خذل قلب الدفاع الفرنسي إيميريك لابورت مانشستر سيتي ذات مرة، لكنه لم يكن ليقدم على هذا الأمر مرة أخرى، وبالتأكيد ليس الآن. كان مدرب سيتي جوسيب غوارديولا قد حاول ضم اللاعب عام 2016، لكن مدافع فريق أتليتيك بلباو الإسباني أعلن عدم رغبته في الرحيل عن بلباو. أما في هذه المرة، فقد وافق لابورت - ولعل عامل التوقيت لعب دورا مهما في ضم لابورت في سوق الانتقالات هذه.
فقد اعترف غوارديولا بأنه كان ينوي بالفعل معاودة السعي وراء ضم اللاعب الفرنسي في الصيف، لكن بالنظر إلى ما قد يمر به مانشستر سيتي من ظروف طارئة خلال الفترة المقبلة، قرر التعجيل بهذه الخطوة ستة أشهر عن موعدها الأصلي. وفي الوقت الذي يشدد فيه غوارديولا على أن خطوة ضم اللاعب لا تتعلق بالفترة الراهنة فحسب، وإنما بالسنوات الأربع أو الخمس المقبلة، يبقى لتوقيت ضم لابورت أهمية كبيرة، خاصة بالنسبة للاعب.
في الواقع، كان هناك سبب وجيه وراء تفضيل لابورت، الذي جاءت مشاركته الأولى في صفوف مانشستر سيتي، خلال مباراة انتهت بالفوز على ويست بروميتش ألبيون في المرحلة الخامسة والعشرين من بطولة الدوري الإنجليزي، البقاء في ناديه المرة السابقة، فقد اعترف لاحقاً أن السبب لرفضه أن العرض جاءه في وقت كان مصاباً وساورته مخاوف إزاء قدرته على التكيف مع ناديه الجديد حال موافقته على الانتقال، وكذلك قدرته على النهوض والجري داخل الملعب. ورغم أنه كان في سن صغيرة، فإنه لم يكن في أفضل حالاته البدنية التي تؤهله كي يبدأ مسيرته مع ناد جديد ولغة جديدة.
ومع أن الموسم الحالي ربما لا يكون الأكثر إبهاراً في مشواره الكروي حتى الآن، فإنه يبدو «مستعداً» لخطوة الانتقال، حسبما أفاد غوارديولا. في الواقع، هو ليس مستعداً فحسب، وإنما في عجلة من أمره. ورغم أنه في الـ23 من عمره فقط، تبقى الحقيقة أن الوقت يمر. جدير بالذكر أن لابورت شارك في 51 مباراة مع المنتخب الفرنسي على مستوى الناشئين، لكنه لم يشارك حتى الآن مع المنتخب الأول، ولا يبدو أن ثمة احتمالية لذلك تلوح في الأفق رغم أن بطولة كأس العالم على بعد خمسة شهور فقط.
من جانبه، درس اتحاد كرة القدم الإسباني إمكانية ضم لابورت، لكنه كان يرغب في اللعب باسم فرنسا. يذكر أن اللاعب ولد في أجان بفرنسا، لكن أجداده ينتمون لإقليم الباسك. وانضم إلى أتليتيك في الـ15 من عمره من خلال أفيرون بايونيه. جدير بالذكر أن أفيرون بايونيه ناد يقع داخل الباسك الفرنسي، بجوار الحدود مباشرة، وله صلات رسمية مع أتليتيك، مكنت اللاعب من التأهل للعب معهم في ظل ما تجري إليه الإشارة في العادة باسم سياسة «الباسك فقط.» وعليه، أصبح لابورت اللاعب الوحيد غير الإسباني داخل الفريق، وثاني لاعب فرنسي يلعب في صفوف النادي بعد الظهير الأيسر بيسنتي ليزارازو.
يذكر أن أفيرون بايونيه يلعب داخل ملعب يحمل اسم الزميل الدولي السابق لليزارازو، ديدييه ديشامب مدرب المنتخب الفرنسي الحالي، لكن هذا الأمر لم يلفت نظر مدرب المنتخب الفرنسي. وقد شعر لابورت أن المشكلة تكمن في أنه بدا «غير مرئي» داخل ملعب سون ميم. وخلال مقابلة أجرتها معه صحيفة «ليكيب» الفرنسية، قال اللاعب إنه يشعر بالحزن لعدم اختياره في صفوف المنتخب. وقال اللاعب: «أن بلباو، نادٍ ربما لا يحظى بالتقدير الكافي داخل فرنسا، وقد يترك هذا الأمر تأثيره على أشياء أخرى». الملاحظ أن آخرين مثل عادل رامي في مارسيليا، حصلوا على فرص لم ينلها لابورت. وقال: «بالنسبة لإسبانيا، لا يبدو أن المشاركة في أتليتيك تحمل أهمية. ولكل شخص وجهة نظره الخاصة. إذا كان مارسيليا ناديا أفضل، فهو ليس أفضل بكثير. ولو كنت أقدم ذات المستوى من الأداء في ناد آخر، كانت احتمالات ضمي للمنتخب سترتفع».
داخل مانشستر سيتي، من المفترض أن لابورت لن يشتاق إلى البطولات، مثلما اعترف أنه يحن إليها في أتليتيك. وعندما يشارك في الدوري الإنجليزي الممتاز ودوري أبطال أوروبا، فمن المؤكد أن تلك لن تمثل مشكلة. ويكشف شعوره ذلك عن أنه لا تساوره شكوك تجاه مستواه. الواضح أن غوارديولا أيضاً ليست لديه شكوك تذكر إزاء اللاعب. عندما رفض لابورت الانتقال إلى مانشستر سيتي المرة الأولى، تلقى اللاعب تحذيرات من الكثيرين من أنه لن يحظى بفرصة ثانية - ومع هذا، نال فرصة ثانية بالفعل.
ومع أن مانشستر سيتي راقب لاعبين آخرين - بينهم الإسباني إنيغو مارتينيز، الذي ضمه أتليتيك ليحل محل لابورت - فإنه لم ينس أبداً خياره الأول. ومع شرائه مقابل 65 مليون يورو، أصبح لابورت اليوم أغلى مما كان عليه حينها، عندما بلغ سعره 42 مليون يورو. ومع هذا، فإنه بالنظر إلى التضخم الذي أصاب السوق على امتداد الشهور الستة الأخيرة،، لا تبدو هذه قفزة ضخمة في السعر.
ومع أن لابورت لم يكن في أفضل حالاته هذا الموسم، مع رحيل إرنستو فالفيردي عنه لتدريب برشلونة وعجز فريقه عن الوصول لمستوى الأداء الذي تمتع به خلال السنوات السابقة. ومع ذلك، ظل فريقه معتمداً عليه بدرجة كبيرة، ورأى مانشستر سيتي ما يكفي منه لتجاوز أية شكوك بخصوص جدوى ضمه إليه. وتشير الأرقام إلى أن اللاعب البالغ 23 عاماً شارك بالفعل في أكثر من 200 مباراة احترافية ويتمتع بالخصال التي يرغبها مدربه، وإن كان انتقاله إلى مانشستر سيتي سيفرض عليه الدفاع من نقطة أكثر تقدماً داخل الملعب.
من جانبه، أقر غوارديولا بأن الدفاع داخل مانشستر سيتي ليس بالأمر السهل، نظراً للضغوط الشديدة والواجبات الملقاة على عاتق اللاعبين. ومن الواضح أن تركيز المدرب على لابورت نابع عن اعتقاده بأن اللاعب قادر على الاضطلاع بهذه المهمة. وقال المدرب: «لدى لابورت القدرة على إضفاء صبغة مميزة على الكرة»، واصفاً إياه باللاعب «الذكي». يذكر أن لابورت يلعب بقدمه اليسرى وقادر على إطلاق تمريرات طويلة، بجانب سرعته في تغطية زملائه، لكن الأهم من ذلك قدرته على توقع الكرة واستعادة الاستحواذ على الكرى بسرعة وإنهاء الهجمات سريعاً.
يذكر أن أتليتيك غالباً ما يجري النظر إليه باعتباره الأكثر «بريطانية» بين الفرق الإسبانية. ويتميز اللاعب بقوته في التعامل مع الكرات العالية وسمات تؤهله للتكيف بسهولة مع الدوري الإنجليزي الممتاز: الخشونة والتفاني والمهارة. من ناحيته، قال غوارديولا: «سنتحلى بالصبر». إلا أنه عجز عن الصبر بما يكفي لأن ينتظر للصيف حتى يضم لابورت إلى فريقه. والواضح أن لابورت لم يرغب في الانتظار هو الآخر.
من جهته قال لابورت: «أنا سعيد جدا لوجودي هنا، مانشستر سيتي ناد يملك طموحات كبيرة وهو أحد أفضل الأندية في أوروبا». وتابع: «أتطلع قدما للعمل بإشراف جوسيب غوارديولا ومحاولة مساعدة الفريق على تحقيق النجاح». أما مدير كرة القدم في النادي تيكسي بيغيرستين فقال: «نحن سعداء جدا للتعاقد مع إيميريك. إنه لاعب نكن له تقديرا منذ فترة طويلة». وتدرج لابورت (23 عاما) في الفئات العمرية للمنتخب الفرنسي وكان قائدا لمنتخب الشباب. وكان لابورت جدد عقده مع بلباو عام 2016 ولمدة أربع سنوات.
وكتب لابورت رسالة وداع لبيلباو، عبر حسابه على شبكة التواصل الاجتماعي «تويتر». وتقدم لابورت بالشكر لزملائه ولجماهير النادي الإسباني على مساندتهم له على مدار ستة أعوام قضاها مع بيلباو. وشارك لابورت في 19 مباراة مع أتليتيك بيلباو هذا الموسم.
هل يستحق لابورت أن يصبح ثاني أغلى مدافع في العالم؟
اللاعب المنضم حديثاً لمانشستر سيتي لم يخض مباراة دولية واحدة مع المنتخب الفرنسي
هل يستحق لابورت أن يصبح ثاني أغلى مدافع في العالم؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة