عنوان لافت وضعه المنظمون للدورة الحالية من مؤتمر «فالداي للحوار»، التي تنطلق اليوم في العاصمة الروسية. «روسيا في الشرق الأوسط: اللعب في اتجاهات مختلفة»، عنوان يعكس قناعة بتشابك الوضع في منطقة الشرق الأوسط، وتعدد مساراته وتعقيداتها، كما يدل على إدراك موسكو طبيعة «اللعبة الصعبة» التي تديرها في المنطقة وهي ترسخ وجوداً طويل الأمد فيها.
وكما يعكس العنوان مسار النقاشات المنتظرة، فإن تسمية المؤتمر ذاته لا تخلو بدورها من دلالات. إذ حمل «مؤتمر فالداي» هذا الاسم بعد أول دورة نقاشات له تم تنظيمها في عام 2004 على ضفاف بحيرة فالداي الروسية الشهيرة، التي تقع شمال غربي روسيا، ما يجعل لها رمزية خاصة، فهي على مقربة من الحدود مع أوروبا، لكنها تحافظ على «الروح الروسية»، ما يمنحها تلك الخصوصية المطلوبة لإطلاق اسمها على مؤتمر أريد منه أن يكرس فكرة الحوار الروسي مع الغرب في ظروف صعبة بالنسبة إلى الطرفين.
ولا شك أن المؤتمر الدوري الذي حاول القائمون عليه منحه صبغة «ليبرالية»، تبرز من خلال المحافظة على تسميته «نادي فالداي الحواري» تحول على مدى السنوات الماضية إلى أبرز منصة روسية لمناقشة القضايا الملحة. وبات «النسخة الروسية» من مؤتمر ميونيخ الدولي، وإن كان أصغر حجماً وأقل تأثيراً. ومع إطلاق «فالداي الشرق الأوسط» في عام 2009 في إطار عدة مشروعات «متخصصة» بالملفات الإقليمية، غدت المنطقة حاضرة سنوياً في مناقشات يديرها الكرملين وزاد الاهتمام بها بعد التدخل الروسي المباشر في سوريا عام 2015.
ولذلك لم يكن مستغرباً أن يخصص المؤتمر جزءاً مهماً من نقاشاته هذا العام لاستقراء معالم وتداعيات تثبيت دعائم الوجود الروسي في منطقة الشرق الأوسط، الذي وصفه أحد أبرز القائمين على المؤتمر فيتالي نعومكين، مدير معهد الاستشراق الذي لعب أدواراً مهمة في العملية السياسية الخاصة بسوريا، بأنه «وجود جدي وطويل الأمد».
وتبحث أبرز ورشات العمل في المؤتمر «دور روسيا ووجودها العسكري والسياسي. وكيف تنظر الأطراف المختلفة لهذا الوجود». وتبدو موسكو بحاجة إلى فتح النقاش حول هذا الموضوع في توقيت دقيق وهي تخوض مع واشنطن مواجهة كبرى لتقاسم النفوذ على الأرض السورية. وتواجه تعقيدات الأطراف الإقليمية التي تتخذ أحياناً أشكالاً خطرة كما حدث أخيراً من خلال تصاعد التوتر بين إيران وإسرائيل، وكلاهما شريك مهم لروسيا.
ومع دعوة مسؤولين بارزين في إسرائيل وإيران وتركيا، على مستوى وزراء الخارجية أو نوابهم، وبحضور مستشارة رئيس النظام السوري بثينة شعبان وخبراء وباحثين ومسؤولين سابقين من نحو 30 بلداً، ومن منظمات إقليمية مهمة مثل جامعة الدول العربية التي يمثلها نائب الأمين العام حسام زكي، والأمم المتحدة التي يمثلها السفير رمزي رمزي، يأمل المنظمون تقديم إجابات خلال المناقشات عن أسئلة مهمة تتعلق برؤية المنطقة لآفاق الوجود الروسي وسبل التعامل مع القضايا الإقليمية الملحة.
وتشمل ورشات العمل الأخرى ملفات ساخنة، لكن التسميات التي وضعت لها تعكس وجهات النظر الروسية، مثل ورشة العمل التي تخص سوريا والتي اعتبرت أن الحرب فيها انتهت وبات النقاش يتركز على الإصلاحات وإعادة الإعمار تحت عنوان «سوريا بعد الحرب... الحياة». وحضرت القضية الفلسطينية في مناقشات حول «التسوية الفلسطينية وتعقيداتها» والوضع في اليمن الذي حمل عنوان «المأساة المنسية»، وملف ليبيا الذي وضع تحت عنوان يتساءل عما إذا كان الملف «قضية للجميع» أم لا. وحضر الملف الكردي عبر ورشة عنوان عنوانها «القضية الكردية... ملف مركزي؟». ثم ملف إيران وتعقيداته الكثيرة في العلاقة مع بلدان المنطقة الذي وضع له المنظمون عنوان «إيران: الطريق الخاصة». ويختتم المؤتمر أعماله بورشة عمل يبدو عنوانها لافتاً أيضاً فهو يتحدث عن «مستقبل إقليم واحد».
النسخة الروسية المصغرة من «ميونيخ» تجمع مسؤولين من 30 بلداً
«فالداي الشرق الأوسط» ينطلق اليوم ويناقش مستقبل الوجود الروسي في المنطقة
النسخة الروسية المصغرة من «ميونيخ» تجمع مسؤولين من 30 بلداً
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة