تاجر ماس محتال يكشف هشاشة الرقابة على مصارف الهند

تفاقم أزمة الديون المعدومة في البنوك

البنك المركزي في الهند
البنك المركزي في الهند
TT

تاجر ماس محتال يكشف هشاشة الرقابة على مصارف الهند

البنك المركزي في الهند
البنك المركزي في الهند

تعرض الاقتصاد الهندي لهزة عنيفة نتيجة لعملية احتيال، اعتبرت إحدى أكبر عمليات النصب في تاريخ البلاد.
تتلخص القصة في أن تاجر ألماس يدير إمبراطورية مجوهرات على نطاق عالمي ويقدم أحدث الصيحات والماركات التي حققت رواجا واسعا، امتدت هذه الإمبراطورية من الهند إلى نيويورك وانتشرت معارضها في سنغافورة ومكاو الصينية وباتت حلاها تتدلى من أعناق وآذان مشاهير الممثلات والعارضات مثل كيتت وينسليت وداكوتا جونسون وروسي هانغتون ووايتلي، هذا الرجل قام بالاحتيال على ثاني أكبر بنك حكومي في الهند واستولى منه على 1.8 مليار دولار أميركي.
ويواجه نيراف مودي اتهامات بالتواطؤ مع موظفي بنك البنجاب الوطني لإصدار خطابات مزورة مكنته هو وعمه ميهول تشوكسي من صرف قروض بملايين الدولارات من بنوك خارج الهند.
ولم يصدر أي تعليق عن مودي ولم يتسن الاتصال به للتعليق على الاتهامات الموجهة إليه. وتبلغ ثروة مودي، الذي لا يمت بصلة قرابة لرئيس وزراء الهند ناريندرا مودي، نحو 1.8 مليار دولار، بحسب مجلة «فوربس». وكان المتهم قد غادر الهند في يناير (كانون الثاني) الماضي قبل اكتشاف عملية الاحتيال الكبرى، والطريف أنه حضر منتدى «دافوس» الاقتصادي العالمي الشهر الماضي. وبث الإعلام الهندي صورة جماعية لعدد من الحاضرين بالمنتدى بينهم نيراف، بينما ظهر رئيس الوزراء الهندي في المقدمة.
وكانت البنوك الهندية قد قدمت قروضا وضمانات بقيمة 2.74 مليار دولار لمؤسسات على صلة بنيراف مودي وعمه. ومن تلك البنوك التي قدمت قروضا لرجل الأعمال وابن شقيقه بنك «بي إن بي»، و«يونيون بانك أوف إنديا»، وبنك «أكسيز بنك» الذي أفاد بأنه قد باع كل ما يمت بصلة لعملية الاحتيال المذكورة.
وأشارت إدارة الضرائب إلى أن كثيرا من الشركات المتورطة قد سجلت أشخاصا ذوى إمكانيات محدودة بوصفهم أغلبية الشركاء. وقدر خبراء اقتصاديون أن الاحتيال الذي مارسه مودي سوف يكلف البنوك الهندية نحو 3 مليارات دولار.
وتعد هذه هي المرة الثانية في عهد رئيس الوزراء ناريندرا مودي التي يُقدم فيها ملياردير ذائع الصيت على خداع النظام المصرفي الهندي ويتمكن من الفرار من البلاد قبل أن يقع في يد القضاء. وفي السياق ذاته، حيث واجه أيضا قطب صناعة الخمور الهندي فيجاي مالايا اتهامات بالاستيلاء على قروض بقيمة 1.4 بليون دولار قبل أن يفر من البلاد في مارس 2016.
وفي توقيت تزامن مع الكشف عن قضية نيراف مودي، كُشف اللثام عن عملية نصب أخرى عندما وجهت اتهامات لرجل أعمال بالاحتيال على سبعة بنوك والاستيلاء على 547 مليون دولار. المتهم هنا هو فيكرام كوثاري الذي عُرف بإنتاج إحدى أكثر الأدوات المكتبية والأقلام شهرة في العالم والمعروفة باسم «روتوماك» التي تنتج نحو مليون قلم يوميا. وحتى الآن، لم يغادر كوثاري البلاد. وقد أظهرت جهات التحقيق أنه حدث في بعض الحالات أن استغلت شركته فارق السعر بين العملة المحلية والعملات الأجنبية لتحقيق مكاسب ذاتية.
ويرى براديب شاه، مؤسس شركة التصنيف «كريسيل»، أن الكشف عن جرائم الاحتيال الأخيرة قد يعكس مشكلة فساد متأصلة في البنوك الحكومية الهندية، مضيفا أنه «من دون شك، لا يزال هناك كثير من الجرائم التي لم يكشف اللثام عنها بعد».

أكثر من 8 آلاف حالة احتيال
وقد أظهرت بيانات بنك الاحتياطي الفيدرالي الهندي (البنك المركزي) التي نشرتها وكالة «رويترز»، أن إجمالي حالات الاحتيال التي تعرضت لها البنوك المقرضة بلغت 8670 حالة بإجمالي 9.58 مليار دولار على مدار السنوات المالية الخمس الماضية حتى 31 مارس (آذار) الماضي.
في غالبية هذه الحالات، خدع المقترضون البنوك بأن لجأوا إلى دول أخرى لا تطبق فيها إجراءات تبادل المجرمين إلا في أضيق الحدود. ورغم ممارسات الإقراض الضعيفة وهشاشة الضمانات المفروضة على البنوك التي تلزمها بالكشف عن المقترضين المخالفين التي ساعدت كثيرا منهم على خداع البنوك، فإن الارتباطات السياسية وصعوبة إجراءات التقاضي وكذلك تعقيدات تبادل المجرمين بين الدول جميعها ساعدت المخالفين على الفرار من يد العدالة والعيش في رغد في أراضي دول أجنبية.
ولأن استعادة هذه الديون بات في حكم المستحيل، فقد أصبحت البنوك مجبرة على شطب حالات الاحتيال من كشوف الموازنة الخاصة بها بصفة دورية والاكتفاء بالإشارة إليها باعتبارها «ديونا معدومة». وعندما تزيد الخسائر في بنوك القطاع العام، تصبح الحكومة مجبرة على تعويضها. فقد كشف تقرير نشرته صحيفة «تايمز أوف إنديا» عن أن الحكومة ضخت 40.3 مليار دولار إلى البنوك التابعة لها على مدار الـ11 عاما الماضية.
ومن الواضح أن البنوك على خطأ في أغلب الحالات والسبب أنها تفتقد إلى آليات رقابة مناسبة، وما يزيد اللوم هو افتقارها للإدارة ذات الكفاءة. والسبب في أن كثيرا من رجال الأعمال الهنود يتعثرون عن سداد الديون يعود بدرجة كبيرة لبطء القضاء الهندي، وبفضل اقترابهم من الساسة، فإن فرص هروبهم بتلك الأموال تكون كبيرة إلى حد بعيد.

الرقابة الضعيفة تؤدي للاحتيال
ويحدث الاحتيال على البنوك نتيجة لتصرفات مخالفة يقدم عليها موظف أو أكثر في البنك في ظل تراخي عمليات المراقبة، ويرجع ذلك إلى ضعف أنظمة الإدارة في البنوك. فالمراجعون غير الأكفاء، سواء داخل البنك أو خارجه، وأعضاء مجلس الإدارة المتهاونون جميعهم متورطون في عمليات الاحتيال. واستمرار الحال على ما هو عليه يعني انتعاش الفساد مع مرور الوقت.
وقد فشل البنك المركزي في توفير المراجعة على نظام إدارة المخاطر وتفعيل نظام مراقبة فعال، وتعقب تغيير العملة. فقد عمل المتورطون في عمليات الخداع في تجارة غير مرخصة، وفشلت أجهزة الدولة في تتبعها.
وفي السياق نفسه، أفاد خبير الاقتصاد فيجاي ساندرا، بأنه «لو أن الحكومة الهندية حريصة على تطهير النظام من الفاسدين والمحتالين، فعليها تطبيق القانون وتفعيل لوائح المحاسبة المالية، ونزع الصلاحيات التقديرية من يد الأفراد وإحالتها إلى لجان لجعل النظام أكثر شفافية ومصداقية. حينئذ سيكون من الصعب بمكان تصديق أن الغش قد حدث نتيجة لقرار اتخذ عن طريق الخداع من قبل مسؤولي البنك وحدهم. فجميع المقترضين الكبار يتمتعون بحماية من مسؤولي الدولة، أيا كان الحزب الذي يحكم البلاد، ولذلك فالسياسي ورجل الأعمال والبيروقراطي ذو السلوك الإجرامي جميعهم يتصرفون بجرأة في تعاملهم مع النظام المالي. وتستطيع أن ترى ذلك بوضوح لو أنك لاحظت العدد المتزايد والمتكرر من حالات الاحتيال التي تقدم علها الشركات مع كبرى البنوك في الهند. وحالة نيراف مودي ليست سوى حلقة في سلسلة الاحتيال على البنوك، هي مثال فقط».
وأضاف ساندرا أن مثل تلك الحالات من شأنها أن تضعف من ثقة المستثمرين الدوليين لأنها تفضح الشركات التي يديرها أشخاص إما عديمو الكفاءة أو فاسدون.

تفاقم أزمة الديون المعدومة
وقد تفاقمت مشكلة الديون المعدومة في الهند منذ عام 2012 عندما توسعت البنوك في عمليات الإقراض بوتيرة سريعة، خاصة قطاعات كثيرة المشكلات مثل الاتصالات والتعدين.
وزادت مشكلة الديون المعدومة في الهند بعد أن وصل إجمالي القروض العاطلة إلى ما يقارب 150 مليار دولار بنهاية عام 2017. وبسبب التخلف عن سداد الديون، كان على البنوك البنكية إلغاء ديون بقيمة 38.8 مليار دولار على مدار خمسة أعوام تنتهي في 31 مارس 2017.
وكانت الحكومة في الماضي تستخدم أموال دافعي الضرائب لإنقاذ البنوك الحكومية المتعثرة، ومن المرجح أن تتكلف آخر عمليات إنقاذ لمساعدة 20 جهة حكومية مقرضة نحو 13.8 مليار دولار، حسب ما أعلنته الحكومة مؤخرا.
«ما فعلته الحكومة كان ضروريا جدا على المدى القصير، وهو ببساطة ما نحتاج إليه لتطوير هذه البنوك بصورة ملائمة»، كما قال سريكانث، فادلماني، نائب رئيس مؤسسة موديس، في تصريح عن عملية إنقاذ البنوك لـ«سي إن بي سي».
لكن الخبير الاقتصادي سي بي شاندرشاكر يلفت النظر إلى أنه «في الوقت الذي يودع فيه الناس العاديون مدخراتهم في هذه البنوك، تقوم الشركات بالاستيلاء عليها. ويتضح هذا من ملاحظة أن الشركات الكبرى تمثل غالبية أصحاب الديون المعدومة في البنوك الهندية، خاصة بنوك القطاع العام». وفي مجلة «فرونتلاين» يقول الخبير إن «اثنتي عشرة شركة من الشركات الكبرى المتخلفة عن السداد تمثل نحو ربع المتخلفين في القطاع المصرفي التجاري».
ونتيجة لاضطرار الحكومة تعويض البنوك من أموال دافعي الضرائب فإن كل روبية تذهب إلى هذه البنوك تستقطع من قطاعات أهم مثل الزراعة والتربية والصحة والدفاع.



«ناسداك» يتجاوز 20 ألف نقطة للمرة الأولى مع استمرار صعود أسهم الذكاء الاصطناعي

شعار لبورصة ناسداك في نيويورك (رويترز)
شعار لبورصة ناسداك في نيويورك (رويترز)
TT

«ناسداك» يتجاوز 20 ألف نقطة للمرة الأولى مع استمرار صعود أسهم الذكاء الاصطناعي

شعار لبورصة ناسداك في نيويورك (رويترز)
شعار لبورصة ناسداك في نيويورك (رويترز)

اخترق مؤشر ناسداك مستوى 20 ألف نقطة، يوم الأربعاء، حيث لم تظهر موجة صعود في أسهم التكنولوجيا أي علامات على التباطؤ، وسط آمال بتخفيف القيود التنظيمية في ظل رئاسة دونالد ترمب ومراهنات على نمو الأرباح المدعومة بالذكاء الاصطناعي في الأرباع المقبلة. ارتفع المؤشر الذي يهيمن عليه قطاع التكنولوجيا 1.6 في المائة إلى أعلى مستوى على الإطلاق عند 20001.42 نقطة. وقد قفز بأكثر من 33 في المائة هذا العام متفوقاً على مؤشر ستاندرد آند بورز 500 القياسي، ومؤشر داو جونز الصناعي، حيث أضافت شركات التكنولوجيا العملاقة، بما في ذلك «إنفيديا» و«مايكروسوفت» و«أبل»، مزيداً من الثقل إلى المؤشر بارتفاعها المستمر. وتشكل الشركات الثلاث حالياً نادي الثلاثة تريليونات دولار، حيث تتقدم الشركة المصنعة للآيفون بفارق ضئيل. وسجّل المؤشر 19 ألف نقطة للمرة الأولى في أوائل نوفمبر (تشرين الثاني)، عندما حقّق دونالد ترمب النصر في الانتخابات الرئاسية الأميركية، واكتسح حزبه الجمهوري مجلسي الكونغرس.

ومنذ ذلك الحين، حظيت الأسهم الأميركية بدعم من الآمال في أن سياسات ترمب بشأن التخفيضات الضريبية والتنظيم الأكثر مرونة قد تدعم شركات التكنولوجيا الكبرى، وأن التيسير النقدي من جانب بنك الاحتياطي الفيدرالي قد يبقي الاقتصاد الأميركي في حالة نشاط.