أزمة بيئية تهدد سكان غزة بسبب تلوث مياه البحر

TT

أزمة بيئية تهدد سكان غزة بسبب تلوث مياه البحر

يرفض أكرم عمر شراء أسماك من أسواق مدينة غزة بسبب تجدد ضخ كميات من مياه الصرف الصحي إلى بحر قطاع غزة، ما تسبب في تلوث بعض مناطقه مرة أخرى، خصوصاً في ظل عجز الجهات المختصة عن تصريفها عبر محطات المعالجة الخاصة بها نتيجة أزمة الكهرباء المتفاقمة.
ويكتفي عمر (43 عاماً) بمعرفة مصادر ومناطق صيد تلك الأسماك، التي يتمكن الصيادون الفلسطينيون من اصطيادها قبل أن يقدم على تفقدها، وفي كل مرة تنتابه حالة من الشكوك في صلاحيتها، فيقرر عدم المغامرة بشرائها، والانتظار لوقت آخر على أمل أن يجد أسماكاً أخرى من مناطق لا يتم ضخ مياه الصرف الصحي فيها، ويتأكد من أنها غير ملوثة، أو لحين انتهاء الأزمة الحالية.
يقول عمر لـ«الشرق الأوسط»، إنه يخشى أن تكون الأسماك التي يرغب في شرائها من السوق ملوثة، لأنها ستؤثر حتماً على صحته وصحة أولاده. مشيراً إلى أن عائلته تحب كثيراً تناول الأسماك بأنواعها المختلفة. لكنه لا يزال يتخوف من شرائها منذ أسابيع. ويضيف عمر موضحاً: «أنا لا أستطيع تحديد أماكن صيد الأسماك، ولا أثق في حقيقة تحديد مكان صيدها من قبل الباعة، ولذلك أفضل عدم شرائها حتى وإن أبلغني البائع أنه تم اصطيادها من أماكن بعيدة عن مناطق تلوث الشواطئ». مشدداً على أن ضمان صحة عائلته أهم بكثير من شراء السمك لمجرد تناوله، خصوصاً أن هناك عائلات تعرضت لمضاعفات صحية دامت عدة أيام بعد تناولها أسماك تَبيّن أنها ملوثة.
ويؤكد بائع الأسماك راجح مقداد في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن جُلّ المواطنين باتوا يعزفون عن شراء مختلف أنواع الأسماك تخوفاً من أن تكون ملوثة. موضحاً أن الصيادين باتوا يحاولون قدر الإمكان الابتعاد عن المناطق الملوثة، وبدأوا يصطادون من مناطق بعيدة، لكن رغم ذلك لا يتمكنون من صيد الأنواع التي يرغب فيها المواطنون بسبب الملاحقات الإسرائيلية المتكررة لهم.
يقول مقداد: «هناك عائلات تشتري الأسماك بعد التأكد من أنه تم اصطيادها من مناطق بعيدة عن مناطق التلوث، التي جرى تحديدها من قبل المسؤولين الفلسطينيين. وهناك انخفاض واضح في عملية تصريف الأسماك التي يتم اصطيادها مع تراجع الطلب عليها بسبب مخاوف السكان من تلوثها».
وأعلن اتحاد بلديات قطاع غزة في الحادي والعشرين من الشهر الماضي عن إغلاق بعض المناطق الساحلية، ليضخ فيها مياه الصرف الصحي بسبب عدم قدرة البلديات على توفير الوقود لمحطة المعالجة، وسط تفاقم الأوضاع الإنسانية والبيئية.
وقال نزار حجازي، رئيس بلدية غزة ممثِّلاً عن الاتحاد، إنهم قد يضطرون إلى إغلاق الشواطئ بشكل كامل، وضخ مياه الصرف الصحي إلى جميع السواحل، كما جرى قبل أشهر، بسبب أزمة الوقود الخانقة في البلديات. معلناً عن حالة الطوارئ في كل بلديات محافظات القطاع، وتخفيض الخدمات إلى ما نسبته 50% جراء عدم وجود دعم حقيقي للمشاريع التابعة لها. مبرزاً أن البلديات أصبحت غير قادرة على تقديم الحد الأدنى للسكان في ظل تصاعد الأزمات التي تعصف بمدن وبلديات القطاع، وتخلِّي جميع الأطراف عن السكان، وتفاقم الكارثة الإنسانية والبيئية للقطاع، الذي يقبع تحت الحصار للعام الثالث عشر على التوالي، بالإضافة إلى انهيار الحالة الاقتصادية وازدياد ساعات قطع التيار لـ20 ساعة يومياً، وتوقف معظم المنح والمساعدات الخارجية، وتمويل المشاريع خصوصاً تلك التي تتعلق بالخدمات الأساسية، لا سيما الوقود وتشغيل عمال النظافة.
وأضاف نزار أن «استمرار الوضع الحالي لفترة أطول سيتسبب في كارثة إنسانية محققة، ستتوقف معها كل خدمات البلديات، وهو ما سيؤثر بشكل كبير على المواطنين». داعياً كل الأطراف لتحمل مسؤولياتها لمنع زيادة تدهور الأوضاع الإنسانية والبيئية.
ويشهد قطاع غزة أزمة خانقة في توفير الكهرباء، حيث تصل مدة وصل الكهرباء إلى 4 ساعات، مقابل 20 ساعة فصل يومياً للمواطنين، مع عدم انتظام ساعات الوصل، وإمكانية تخفيضها إلى 3 ساعات بسبب عدم قدرة الخطوط على تحميل احتياجات السكان، الذين يسارعون لاستغلال وصول الكهرباء لتنفيذ أعمالهم المنزلية، وهو ما يزيد من الأحمال على تلك الخطوط التي قد تنقطع في بعض الأحيان.
وبدأت مصر تدخل في الأيام الأخيرة عدداً من شاحنات الوقود، التي تقوم سلطة الطاقة في غزة بشرائها من أجل تشغيل مولد واحد من أصل أربعة في محطة الكهرباء الوحيدة للقطاع، حتى تستطيع الاستمرار في جدول العمل بـ4 ساعات وصل مقابل فصل 20 ساعة. وفي حال توقف إدخالها أو تأخر ليومين متتالين تتفاقم الأزمة لتصل إلى ساعتين فقط.



مصر: «حماس» ستطلق سراح 33 محتجزاً مقابل 1890 فلسطينياً في المرحلة الأولى للاتفاق

طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

مصر: «حماس» ستطلق سراح 33 محتجزاً مقابل 1890 فلسطينياً في المرحلة الأولى للاتفاق

طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

أعلنت وزارة الخارجية المصرية، السبت، أن المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة ستشهد إطلاق حركة «حماس» سراح 33 محتجزاً إسرائيلياً مقابل 1890 فلسطينياً.

وعبرت الوزارة، في بيان، عن أملها في أن يكون الاتفاق البداية لمسار يتطلب تكاتف الجهود الإقليمية والدولية لتخفيف معاناة الشعب الفلسطيني.

ودعت مصر المجتمع الدولي، خاصة الولايات المتحدة، لدعم وتثبيت الاتفاق والوقف الدائم لإطلاق النار، كما حثت المجتمع الدولي على تقديم كافة المساعدات الإنسانية للشعب الفلسطيني، ووضع خطة عاجلة لإعادة إعمار غزة.

وشدد البيان على «أهمية الإسراع بوضع خارطة طريق لإعادة بناء الثقة بين الجانبين، تمهيداً لعودتهما لطاولة المفاوضات، وتسوية القضية الفلسطينية، في إطار حل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من يونيو (حزيران) 1967 وعاصمتها القدس».

وأشارت الخارجية المصرية إلى التزامها بالتنسيق مع الشركاء: قطر والولايات المتحدة، للعمل على التنفيذ الكامل لبنود اتفاق وقف إطلاق النار من خلال غرفة العمليات المشتركة، ومقرها مصر؛ لمتابعة تبادل المحتجزين والأسرى، ودخول المساعدات الإنسانية وحركة الأفراد بعد استئناف العمل في معبر رفح.

وكانت قطر التي أدت مع مصر والولايات المتحدة وساطة في التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار، أعلنت أن 33 رهينة محتجزين في غزة سيتم الإفراج عنهم في إطار المرحلة الأولى من الاتفاق.

وكانت وزارة العدل الإسرائيلية أعلنت أن 737 معتقلا فلسطينيا سيُطلق سراحهم، إنما ليس قبل الساعة 14,00 ت غ من يوم الأحد.

ووقف إطلاق النار المفترض أن يبدأ سريانه الأحد هو الثاني فقط خلال 15 شهرا من الحرب في قطاع غزة. وقُتل أكثر من 46899 فلسطينيا، معظمهم مدنيون من النساء والأطفال، في الحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة، وفق بيانات صادرة عن وزارة الصحة التي تديرها حماس وتعتبرها الأمم المتحدة موثوقا بها.

وأعربت الخارجية المصرية في البيان عن «شكرها لدولة قطر على تعاونها المثمر»، كما ثمّنت «الدور المحوري الذي لعبته الإدارة الأميركية الجديدة بقيادة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب لإنهاء الأزمة إلى جانب الرئيس الأميركي جو بايدن».