«حماس» تدين عقوبات أميركية بعد اتهامها باستخدام المدنيين «دروعاً بشرية»

TT

«حماس» تدين عقوبات أميركية بعد اتهامها باستخدام المدنيين «دروعاً بشرية»

أعلنت حركة «حماس» رفضها «جملة وتفصيلاً» إقرار مجلس النواب الأميركي مشروع قانون يفرض عليها عقوبات بسبب استخدامها المدنيين دروعاً بشرية، خصوصاً خلال المواجهات العسكرية ضد إسرائيل في السنوات الأخيرة، ما اعتبره التشريع الأميركي عملاً منافياً لحقوق الإنسان والقانون الدولي.
واعتبر الناطق باسم «حماس» فوزي برهوم، في تصريح صحافي، أن إقرار القانون «تسويق للرواية الإسرائيلية واصطفاف أميركي جديد مع الاحتلال الإسرائيلي واستهداف واضح للشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة وعلى رأسها حقه في الدفاع عن نفسه ومقاومة الاحتلال». وأضاف أن «هذا القرار يأتي استكمالاً لخطة... تصفية القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني»، منتقداً بشدة مواقف الرئيس دونالد ترمب من اعتبار القدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأميركية إليها.
وأكد برهوم أن «حماس جزء أصيل من الشعب الفلسطيني»، وأنها تعمل من أجل الدفاع عنه و«حماية المدنيين الفلسطينيين من العدوان والاحتلال الذي قتل آلاف المدنيين من الأطفال والنساء»، معتبراً أن خطوة مجلس النواب الأميركي من شأنها أن تسمح للاحتلال بـ«استغلال هذا القرار لارتكاب مزيد من الجرائم والانتهاكات بحق الشعب ورموزه وعناوين قضيته».
وكان مجلس النواب الأميركي أقر مشروع القانون الذي أعدته لجنة العلاقات الخارجية في المجلس والتي أدانت «حماس» من خلاله بتهمة استخدام المدنيين دروعاً بشرية باعتبار أن ذلك عمل إرهابي وانتهاك لحقوق الإنسان وفق مقتضيات القانون الدولي. ويتهم مشروع القانون الأميركي «حماس» بأنها تطلق مراراً الصواريخ من مناطق مدنية، بما في ذلك من المستشفيات والمساجد والمدارس، ما يعرّض حياة السكان المدنيين الفلسطينيين للخطر الدائم، كما أنها تستخدم الأطفال لبناء الأنفاق الخاصة بها. ويحث مشروع القانون الرئيس ترمب على توجيه بعثته في الأمم المتحدة للعمل من أجل اتخاذ مشروع قرار أممي يفرض عقوبات دولية على «حماس». ويشمل مشروع القانون عقوبات أخرى على الحركة الفلسطينية، منها حظر ممتلكات أعضائها في الولايات المتحدة وحرمانهم من الدخول إلى البلاد وإلغاء أي تأشيرات دخول حصلوا عليها. ويحتاج تشريع القانون إلى إقرار مجلس الشيوخ وتوقيع الرئيس ترمب كي يصبح نافذاً يمكن تطبيقه.
وتأتي خطوة مجلس النواب بعد أيام من إجراء أميركي حكومي ضد رئيس المكتب السياسي لـ«حماس» إسماعيل هنية الذي أدرج على قائمة الإرهاب بعد اتهامه بالارتباط بـ«كتائب القسام»، الذراع العسكرية لـ«حماس». وعبّرت «حماس» حينها عن رفضها القرار الأميركي ضد هنية واعتبرته محاولة فاشلة للضغط على المقاومة الفلسطينية، مؤكدة أنه لن يثنيها عن مواصلة التمسك بـ«خيار المقاومة».
وخرج الآلاف من أنصار الحركة في مسيرات تقدمها هنية رفضاً للقرار الأميركي. وظهر هنية قبل أيام في العاصمة المصرية خلال زيارة لوفد من الحركة، وذلك تزامناً مع زيارة قام بها وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون ناقش فيها مع مسؤولين مصريين ملف مكافحة «الإرهاب».
وأدرجت الإدارة الأميركية في العامين الأخيرين قيادات من «حماس» على لائحة الإرهاب بينهم يحيى السنوار وفتحي حماد وروحي مشتهى ومحمد الضيف. وكانت واشنطن أدرجت «حماس» ضمن لائحة الإرهاب العالمي عام 2001، إلى جانب عدد من المنظمات الفلسطينية والعربية والدولية.



«هدنة غزة»: غموض يكتنف مصير المفاوضات وترقب لنتائج «جولة القاهرة»

صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

«هدنة غزة»: غموض يكتنف مصير المفاوضات وترقب لنتائج «جولة القاهرة»

صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

غموض يكتنف مصير الهدنة في قطاع غزة مع انتهاء المرحلة الأولى دون أفق واضح للخطوة التالية، وسط تمسك كل طرف بموقفه، ومحاولات من الوسطاء، كان أحدثها جولة مفاوضات في القاهرة لإنقاذ الاتفاق، وحديث عن زيارة مرتقبة للمبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف، إلى إسرائيل ضمن مساعي الحلحلة، وسط مخاوف من عودة الأمور إلى «نقطة الصفر».

تلك التطورات تجعل مصير المفاوضات بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، في مهب الريح وتنتظر تواصل جهود الوسطاء وخصوصاً ضغوط أميركية حقيقية على رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو؛ للوصول لصيغة مقبولة وتفاهمات بشأن مسار الاتفاق لاستكماله ومنع انهياره، وخصوصاً أن «حماس» لن تخسر ورقتها الرابحة (الرهائن) لتعود إسرائيل بعدها إلى الحرب دون ضمانات حقيقية.

وبعد 15 شهراً من الحرب المدمّرة، بدأت الهدنة في 19 يناير (كانون الثاني) الماضي، وانتهت مرحلتها الأولى (42 يوماً)، السبت، وشملت إفراج «حماس» وفصائل أخرى عن 33 من الرهائن بينهم 8 متوفين، مقابل إطلاق سراح نحو 1700 فلسطيني من سجون إسرائيل، فيما لا يزال 58 محتجزين داخل قطاع غزة، بينهم 34 يؤكد الجيش الإسرائيلي أنهم قد تُوفوا، وسط انتظار لبدء المرحلة الثانية المعنية بانسحاب نهائي ووقف للحرب على مدار 42 يوماً، وأخرى ثالثة معنية بإعمار القطاع.

وأفادت صحيفة «تايمز أوف» إسرائيل، السبت، بأن نتنياهو أجرى، مساء الجمعة، مشاورات مطولة مع كبار الوزراء ومسؤولي الدفاع بشأن الهدنة، على غير العادة، في ظل رفض «حماس» تمديد المرحلة الأولى «ستة أسابيع إضافية» ومطالبتها بالتقدم إلى مرحلة ثانية.

وطرحت المشاورات بحسب ما أفادت به «القناة 12» الإسرائيلية، السبت، فكرة العودة إلى القتال في غزة، في حال انهيار الاتفاق، لافتة إلى أن الولايات المتحدة تضغط لتمديد المرحلة الأولى.

فلسطينيون نزحوا إلى الجنوب بأمر إسرائيل خلال الحرب يشقُّون طريقهم عائدين إلى منازلهم في شمال غزة (رويترز)

بينما نقلت «تايمز أوف إسرائيل»، السبت، عن مصدر دبلوماسي إسرائيلي، أن وفد بلادها عاد من محادثات تستضيفها القاهرة منذ الخميس بشأن المراحل المقبلة وضمان تنفيذ التفاهمات، كما أعلنت الهيئة العامة للاستعلامات المصرية الرسمية، لكن المحادثات «ستستأنف السبت»، وفق الصحيفة.

وأكدت متحدث «حماس»، حازم قاسم، السبت، أنه لا توجد حالياً أي «مفاوضات مع الحركة بشأن المرحلة الثانية»، وأن «تمديد المرحلة الأولى بالصيغة التي تطرحها إسرائيل مرفوض بالنسبة لنا»، وفق ما نقلته وكالة «رويترز»، دون توضيح سبب الرفض.

ويرى الخبير الاستراتيجي والعسكري، اللواء سمير فرج، أن مصير المفاوضات بات غامضاً مع تمسك إسرائيل بطلب تمديد المرحلة الأولى، ورفض «حماس» للتفريط في الرهائن أهم ورقة لديها عبر تمديد لن يحقق وقف الحرب.

ولا يمكن القول إن المفاوضات «فشلت»، وفق المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، الذي لفت إلى أن هناك إصراراً إسرائيلياً، على التمديد والبقاء في 3 بؤر عسكرية على الأقل في شمال وشرق القطاع و«محور فيلادليفيا»، بالمخالفة لبنود الاتفاق ورفض من «حماس».

لكنّ هناك جهوداً تبذل من الوسطاء، والوفد الإسرائيلي سيعود، وبالتالي سنكون أمام تمديد الاتفاق عدة أيام بشكل تلقائي دون صفقات لحين حسم الأزمة، بحسب الرقب.

ونقلت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية عن مصادر، قولها إنه إذا وافقت «حماس» على تمديد المرحلة الأولى من خلال الاستمرار في تحرير دفعات من الرهائن، فإنها بذلك تخسر النفوذ الرئيسي الوحيد الذي تمتلكه حالياً. وذلك غداة حديث دبلوماسي غربي كبير لصحيفة «تايمز أوف إسرائيل»، أشار إلى أن نتنياهو يستعد للعودة إلى الحرب مع «حماس».

طفل يسير في حي دمرته الحرب تم وضع زينة شهر رمضان عليه في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

ووسط تلك الصعوبات، استعرض وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، بالقاهرة، مع رئيس وزراء فلسطين، محمد مصطفى مستجدات الجهود المصرية الهادفة لتثبيت وقف إطلاق النار في غزة وتنفيذ كل بنوده خلال مراحله الثلاث، وخطط إعادة الإعمار في قطاع غزة في وجود الفلسطينيين على أرضهم وترتيبات القمة العربية غير العادية المقرر عقدها يوم 4 مارس (آذار) الحالي بالقاهرة، مؤكداً دعم مصر للسلطة الفلسطينية ودورها في قطاع غزة.

ويعتقد فرج أن حل تلك الأزمة يتوقف على جدية الضغوط الأميركية تجاه إسرائيل للوصول إلى حل، مؤكداً أن التلويح الإسرائيلي بالحرب مجرد ضغوط لنيل مكاسب في ظل حاجة «حماس» لزيادة دخول المواد الإغاثية في شهر رمضان للقطاع.

وبعد تأجيل زيارته للمنطقة، ذكر ويتكوف، الأربعاء، خلال فعالية نظّمتها «اللجنة اليهودية-الأميركية»، إنه «ربّما» ينضمّ إلى المفاوضات يوم الأحد «إذا ما سارت الأمور على ما يرام».

ويرجح الرقب أن الأمور الأقرب ستكون تمديد المرحلة الأولى من الاتفاق مع ضمانات واضحة لأن الوسطاء و«حماس» يدركون أن إسرائيل تريد أخذ باقي الرهائن والعودة للحرب، مشيراً إلى أن «الساعات المقبلة بمحادثات القاهرة ستكون أوضح لمسار المفاوضات وتجاوز الغموض والمخاوف الحالية».