تنطلق اليوم (الخميس) الدورة الثامنة والستون من مهرجان برلين السينمائي الدولي محاطة بكل ما تحاط به عادة من ترحيب وحجم اهتمام.
إنه «بابا الدب» كما تقول حكايات الأطفال، وجوائزه، التي تحمل اسم الدب تيمناً، هي الأولى في عداد المهرجانات الكبيرة الثلاثة. الآخران هما «كان» و«فنيسيا».
هذا لم يتم بالتمني طبعاً ولا بضخ الميزانية وحدها، بل بالممارسة المهنية والتأكد من أن كل شيء في مكانه الصحيح قبل أشهر عدة من بداية كل دورة وصولاً إلى الدقائق الأخيرة الفاصلة. عاماً بعد عام تبلور المهرجان الذي لا يشيخ إلى ضرورة لا مجال لنكرانها. كم يختلف الوضع لو لم يكن المهرجان قائماً أو لو أنه لم يستطع، كما حال مهرجانات كثيرة بدأت كبيرة ثم استمرت متوسطة، الحفاظ على مكانته.
فن وترفيه
في افتتاح الدورة الـ68 الحالية قررت إدارة المهرجان أن فيلم الافتتاح يحتاج لا إلى اسم فني كبير فقط بل إلى ما هو مختلف عن العادة أيضاً. بناء على ذلك فإن الفيلم المختار لافتتاح الدورة هو «جزيرة الكلاب» (Isle of Dogs) الذي هو ثاني فيلم رسوم متحركة ينجزه المخرج الأميركي وس أندرسون وهو الذي أنجز فيلمه للرسوم المتحركة الأول قبل تسع سنوات تحت عنوان Fantastic Mr. Fox.
أندرسون (وهناك أكثر من مخرج جيد يشترك معه في حمل هذا الاسم) دائماً ما يشيع عالماً من الترفيه المقرون بالفن. الترفيه فيه ألوان فرحة وغرائبيات تثير الفضول والفن هو الأسلوب الذي يعالج به المخرج حكاياته ومواضيعه. هذا الخط الوردي من الأفلام أنجزه طوال حياته بلا تنازل بما في ذلك فيلمه السابق «ذا غراند بودابست هوتيل» الذي عرضه في مهرجان برلين السينمائي سنة 2014 ثم انطلق منه ليفوز بأربعة أوسكارات في العام التالي.
لكن لا تتوقع أن تضم دورة مهرجان «برلين» أفلاما للأذواق كافة. لن تكون الدورة مجرد احتفاء بديع بالسينما كما هي بل من المستحسن انتظار مفاجآت كثيرة. على سبيل المثال، سيقوم المهرجان باستقبال لاجئين ممن استقروا في ألمانيا خلال السنوات الثلاث الماضية وعرض أفلام لهم ليشعروا بالمشاركة الفعلية للحياة في هذه الأجواء الثقافية والفنية الممتازة. كان فعل ذلك في العام الماضي ويستعيد المبادرة هذا العام.
كذلك ستكون هناك عروض مختارة للمساجين. هذه بادرة قام بها مهرجان ترايبيكا في العام الماضي ويطلقها المهرجان هذا العام. هارفي وينستين وتداعياته وموجة «أنا أيضاً» وموجاتها حاضرة أيضاً وستثير زوابع من باب المشاركة فيما يصبغ الحياة الاجتماعية والثقافية على نحو عريض.
وهذا كله لجانب القضايا التي توفره بعض الأفلام المتنافسة. هناك الفيلم البرازيلي «سبعة أيام في عنتابي» حيث سيعيد الفيلم الحديث عما وقع في عام 1976 عندما خطفت منظمة التحرير الفلسطينية طائرة فرنسية وهبطت فيها في المطار الأوغندي فقامت إسرائيل بعملية إطلاق رهائن عززت بها سمعتها العسكرية. هذا يرد في فيلم يحمل العلم البرازيلي ويخرجه جوزيه بديعة.
النرويج لديها دراما أخرى عن ضحايا آخرين عنوانه U - July 22 حول الشاب النازي الجديد آندرز برينغ بريفيك الذي أقدم على مذبحة كبيرة سنة 2011. وسنرى في «متحف» لغايل غارسيا برنال بعض السياسة من خلال حكاية سطو حقيقية قامت بها عصابة على متحف «نيو مكسيكو» في الثمانينات من القرن الماضي.
دبي في برلين
أفلام أخرى ذات أهمية نجدها بين ما تم اختياره أيضاً للمسابقة.
- هناك «إيفا» للفرنسي بنوا جاكو مع إيزابيل أوبير في البطولة لجانب غاسبار أوليل وذلك عن رواية جيمس هادلي تشايس البوليسية حول المفلس فكريا الذي يسرق نصاً مسرحياً وينسبه إليه.
- «عشب» Grass للمخرج الكوري هونغ سان - سو (ثالث فيلم له في سنة واحدة) وهو أقصر أفلام المسابقة (وأقصر أفلام مخرجه) إذ يبدأ وينتهي في 66 دقيقة.
- «ترانزت» للمخرج الشاب كرستيان بتزولد وهو أيضاً عن رواية بالاسم ذاته ويتعامل مع الهجرة الحالية في أوروبا.
- ثم هناك «غير عاقل» (Unsane) وهو فيلم جديد للأميركي العتيق ستيفن سودربيرغ الذي كان أعلن أنه سيتوقف عن الإخراج، لكنّ أحداً لم يصدقه وبالفعل عاد عبر هذا الفيلم الذي يقال إنه صوره كله بكاميرا الهاتف... ومزيد من تكسير روعة السينما.
عربياً، هناك حدث بطله مهرجان دبي السينمائي إذ ستتولى مجلة «ذا هوليوود ريبورتر» ومؤسسة «ماد سوليوشن» توزيع جائزة سنوية خاصة بدءاً من هذا العام والفائز بها اثنان مرتبطان بالمهرجان الإماراتي الممتاز وهما رئيسه عبد الحميد جمعة ومديره الفني مسعود أمر الله. وكانت «الشرق الأوسط» اعتبرتهما كذلك أهم الشخصيات السينمائية العربية تأثيراً في سياق السينما العربية وذلك في جردة آخر العام الماضي.
هناك أفلام كثيرة متناثرة خارج المسابقة. عادة ما تصب معظم هذه الأفلام في قسمي «بانوراما» و«فورام». والقسم الأول هذا العام. على سبيل المثال سنجد فيلماً لبنانياً - مصرياً مشتركاً بعنوان «الجمعية» لريم صالح حول امرأة مصرية تؤم سوق الجمعية وكيف تعمل على تحديد نفقاتها في هذه الظروف الاقتصادية الصعبة.
ومن العناوين الأخرى التي تردنا (من دون كثير معلومات حولها) «قبل ما أنسى» لمريم مكيوي و«أخيرا مصيبة» لما شوربجي كما «أرض المحشر» لميلاد أمين (يدور عن محنة مدينة حلب) و«ع قد الشوق» إخراج غسان سلهب ومحمد سويد.
مهرجان برلين يكرم مهرجان دبي ويعرض أفلاماً عربية
«الشرق الأوسط» في مهرجان برلين الدولي - 1 - : أعمال للاجئين والمساجين في دورته الـ68
مهرجان برلين يكرم مهرجان دبي ويعرض أفلاماً عربية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة