس تحرير مجلة «هارفارد هيلث ليتر»، بأن «الأمل هو أن يتمكن الأشخاص المقبلين على الإصابة بمشكلات صحية خطيرة، مثل ارتفاع ضغط الدم والسكري أو اضطرابات القلب، من تدارك الأمر قبل فوات الأوان».
لقد استطعنا تطوير أدوات محمولة بإمكانها مراقبة الحالة الصحية لعقود طويلة. وأحد الأمثلة القريبة هو منظم ضربات القلب heart pacemaker الذي يتولى مراقبة ضربات القلب غير المنتظمة ويعيدها إلى معدلاتها الطبيعية. واليوم هناك أيضا أدوات تستشعر وتستجيب للكثير من المشكلات الصحية الأخرى مثل رجفات مرض باركنسون، أو حالات التوقف عن التنفس أثناء النوم.
لكن حتى وقت متأخر، لم يكن بإمكان هذه الأدوات إبلاغ الطبيب بالمعلومات وقت حدوثها... وهذا هو الذي تغير بالفعل.
أدوات المراقبة الجديدة
يمكن للكثير من الأجهزة حاليا القيام بنقل البيانات إلى عيادة الطبيب لاسلكيا، غالبا باستخدام هاتفك الذكي. وبعض الأجهزة (مثل منظم ضربات القلب) تقوم بمراقبة إحدى وظائف الجسم وضبطها، فيما تقوم أجهزة أخرى بمراقبة بيانات صحية هامة مثل مستوى نشاط الجسم، ومستوى ضغط الدم، والسكر، وحالة القلب ومعدل التنفس ودرجة حرارة الجسم.
يمكن وضع هذا الجيل الجديد من المجسات من خلال أحد الأساليب التالية:
- التثبيت. تثبيتها داخل الجسم على ألا يتعدى حجمها رأس قلم رصاص لتتولى مهمة مراقبة دقات القلب غير الطبيعية على مدار 24 ساعة يوميا.
- اللصق، بلصقها بالبشرة الخارجية كأي لاصق عادي - وهنا تسمى البشرة الإلكترونية أو الوشم الذكي - وتبدو كلاصقة عادية. وبداخل اللاصقة توجد إلكترونيات مسطحة مرنة تتولى قياس المؤشرات الحيوية مثل درجة الحرارة.
- تقنيات ملبوسة، نرتديها كالملابس، مثل الجوارب لكنها مزودة بمجسات ذات درجة حرارة يمكنها ملاحظة القرح في القدمين بمجرد أن تبدأ في التكون. هناك أيضا العدسات اللاصقة التي يمكنها مراقبة نسبة السكر في الدم عن طريق الدموع.
وفي المستقبل القريب أيضا ستظهر أيضا مجسات لجبيرة العظم التي يمكنها مراقبة التئام عظام الركبة أو الفخذ أو فقرات الظهر المزروعة.
حبوب دواء رقمية
ظهرت آخر التطورات العلمية في هذا الشأن في نوفمبر (تشرين الثاني) 2017 عندما أجازت «إدارة الغذاء والدواء» أول حبة رقمية. وكل حبة مزودة بمجس غير قابل للهضم مهمته القيام بعملية التسجيل عند تناول الدواء، ثم تقوم بإرسال المعلومات إلى لاصقة خارج الجسم لتقوم بإرسالها إلى هاتفك الذكي أو إلى الشخص القائم على رعايتك أو إلى الطبيب.
تحمل طريقة العلاج المعتمدة باستخدام تلك التكنولوجيا اسم «أبليفاي ما سايت Abilify MyCite» التي تحتوي على عقار «أربيبريزول aripiprazole» المضاد لحالات الذهان الذي يستخدم في علاج انفصام الشخصية أو الاضطراب ثنائي القطب (الهوس الاكتئابي)، وأحيانا حالات الاكتئاب عند البالغين. لكن جاء اعتماد الحبة الرقمية ليفتح الباب للكثير من أنماط العلاج الأخرى التي يمكن مراقبتها.
فوائد متوقعة
تخيل أنك تلقيت اتصالا من عيادة الطبيب يحذرك فيها من جرعة علاج فاتتك أو من اضطراب في ضربات القلب أو من ارتفاع في ضغط الدم أو نسبة السكر. وفي هذا الصدد، أفاد الدكتور أميت ساربتواري، المدرس بكلية الطب بجامعة هارفارد الذي أجرى أبحاثا في علم الصيدلة، بقوله إن «استطعنا القيام بالتشخيص والعلاج المبكر ومنع حدوث أي طارئ، أو التنبؤ بما إذا كنت تحتاج إلى الذهاب إلى الطبيب، فإن ذلك سينعكس على الصحة وسيوفر الكثير من المال».
في الحقيقة، نشرت الكثير من التقارير التي أفادت بأن أدوات المراقبة الرقمية الصحية ساعدت في تحديد مشكلات لم يشخصها الأطباء من قبل مثل مرض الرجفان الأذيني. لكننا ليس لدينا من الأدلة ما يكفي على أن مثل هذه الأدوات تساعد بالفعل في إنقاذ حياة الإنسان أو توفير ماله، والسبب أن بعض تلك الأجهزة يكلف عشرات الآلاف من الدولارات (بما في ذلك تكلفة المستشفى الذي سيتولى زرعها في الجسم). وفي السياق ذاته، قال الدكتور ديباك بات، اختصاصي الأشعة ورئيس تحرير مجلة «هارفارد هارت ليتر»، إن هذه الأجهزة «باعتبارها تشخيصية بحتة، تتمتع بقيمة كبيرة، خاصة الأجهزة القابلة للزراعة داخل الجسم، لكننا نحتاج إلى المزيد من البيانات عما ما إذا كانت تلك البيانات ستساعد في تحسين النتيجة».
كذلك ليس لدينا دليل كاف على أن الحبوب الرقمية تساعد في المداومة على استعمال الدواء. وحسب الدكتور ساربتواري: «هناك الكثير من الأسباب التي تجعل الناس لا تستعمل الدواء نظرا لأن الحبة الرقمية لا تعالج سوى جانب واحد من مشكلة معقدة».
اختراق الخصوصية
رغم الأمل في استخدامها لتحسين الصحة، لا تزال هناك الكثير من المخاوف المثارة من تناول تلك الحبة مثل احتمالية فشلها في إرسال المعلومات. وقد أشارت الدكتورة سوزان سالامون، اختصاصية طب الشيخوخة والأستاذة المساعدة بكلية الطب بجامعة هارفارد، إلى أنه «أحيانا يحدث أن يتلقى الطبيب سيلا من المعلومات، وهنا يجب أن يكون لديه عدد كاف من العاملين لتنقيح البيانات التي تصل إليه».
تثير تلك التكنولوجيا الجديدة مشكلات أخلاقية أيضا، خاصة عندما يتعلق الأمر بالحبة الرقمية. وهنا يسأل الدكتور ساربتواري: «هل ستقوم شركة التأمين بسداد التعويض في حال تفاقمت حالتك وثبت عدم التزامك بالدواء الذي وصفه الطبيب؟ هل ستقلل شركة التأمين قيمة ما تتحصل عليه في حال وافقت على تناول الحبة الرقمية؟ هل سترفض شركة التأمين علاجك إلا إذا كنت مراقبا طبيا؟».
وفيما يخص الأجهزة اللاسلكية، فإنها توفر نوعا جديدا من المعلومات لسجلك الطبي. وقضية الخصوصية التي تنطبق على البيانات الصادرة عن أجهزة الرصد اللاسلكية هي نفسها الخاصة ببياناتك الصحية الأخرى، وهنا يبرز السؤال: من سيضطلع على هذه المعلومات الصحية؟ هل ستستطيع شركة التأمين أو مديرك في العمل الضغط عليك للخضوع لتلك المراقبة لو أن حالتك الصحية ستستفيد من المراقبة؟
كذلك هناك خطر من أن يتمكن قراصنة الإنترنت من السطو على معلوماتك وسرقتها، والأسوأ من ذلك تعطيل عمل الجهاز المزروع.
وأخيرا، هل أجهزة المراقبة تلك تحمي صحتنا أم تتطفل على خصوصياتنا؟
يجيب الدكتور كموروف: «هذا هو القرار الذي يجب على كل منا أن يسأله. وبالنسبة لي سأعتبره حماية. ففي عالم الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي اليوم وما يشوبها من اختراق للخصوصية، أرى أن الجميع عليهم التفكير في هذا الأمر واتخاذ قرار بشأنه. وأيا كان القرار الذي سيتخذه كل منا، فالقضية الأهم هنا أن القرار يمثل حرية شخصية».
* رسالة هارفارد الصحية، خدمات «تريبيون ميديا»



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.