قال ناريندرا مودي رئيس وزراء الهند إن بلاده أدركت ثورة تقنية المعلومات باستخدام مواردها الذاتية، بعد أن فوتت الثورة الصناعية، حيث أصبحت دولة رائدة يُشار إليها بالبنان في مجالات التقنية المتقدمة، كتقنية «النانو» وتقنية الأقمار الصناعية وعلم الجينوم والحوسبة وغيرها.
وشدد مودي على حرص الهند على مشاركة تجربتها في تحقيق التقدم العلمي والتكنولوجي مع ما يقارب 106 دول حول العالم، وذلك من خلال تنفيذ برنامج بناء القدرات، كما قامت بإطلاق القمر الصناعي الجنوب آسيوي الذي يهدف إلى تمكين دول جنوب آسيا من الاستفادة من تقنيات الفضاء.
وأعرب رئيس الوزراء الهندي عن ثقته بتكاتف البشرية في مواجهة التحديات المستقبلية، حيث تلعب التقنية الحديثة دوراً رئيسياً في التغلب على هذه التحديات، مضيفاً أن القرن الحادي والعشرين سيكون قرناً آسيوياً بامتياز.
وانطلقت أعمال القمة العالمية للحكومات في دورتها السادسة التي تعقد بدبي في الفترة من 11 - 13 فبراير (شباط)، تحت شعار «استشراف حكومات المستقبل»، أمس حيث يشارك فيها أكثر من 4000 مسؤول ومتخصص من 140 دولة، من بينهم رؤساء حكومات ومسؤولون وعلماء وخبراء ومفكرون، و130 متحدثاً في 120 جلسة نقاشية وحوارية وتفاعلية يجمعهم هدف رئيسي يتمثل في وضع تصور مستقبلي للعمل الحكومي. كما تهدف إلى بناء شراكات عالمية بين مختلف الحكومات، وبين القطاعين العام والخاص، وإيجاد حلول مبتكرة لأهم التحديات العالمية، واستشراف الاتجاهات المستقبلية في مختلف القطاعات الحيوية، وسبل استغلالها لما يعمل على بناء مستقبل أفضل للشعوب والمجتمعات.
مودي: القناعة أسمى أشكال الثروة
أوضح رئيس وزراء الهند خلال الجلسة الرئيسية للقمة العالمية للحكومات، أمس، بحضور الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، والشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، أن الهند استطاعت خلال السنوات الـ25 الماضية خفض معدل الوفيات بين الأمهات بصورة ملحوظة باستخدام وسائل التكنولوجيا والطب الحديث.
وأضاف: «وظفت وسائل تقنيات الفضاء للتنبؤ بالتقلبات الجوية، ما مكّن الملايين من المزارعين من تأمين الحماية الكافية لمنتجاتهم وخفض الأضرار التي يتكبدونها نتيجة الكوارث الطبيعية»، مؤكداً مواصلة الهند اليوم سعيها إلى استخدام التقنيات الحديثة للارتقاء بجودة الحياة لسكانها ونشر الخير بين شعوب العالم أجمع.
واستشهد بما قاله الفيلسوف الهندي الكبير كوتيليا، قبل ألفي عام بأن مسؤولية الحاكم هي أن يعمل على إيجاد التنمية، ومن منطلق هذه الفلسفة تؤمن الحكومة الهندية أن إحدى أهم مسؤولياتها هي أن تسخر أدوات التكنولوجيا لتحقيق التنمية البشرية، واستخدمت «مبدأ أقل درجات الحكم وأقصى درجات الحوكمة»، لتحقيق الحكم الرشيد والعدالة الاجتماعية.
وقد أكد رئيس الوزراء الهندي أن الإمارات لم تترك التكنولوجيا حبيسة المعامل والمختبرات، بل ترجمتها على أرض الواقع عبر إنشاء مشاريع مبتكرة تحقق تطلعات شعبها العظيم، كمشروع مسرعات المستقبل، ما جعلها الأجدر باستضافة مثل هذه القمة التي تبنّت قضايا التنمية والتقنية محوراً رئيسياً.
وزاد: «من المؤسف أن كثيراً من الدول النامية لم تتمكن من اللحاق بركب التقدم والقضاء على الفقر، حيث يتم رصد قدر كبير من الموارد لتطوير الصواريخ والأسلحة المدمرة»، مضيفاً: «علينا أن نعمل معاً لمنع توظيف التكنولوجيا من إشعال الصراعات واستنزاف الموارد الطبيعية»، مشيراً إلى أن الهند أظهرت للعالم مثالاً يُحتذى في التعايش السلمي مع الطبيعة.
وشدد مودي على أهمية ألّا ينحصر الهدف الرئيس من تطوير المشاريع التنموية في تحقيق الرخاء والوفرة، فالقناعة هي أسمى أشكال الثروة البشرية، وجزء لا يتجزأ من تحقيق السعادة، وقد خطت دولة الإمارات خطوات واسعة بهذا الصدد باستحداث مهام وزارية للسعادة والمستقبل، ما يعكس إدراكها لأهمية هذا المفهوم.
ولفت إلى أنه بالإمكان مواجهة تحديات اليوم كالفقر والبطالة وانتشار الأمية من خلال العمل مع الجميع وتمكين المرأة وتحقيق مبدأ الشفافية في الحكم، فالهند طورت نظام الهوية الموحدة الذي تم ربطه بالهواتف الجوالة، والحسابات البنكية للملايين من السكان، ما جعله المشروع الأضخم من نوعه على مستوى العالم، وساعدها على توفير 8 مليارات دولار.
وأكد أن بلاده أصبحت دولة رائدة في إطلاق المشاريع التنموية بما تمتلكه من ثروة بشرية هائلة، حيث يشكل الشباب دون سن الـ35 عاماً ما نسبته 65 في المائة من السكان، كما لم تتجاهل الهند أهمية القطاع الزراعي، فهي تسعى إلى مضاعفة دخل المزارعين مرتين بحلول 2022 وتمكينهم من إيصال منتجاتهم إلى الأسواق بصورة أسرع وأكثر كفاءة.
واستعرض رئيس الوزراء الهندي إنجازات بلاده في مجال التقنيات الفضائية، حيث أطلق البرنامج الفضائي الهندي الشهر الماضي القمر الصناعي رقم 100، وأذهلت الهند العالم بإرسالها مركبة فضائية إلى سطح المريخ بتكلفة أقل من تكلفة إنتاج فيلم سينمائي في هوليوود، على حد وصفه، وبلغت تكلفة وصول الهند إلى المريخ 7 روبيات للكيلومتر الواحد، وهي تكلفة زهيدة للغاية.
ودعا رئيس الوزراء الهندي في كلمته زعماء العالم للعمل على مشاريع تربط التعليم مع التكنولوجيا والعلوم لانتشال ملايين البشر من الفقر.
القرقاوي: الخيال بات اليوم حقيقة
استعرض محمد القرقاوي وزير شؤون مجلس الوزراء والمستقبل رئيس القمة العالمية للحكومات في كلمته خلال القمة ما أحدثته التطورات العلمية من تحول في المفاهيم، فقال: «ما كنا نظنه خيالاً علمياً في السابق أصبح اليوم حقيقة علمياً، وما كنا نظنه جماداً دبت فيه الحياة، وما كنا نظنه بلا عقل يوشك أن يتفوق على العقول البشرية».
وحول تأثير الذكاء الاصطناعي على الوظائف قال القرقاوي: «خلال السنوات القليلة المقبلة، ستختفي في الولايات المتحدة نحو 47 في المائة من الوظائف بسبب الذكاء الصناعي، كما ستختفي أكثر من مليون وظيفة قبل عام 2026».
وأضاف أن الاستثمار في الذكاء الاصطناعي هو استثمار في المستقبل، مستشهداً بأن شركتي «غوغل» الأميركية و«بايدو» الصينية استثمرتا من 20 إلى 30 مليار دولار في 2016 في قطاع الذكاء الاصطناعي فقط، لأنهما تدركان أن «نفط المستقبل هو البيانات، وما يُستَثمر اليوم في الذكاء الاصطناعي عالمياً يفوق ما يُستَثمر في التنقيب عن النفط».
وقال: «يُتوقع أن يضيف الذكاء الصناعي في عام 2030، أي بعد 12 عاماً فقط، إلى الناتج الإجمالي العالمي أكثر من 15 تريليون دولار، أي أكثر من 10 أضعاف مبيعات النفط عالمياً».
