يعد قطاع النقل أحد صور الإفراط في استخدام الطاقة في السعودية، إذ أن القطاع يشكل 22 في المائة من الطاقة الأولية المستهلكة في المملكة، مما دفع البلاد لتقنين هدر الطاقة في قطاع النقل من خلال عدد من المبادرات المختلفة، في خطوة لتخفيف الأثر المباشر من الاستخدام المفرط للطاقة في وسائل النقل.
وبحسب الدراسات الأولية فإن مركبات النقل الخفيفة تستحوذ على ما يقارب 52 في المائة من حجم الاستهلاك الكلي لطاقة النقل البري، في الوقت الذي أشارت فيه آخر الإحصائيات إلى أن عدد المركبات في السعودية تجاوز 12 مليون مركبة، تستهلك يومياً من البنزين والديزل نحو 910 آلاف برميل.
ووفقاً للأرقام السابقة فإن قطاع النقل يشكل أحد أكبر القطاعات الثلاثة المستهلكة للطاقة في السعودية، إلى جانب قطاعي المباني والذي يستهلك حوالي 30 في المائة والصناعة حوالي 41 في المائة وذلك بحسب الإحصائيات الحديثة، وهو ما يتطلب وضع حلول عاجلة لتخفيض المعدل العالي لاستهلاك النقل للطاقة، خاصة مع تدني معدل اقتصاد وقود المركبات، حيث يقارب معدل اقتصاد وقود المركبات في المملكة نحو 13 كيلومتراً لكل لتر وقود، مقارنة بنحو 14 كيلومتراً لكل لتر وقود في الولايات المتحدة الأميركية، و15.2 كيلومتر لكل لتر وقود في الصين، و20 كيلومتراً لكل لتر وقود في أوروبا.
وبحسب تقارير سابقة للمركز السعودي لكفاءة الطاقة يتوقع أن ينمو استهلاك قطاع النقل للطاقة بدرجة عالية في المستقبل المنظور، حيث يتوقع أن يتجاوز عدد المركبات الخفيفة المضافة خلال السنوات الخمس عشرة المقبلة المركبات الحالية الموجودة على الطريق.
وتعتبر معالجة كفاءة استهلاك الطاقة لهذه الفئة من المركبات مهمة للغاية بالنسبة للبلاد، الأمر الذي دفع المملكة لتطوير عدة مبادرات لتحسين اقتصاد الوقود في المركبات الخفيفة والثقيلة، تتمثل الأولى في إصدار بطاقة اقتصاد الوقود في ديسمبر (كانون الأول) 2013. وبدأ تطبيقها في أغسطس (آب) 2014. وتهدف لرفع مستوى وعي المستهلك باقتصاد الوقود في المركبات الخفيفة، حيث تقاس كفاءة الطاقة للمركبات بمقياس اقتصاد الوقود، ويمثل المسافة التي تقطعها المركبة لكل وحدة من الوقود المستهلك؛ ووحدته (كم-لتر)، أي على سبيل المثال فإن السيارة التي اقتصاد الوقود لها 15كم-لتر، يعني أنها تسير مسافة 15 كم حتى تستهلك لتر واحد من الوقود.
كما تتيح بطاقة اقتصاد الوقود إمكانية المقارنة بين استهلاك الوقود للسيارات المرغوب شراؤها، ويقسم اقتصاد الوقود للمركبات إلى ستة مستويات أعلاها ممتاز وأدناها سيئ جداً، وتتراوح كمية التوفير في الوقود بين كل مستوى (لون) وآخر بـين 4.5 في المائة إلى 5.5 في المائة، وينتظر أن يبدأ تطبيق المرحلة الثانية من البطاقة على موديلات 2019 وما يليها من السيارات، حيث تشمل البطاقة الجديدة على مستوى إضافي «ممتاز +»، لأفضل 10 في المائة من طرازات السيارات.
فيما تهدف المبادرة الثانية والمتمثلة في معيار اقتصاد الوقود السعودي إلى تحسين اقتصاد الوقود لجميع المركبات الخفيفة الواردة للمملكة بنسبة 4 في المائة سنوياً، لتحقق تحسن بنسبة 55 في المائة بحلول العام 2025. وسعت السعودية لمشاركة النسخة الأولية من المعيار مع المصنعين في سبتمبر (أيلول) 2013، حيث تم عقد عدة اجتماعات واتصالات مع المصنعين لنقاش المعيار نتج عن ذلك توقيع مذكرات تفاهم مع 78 مصنّعا يمثلون ما يزيد عن 99 في المائة من مبيعات المركبات في البلاد.
وتم إصدار معيار اقتصاد الوقود في نوفمبر (تشرين الثاني) 2014، من قبل الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة، وبدأ تطبيقه في يناير (كانون الثاني) 2016 بالتعاون مع وزارة التجارة والاستثمار، ومصلحة الجمارك العامة، إلى جانب هيئة المواصفات ومركز كفاءة الطاقة، حيث يحاكي المعيار السعودي، معيار اقتصاد الوقود الأميركي الذي يعد مرجعاً عالمياً للمعايير، ويحدد المعيار قيم مستهدفة منفصلة لكل من سيارات الركوب «السيدان، والميني فان» والشاحنات الخفيفة «سيارات الدفع الرباعي، البيك أب»، في الوقت الذي يغطي معيار اقتصاد الوقود كل من المركبات الجديدة والمستعملة الواردة للسعودية.
وبحسب الإحصائيات فإن التحسن في اقتصاد الوقود في المركبات الجديدة منذ بدء التطبيق في عام 2016 وحتى منتصف العام الماضي 2017 بلغ نحو 6 في المائة، في حين بلغ التحسن في اقتصاد الوقود خلال الفترة نفسها للمركبات المستعملة نحو 13 في المائة. وتمثل كفاءة الطاقة للإطارات المبادرة الثالثة ضمن معالجة كفاءة استهلاك الطاقة للمركبات، وهي التي تعرف بمقياس مقاومة الدوران، وهي مقدار القوة التي تقاوم الحركة عندما يسير الإطار على السطح، حيث كلما زادت مقاومة الدوران احتاج المحرك قوة أكبر للتغلب على المقاومة.
ومن المتوقع أن يقلل معيار كفاءة الطاقة للإطارات من استهلاك الوقود بمقدار 2 - 4 في المائة بالنسبة للمركبات الخفيفة و6 - 8 في المائة بالنسبة للمركبات الثقيلة، في حين سيبدأ تطبيق المرحلة الثانية من المواصفة في نوفمبر من العام 2019.
وتأتي هذه الخطوة من الحكومة السعودية لتحسين كفاءة الطاقة في قطاع النقل، مما ينتج عنه تحقيق نقل مستدام يساهم في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، مع مراعاة حماية البيئة من خلال الحفاظ على الموارد الطبيعية والمتمثلة في النفط، إضافة إلى تخفيض الغازات السامة.
ويأتي الهدف من ترشيد استهلاك الطاقة ورفع الكفاءة فيها من خلال الاستغلال الأمثل لها، والحد من سوء الاستعمال والتبذير، وبالتالي فآن العمل على تحقيق التنمية المستدامة يتطلب ضرورة الحد من الإسراف في استخدام الطاقة بمصادرها المتعددة، وهو ما يؤكد على أهمية العمل على ترشيد استخدامها في القطاعات المختلفة والتي من ضمنها قطاع النقل.
قطاع النقل السعودي يستحوذ على 22 % من الطاقة الأولية المستهلكة
زيادة استهلاك المركبات في البلاد يحرك مبادرات للحد من التأثيرات السلبية
قطاع النقل السعودي يستحوذ على 22 % من الطاقة الأولية المستهلكة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة