العيسى أمام مؤتمر فيينا: الأديان بريئة من حروب مورست باسمها

العيسى خلال إلقائه كلمته في مؤتمر فيينا (واس)
العيسى خلال إلقائه كلمته في مؤتمر فيينا (واس)
TT

العيسى أمام مؤتمر فيينا: الأديان بريئة من حروب مورست باسمها

العيسى خلال إلقائه كلمته في مؤتمر فيينا (واس)
العيسى خلال إلقائه كلمته في مؤتمر فيينا (واس)

أكد الدكتور محمد العيسى الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، أن أصل الأديان بريء من الحروب الظالمة التي مورست باسمها، قائلاً إن «الصراع الدامي عبر امتداده الزمني تحت أي شعار كان لا يتحمله سوى أفراده وجماعاته المباشرة له».
جاء ذلك خلال كلمة أمام مؤتمر قادة أتباع الأديان والثقافات، الذي احتضنه مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز للحوار في فيينا، بحضور إمام وخطيب المسجد الحرام المستشار بالديوان الملكي عضو هيئة كبار العلماء الشيخ الدكتور صالح بن عبد الله بن حميد، وعدد من كبار الشخصيات الدينية في العالم.
وشدد العيسى على أن الوصول إلى مستوى عالٍ من الحكمة والتحضر يتطلب تفهم الخصوصية، نحو القناعة الدينية والمذهبية والثقافية «والفكرية عموماً»، داعياً إلى المحافظة على قيم الفطرة الإنسانية المشتركة التي لا تعبر فقط عن خاصية دينية، ولا فكرية، ولا ثقافية معينة، مشيراً إلى «أنه لإنسانيتنا كبشر، ميزنا الخالق بعقولنا وقيمنا المشتركة عن بقية المخلوقات».
وأشار الشيخ العيسى إلى الفراغ الذي تعاني منه الإنسانية في تعايشها ووئامها، مبيناً «أن فراغ الإنسانية في سلمها وتعاونها مدفوع الثمن من مستقبل أجيالنا»، وذلك خلال كلمة ألقاها أمس في مؤتمر قادة أتباع الأديان والثقافات الذي احتضنه مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز للحوار بين أتباع الأديان والثقافات في فيينا، بحضور إمام وخطيب المسجد الحرام المستشار بالديوان الملكي عضو هيئة كبار العلماء الشيخ الدكتور صالح بن عبد الله بن حميد، وعدد من كبار الشخصيات الدينية في العالم.
وأضاف: «كلما ابتعدنا عن وصفنا الإنساني فقدنا قدراً من الاستحقاق له بقدر الهجر والبعد، والصراع الديني والثقافي يعود إلى صيغة تفكير خاطئة لم تؤمن ابتداء بسنة الخالق في الاختلاف والتنوع ولا حق الاختيار»، مؤكداً أن الوئام الإنساني ضرورة تكامل بقائه وكرامة ذاته، «وأننا عندما نتفهم خصوصية بعضنا نحو القناعة الدينية والمذهبية والثقافية (والفكرية عموماً) نصل إلى مستوى عال من الحكمة والتحضر».
وأوضح الأمين العام للرابطة أن «دين الإسلام (ونحن هنا نتحدث باسم الشعوب الإسلامية المنضوية تحت رابطة العالم الإسلامي) كرم بني الإنسان، وضمن لهم حرية الاختيار ابتداءً، وأرشدهم إلى مكارم الأخلاق». وبيَّن أن أصل الأديان بريء من حروب ظالمة واضطهادات مورست باسمها، ومن إعاقة مسيرة المعرفة والتنوير في الشرق والغرب، وأن الصراع الدامي عبر امتداده الزمني تحت أي شعار كان لا يتحمله سوى أفراده وجماعاته المباشرة له، مشيراً إلى أن «عالمنا بحاجة إلى تنوير في العدالة والقيم بحجم ما وصل إليه من التنوير في مكتشفات المادة وقوانين التنمية، والعقل البشري الذي أدرك المعارف المادية لا يزال جريحاً في مادة القيم بمشتركاتها التي نتفق عليها جميعاً»، مضيفاً: «كلما استوعبنا حكمة تنوعنا الإثني كنا على يقين بأنه مصدر تكامل وتعاون وإثراء لا كراهية وتخوف وإقصاء».
وأشار الشيخ العيسى إلى أن الشعوب والدول جمعاء «لم تسعد في رغدها وأمنها واستقرارها إلا عندما حَفِلَتْ بالعدالة والأخلاق، وهي في كثير منها قيم إنسانية مشتركة، والاختلاف الديني والثقافي في تلك القيم لا يطال في الغالب هدفَها المعيشي البحت، أما الجوانب الروحية فلكلٍ منا فيها قناعتُه الإيمانية التي يجب تفهمها. وأهاب الشيخ العيسى بالعقلاء أن يعوا بأن التنافس الحقيقي إنما يكون في سباق القيم والعمل الشريف، وهو الذي ضمنت سنة الخالق جل وعلا استدامته وبركته وسعادة أهله، مضيفاً: «يجب استيعاب مفهوم الفضائل في ثقافة كل أمة وحضارة، بل في كل بلد، وأن نتقاسم معاً مشتركاتِ الفضائل، وهي كثيرة جداً، ومِنْ ثَمَ نعمَلَ عليها».
وأكد الشيخ العيسى أن 10 في المائة فقط من مشتركاتنا كافية لإحلال السلام والوئام في عالمنا، وأننا بالوعي المنشود نستطيع مواجهة كافة أساليب الهيمنة الفكرية والثقافية التي لا تطرح رؤيتها في سياق حضاري وأخلاقي يستدعي حرية الاختيار، وإنما تحمل في أجندتها همجية الفرض لذات الفكر، أو توظيف الفكر لأهداف أخرى، وللتاريخ مع أولئك عظة لا تُنسى، لكن من يَسْلُك هذه المسالكَ لا يتَعظُ حتى بنفسه.
من جانبه، أكد الدكتور يوسف العثيمين الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، أمام مؤتمر «الحوار بين أتباع الأديان من أجل السلام: تعزيز التعايش السلمي والمواطنة المشتركة 2018»، أن القرار المعني بتعزيز الوفاق والتفاهم بين مختلف الحضارات والثقافات متأصل في قرارات القمم الإسلامية، ومجالس وزراء خارجية الدول الأعضاء، وبرنامج العمل العشري للمنظمة، الذي يؤكد على «أن الحوار بين الحضارات المبني على الاحترام المتبادل والتفاهم والمساواة بين الشعوب شرط لازم للسلم والأمن الدوليين وللتسامح والتعايش السلمي».
وأشار الدكتور العثيمين إلى أن منظمة التعاون الإسلامي تسهم بدور فعال في إثراء الحوار بين الثقافات وتعزيز التفاهم بين أتباع الأديان والحضارات، وتولي هذا المشروع أولوية في برامجها ونشاطاتها في الدول الأعضاء وعلى مستوى العالم. وعرج الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي على الخطوات التي اتخذتها المنظمة بتأسيس مركز صوت الحكمة للحوار والسلام والتفاهم، بهدف التصدي لخطاب الكراهية ومراجعة الذات وتصحيح المفاهيم المغلوطة والمتطرفة، وإشاعة مبادئ القيم والتعايش والتعارف بين الأمم والحضارات على اختلافها، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن الديانات السماوية نزلت لتكون سبباً في سعادة البشر. كما أشاد الأمين العام بالرعاية الخاصة التي توليها بعض الدول الأعضاء في المنظمة لقضايا حوار الأديان والثقافات، وتبنيها لاستراتيجيات وطنية تعمل على تعزيز ونشر قيم التسامح والإخاء في مواجهة التطرف والإرهاب، وتأتي في مقدمة هذه الدول: السعودية ممثلة بـ«مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات»، والمركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرف «اعتدال»، ومركز الحرب الفكرية، وهي مبادرات تسعى إلى محاربة التطرف فكرياً وإعلامياً ورقمياً تعزيزاً لأسس ومبادئ التعايش والتسامح بين الشعوب.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».