وأشار إلى أن الشركات اليوم تعرف عن تفاصيل حياة الناس وعواطفها وطرق تفكيرها أكثر مما تعرفه الحكومات، مؤكداً: «خلال خمس سنوات فقط ستتمكن التقنية من الدخول للعقل البشري والتواصل معه بشكل مباشر، وستعرف التقنية بماذا نفكر وبماذا نشعر وكيف هي صحتنا اليوم والأمراض التي سنتعرض لها في المستقبل وماذا يسعدنا وما الذي يقلقنا».
ولفت إلى أن كل هذه المعلومات والبيانات ستكون ملكاً لشركات، وستكون هذه الشركات أقوى بكثير من الدول عبر امتلاك هذه البيانات، داعياً الحكومات للتفكير بهذه الفرضية بجدية.
وتطرق القرقاوي إلى ما توقعه اثنان من الباحثين المستقبليين في شركة «غوغل»، حيث قالا إنه في عام 2045 (أي بعد 27 سنة فقط) سيكون بالإمكان تحميل ونقل عقل الإنسان إلى شبكة المعلومات.
وأكد أن الفوز والخسارة للشركات والنصر والهزيمة للدول ستحدث بشكل أسرع بكثير عن السابق، مشدداً على أنه «من الضروري أن تراعي الحكومات مصالح شعوبها، وأن تمكنهم من العلوم الحديثة من خلال استشراف مستقبل التعليم وقطاعات العمل».
وقال: «هدفنا من هذه القمة بعيد المدى، ولا يقتصر على استقراء ما الذي سيتغير في العالم خلال السنوات القادمة، وإنما محاولة صياغة ما الذي سيغير العالم في السنوات القادمة وستحاول القمة صياغة إجابات لتحديات كثيرة».
غوريا: التصور الشامل يتصدى للمشكلات
اعتبر خوسيه أنخيل غوريا الأمين العام لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، أنه ليس من الحكمة التركيز على إيجاد حل لكل مشكلة على حدة، وإنما ينبغي وضع تصور شامل لأبرز المسببات لتلك المشكلات والعمل على التصدي لها بشكل شمولي، مشدداً على أهمية تعاون الحكومات في العالم مع التحديات المحلية والعالمية ليس على أساس آيديولوجيات معينة، بل من خلال حجم المخاطر المحدقة بالبشرية، التي تحتم تكثيف الجهود لصياغة رؤية عالمية لمواجهتها.
وأشار غوريا إلى أن الهدف الرئيسي لعمل الحكومات هو تحقيق التقدم لشعوبها وضمان رفاهيتهم والاستمرار في التصدي لكل المشكلات والوقوف على أبرز أسبابها الرئيسية ومحاولة تغييرها من دون اللجوء إلى الآيديولوجيات، فضمان العيش الكريم والأمن المجتمعي هو مسؤولية الحكومات تجاه الأجيال القادمة، ولا ينبغي أن يكون تركيز الحكومات منصباً، كما نرى في بعض البلدان، على تحقيق النجاح فقط في الانتخابات القادمة وجمع الأصوات من خلال خطط لا يتم تحقيقها على واقع الأرض.
مشاهدات
- رئيس الوزراء الفرنسي ألقى كلمته بلغتين حيث استهل كلمته باللغة الإنجليزية وأكملها باللغة الفرنسية.
- شهد اليوم الأول استعراضا لفرقة راقصة من التراث الهندي قبيل إلقاء مودي كلمته.
- مودي رئيس وزراء الهند ألقى كلمته باللغة الهندية الرسمية.
- تم الكشف أمس عن التصاميم النهائية لمسبار الأمل والذي سيتم إرساله إلى المريخ.
- ازدحام واسع شهدته الجلسات الرئيسية في القمة واضطر بعض الحضور للمتابعة وقوفاً.
- شارك الممثل والمنتج الأميركي روبرتو دي نيرو في إطلاق مبادرة تختص بالمناخ في اليوم الأول.
- الذكاء الاصطناعي كان محور حديث الكثير من الحضور خلال اليوم الأول نتيجة المعلومات الضخمة التي تم إعلانها عن هذا القطاع.
- متحف المستقبل استقطب الزوار عبر إتاحته تجربة تفاعلية للتعرف على قدرات متقدمة ومهارات الذكاء الصناعي.
- عدد من صالات السينما في دبي سيعرض باقات مختارة من أبرز جلسات القمة وخاصة «التغير المناخي» و«السعادة وجودة الحياة».