في الوقت ذاته الذي تبدي فيه الدول الأوروبية قلقها من إجراءات الإدارة الأميركية وتهديداتها بفرض رسوم على ورادات الصلب والألمنيوم، وما يستتبعه من إمكانية إشعال حرب تجارية، قررت المفوضية الأوروبية، أمس الثلاثاء، إطالة أمد الإجراءات التي تطبق بهدف مكافحة الإغراق ضد منتجات الصلب الواردة من الصين، وتمديدها لخمس سنوات قادمة، وهي الإجراءات التي كانت قد بدأت منذ عام 2011، مما وفر مجالاً متكافئاً ومساحة تنفس لمنتجي الاتحاد الأوروبي في عدة بلدان، ومنها فرنسا وإسبانيا والسويد.
ويأتي ذلك عشية الاجتماع الأسبوعي للمفوضية، المقرر اليوم الأربعاء، للنظر في اتخاذ خطوات للرد على القرارات الأميركية الأخيرة بشأن ورادات الصلب والألمنيوم من أوروبا، وغيرها من الدول، وعلى رأسها الصين.
وقالت مصادر المؤسسات التابعة للاتحاد الأوروبي في بروكسل، إن المفوضية - بصفتها الجهاز التنفيذي للاتحاد - بصدد العمل على دراسة ما يمكن اتخاذه من إجراءات لمواجهة قرار إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب حول واردات الحديد والألمنيوم من أوروبا، بشكل يتناسق مع قواعد منظمة التجارة العالمية، منوهة بأن هذه القواعد موجودة لحماية الصناعات الأوروبية أيضاً، بحسب ما جاء في تصريحات للمتحدث في المفوضية، ألكسندر وينتدرستن.
وحسب المصادر نفسها، تجري اتصالات كثيرة حالياً في الأروقة الأوروبية، وكذلك مع كبار الصناعيين المعنيين لرؤية كيفية التعامل مع الإجراءات الأميركية، التي تراها بروكسل ضارة لكافة الأطراف، بما في ذلك المستهلك الأميركي.
ويأتي ذلك بعد أن انضم نواب من البرلمان الأوروبي إلى المسؤولين بالمفوضية الأوروبية، في التعبير عن الأسف الشديد بسبب قرار الإدارة الأميركية. وقالت إليسيا موسكا، مسؤولة التجارة في كتلة الأحزاب الاشتراكية والديمقراطية، وهي ثاني أكبر الكتل السياسية في البرلمان الأوروبي، إن قرار الإدارة الأميركية يعتبر خطوة أخرى نحو حرب تجارية أثارتها واشنطن، وإن هذه التدابير الحمائية سوف تؤدي إلى تفاقم الآثار السلبية، مطالبة المفوضية الأوروبية بالبدء في مشاورات مع الإدارة الأميركية حول هذا الملف.
وفيما يتعلق بتمديد الإجراءات الأوروبية لمكافحة الإغراق من الصين، قالت المفوضية إن التحقيق الذي أجري في ديسمبر (كانون الأول) 2016، أظهر أن الإغراق من الصين ما زال مستمراً، وإذا ما انتهت هذه التدابير - التي تطبق حالياً - فإن كميات كبيرة من الصادرات الصينية المغرقة قد توجه إلى سوق الاتحاد الأوروبي.
وقالت المفوضية إن الإجراءات التي تتعلق بالمواسير والأنابيب المستخدمة في الصناعات الكيميائية والبتروكيميائية، سوف تستمر عند مستواها الحالي. وأكدت أن هذا الإجراء يتخذه الاتحاد الأوروبي للدفاع عن شركاته، وفرص العمل ضد الممارسات غير العادلة في تجارة الصلب الدولية، وخاصة أن صناعة الصلب تعاني من فائض عالمي أدى إلى انخفاض أسعار الصلب إلى مستويات غير مستدامة في السنوات الأخيرة، وكان له أثر ضار على منتجي الاتحاد الأوروبي والصناعات ذات الصلة.
ونوهت المفوضية إلى أن الاتحاد الأوروبي يستخدم كامل إمكاناته وأدواته الخاصة بالدفاع التجاري لضمان شروط عادلة لمنتجيه، وقدرته على الحفاظ على فرص العمل في هذا القطاع. وقالت المفوضية إن هناك 53 تدبيراً حتى الآن على منتجات الحديد، ومنها 27 منتجاً من الصين، وكحل طويل الأمد لمشكلة الطاقة المفرطة، فإن امتيازات الاتحاد الأوروبي في التدابير تعالج الأسباب الجذرية للأزمة. وتحقيقاً لهذا الغرض شاركت المفوضية في المنتدى العالمي المعني بهذا الملف الذي انعقد في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، الذي وافق على مجموعة من الحلول السياسية الملموسة لمعالجة المسألة المتمثلة في القدرة المفرطة العالمية في قطاع الصلب.
أوروبا تعترض على «الحمائية الأميركية»... وتستخدمها ضد الصين
أوروبا تعترض على «الحمائية الأميركية»... وتستخدمها ضد الصين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة