إسرائيل مصدومة لوصف ترمب تصريحات نتنياهو حول الاستيطان بالكذب

TT

إسرائيل مصدومة لوصف ترمب تصريحات نتنياهو حول الاستيطان بالكذب

صدم رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ومستشاروه من حدة البيان الصادر عن الإدارة الأميركية ضده، في قضية ضم المستوطنات إلى السيادة الإسرائيلية، الذي بلغ حد استخدام كلمة «كذب» لوصف أقواله. وقالت مصادر مقربة منه إن جهوداً مكثفة يجريها مسؤولون في ديوانه لتطويق المشكلة، ومنع تدهور العلاقات.
كان البيت الأبيض قد أكد في بيانه، الليلة قبل الماضية، أن «التقارير التي تدعي أن الولايات المتحدة ناقشت مع إسرائيل خطة لضم الضفة الغربية هي تقارير كاذبة».
وجاء هذا التصريح الاستثنائي رداً على تصريح نتنياهو أمام رؤساء أحزاب الائتلاف في حكومته بأنه يجري محادثات مع إدارة ترمب حول فرض السيادة الإسرائيلية على المستوطنات. وجاء في بيان المتحدث باسم البيت الأبيض، جوش رفائيل، أن «الولايات المتحدة وإسرائيل لم تناقشا أبداً أي اقتراح كهذا، والرئيس يركز على مبادرته السلمية».
يشار إلى أن رفائيل هو المسؤول عن الملف الإسرائيلي الفلسطيني في البيت البيض، ويعتبر كاتم أسرار جارد كوشنر، صهر الرئيس الذي يقود فريق السلام من إدارة ترمب.
وأصدر ديوان نتنياهو بياناً عقّب فيه على التصريح الأميركي بالقول إن «نتنياهو أطلع الأميركيين على المبادرات التي تطرح في الكنيست، فأعربوا عن موقفهم القاطع بأنهم يلتزمون بدفع خطة السلام التي يطرحها الرئيس ترمب»، وإنه «لم يجر تنسيق هذه المبادرات مع أية جهة أميركية». وطلبت الإدارة من إسرائيل توضيح هذه المسألة في ضوء التقارير الكثيرة التي نشرت فيها وفي أنحاء العالم، والتي ادعت أن الولايات المتحدة أعربت، حسب نتنياهو، عن استعدادها لمناقشة ضم المستوطنات في الضفة الغربية.
فعمّم نتنياهو فوراً بياناً على لسان «مصدر سياسي كبير»، يقول إن «نتنياهو لم يعرض أمام الولايات المتحدة مقترحات ضم محددة، وإن الإدارة لم تعرب بعد عن موافقتها على المقترحات».
وحسب المصدر، فإن «رئيس الوزراء يتحدث منذ فترة طويلة مع الإدارة الأميركية حول المصالح القومية لإسرائيل في إطار أي اتفاق سلام مستقبلي. وموقف رئيس الوزراء نتنياهو هو أنه إذا استمر الفلسطينيون في رفضهم التفاوض من أجل السلام، فإن إسرائيل ستقدم بدائل».
ولم يعجب هذا التوضيح الأميركيين، فأصدروا بياناً آخر استخدموا فيه كلمة «الكذب» لوصف تصريحات نتنياهو، ونفوا تماماً أقواله بأنه يدرس معهم مسألة الضم، وأكدوا أن موقفهم صارم ضد الضم وسائر الخطوات الأحادية.
وقد أثارت هذه القضية ردود فعل حادة ضد نتنياهو، فقال رئيس المعسكر الصهيوني، آفي غباي، إنه لمن المحزن أن يصدر بيان عن الإدارة الأميركية تقول فيه إن رئيس حكومة إسرائيل لا يتفوه بالحقيقة. وقال النائب يوئيل حسون، من المعارضة، إن «إدارة باراك أوباما التي عانت من نتنياهو، والعلاقات بينها وبينه كانت متأزمة طيلة 8 سنوات، لم تستخدم كلمة (كذب) ضده، مع أنه كذب كثيراً في مهاجمتها». وقالت رئيسة حزب «الحركة»، النائبة تسيبي ليفني (من كتلة المعسكر الصهيوني) رداً على ذلك: «إن صفقة الفساد الفاضحة مقابل الضم تقودنا إلى كارثة. الأقلية المتطرفة ورئيس الوزراء الضعيف يقودوننا إلى دولة واحدة سنكون فيها متشابكين إلى الأبد، إسرائيليين وفلسطينيين، في صراع دموي. سواء كان المقصود الأعذار المعتادة لنتنياهو، الذي يفهم الكارثة ويحاول المماطلة في الوقت، أو مناقشة حقيقية مع الولايات المتحدة - فإن موضوع الضم على الطاولة».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».