تبلغ نسبة الانتحار محلياً 2 % مقابل 2.7 % في بلدان أخرى

يشهد لبنان حالة واحدة منه كل يومين ونصف

تبلغ نسبة الانتحار محلياً 2 % مقابل 2.7 % في بلدان أخرى
TT

تبلغ نسبة الانتحار محلياً 2 % مقابل 2.7 % في بلدان أخرى

تبلغ نسبة الانتحار محلياً 2 % مقابل 2.7 % في بلدان أخرى

وفق آخر إحصائيّة رسميّة لقوى الأمن الداخلي في عام 2018، سُجِّلت في لبنان 25 حالة وُصفت بالانتحار، منها 14 للبنانيين و11 لأجانب (عاملات أجنبيات). لكن وحسب جمعية «إدراك» (مركز الأبحاث وتطوير العلاج التطبيقي)، فإنه لا يمكن الجزم بهذه الأرقام. ومن الوسائل التي استخدمت في الانتحار، إطلاق نار وشنق وسقوط من طبقات عليا، وسموم. وفي عام 2014 سُجّلت 143 حالة انتحار لوحظ فيها أكثرية من الرجال (مقابل كل رجلين تنتحر امرأة)، ويتراوح معدّل أعمار المنتحرين بين 25 و40 سنة. على أنّ هذا التوثيق ليس مطلقاً، لأن ثمّة حالات انتحار أو محاولات منها تبقى قيد الكتمان برغبة من أهالي المنتحر، حيث يصار إلى تغيير إفادة الوفاة الحقيقيّة لمعتقدات دينيّة أو اجتماعيّة.
هذه المعلومات تختصر وضع لبنان في موضوع حالات الانتحار التي يشهدها على مدار السنة التي بلغت نسبتها حسب دراسات أخيرة 2 في المائة من إجمالي عدد السكان، وهي تُقارِب معدّل نسب محاولات الانتحار في 17 بلداً التي تبلغ 2.7 في المائة. غير أن الأرقام المتعلقة بالانتحارات المكتملة التي تنشرها منظمة الصحة العالمية، تضع لبنان في مراتب منخفضة وبعيدة عن المعدل العالمي (0.2 في المائة في لبنان مقارنة بـ1.4 في المائة عالمياً).
ففي ندوة عقدتها جمعية «إدراك» بالتعاون مع دائرة الطب النفسي وعلمه في مستشفى القديس جاورجيوس الجامعي وكليّة الطب والعلوم الطبّية في جامعة البلمند، عُرضت أحدث النسب التي يشهدها لبنان في هذا الموضوع، وقد تم تناوله من نواحٍ كثيرة شملت الحالات النفسية والخط الساخن ووثائق الوفاة التي من شأنها أن تسهم في التعريف عن الأسباب الرئيسية للانتحار وتوثيقها وكيفية إيجاد السبل اللازمة للحد منها.
وشارك في هذه الندوة عدد من الأطباء النفسيين وقضاة وممثلون عن وزارتي الصحة والعدل ورجال دين؛ مسيحيون وإسلاميون. وقدم كلّ من هؤلاء وحسب المعلومات التي بحوزته الأسباب التي تؤدي إلى الانتحار، كما تناولوا الحلول التي يجب اللجوء إليها من أجل الحد من تلك الحالات.
وحسب الطبيب النفسي الدكتور إيلي كرم (رئيس جمعية إدراك)، فإنّ نتيجة الدراسة التي أجرتها الجمعية لا تتطابق تماماً مع تلك التي قامت بها منظمة الصحة العالمية التي تضع لبنان في مراتب منخفضة وبعيدة عن المعدل العالمي. ويقول: «هناك احتمالان: الأول أنّ أرقام منظّمة الصحّة العالميّة المتعلقة بالانتحارات المكتملة قد تكون أقل من الواقع، ما يعني أننا بحاجة إلى إجراءات جدية لتوثيق حالات الانتحار المكتملة في لبنان. والاحتمال الثاني هو أن تكون أرقام منظمة الصحة العالمية صحيحة وتكون نسبة الانتحارات المكتملة في لبنان متدنية جداً بالفعل، ما يعني أنّ مجتمعنا اللبناني تتوافر فيه عوامل وقائية من الانتحار يجب إلقاء الضوء عليها قد يستفيد منها العلم والعالم».
ويوضح الدكتور كرم خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «من المحتمل أن يكون لدينا هذه الناحية الإيجابية في بلادنا التي تُشبهنا فيها أيضاً المكسيك، وعندما تحدثت عن هذا الأمر كنت أريد أن أبدأ من مكان ما، لأوثّق ما أقوله. ومن بين العوامل التي قد تقف وراء هذه النسبة الضئيلة من حالات الانتحار في لبنان، هو تمسكنا حتى اليوم بالعائلة، وكذلك التقرب من رب العالمين (التدين)، كما أن هناك عامل الوراثة الذي يمكن أن يسهم بشكل أو بآخر في هذا الموضوع». وعن الرسائل التي عادة ما يتركها المنتحر وراءه يقول: «هذه الرسائل تدور في محاور 3، فإما تكون بمثابة اعتذار من المقربين منه، أو للإشارة إلى أنه انتحر وهو في كامل وعيه، وإمّا ليفسر فيها بأنّه لم يعد يملك القدرة على العيش. ونادراً ما يحمل هذا النوع من الرسائل ملامة موجهة إلى أحدهم».
فالانتحار تحوّل إلى هاجس أساسي للصحّة العامة في لبنان، إذ تشير إحصائيات قوى الأمن الداخلي إلى حدوث حالة انتحار كل يومين ونصف اليوم في لبنان، مقابل محاولة انتحار واحدة كل 6 ساعات في أماكن أخرى. ودائماً، وبحسب هذه الإحصائيات، فإن عام 2014 شهد ارتفاعاً في معدّلات الانتحار بلغ 30 في المائة مقارنة بعام 2013. فيما شهد عام 2017 نسبة مماثلة، بحسب دراسة لم تنشر بعد ترتكز على إحصائيات قوى الأمن.
ويعد الخط الساخن الوطني للوقاية من الانتحار الذي عُمل به في لبنان منذ نحو عام بالتعاون بين جمعية «إدراك» ووزارة الصحة العامة الأول من نوعه في لبنان والعالم العربي، ويشكّل خطوة رئيسية نحو وضع إطار وطني للوقاية من حالات الانتحار ورصدها وكذلك في بناء النظام الوطني للصحة النفسية.
ويجري عبر هذا الخط تقييم لنسبة مخاطر الانتحار عبر الهاتف، كما يوفر الدعم المعنوي للشخص المعني، فيتكفل قدر المستطاع بمنع حدوث حالات الانتحار ويحيلها عند الضرورة إلى مصادر اجتماعية وبرامج علاج.
أمّا عملية إنشاء سجل وطني للصحّة النفسيّة في عام 2016، فقد أسهمت في رصد الاتجاهات الطاغية في مجال الاضطرابات النفسيّة والعلاجات. وتفيد معلومات جُمعت من قبل 9 أطباء نفسيّين عبر برنامج إلكتروني صمّم خصيصاً لهذا المشروع، بأنّه قُيّد في السجل ما مجموعه 779 شخصاً يعانون من اضطرابات في الصحة النفسية بين سبتمبر (أيلول) 2016 وفبراير (شباط) 2017. ومن بين هذه العيّنة 116 حاولوا الانتحار (15 في المائة) و61 في المائة من هؤلاء نساء. كما تبيّن أنّ هناك نحو 10 في المائة من الذين حاولوا الانتحار لم يتخطوا سن الـ18، في حين أن 58 في المائة تراوحت أعمارهم بين 18 و34 سنة. أمّا بالنسبة للتشخيص، فإنّ 44 في المائة منهم كانوا يعانون من الكآبة، و20 في المائة كانت لديهم حالة فصام، و15 في المائة يعانون من اضطرابات القلق. وزودت الأكثريّة (93 في المائة) بأدوية للصحة النفسيّة وأحيل 44 في المائة إلى العلاج النفسي، كما نقل 16 في المائة إلى المستشفيات.
وتلعب مشكلة التنمر (تعرض شخص ما وبشكل متكرر إلى أفعال سلبية)، دوراً بارزاً في التسبّب في حالات الانتحار. فهي تشكّل مصدر قلق كبيراً في مجال الصحة العامة، وتفيد آخر الدراسات العالمية بأنّ الأطفال الذين يقعون ضحية التنمّر معرضون إلى حد 9 مرات أكثر من غيرهم للتفكير بالانتحار، في المقابل، فإنّ الراشدين الذين يتعرضون للمشكلة نفسها (التنمر)، ولا سيما في العمل، معرضون إلى حد مرتين أكثر للتفكير بالانتحار.
وكشف المديرون العامون لوزارات الصحة والداخلية والعدل الذين شاركوا في هذه الندوة، جهوداً مشتركة بين وزاراتهم لتحديث القوانين وتحسين آليات التبليغ عن الوفيات، وتوحيد وثائق الوفاة، وتحديد دور الطب الشرعي فيها. كما شدّدوا على أهمية الوقاية من الانتحار من خلال توفير خدمات الصحة النفسية وإنشاء خط ساخن للانتحار.



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.