العراق يعول في مؤتمر الكويت على القطاع الخاص لإعادة إعماره

مسؤول أممي وصف المهمة التي تنتظر بغداد بـ«الهائلة» - الجار الله: أكثر من ألفي شركة ورجل أعمال سيشاركون في المؤتمر

عراقيون يتفقدون أمس بقايا المئذنة الحدباء لجامع النوري الكبير الذي فجّره «داعش» في الموصل (أ.ف.ب)
عراقيون يتفقدون أمس بقايا المئذنة الحدباء لجامع النوري الكبير الذي فجّره «داعش» في الموصل (أ.ف.ب)
TT

العراق يعول في مؤتمر الكويت على القطاع الخاص لإعادة إعماره

عراقيون يتفقدون أمس بقايا المئذنة الحدباء لجامع النوري الكبير الذي فجّره «داعش» في الموصل (أ.ف.ب)
عراقيون يتفقدون أمس بقايا المئذنة الحدباء لجامع النوري الكبير الذي فجّره «داعش» في الموصل (أ.ف.ب)

ينطلق يوم غد الاثنين في الكويت مؤتمر إعادة إعمار العراق، الذي يستمر لمدة ثلاثة أيام، بعد شهرين من إعلان بغداد الانتصار و«انتهاء الحرب» ضد تنظيم داعش.
ويعد المؤتمر، الذي سيكون برئاسة خمس جهات هي الكويت والعراق والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة والبنك الدولي، بمثابة دفعة كويتية جيدة للعلاقات بين الكويت والعراق. وأكد نائب وزير الخارجية الكويتي خالد الجار الله أن «أكثر من ألفي شركة ورجل أعمال» سيشاركون في المؤتمر، حيث سيقدم المسؤولون العراقيون مشروعهم الضخم. وأوضح الجار الله أن اليوم الأول سيكون مخصصا لمؤسسات المجتمع، فيما سيخصص اليوم الثاني بالكامل للقطاع الخاص، بينما سيكون اليوم الأخير لإعلان المساهمات المالية للدول المشاركة.
في حين أكدت وزيرة الدفاع الألمانية أورزولا فون دير لاين، أمس السبت، دعم بلادها للعراق في جميع المجالات، إضافة إلى إعادة استقراره وإعماره. جاء ذلك عقب مباحثات رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أمس مع وزيرة الدفاع الألمانية والوفد المرافق لها، تناولت تعزيز التعاون الثنائي بين البلدين في المجال الأمني، والأوضاع في المنطقة.
وسبق للعراق، ثاني أكبر منتجي النفط في منظمة أوبك، أن كثف من دعواته للمستثمرين حول العالم. ويعتزم خصوصا الاعتماد على احتياطه من النفط، الذي لم يستغل بشكل كامل بعد.
وخلال المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس نهاية يناير (كانون الثاني) الماضي، أوضح رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أن المشروع الضخم لإعادة إعمار البلاد سيكلف مائة مليار دولار. وقال العبادي: «هذا مبلغ ضخم من المال، ونحن نعرف جيدا أنه لا يمكننا تمويل ذلك بميزانيتنا» التي تأثرت بانخفاض أسعار النفط الخام والحرب الطويلة. وأضاف: «لهذا السبب، نحتاج للدعوة إلى الاستثمارات. إنها الطريقة الوحيدة» لجمع مبلغ مماثل يشكل نصف الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.
وفي هذا السياق، قال ممثل «اليونيسيف» في العراق بيتر هوكينز لوكالة الصحافة الفرنسية، إن المهمة هائلة لسبب مهم. وأضاف: «إذا كان الجميع مركزا على الموصل» ثاني أكبر مدن البلاد وعاصمة «الخلافة» التي أصبح قلبها التاريخي تلة من الأنقاض، «فيجب ألا ننسى أن محافظات أخرى مثل الأنبار وديالي وصلاح الدين» عانت أيضا من الحروب.
من جهته، أوضح مدير برنامج الأمم المتحدة للإسكان في العراق، عرفان علي، أن «الإسكان هو العنصر الرئيسي، لأن 19 في المائة من الدمار الكلي للبلاد حدث في هذا القطاع»، وبالتالي فإن أكثر من 2.6 مليون شخص ما زالوا نازحين. ووفقا للبرنامج الأممي التشغيلي المتخصص في البحوث التطبيقية عبر الستلايت (يونوسات)، فإن أكثر من 26 ألف مسكن، بينها أكثر من 17 ألف في الموصل، دمرت أو تعرضت لأضرار كبيرة.
ولفت هوكينز، إلى أنه في وقت احتدت فيه الحرب شمالا، تحمل جنوب البلاد اقتطاعات كبيرة من الميزانية، قائلا: «هناك بعض المدارس تستقبل الطلاب على فترتين أو ثلاث» في اليوم الواحد. ومن أجل بناء أو إعادة تأهيل وتنشيط «النمو الاقتصادي وبالتالي الخدمات»، وفق هوكينز، ينبغي جذب القطاع الخاص لإعطاء العراقيين الذين يعيش ربعهم تقريبا على أقل من دولارين في اليوم، إمكانية الوصول إلى «الصحة والتعليم والضمان الاجتماعي والموارد المائية».
ومن أجل جذب المستثمرين من القطاع الخاص، قدمت الكويت والبنك الدولي تعهدات. ولطمأنة القطاع الخاص الحذر في الاستثمار في البلد الذي يحتل المرتبة العاشرة في قائمة الفساد العالمية، تم وضع «منصة بيانات عن إعادة الإعمار تضمن الشفافية والمساءلة»، حسبما أوضح عرفان علي.
لذا ستكون الأولوية في الكويت هي «وضع الخطط والتحليلات وإيجاد الحلول»، حتى يتسنى للبلاد «إعادة بناء خدماتها وأسلوب حياتها». وأشار هوكينز أيضا إلى أن الأمر متعلق في منطقة الشرق الأوسط التي تعصف بها النزاعات «بإبقاء العراق في صدارة جدول أعمال المجتمع الدولي. وبعد ذلك يأتي الجانب المالي».
ولكن في بغداد، الجميع يدعو إلى عدم تفويت هذا «الحدث التاريخي»، على حد قول علي، لأنه وفق هوكينز فإن «الاستثمار في الخدمات، بما في ذلك التعليم، سيعود اليوم بالنفع على البلاد بطريقة مذهلة، في حين أن عدم القيام بذلك سيكون مأسويا». والخطر، بحسب هوكينز، هو «الجيل الضائع الذي لا يمكن أن يساهم في الاقتصاد أو الأمن في العراق، حين يصبح بالغا».
وفي الكويت قال الدكتور ظافر العجمي، مدير مركز الخليج لدراسات التنمية، إن الكويت في حاجة أن تكون جاراتها العراق مستقرة، لأن استقرار العراق يعد استقرارا للكويت، مشيرا إلى تبعات عدم استقرار العراق من خلال «داعش» وغيرها التي تهدد الأمن في المنطقة.
ونقلت وكالة الأنباء الألمانية عن العجمي قوله إن «الكويت تحاول مساعدة العراق في تخطى عقباته، ورأينا موقف الكويت المشرف في إخراج العراق من البند السابع، وتأجيل سدادها للتعويضات الكويتية المستحقة»، لافتا إلى أنه كان بإمكان الكويت بموجب هذا البند إجبار العراق على الدفع بقوة الأمم المتحدة. وتابع: «ليست هناك عاصمة تقبل أن تستضيف مؤتمرا ضخما لبلد آخر إلا إذا كانت تريد بشكل فعلي الاستقرار لهذه الدولة».
وكانت الكويت قد قررت في يونيو (حزيران) عام 2014 تقديم مساعدات إنسانية عاجلة للنازحين العراقيين جراء تدهور الأوضاع الأمنية في العراق، وذلك عن طريق هيئات ومنظمات الأمم المتحدة الإنسانية المتخصصة في هذا المجال. وتنفيذا للقرار الحكومي قدمت دولة الكويت في صيف العام ذاته مساهمة بقيمة 10 ملايين دولار أميركي لوكالات الأمم المتحدة الإنسانية والمنظمة الدولية للهجرة، استجابة للأزمة الإنسانية المتدهورة في العراق، كما تبرعت بمبلغ ثلاثة ملايين دولار للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين في الأمم المتحدة دعما لعمليات المفوضية في العراق.
ومع تفاقم الوضع الإنساني جراء العمليات العسكرية بين الجيش العراقي و(داعش) في عام 2015، أعلنت الكويت في يونيو (حزيران) من العام ذاته التبرع بمبلغ 200 مليون دولار أميركي لتخفيف معاناة الشعب العراقي. وقوبل هذا التبرع بإشادة من الأمم المتحدة ورئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.