تونس: ضبط شاحنة محملة بالذخيرة الحية على الحدود مع ليبيا

القبض على عناصر إرهابية في عدد من المناطق

TT

تونس: ضبط شاحنة محملة بالذخيرة الحية على الحدود مع ليبيا

كشف بلحسن الوسلاتي، المتحدث باسم وزارة الداخلية التونسية، عن نجاح تشكيلة عسكرية عاملة بالمنطقة الحدودية العازلة في منطقة برج الخضراء (المثلث الحدودي الذي يربط بين تونس والجزائر وليبيا) في ضبط على شاحنة خفيفة رباعية الدفع محملة بالذخيرة الحية، بعد أن تبادلت إطلاق النار مع راكبيها الذين لاذوا بالفرار إلى التراب الليبي.
وعن تفاصيل هذه العملية العسكرية، قال الوسلاتي إن القوة العسكرية التونسية المرابطة في منطقة برج الخضراء، أجبرت شاحنة خفيفة رباعية الدفع على التوقف مباشرة إثر اجتيازها الحدود التونسية الليبية، بعد الرمي عليها وإصابة عجلاتها. وتبادلت إثر ذلك النيران مع مسلحين اثنين قبل أن يعودا إلى التراب الليبي، حيث كانت سيارة ثانية بانتظارهما على حد قوله.
وبتفتيش الشاحنة المحجوزة، عثرت القوات العسكرية التونسية على منظار نهاري وكمية من الذخيرة الحية عيار 7.62 مم موزعة على مجموعة من العلب كرتونية. وركزت تونس ساترا ترابيا على جزء كبير من حدودها الشرقية مع ليبيا منذ نحو عام لمنع تسلل العناصر الإرهابية من ليبيا إلى ترابها، كما ركزت خندقا مائيا للحد من أنشطة التهريب، وأضافت إلى كل ذلك نظام المراقبة الإلكترونية بدعم من ألمانيا والولايات المتحدة. ومنذ شهر أغسطس (آب) 2013 اتخذ الرئيس التونسي السابق المنصف المرزوقي قرارا رئاسيا يعتبر منطقة الحدود مع ليبيا منطقة عسكرية عازلة يمنع دخولها أو المرور منها وإليها دون ترخيص من المؤسسة العسكرية التونسية. وشهدت مدينة بن قردان التي لا تبعد أكثر من 70 كلم عن الحدود التونسية الليبية (جنوب شرقي تونس) في السابع من مارس (آذار) 2016، هجوما مسلحا قادته عناصر داعشية تونسية هدفها الاستيلاء على المدينة وإعلانها إمارة داعشية. وذكرت السلطات التونسية أن معظم العناصر الإرهابية التي شاركت في الهجوم وفي هجمات إرهابية أخرى على غرار متحف باردو والفندق السياحي في مدينة سوسة، قدمت من ليبيا وتلقت تدريبات عسكرية على استعمال الأسلحة وصناعة المتفجرات.
في السياق ذاته، أعلنت وزارة الداخلية التونسية عن تفكيك خلية تكفيرية تتكون من أربعة عناصر تتراوح أعمارهم بين 27 و61 سنة في منطقة القصرين (وسط غربي تونس)، وهي كذلك تقع في المنطقة العسكرية المغلقة التي أعلنتها تونس للحد من أنشطة التنظيمات الإرهابية على الحدود مع الجزائر. وأكدت أن مهمة هذه الخلية تكمن في استقطاب الشبان لتبني الفكر التكفيري وتحريضهم على الإرهاب.
في غضون ذلك، أفادت المصادر ذاتها أمس، أنها ألقت القبض على عنصر تكفيري عمره 25 سنة بمنطقة ماطر (60 كلم شمال العاصمة)، وقالت إنه اعترف بتبنيه للفكر التكفيري وقيامه بتنزيل صور ومقاطع فيديو بحسابه الخاص بشبكة التواصل الاجتماعي تمجد الإرهاب وتحرض عليه وتشيد به. كما أكدت القبض على عنصر تكفيري ثان عمره 22 سنة قاطن بجهة سيدي حسين (العاصمة التونسية) من أجل الانضمام إلى تنظيم إرهابي. وتشير منظمات حقوقية تونسية ومراكز دراسات مختصة في المسائل الأمنية، إلى أن عدد الخلايا الإرهابية النائمة في تونس يتراوح بين 200 و300 خلية إرهابية وهي على استعداد لدعم العناصر الإرهابية التي التحقت بالتنظيمات الإرهابية خارج تونس، وغالبا ما يقع الكشف عن اتصالات معها. وعلى المستوى الرسمي أكدت الحكومة التونسية أن عدد العناصر الإرهابية التي التحقت ببؤر التوتر في سوريا وليبيا والعراق لا يقل عن 2929 إرهابيا، وقد عاد إلى تونس نحو 800 إرهابي ممن شاركوا في أعمال إرهابية في الخارج.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.