بغداد تتراجع وتقبل بمباحثات ثلاثية حول نفط إقليم كردستان

عنصرا أمن عراقيان يفتشان منزلا في بعقوبة في إطار عملية للبحث عن الأسلحة أمس (رويترز)
عنصرا أمن عراقيان يفتشان منزلا في بعقوبة في إطار عملية للبحث عن الأسلحة أمس (رويترز)
TT

بغداد تتراجع وتقبل بمباحثات ثلاثية حول نفط إقليم كردستان

عنصرا أمن عراقيان يفتشان منزلا في بعقوبة في إطار عملية للبحث عن الأسلحة أمس (رويترز)
عنصرا أمن عراقيان يفتشان منزلا في بعقوبة في إطار عملية للبحث عن الأسلحة أمس (رويترز)

رغم سعى الحكومة العراقية إلى رمي الكرة في الملعبين التركي والكردي بشأن قضية تصدير النفط من إقليم كردستان عبر أنبوب خاص، فإن تبادل الاتهامات لا يزال مستمرا بين الطرفين.
وزير الطاقة التركي تانر يلدز الذي أبرم اتفاقا مع بغداد يلزم حكومته بعدم إبرام أي اتفاق مع حكومة إقليم كردستان بشأن تصدير النفط دون علم الحكومة العراقية، أعلن من أربيل أمس أن «إقليم كردستان العراق قد يتوصل إلى اتفاق بشأن الطاقة مع الحكومة المركزية في بغداد هذا الشهر». يلدز، الذي يقول عنه عضو البرلمان العراقي عن التحالف الكردستاني شوان محمد طه في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إنه «مطلع على الدستور العراقي أفضل بكثير من بعض نوابنا الذين يصرحون دون علم بما يقوله الدستور بهذا الشأن»، حاول إعادة رمي الكرة في الملعبين الحكومي في بغداد والكردي في أربيل في محاولة منه لأن تكون حصة تركيا صافية باتفاق الطرفين دون ميل لطرف على حساب آخر.

وكان العراق، وطبقا لما أعلنه لـ«الشرق الأوسط» فيصل عبد الله مدير مكتب حسين الشهرستاني نائب رئيس الوزراء العراقي لشؤون الطاقة، قد رفض «مقترحا تركيا بتشكيل لجنة ثلاثية لحل الإشكالية الخاصة بالاتفاق بين أنقرة وبغداد وأربيل» مؤكدا أن «الحكومة العراقية توافق على تشكيل لجنة ثنائية عراقية - تركية تضم ممثلين عن إقليم كردستان».

من جهته، أكد الناطق الرسمي باسم وزارة النفط العراقية عاصم جهاد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «العراق أبلغ الجانب التركي موافقته على تصدير أية كمية من النفط من إقليم كردستان ولكن طبقا للمعايير المعتمدة من قبل وزارة النفط الاتحادية وعبر شركة (سومو) حصرا». وردا على سؤال بشأن تصريحات الوزير التركي في أربيل أمس بشأن توقعه توصل بغداد وأربيل إلى اتفاق بشأن النفط خلال هذا الشهر، قال جهاد إن «أي اتفاق لا يمكن أن يجري من دون الأخذ بنظر الاعتبار النقاط الأساسية التالية؛ وهي: أولا موافقة الحكومة المركزية. وثانيا إشراف شركة (سومو). وثالثا أن تكون الكمية معروفة ومن خلال عدادات واضحة وأن تذهب الإيرادات إلى صندوق تنمية العراق وليس إلى صندوق حكومي تركي، لأن لدى العراق التزامات دولية حتى وإن خرج من الفصل السابع»، مشيرا إلى أن «نسبة من هذه الأموال تستقطع للكويت ولبعض الدائنين، وما تبقى يذهب إلى الخزينة المركزية ومن ثم يوزع بالتساوي طبقا للدستور».

وردا على سؤال بشأن طبيعة تمثيل إقليم كردستان في اللجنة الثنائية التي تمت الموافقة عليها بعد رفض بغداد المقترح التركي بتشكيل لجنة ثلاثية، قال جهاد إن «اللجنة يمكن أن تضم فنيين من جانب حكومة الإقليم ليس أكثر من ذلك»، مؤكدا أن «الحكومة المركزية لن تتنازل عن أي من هذه المعايير تحت أي ظرف وهو ما جرى إبلاغه الجانب التركي»، محذرا في الوقت نفسه من أن «أي أمر يتنافى مع ما جرى الاتفاق عليه مع الجانب التركي، فسيكون للحكومة موقف آخر، وهو ما عبر عنه السيد الشهرستاني سواء لجهة الأتراك أو الإخوة في إقليم كردستان».

لكن وزير النفط العراقي عبد الكريم لعيبي بدا أكثر تساهلا في تصريحات له في فيينا حول هذا الموضوع؛ إذ قال، حسب وكالة «رويترز»، إنه «لا توجد قضايا»، مضيفا أن «مباحثات فنية ثلاثية» ستجرى خلال أيام للاتفاق على التفاصيل بشأن تقاسم عائدات النفط مع الأكراد.

من جهته، قال شوان محمد طه، عضو البرلمان العراقي عن كتلة التحالف الكردستاني، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «التصريحات التي نسمعها في الآونة الأخيرة من بعض المسؤولين التنفيذيين وبعض النواب من ائتلاف دولة القانون (بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي) حصرا، إنما هي محاولة للعب على وتر الانتخابات والكسب المبكر للأصوات حتى لو كان على حساب المصلحة الوطنية العليا للشعب العراقي». وقال طه إن «ما بتنا نخشاه هو أن يجري التراجع عن العملية الديمقراطية، لا سيما مع استمرار تفسير الدستور طبقا لما يريده طرف واحد إلى الحد الذي باتوا معه يطلقون تسمية الحكومة المركزية بينما اسمها الحكومة الاتحادية، لأن هناك إقليما فيدراليا ومحافظات بلا مركزية إدارية»، مشيرا إلى أن «هناك إصرارا من قبل الحكومة على عدم تشريع قانون النفط والغاز لكي تبقى تفسر الدستور مثلما تشاء، ناهيك بأنها تكيل بمكيالين في إطار القوانين، حيث إن كل ما يتعلق بالجانب الاقتصادي تستخدم فيه قوانين النظام السابق، بينما في الجانب السياسي تستخدم قوانينها الخاصة بالاجتثاث والإقصاء».

وردا على سؤال بشأن تأكيدات الوزير التركي بتوصل بغداد وأربيل إلى اتفاق نفطي هذه الشهر، قال طه إن «الوزير التركي يعرف الدستور العراقي أفضل من كثير من النواب. كما بودي أن أشير إلى أنهم كانوا يتهموننا بإيقاف تصدير النفط والتسبب في خسائر كبيرة للميزانية، وها هي الجهات نفسها (في إشارة إلى الشهرستاني وأعضاء دولة القانون) تقف ضد تصدير النفط وعدم دفع مستحقات الشركات النفطية العالمية».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.