المواجهة بين إسرائيل وإيران تدخل مرحلة جديدة

حطام طائرة «إف -16» إسرائيلية بعد إسقاطها خلال غارات على أهداف للنظام وإيران بسوريا (أ.ف.ب)
حطام طائرة «إف -16» إسرائيلية بعد إسقاطها خلال غارات على أهداف للنظام وإيران بسوريا (أ.ف.ب)
TT

المواجهة بين إسرائيل وإيران تدخل مرحلة جديدة

حطام طائرة «إف -16» إسرائيلية بعد إسقاطها خلال غارات على أهداف للنظام وإيران بسوريا (أ.ف.ب)
حطام طائرة «إف -16» إسرائيلية بعد إسقاطها خلال غارات على أهداف للنظام وإيران بسوريا (أ.ف.ب)

تشي المواجهات المباشرة وغير المسبوقة بين إيران وإسرائيل داخل العمق السوري بمحاولة طهران لتوريط تل أبيب في الحرب السورية، فيما طالب السفير الإسرائيلي لدى موسكو بانسحاب ميليشيا حزب الله والمقاتلين الشيعة المدعومين من إيران من جنوب سوريا.
ونقلت وكالة إنترفاكس الروسية للأنباء عن السفير هاري كورين قوله إن «نفضل التحدث عن تنفيذ الاتفاقات
المختلفة بشأن مناطق خفض التصعيد، وفي حالتنا هذه، في الجنوب على الحدود مع إسرائيل».
وتابع «على وجه التحديد، يجب على الفور تقليص وجود أي وحدات إيرانية وقوات حزب الله والمقاتلين الشيعة».
وهذه هي المرة الأولى التي تتواجه فيها إيران وإسرائيل بطريقة مباشرة، وعلى ما يبدو أن هذا التصعيد لم ينته بعد، حيث يجري رئيس الوزراء الإسرائيلي مشاورات أمنية، ومن غير المستبعد أن تنفذ إسرائيل غارات إضافية الليلة في العمق السوري حيث تتواجد قوات الحرس الثوري الإيراني.
واعتبر الجيش الإسرائيلي أن ما حدث يعد هجوماً إيرانياً على سيادة إسرائيل، وأن إيران تجر المنطقة نحو مغامرة لا تعلم كيف تنتهي.
وأردف عبر بيان صدر اليوم: «ننظر ببالغ الخطورة إلى إطلاق النيران باتجاه طائراتنا. وكل من تورط في إطلاق الطائرة دون طيار قد جرى استهدافه».
وقال متحدث باسم الجيش في بيان لاحق أن إسرائيل لا تسعى للتصعيد في المنطقة. وأضاف «نحن مستعدون ومتأهبون وقادرون على تكليف من يهاجمنا ثمنا باهظا ولكننا لا نسعى لتصعيد الموقف. كان هذا عملا دفاعيا
أثاره تصرف عدواني إيراني ونحن ندافع عن مجالنا الجوي وسيادتنا والمدنيين» في إسرائيل.
وتأتي هذه التطورات بعد يومين من تحذير خبراء دوليين من خطر تفجر حرب إقليمية على نطاق واسع، تكون سوريا ميدانها، في حال تجاوزت الأطراف المعنية الخطوط الحمراء المتفاهم حولها بصفة مباشرة أو غير مباشرة برعاية روسيا.
وفي سبتمبر (أيلول) الماضي، قال رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو إن إيران تعمل ليل نهار لتحويل سوريا إلى قاعدة عسكرية تتمركز فيها بغية «استخدام سوريا ولبنان كجبهات حرب لإزالة إسرائيل من الوجود»، مؤكداً أن طهران تبني مصانع لإنتاج صواريخ دقيقة في البلدين، وهذا الأمر لن تسمح به إسرائيل.
وأعلن وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان في وقت سابق أن إيران تستمر في محاولاتها تهريب أسلحة إلى لبنان، مضيفاً أن إسرائيل «مصممة على التصدي لجميع المخاطر التي تهدد أمن مواطنيها».
وأوضح أن إيران تحاول عبر «الحرس الثوري الإيراني خلق واقع جديد حول إسرائيل عن طريق إقامة قواعد بحرية وجوية إيرانية في سوريا والإشراف على الآلاف من الميليشيات والمرتزقة».
مبعث قلق إسرائيل هو تصاعد نفوذ طهران في سوريا مع التغييرات الميدانية التي تشهدها لأن «داعش في طريقه إلى الزوال وهذا محل ترحيب المجتمع الدولي، لكن ذلك يخلق مشكلة أخرى إذ أن إيران تبسط سيطرتها على المناطق التي يتم استعادتها» حسب قول ليبرمان.
وأعلن ليبرمان أن إسرائيل لا تعترض على الهدن واتفاقيات وقف إطلاق النار التي يتم التوصل إليها في سوريا شريطة ألا تكون إيران أو حزب الله أطرافا فيها.
وكان نتنياهو التقى بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين في سوتشي بروسيا، وأعلن في نهاية اللقاء الذي استمر لمدة ثلاث ساعات أن إيران تسعى إلى لبننة سوريا.
وأضاف في لقاء مع الصحافيين الإسرائيليين الذين كانوا برفقته «استولت إيران على لبنان بواسطة حزب الله تحاول تكرار التجربة في سوريا عبر عشرات الآلاف من المسلحين الموجودين حاليا في سوريا».
كما نقلت بعض وسائل الإعلام أن الإسرائيليين أبلغوا الروس خلال لقاء نتنياهو ببوتين أنهم سيقصفون قصور رئيس النظام السوري بشار الأسد إذا لم يلجم التوسع الإيراني في سوريا.
كما هددت إسرائيل بوقف العمل باتفاقية «منطقة وقف التصعيد» التي تم التوصل إليها مؤخرا في جنوب سوريا بين الولايات المتحدة والأردن وروسيا، التي تشمل محافظات درعا والقنيطرة والسويداء إذا لم تتوقف طهران عن توسيع نفوذها في سوريا.
ومنذ التدخل الروسي في سوريا أواسط 2015 استطاعت قوات النظام السوري مدعومة بميليشيات تشرف عليها إيران وبغطاء جوي روسي من استعادة مساحات هائلة كانت تحت سيطرة المعارضة وتنظيم داعش وتمكنت في اندفاعها شرقي سوريا من الوصول إلى حدود سوريا مع العراق.
وأقامت موسكو وتل أبيب خطا عسكريا ساخنا بين الجيش الإسرائيلي وقاعدة «حميميم» الجوية الروسية في سوريا منذ وصول القوات الروسية إلى سوريا لتفادي إمكانية وقوع أخطاء غير مقصودة أثناء قيام الطائرات الإسرائيلية بشن غارات على شحنات الأسلحة التي تنقل إلى حزب الله اللبناني.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».