آثار فرعونية مهملة بالمطرية تبحث عن إنقاذ

تضم قطعا وتماثيل نادرة

منطقة أبو الهول الأثرية تغرق في مياه الصرف الصحي («الشرق الأوسط»)
منطقة أبو الهول الأثرية تغرق في مياه الصرف الصحي («الشرق الأوسط»)
TT

آثار فرعونية مهملة بالمطرية تبحث عن إنقاذ

منطقة أبو الهول الأثرية تغرق في مياه الصرف الصحي («الشرق الأوسط»)
منطقة أبو الهول الأثرية تغرق في مياه الصرف الصحي («الشرق الأوسط»)

تعج منطقة المطرية (شرق القاهرة) بقطع هائلة ومتنوعة من الآثار الفرعونية الرائعة، التي تكرسها واحدة من أهم المقاصد السياحية والأثرية بالعاصمة المصرية، لا سيما أنها كانت محط أنظار العالم، في العام الماضي بعد الإعلان عن اكتشاف تمثال الملك بسماتيك الأول، قبل نقله، إلى المتحف المصري بميدان التحرير. لكن منطقة «أبو الهول» الأثرية، الواقعة على بعد أمتار قليلة من منطقة ذلك الاكتشاف، لم تمتد إليها يد التطوير تماما، وأصبحت بمثابة وكر للزواحف والقوارض، وأرض خصبة للنباتات البرية، وبركة منخفضة، تتجمع فيها مياه الصرف الصحي، المتسربة من البيوت العشوائية، التي تم بناؤها في غفلة من الزمن، بعد اندلاع انتفاضة 25 يناير 2011.
ورغم مناشدات المهتمين بالآثار الفرعونية، لوزارة الآثار بضرورة إنقاذ القطع الأثرية بمنطقة «أبو الهول»، فإنه لم يحدث أي تطوير على الإطلاق، وطالب باحثو الآثار بوضع المناطق المكتشفة قديما على أجندة التطوير والاهتمام بها بالتوازي مع الاكتشافات الجديدة التي تدعى إليها كل وسائل الإعلام وتصاحب بزخم إعلامي كبير.
منطقة «أبو الهول الأثرية، منخفضة عن مستوى سطح الشارع بنحو مترين، ويحيط بها نبات الخوص، و«الهيش» من كل جانب، وهي جزيرة خضراء، أو بركة منخفضة وسط كتل خرسانية صماء، تخلو من أي مظهر جمالي أو حضاري، ولا تكاد تظهر بوضوح للمارة إلا عند الاقتراب منها، وسميت بهذا الاسم، لوجود تمثال أبو الهول ذي اللون الأصفر بها، ويعاني التمثال من تآكل شديد بسبب الملوحة والرطوبة».
محمد مصطفى، شاب عشريني، يقيم بالقرب من منطقة «أبو الهول» الأثرية، قال لـ«الشرق الأوسط»: «حي المطرية يكتفي برفع القمامة وقص النباتات فقط، بعد أن يصل ارتفاعها لنحو مترين، فيما تقوم منطقة آثار المطرية بتعيين خفراء لحراسة المنطقة، لكنهم لا يتواجدون باستمرار، لأنهم يكونون مشغولين بأعمال أخرى، ويسكنون في مناطق بعيدة، بجانب عدم وجود استراحة آدمية تقيهم برد الشتاء وحر الصيف، فنعتمد نحن سكان المنطقة المحيطة لحمايتها بأنفسنا، لأوقات طويلة على اعتبار أننا نعرف بعضنا ونميز الغرباء بسهولة».
بدورها، قالت الباحثة الأثرية الدكتورة مونيكا حنا، «رئيس وحدة الآثار والتراث الحضاري بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا، لـ«الشرق الأوسط»: «ما يحدث في المطرية إهمال يرقى إلى حد الفساد، لأن وزارة الآثار تهتم فقط باكتشاف الآثار المكتشفة من قبل، وتترك الآثار القديمة مهملة دون أي تطوير، فالحفاظ على الآثار الموجودة بين أيدينا، سيشجعنا على اكتشاف المزيد». ولفتت: «وزارة الآثار لا تتمكن من الحفاظ على القطع النادرة الموجودة في الأساس على ظهر الأرض، فماذا سيكون مصير الآثار التي تحتفل بها الوزارة كل فترة والتي تستخرجها من باطن الأرض».
وأضافت حنا: «المطرية، منطقة أثرية مهمة جدا، لما تضمه من آثار وتاريخ عظيم، لذلك لا أتفهم سبب إهمال منطقة (أبو الهول) كل تلك السنوات، وكأنه متعمد».
وأوضحت أنه «لا يمكن نقل الآثار الموجودة بها خوفا من، بناء السكان عليها، فبقاء الآثار بالمنطقة يحفظ الأرض». وتابعت أن «أبو الهول»، لم يجر بها أي مشروعات حفائر، منذ فترة طويلة من قبل البعثات العلمية، وهي تحتاج إلى جراحة عاجلة، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه بعد تآكل تمثال أبو الهول الصغير النادر، بسبب الملوحة الناتجة عن مياه المجاري.
يشار إلى أن المطرية كان يطلق عليها قديما، مدينة «أون»، أو «هليوبوليس»، أو مدينة «رب الشمس»، وهي «مدينة فاقت كل المدن أهمية»، وفقا لوصف عالم المصريات «أودلف إرمان»، وتعد مدينة أون من أقدم عواصم العالم القديم، وذلك في عهد ما قبل الأسرات، وكانت في ذلك الوقت مدينة متكاملة، تمتد من أرض النعام في منطقة المطرية الحاليّة بشرق القاهرة، وكانت بها الغابات المقدسة، التي تنمو فيها أشجار البلسم والبخور ويُربى فيها النّعام المقدس، وما زالت المنطقة تحمل اسم أرض النعام بحي المطرية حتى الآن. ومدينة «أون» كانت مركز عبادة الشمس، وتبلغ مساحتها 26800 متر مربع، وتضم آثار معابد، ومكتبات للفلسفة وعلوم الفلك والرياضيات.
من جهته قال أسامة كرار، منسق حركة الدفاع عن الآثار: «وزير الآثار الحالي، للأسف يبدي اهتماما كبيرا بالآثار المكتشفة حديثا، لكنه لا يبالي، بالآثار القديمة والموجودة فعليا على الأرض وتحيطها القمامة من كل اتجاه، وتتعرض للسرقة أحيانا». ولفت: «أرض المطرية بها معبد كبير مدفون تحت الأرض، حجمه أكبر من معبد الكرنك بمدينة الأقصر، جنوبي القاهرة»، وأضاف كرار لـ«الشرق الأوسط قائلا: «قبل نحو نصف قرن، قام الفنان العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ، بتصوير أحد أفلامه في المطرية بجانب الآثار، التي كانت تظهر بشكل رائع جدا، وأعطى ذلك دلالة واضحة لجمال المنطقة وقتئذ».
إلى ذلك، قال خالد أبو العلا، مدير منطقة المطرية الأثرية لـ«الشرق الأوسط»: «قمنا بالتخطيط لتطوير منطقة أبو الهول الأثرية بالمطرية، وترتكز خطة التطوير، التي لم تدخل حيز التنفيذ حتى الآن على رفع منسوب هذه المنطقة لمستوى سطح الشارع، بالإضافة إلى إحاطتها بسور إسمنتي للحفاظ عليها من التعديات وإلقاء المخلفات». وعن إمكانية نقل القطع الأثرية بالمنطقة إلى المتاحف الأثرية بالقاهرة، قال «وجود الآثار هنا يحافظ على الأرض، الغنية بالآثار غير المكتشفة، خاصة أن الأرض مملوكة لقطاع الآثار، عكس منطقة سوق الخميس الأثرية فإنها ملك وزارة الأوقاف».


مقالات ذات صلة

بمليوني دولار... بيع قطعة نقود رومانية نادرة تحمل صورة بروتوس

يوميات الشرق تم بيع القطعة النادرة بـ2.09 مليون دولار ضمن مزاد في جنيف (أ.ف.ب)

بمليوني دولار... بيع قطعة نقود رومانية نادرة تحمل صورة بروتوس

بيعت قطعة نقود ذهبية رومانية نادرة جداً تحمل صورة بروتوس، أحد المشاركين في قتل يوليوس قيصر، لقاء 2.09 مليون دولار ضمن مزاد أقيم الاثنين في جنيف

«الشرق الأوسط» (جنيف)
يوميات الشرق بقايا كائنات بحرية يتجاوز عمرها 56 مليون عام وتعود لعصر الإيوسيني المبكر في طبقات لصخور جيرية (الشرق الأوسط)

اكتشاف تاريخي لبقايا كائنات بحرية في السعودية عمرها 56 مليون سنة

أعلنت هيئة المساحة الجيولوجية في السعودية اليوم (الأحد)، عن اكتشاف لبقايا كائنات بحرية يتجاوز عمرها 56 مليون عام وتعود للعصر الإيوسيني المبكر.

«الشرق الأوسط» (جدة)
يوميات الشرق معرض يحكي قصة العطور في مصر القديمة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

معرض أثري يتتبع «مسيرة العطور» في مصر القديمة

يستعيد المتحف المصري بالتحرير (وسط القاهرة) سيرة العطر في الحضارة المصرية القديمة عبر معرض مؤقت يلقي الضوء على صناعة العطور في مصر القديمة.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق الفيلا تدلّ على «أسلوب حياة فاخر» (تيفونت أركيولوجي)

اكتشاف آثار فيلا رومانية فاخرة على الأرض البريطانية

اكتشف علماء آثار و60 متطوّعاً فيلا رومانية تدلّ على «أسلوب حياة فاخر»، وذلك في مقاطعة يلتشاير البريطانية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق الحنة ترمز إلى دورة حياة الفرد منذ ولادته وحتى وفاته (الفنان العماني سالم سلطان عامر الحجري)

الحناء تراث عربي مشترك بقوائم «اليونيسكو» 

في إنجاز عربي جديد يطمح إلى صون التراث وحفظ الهوية، أعلنت منظمة «اليونيسكو»، الأربعاء، عن تسجيل عنصر «الحناء» تراثاً ثقافياً لا مادياً.


«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.