قال علماء، إن موجة دفء غير معتادة في القطب الشمالي تدفع بتيار من الهواء القطبي قارس البرودة إلى أوروبا، في مؤشر على نمط غريب من الطقس ربما يتكرر بوتيرة أكبر، بسبب تغير المناخ بفعل النشاط البشري، حسب ما ذكره المعهد الأوروبي لعلوم الأرض.
وتواصل هذه الموجة السيبيرية سيطرتها على معظم مناطق أوروبا، وقد تسببت أمس، بفوضى في حركة النقل مودية بحياة عدد من المشردين، فيما غطت الثلوج شواطئ تظللها أشجار النخيل على البحر المتوسط. ففي بريطانيا حذرت أمس السلطات من احتمال تساقط ما بين 5 و10 سنتمترات من الثلوج، ومن تأخر الرحلات البرية وسكك الحديد والرحلات الجوية، وإمكانية انقطاع الكهرباء بل حتى خدمة الهواتف النقالة في بعض المناطق. وكانت شركة «بريتش ايروايز»، قد ألغت الاثنين الماضي، أكثر من 60 رحلة قصيرة من وإلى مطار هيثرو.
وفي فرنسا، وجّهت فرق «الصليب الأحمر الفرنسي» إلى الأهالي نداء بعد موجة البرد الاستثنائية هذه التي تعيشها البلاد منذ أيام قائلة: «من كان لديه رداء صوفي لا يستعمله فليأتِ به إلينا». وأعلنت هيئة الأنواء الجوية حالة الطوارئ في 33 مقاطعة، بين منتصف ليلة الاثنين الماضي وحتى السادسة من صباح غد الخميس.
وهبطت درجة الحرارة إلى 6 تحت الصفر في العاصمة باريس خلال الليل، وتساقط الثلج نهاراً في ضواحيها. بينما هبطت إلى ما دون 12 تحت الصفر في مقاطعة الألزاس، شرق فرنسا، و15 تحت الصفر في سلسلة الجبال الواقعة إلى الجنوب الشرقي، مع بلوغها 26 درجة تحت الصفر في قممها. ولم تستثن الموجة مناطق جنوب فرنسا، حيث وصلت الدرجة إلى 2 تحت الصفر، وهو ما لم تعهده المنتجعات المطلة على المتوسط والمعروفة باعتدال طقسها واستعدادها لاستقبال الربيع في مثل هذا الوقت من السنة. وتساقطت كرات كبيرة من الثلج على مدينة نيس وشاطئها والكورنيش السياحي الشهير فيها، والمعروف بـ«متنزه الإنجليز». وبسبب سوء الأحوال الجوية أُلغي عدد من الرحلات في مطار نيس، ثاني أكبر مطارات فرنسا، خصوصاً تلك المتجهة إلى جزيرة كورسيكا. أمّا مدينة أجاكسيو في الجزيرة فقد هطلت عليها ثلوج بلغت 5 سنتيمترات.
وتقاطر مئات المتطوعين على مراكز النجدة والطوارئ، كما نشطت الدوريات التي تجوب شوارع المدن وتبحث في حدائقها وتحت جسورها عن المشردين، لنقلهم إلى صالات جرى تأهيلها في 68 منطقة فرنسية لإيوائهم وتقديم الوجبات الساخنة لهم. وأعطيت لرؤساء البلديات صلاحية تحويل صالات الألعاب المغلقة في المراكز الرياضية إلى ملاجئ، تنتظم فيها صفوف من الأسرة السفرية والبطانيات وأكداس الأوشحة والقبعات والجوارب الصوفية، التي استقبلت الذين يبيتون في العراء، أو أولئك الذين لا تتوفر في بيوتهم شروط السلامة والتدفئة.
ووعد جيرار كولومب، وزير الداخلية، بأنّ أي فرد لن يقضي ليلته في العراء، من دون سقف، خلال هذه الأيام. كما خصّصت المتاجر الكبرى زوايا للمعلبات وأكياس القهوة والمواد الغذائية التي يتبرع بها الزبائن للجمعيات المتخصصة في تقديم الوجبات للمحتاجين، وأشهرها «مطاعم القلب» التي كان قد أطلقها الفنان الكوميدي الراحل كولوش، قبل أكثر من 20 سنة. وبفضل تضامن شعبي واسع، تواصل هذه المطاعم تقديم الملايين من وجبات الطعام للفقراء، في المئات من نقاط التوزيع المعروفة في المدن الكبرى.
وفي بولندا، سجلت خمس وفيات على الأقل يوم الاثنين، وسط انخفاض الحرارة إلى 16 درجة تحت الصفر ليلا في وارسو. فيما سجلت إيطاليا درجات حرارة متدنية وأغلق العديد من المدارس ودور رعاية الأطفال، لتضاف إلى مخاوف الأهالي من إغلاق متاجر قبل الانتخابات العامة. وتعطّلت حركة القطارات فيها، وفي نابولي أُغلق المطار في ساعة مبكرة أمس، وتوقفت خدمة الحافلات بسبب الجليد.
أمّا سويسرا فقد شهدت منطقة غلاتالب أدنى درجات حرارة حيث سجلت 38 درجة تحت الصفر، وهو ما يعد منخفضا جدا على الرّغم من أنّها تقع على ارتفاع 1850 مترا، حسب وكالة الأنباء السويسرية. وفي العاصمة الألمانية برلين، دفعت المخاوف على سلامة المشردين بالمسؤولين إلى إضافة 100 سرير إلى مراكز الإيواء، بما يرفع العدد الإجمالي إلى 1200 سرير، أي أكثر من 90 في المائة من الطاقة الإجمالية لتلك المراكز، حسب الإذاعة العامة «آر بي بي».
موجة برد آتية من سيبيريا تجتاح مناطق في أوروبا
الفرنسيون عاشوا أبرد يوم في شتائهم الصقيعي
موجة برد آتية من سيبيريا تجتاح مناطق في أوروبا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة