أكد الدكتور محمد العيسى الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، أن أصل الأديان بريء من الحروب الظالمة التي مورست باسمها، قائلاً إن «الصراع الدامي عبر امتداده الزمني تحت أي شعار كان لا يتحمله سوى أفراده وجماعاته المباشرة له».
جاء ذلك خلال كلمة أمام مؤتمر قادة أتباع الأديان والثقافات، الذي احتضنه مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز للحوار في فيينا، بحضور إمام وخطيب المسجد الحرام المستشار بالديوان الملكي عضو هيئة كبار العلماء الشيخ الدكتور صالح بن عبد الله بن حميد، وعدد من كبار الشخصيات الدينية في العالم.
وشدد العيسى على أن الوصول إلى مستوى عالٍ من الحكمة والتحضر يتطلب تفهم الخصوصية، نحو القناعة الدينية والمذهبية والثقافية «والفكرية عموماً»، داعياً إلى المحافظة على قيم الفطرة الإنسانية المشتركة التي لا تعبر فقط عن خاصية دينية، ولا فكرية، ولا ثقافية معينة، مشيراً إلى «أنه لإنسانيتنا كبشر، ميزنا الخالق بعقولنا وقيمنا المشتركة عن بقية المخلوقات».
وأشار الشيخ العيسى إلى الفراغ الذي تعاني منه الإنسانية في تعايشها ووئامها، مبيناً «أن فراغ الإنسانية في سلمها وتعاونها مدفوع الثمن من مستقبل أجيالنا»، وذلك خلال كلمة ألقاها أمس في مؤتمر قادة أتباع الأديان والثقافات الذي احتضنه مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز للحوار بين أتباع الأديان والثقافات في فيينا، بحضور إمام وخطيب المسجد الحرام المستشار بالديوان الملكي عضو هيئة كبار العلماء الشيخ الدكتور صالح بن عبد الله بن حميد، وعدد من كبار الشخصيات الدينية في العالم.
وأضاف: «كلما ابتعدنا عن وصفنا الإنساني فقدنا قدراً من الاستحقاق له بقدر الهجر والبعد، والصراع الديني والثقافي يعود إلى صيغة تفكير خاطئة لم تؤمن ابتداء بسنة الخالق في الاختلاف والتنوع ولا حق الاختيار»، مؤكداً أن الوئام الإنساني ضرورة تكامل بقائه وكرامة ذاته، «وأننا عندما نتفهم خصوصية بعضنا نحو القناعة الدينية والمذهبية والثقافية (والفكرية عموماً) نصل إلى مستوى عال من الحكمة والتحضر».
وأوضح الأمين العام للرابطة أن «دين الإسلام (ونحن هنا نتحدث باسم الشعوب الإسلامية المنضوية تحت رابطة العالم الإسلامي) كرم بني الإنسان، وضمن لهم حرية الاختيار ابتداءً، وأرشدهم إلى مكارم الأخلاق». وبيَّن أن أصل الأديان بريء من حروب ظالمة واضطهادات مورست باسمها، ومن إعاقة مسيرة المعرفة والتنوير في الشرق والغرب، وأن الصراع الدامي عبر امتداده الزمني تحت أي شعار كان لا يتحمله سوى أفراده وجماعاته المباشرة له، مشيراً إلى أن «عالمنا بحاجة إلى تنوير في العدالة والقيم بحجم ما وصل إليه من التنوير في مكتشفات المادة وقوانين التنمية، والعقل البشري الذي أدرك المعارف المادية لا يزال جريحاً في مادة القيم بمشتركاتها التي نتفق عليها جميعاً»، مضيفاً: «كلما استوعبنا حكمة تنوعنا الإثني كنا على يقين بأنه مصدر تكامل وتعاون وإثراء لا كراهية وتخوف وإقصاء».
وأشار الشيخ العيسى إلى أن الشعوب والدول جمعاء «لم تسعد في رغدها وأمنها واستقرارها إلا عندما حَفِلَتْ بالعدالة والأخلاق، وهي في كثير منها قيم إنسانية مشتركة، والاختلاف الديني والثقافي في تلك القيم لا يطال في الغالب هدفَها المعيشي البحت، أما الجوانب الروحية فلكلٍ منا فيها قناعتُه الإيمانية التي يجب تفهمها. وأهاب الشيخ العيسى بالعقلاء أن يعوا بأن التنافس الحقيقي إنما يكون في سباق القيم والعمل الشريف، وهو الذي ضمنت سنة الخالق جل وعلا استدامته وبركته وسعادة أهله، مضيفاً: «يجب استيعاب مفهوم الفضائل في ثقافة كل أمة وحضارة، بل في كل بلد، وأن نتقاسم معاً مشتركاتِ الفضائل، وهي كثيرة جداً، ومِنْ ثَمَ نعمَلَ عليها».
وأكد الشيخ العيسى أن 10 في المائة فقط من مشتركاتنا كافية لإحلال السلام والوئام في عالمنا، وأننا بالوعي المنشود نستطيع مواجهة كافة أساليب الهيمنة الفكرية والثقافية التي لا تطرح رؤيتها في سياق حضاري وأخلاقي يستدعي حرية الاختيار، وإنما تحمل في أجندتها همجية الفرض لذات الفكر، أو توظيف الفكر لأهداف أخرى، وللتاريخ مع أولئك عظة لا تُنسى، لكن من يَسْلُك هذه المسالكَ لا يتَعظُ حتى بنفسه.
من جانبه، أكد الدكتور يوسف العثيمين الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، أمام مؤتمر «الحوار بين أتباع الأديان من أجل السلام: تعزيز التعايش السلمي والمواطنة المشتركة 2018»، أن القرار المعني بتعزيز الوفاق والتفاهم بين مختلف الحضارات والثقافات متأصل في قرارات القمم الإسلامية، ومجالس وزراء خارجية الدول الأعضاء، وبرنامج العمل العشري للمنظمة، الذي يؤكد على «أن الحوار بين الحضارات المبني على الاحترام المتبادل والتفاهم والمساواة بين الشعوب شرط لازم للسلم والأمن الدوليين وللتسامح والتعايش السلمي».
وأشار الدكتور العثيمين إلى أن منظمة التعاون الإسلامي تسهم بدور فعال في إثراء الحوار بين الثقافات وتعزيز التفاهم بين أتباع الأديان والحضارات، وتولي هذا المشروع أولوية في برامجها ونشاطاتها في الدول الأعضاء وعلى مستوى العالم. وعرج الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي على الخطوات التي اتخذتها المنظمة بتأسيس مركز صوت الحكمة للحوار والسلام والتفاهم، بهدف التصدي لخطاب الكراهية ومراجعة الذات وتصحيح المفاهيم المغلوطة والمتطرفة، وإشاعة مبادئ القيم والتعايش والتعارف بين الأمم والحضارات على اختلافها، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن الديانات السماوية نزلت لتكون سبباً في سعادة البشر. كما أشاد الأمين العام بالرعاية الخاصة التي توليها بعض الدول الأعضاء في المنظمة لقضايا حوار الأديان والثقافات، وتبنيها لاستراتيجيات وطنية تعمل على تعزيز ونشر قيم التسامح والإخاء في مواجهة التطرف والإرهاب، وتأتي في مقدمة هذه الدول: السعودية ممثلة بـ«مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات»، والمركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرف «اعتدال»، ومركز الحرب الفكرية، وهي مبادرات تسعى إلى محاربة التطرف فكرياً وإعلامياً ورقمياً تعزيزاً لأسس ومبادئ التعايش والتسامح بين الشعوب.
العيسى أمام مؤتمر فيينا: الأديان بريئة من حروب مورست باسمها
العيسى أمام مؤتمر فيينا: الأديان بريئة من حروب مورست باسمها
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة