من المتوقع أن يضمن الرئيس الصيني شي جينبينغ ولاية ثانية من خمس سنوات عندما يفتتح مؤتمر الشعب الوطني جلسته العامة يوم الاثنين المقبل. وكان قد فاجأ الحزب الشيوعي الصيني العديد من المراقبين باقتراح تعديل دستوري يلغي الحد الأقصى المحدد بولايتين للرئيس، مما يفسح المجال أمام الرئيس شي البقاء على رأس ثاني أكبر اقتصاد في العالم مدى الحياة. الحزب اقترح إلغاء نص دستوري يمنع البقاء في الرئاسة لأكثر من فترتين، مما يعني أن شي الذي يتولى أيضا رئاسة الحزب والجيش قد لا يضطر أبدا إلى التقاعد. ويأتي الاقتراح المتوقع أن يقره النواب الموالون للحزب خلال افتتاح الدورة البرلمانية الشهر المقبل في إطار مجموعة تعديلات لدستور البلاد.
كما تضمن الاقتراح إضافة فكر شي بشأن «الاشتراكية ذات الخصائص الصينية لعصر جديد» الذي أضيف بالفعل لدستور الحزب الشيوعي العام الماضي. كما تضع التعديلات إطارا قانونيا لجهاز كبير لمكافحة الفساد وتحكم بشدة قبضة الحزب على السلطة.
وأمس دافعت ماكينة بكين الإعلامية بقوة عن الاقتراح لعدد الولايات الرئاسية أمام الرئيس شي جينبينغ، فيما واصل المنتقدون تحدي الرقابة على وسائل التواصل الاجتماعي.
«غلوبال تايمز» القومية كانت أكثر إسهابا في إغداق المديح على التعديل، في مقالة بعنوان «التعديل الدستوري يستجيب لعهد جديد». وأضافت، كما نقلت عنها الصحافة الفرنسية، أنه منذ تولي شي رئاسة الحزب في 2012 «فإن فريق الحكم الجديد... وتحت قيادة الأمين العام شي جينبينغ سارع لترسيخ إصلاحات بطريقة شاملة ورائعة». وركزت الصحيفة على النظام السياسي في الولايات المتحدة وأوروبا، وكتبت: «لقد حدد وأثر على عقلية عدد من أفراد الشعب الصيني. لكن بعض الأجزاء الأساسية في نظام القيم الغربي بدأت تنهار. الديمقراطية التي تتم ممارستها في مجتمعات غربية لمئات السنين، تتقرّح». وأضافت: «لا يمكن للصين أن تتوقف لأخذ استراحة... يجب ألا يقاطعنا العالم الخارجي وإلا خسرنا الثقة فيما الغرب يزداد احتراسا تجاه الصين».
ونشرت وسائل الإعلام الحكومية مقالات تشيد بالتعديل الذي اقترحته اللجنة المركزية والمتوقع أن تتم الموافقة عليه خلال الجلسة التشريعية. ويسمح التعديل ببقاء شي في السلطة إلى ما بعد 2023. وقالت صحيفة تشاينا ديلي الناطقة بالإنجليزية، كما نقلت عنها الصحافة الفرنسية، إن قرار الحزب «أملته الحاجة لدفع نظام الحزب وقيادة الدولة لحد الكمال». وكتبت الصحيفة أن الحزب طالما اقترح تعديلات «من شأنها أن تضخ أفكارا ومفاهيم جديدة حول الوجهة الذي تسير إليها البلاد وكيفية تحقيقها هدف التجدد وضمان أن يحيا الناس حياة أكثر سعادة». لكن الحزب سيحتاج على ما يبدو للعمل على إقناع البعض في الصين بأن الخطوة لن تؤدي إلى منح شي سلطات واسعة، وذلك رغم تمتع الرئيس بشعبية كبيرة لأسباب من بينها حربه على الكسب غير المشروع. الخطة لبقاء الرئيس شي في السلطة لأجل غير مسمى أثارت معارضة على وسائل التواصل الاجتماعي وتشبيهات بالسلالة الحاكمة في كوريا الشمالية واتهامات وجهها ناشط مؤيد للديمقراطية في هونغ كونغ بصنع ديكتاتور جديد. لكن مثل هذه التعليقات حذفت في ساعة متأخرة من مساء الاثنين. ونتيجة لرد فعل وسائل التواصل الاجتماعي مساء الأحد انطلقت حملة دعاية في الصين الاثنين تضمنت منع بعض المقالات ونشر أخرى لمدح الحزب الشيوعي.
وقالت صحيفة غلوبال تايمز في افتتاحيتها، إن التغيير لا يعني أن الرئيس سيبقى في المنصب إلى الأبد. لكن الصحيفة لم تقدم العديد من التفسيرات. وتابعت: «منذ تطبيق الإصلاحات نجحت الصين بقيادة الحزب الشيوعي في حل قضية الحزب وتغيير الزعامة الوطنية، وستظل تفعل بطريقة قانونية ومنظمة» في إشارة إلى إصلاحات اقتصادية كبيرة بدأها الحزب قبل أربعة عقود.
وأعادت صحيفة الشعب الرسمية نشر مقال طويل لوكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) تقول إن معظم الصينيين يؤيدون التعديلات الدستورية وتنقل عن مجموعة من الناس دعمهم للخطوة. وجاء في المقال، كما نقلت عنه «رويترز»، «السواد الأعظم من المسؤولين والجموع يقولون إنهم يتمنون إقرار الإصلاحات الدستورية».
يقول جوناثان ساليفان، الباحث لدى جامعة نوتنغهام في بريطانيا، إن «تحديد عدد للولايات الرئاسية كان يضمن انتقال السلطة عبر المؤسسات وتفادي أن يميل الحزب الشيوعي إلى أنظمة قمعية أو تراجع كارثي»، مضيفا أن «إلغاء أي حدود يمكن أن يشكل مخاطر على الاستقرار على المدى البعيد». أما سام كراين خبير التاريخ الصيني في معهد ويليامز في الولايات المتحدة فلا يتوقع أي إصلاحات اقتصادية أو سياسية في المستقبل، وقال لـ«رويترز»، «أعتقد أن الأولوية ستكون لمواصلة قمع المجتمع المدني بحسب الخط السياسي الذي يلتزمه منذ عام 2012». تقول سوزان شيرك، اختصاصية الشؤون الصينية لدى جامعة كاليفورنيا في سان دييغو، «أحد المخاطر أمام (شي جينبينغ) هو أن يتخذ قرارات سيئة، وأن يحيط نفسه بمتملقين لا يجرؤون على مناقضته».
ماكينة بكين الإعلامية تتصدى لانتقادات التغييرات الدستورية
متحمسة لعدد ولايات رئاسية من دون سقف زمني... وتذكّر بأن الديمقراطية الغربية «تتقرّح»
ماكينة بكين الإعلامية تتصدى لانتقادات التغييرات الدستورية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة