أطلقت موسكو نشاطاً دبلوماسياً مكثفاً يهدف إلى مواجهة «التحركات الأحادية» للولايات المتحدة في سوريا، وتنسيق المواقف مع أطراف دولية وإقليمية.
وبحث وزير الخارجية سيرغي لافروف مع نظيره المصري سامح شكري تطورات الوضع في سوريا. وقال مصدر مقرب من الخارجية الروسية لـ«الشرق الأوسط»: إن التطورات الأخيرة في سوريا ستكون محور بحث المسؤولين الروس مع الأمم المتحدة، والدول دائمة العضوية في مجلس الأمن، وأطراف إقليمية بهدف تنسيق المواقف وعرض وجهة النظر الروسية.
وكانت موسكو انتقدت بقوة ما وصفته «تحركات أحادية أميركية تعزز مسار تقسيم سوريا». وحذرت من تداعيات خطيرة بسببها. ونبّه وزير الخارجية سيرغي لافروف إلى أن «واشنطن تعد لوجود عسكري طويل الأمد في سوريا، وتسعى إلى تقسيم البلاد».
وكان لافتاً أمس، أن موسكو تجنبت التعليق على الضربة الأميركية الجديدة ضد مواقع وصفت بأنها «موالية للحكومة السورية» قرب دير الزور. وهي الضربة الثانية في المنطقة في غضون أسبوع. في حين تواصلت أمس، تداعيات المعلومات عن سقوط نحو 200 قتيل من قوات روسية غير نظامية تقاتل إلى جانب النظام في الضربة الأميركية السابقة على دير الزور.
وبعدما كان الكرملين نفى في وقت سابق علمه بـ«وجود قوات غير نظامية» في سوريا، عاد الناطق باسمه ديمتري بيسكوف أمس، وقال: إن الكرملين «لا يستبعد وجود مواطنين روس في سوريا، لكنه لا يمتلك معلومات عن نشاطهم». وبرز ارتباك لدى الجهات الرسمية الروسية في التعامل مع الموضوع، خصوصاً أن وزارة الدفاع الروسية كانت نفت صحة المعطيات عن سقوط قتلى روس في روسيا، لكنها امتنعت أمس عن التعليق بعدما نشرت وسائل إعلام روسية صوراً لبعض القتلى وتفاصيل عن وصول جثامينهم إلى روسيا خلال اليومين الماضيين.
وبدا أن استمرار العمليات العسكرية الأميركية والمعطيات التي وردت عن نتائجها تشكل إحراجاً إضافياً للكرملين. وتجنب بيسكوف أمس الرد على سؤال صحافيين روس طالبوا بإعلان الحداد على القتلى. مجدداً التأكيد على أن «لا معلومات لدينا عن شيء من هذا القبيل». لكنه علق على سؤال عن إمكانية حظر سفر الروس إلى سوريا لضمان عدم إرسال مقاتلين جدد إلى هذا البلد، بالإشارة إلى أن روسيا لا تعتزم فرض أي قانون أو قيود على سفر المواطنين الروس إلى سوريا.
وزاد: إنه «لا يوجد أي حظر، ولا علم لي بمناقشة هكذا مسألة»، مضيفاً إنه «لا توجد أي قيود أو قوانين تمنع مثل هذه الرحلات».
ونفى الناطق الرئاسي تسريبات تحدثت عن أن الرئيس فلاديمير بوتين ألغى جزءاً من جدول أعماله بعدما تسلم تقريراً عن مقتل عدد كبير من المرتزقة الروس قبل أسبوع، وعقد اجتماعاً خاصاً مع القادة العسكريين لمناقشة الموقف الميداني في سوريا. وقال بيسكوف: إن هذه التسريبات «غير صحيحة، ولا علاقة لها بالواقع».
وتحول الوجود الروسي والمعطيات حول الخسائر الروسية إلى مادة للتداول بين المرشحين المنافسين لبوتين على مقعد الرئاسة في الانتخابات المقررة في 18 الشهر المقبل. وأسفر نداء مرشح حزب «يابلوكا» غريغروري يافلينسكي لبوتين بالكشف عن تعداد ومهام القوات الروسية حالياً في سوريا عن نقاشات واسعة في وسائل الإعلام حول الملف الذي لم يكن مطروحاً في السابق للنقاش بشكل علني. ودخل أمس مرشح الحزب الشيوعي بافل غرودينين على الخط من خلال إطلاق وعد انتخابي بسحب القوات الروسية من سوريا في حال فوزه. وقال خلال لقاء مع أنصاره في مدينة نوفوسيبيرسك الروسية إنه «مقتنع بضرورة انسحاب القوات الروسية من سوريا بشكل كامل». موضحاً: «ما الذي ينبغي القيام به بشأن سوريا؟ ينبغي إنهاء مشاركتنا في الحرب؛ لأننا أناس محبون للسلام، لا أفهم ماذا نفعل هناك، وما مصالحنا هناك. بالطبع يجب أن نساعد الأصدقاء، لكن لدينا مواقف انتقائية في سياستنا الخارجية. فقد تخلينا عن ليبيا، مثلاً، ثم قمنا بزج ألوف من شباننا وتقنياتنا العسكرية في سوريا».
العمليات العسكرية الأميركية في سوريا تحرج الكرملين
العمليات العسكرية الأميركية في سوريا تحرج الكرملين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة