مواجهة إيران تهيمن على لقاء ترمب ونتنياهو

غموض حول عملية السلام... واقتراح إسرائيلي بإدارج الملف السوري في تعديلات الاتفاق النووي

ترمب وزوجته ميلانيا لدى استقبالهما نتنياهو وزوجته سارة في البيت الأبيض أمس (إ.ب.أ)
ترمب وزوجته ميلانيا لدى استقبالهما نتنياهو وزوجته سارة في البيت الأبيض أمس (إ.ب.أ)
TT

مواجهة إيران تهيمن على لقاء ترمب ونتنياهو

ترمب وزوجته ميلانيا لدى استقبالهما نتنياهو وزوجته سارة في البيت الأبيض أمس (إ.ب.أ)
ترمب وزوجته ميلانيا لدى استقبالهما نتنياهو وزوجته سارة في البيت الأبيض أمس (إ.ب.أ)

هيمن ملف مواجهة إيران على اللقاء الذي جمع الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض، أمس. ورغم أن ترمب تحدث عن {فرصة جيدة} لتحقيق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، إلا أن غموضاً اكتنف خطته لاستئناف المفاوضات.
قال ترمب لنتنياهو إنه قد يشارك في افتتاح سفارة بلاده بعد نقلها إلى القدس. ودافع عن قرار نقل السفارة، منتقداً أسلافه لإحجامهم عن اتخاذ هذه الخطوة. واعتبر أن العلاقات الأميركية - الإسرائيلية {في أفضل حالاتها}.
وأكد نتنياهو قبل اجتماعه المغلق مع ترمب وأعضاء إدارته ترحيبه بـ{القرار التاريخي بالاعتراف بحق اليهود في القدس عاصمة لدولتهم}. وشدد على {ضرورة مواجهة إيران وطموحاتها النووية... سنناقش التحديات والفرص. التحدي الذي يواجه كلا الدولتين هو كلمة واحدة: إيران}. وأشار إلى {عدم تخلي طهران عن طموحاتها النووية وتهديداتها للمنطقة، بما في ذلك الحدود الإسرائيلية. وعلينا وقف إيران التي تصرح دوماً بأن الموت لأميركا والموت لإسرائيل}.
وفي رده على أسئلة الصحافيين عن فرص السلام، قال ترمب: {سيكون إنجازاً كبيراً لو استطعنا تحقيق السلام بين إسرائيل وفلسطين، وهو تحدٍ كبير يواجهنا منذ 25 عاماً، ولم يستطع أحد القيام بخطوة مثل الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، بينما قمت بها أنا}. وأضاف: {اعتقد أن الفلسطينيين يريدون العودة إلى مائدة المفاوضات، وإذا لم يعودوا لن يكون هناك سلام. هذه أصعب صفقة، خصوصاً بعد سنوات من الكراهية وإذا استطعنا تحقيق السلام، فإن ذلك سيكون عظيماً. ونحن نقوم بجهد كبير لتحقيق ذلك}. لكنه لم يوضح طبيعة هذا الجهد.
وقال مسؤول في البيت الأبيض لـ{الشرق الأوسط} إن المحادثات بين ترمب ونتنياهو {ركزت بشكل كبير على الصفقة النووية مع إيران، وأنها لا تغطي برنامج الصواريخ البالستية الإيرانية أو دعم طهران لميليشيات في المنطقة. وناقش رئيس وزراء إسرائيل كيفية التغلب على الاعتراضات الأوروبية حول إمكانية تعديل الاتفاق النووي الإيراني}.
واستبعد المسؤول الأميركي صدور إعلانات جديدة في ما يخص عملية السلام. وقال إن {الإدارة الأميركية تأمل أن يتمكن الفلسطينيون من العودة إلى مائدة المفاوضات بعد فترة من التهدئة}، لكنه اعترف بأنه {لا توجد إشارات حول مفاوضات في أي وقت قريب... نحن ملتزمون بالسلام ولدينا خطة وسنعلنها في الوقت المناسب}. وأضاف أن {هذا يعد اجتماعاً روتينياً يأتي بعد لقاء الرئيس ترمب بنتنياهو خلال منتدى دافوس}.
ويواجه ترمب ونتنياهو مشاكل داخلية، إذ تواجه إدارة الأول عقبات كبيرة مع تحقيقات التدخل الروسي في انتخابات الرئاسة الأميركية، إضافة الي فقدان صهر ترمب جاريد كوشنر الذي حضر الاجتماع مع نتنياهو أمس، حق الإطلاع على المعلومات السرية بعد خفض تصريحه الأمني الموقت رفيع المستوي. ويقوم المحقق الخاص روبرت مولر بتدقيق مكثف حول تعاملات كوشنر التجارية وعلاقاته الدولية. أما رئيس الوزراء الإسرائيلي فيواجه مشاكل قانونية مع اتهامه بالفساد والاحتيال وخيانة الأمانة وقبول هدايا من أشخاص مقابل تعزيز مصالحهم، ويواجه دعوات من المعارضة لتقديم استقالته.
ووسط كل هذه التعقيدات، فإن احتمالات استئناف مفاوضات السلام تبدو ضئيلة وشبه منعدمة، خصوصاً بعد إعلان الجانب الفلسطيني أنه لم يعد يثق بالدور الأميركي كوسيط نزيه بعد إعلان ترمب نقل السفارة الأميركية إلى القدس.
ووصل نتنياهو إلى الولايات المتحدة، مساء أول من أمس، وشارك في المؤتمر السنوي لـ{ايباك}، كبرى منظمات اللوبي الإسرائيلي في واشنطن. وشارك في المؤتمر مسؤولون أميركيون بينهم نائب الرئيس مايك بنس وسفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة نيكي هيلي. واستبق الفلسطينيون زيارة نتنياهو بمظاهرات واسعة أمام البيت الأبيض، نددوا خلالها باعتراف ترمب بالقدس عاصمة لإسرائيل وشجبوا قرار نقل السفارة.
وفوجئ نتنياهو بخطاب المدير التنفيذي لـ{ايباك} هوفارد كور الذي أيد حل الدولتين. وتحدث عن {أهمية السلام لإسرائيل}. وقال: {علينا جميعاً العمل على مستقبل يستند إلى وجود دولتين لشعبين، واحدة يهودية تتمتع بحدود آمنة وقابلة للدفاع عنها، وأخرى فلسطينية لها علمها ومستقبلها الخاص}. وأضاف: {اليوم يبدو هذا الحلم بعيد المنال، وهذا أمر مأساوي... غياب عملية سلام بناءة أمر لا يسر لأنه يستحيل ضمان أمن إسرائيل بشكل كامل وتحقيق وعدها بالكامل ما لم تتعايش بسلام مع جيرانها}. واعتبر كور أن {الطريق الوحيد للسلام يمر عبر المفاوضات المباشرة بين الطرفين}، ملقياً اللوم على السلطة الفلسطينية {لتهربها من الحوار}.
وكانت أوساط إسرائيلية أكدت أن نتنياهو حمل إلى ترمب اقتراحات عدة تتعلق بالموضوعين المركزيين المطروحين على جدول مباحثاتهما، الأول يتعلق بالاتفاق النووي الإيراني والثاني يتعلق بالموضوع الفلسطيني.
ففي الموضوع الإيراني، لمس نتنياهو رغبة لدى الرئيس في إقناع حلفاء الولايات المتحدة في أوروبا بضرورة تغيير الاتفاق. بل أنه يرى أن البيت الأبيض يعمل اليوم في ظل ضيق الوقت الشديد، وذلك لأن الإنذار الذي وجهه الرئيس إلى الشركاء في الاتفاق النووي مع إيران، سينتهي في غضون شهرين تقريباً. وإذا لم يعملوا حتى ذلك الوقت على إجراء تعديل أساسي لـ{اتفاق فيينا المثقوب} (بما في ذلك الموافقة على إدراج قيود بعيدة المدى على أنشطة تطوير صواريخ طهران)، من المتوقع أن تنسحب الإدارة الأميركية منه في مايو (أيار)، وإعادة فرض العقوبات الاقتصادية ضد النظام الإيراني.
ووجد نتنياهو أن ترمب مستعد لتغيير قواعد اللعبة، بضربة واحدة، مع كل الأصدقاء والمنافسين وفرض جمارك على استيراد الصلب والألومنيوم، ما سيعزز تهديده بتغيير القواعد في التعامل مع المسألة الإيرانية، وبالتالي حث القوى العظمى على الانضمام إلى جهوده لإجبار طهران على قبول نظام جديد من الأطواق والقيود، سواء على مسار الصواريخ التقليدية أو على المسار النووي.
وفي ضوء هذا التحدي الذي يواجه ترمب، فإن نتنياهو يأمل بـ{فرصة ذهبية لإجراء مناقشات مفصلة وعميقة في مسألة التهديد الإيراني لإسرائيل من سوريا ولبنان، على أمل حمله على دمج الموضوع السوري في سلة المطالب التي ستطرح على جدول الأعمال في المفاوضات مع الدول الشريكة في اتفاق فيينا}. وسعى نتنياهو إلى الاتفاق على {خطوط حمراء} واضحة، سيعتبر تجاوزها من قبل إيران، ليس في تل أبيب فحسب، وإنما في واشنطن أيضاً، بمثابة انتهاك للاتفاق المنقح (إذا تم التوصل إليه فعلاً ضمن هذه المعايير).
أما في الموضوع الفلسطيني، فإن نتنياهو حاول الضغط على ترمب كي يعرض خطته لحل النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي في أسرع وقت ممكن. ويعود ذلك إلى قناعة نتنياهو بأن الفلسطينيين سيرفضون الخطة. وهذا الرفض سيسمح لإسرائيل وترمب بعرض الفلسطينيين كرافضين للسلام.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.