40% من أنواع الأدوية الفلسطينية ناقصة

أطباء من «فلسطينيي 48» عادوا من غزة يحذرون من وفاة مرضى بسبب نقص العقاقير

طفلة مريضة مع والدتها في مستشفى الدرة في مدينة غزة (رويترز)
طفلة مريضة مع والدتها في مستشفى الدرة في مدينة غزة (رويترز)
TT

40% من أنواع الأدوية الفلسطينية ناقصة

طفلة مريضة مع والدتها في مستشفى الدرة في مدينة غزة (رويترز)
طفلة مريضة مع والدتها في مستشفى الدرة في مدينة غزة (رويترز)

عادت مجموعة من الأطباء العرب مواطني إسرائيل (فلسطينيي 48)، من زيارة إلى قطاع غزة، وحذروا في تقرير لهم، من قرب انهيار الجهاز الصحي. وأكدوا أن هناك مرضى توفوا بسبب النقص الشديد في الأدوية والمعدات.
وقال هؤلاء الأطباء، الذين اعتادوا دخول القطاع مرة في الشهر؛ ليساعدوا أطباء غزة في إجراء فحوص وتقديم علاجات، إن 206 أنواع أدوية، تمثل 40 في المائة من 516 نوع دواء في السلة الطبية الفلسطينية الأساسية، لم تعد متوافرة في جهاز الصحة العامة في قطاع غزة. وهناك 27 نوعاً أخرى من الأدوية (6 في المائة)، ستنفد في غضون بضعة أيام أو أسابيع. وأما بقية الأدوية فهي متوافرة، لكن بالكميات المطلوبة. ومنها، مثلاً، أدوية علاج السرطان، وأمراض المناعة الذاتية، وأدوية مرضى غسيل الكلى، والمرضى الذين يجتازون عمليات قسطرة. ومن أصل 853 أداة طبية أساسية (مثل الحقن والضمادات والقفازات)، نفدت حتى نهاية يناير (كانون الثاني) الماضي، 220 أداة من المخزون.
وأشار التقرير إلى خطورة انقطاع التيار الكهربائي على عمل المستشفيات، فقال: «صحيح أن إسرائيل استأنفت بيع 120 ميغاواط من الكهرباء إلى غزة، بعد أن كانت قد توقفت عن ذلك في أبريل (نيسان) 2017، بعد امتناع السلطة الفلسطينية عن دفع ثمنها، وعادت إلى تزويد الكمية نفسها إثر إعلان السلطة بأنها ستدفع كامل الثمن، إلا أن قطاع غزة يحتاج إلى نحو 500 ميغاواط، في حين أن إجمالي الكهرباء التي توفرها البنية التحتية القائمة حالياً، من إسرائيل ومصر ومحطة توليد الكهرباء في قطاع غزة، تصل إلى نحو 200 ميغاواط يومياً فقط. وتتراوح ساعات إمدادات الكهرباء في قطاع غزة ما بين أربع ساعات وثمانٍ في اليوم. لذلك؛ يعتمد 53 مستشفى وغيرها من مرافق العلاج، أكثر من أي مؤسسة أخرى، على المولدات الكهربائية وعلى إمدادات شهرية تبلغ نحو 450 ألف لتر من الوقود توفرها الأمم المتحدة، التي حذرت الأسبوع الحالي من نفاد إمدادات الوقود الطارئة للمنشآت الحيوية في غزة خلال 10 أيام، ورأت أن هناك حاجة ماسة إلى دعمٍ من المانحين لمنع وقوع كارثة إنسانية. ووفقاً لتقرير منظمة الصحة العالمية الصادر في نهاية يناير الماضي، فإن عدم تجديد مخزون الوقود في حالات الطوارئ، سيعرض حياة أكثر من 1700 مريض لمخاطر فورية: من بينهم نحو 700 مريض يحتاجون إلى غسيل كلى، ونحو 200 مريض ينتظرون الجراحة، وهناك أكثر من 100 طفل، ومثل هذا العدد من المرضى يتواجدون في وحدات العناية المركزة، ونحو 100 امرأة يلدن بعمليات قيصرية، ونحو خمسمائة ممن يحتاجون إلى علاج طارئ.
وأكد التقرير، أنه «بالإضافة إلى مشكلات الكهرباء وحالات التآكل التي تصيب المولدات الكهربائية، فإن التأخير الإسرائيلي في منح تصاريح الخروج للمرضى، أو منح تصاريح لإحضار قطع الغيار للمعدات الطبية والتشخيصية، يثير فزع الإصابة بالمرض وخوف العائلات على مصير أقاربها أكبر بكثير من القلق المعتاد بشأن المرض. فهنالك مريض كلى يبلغ من العمر 50 عاماً ويحتاج إلى غسيل كلى. لكن بسبب انقطاع التيار الكهربائي ونفاد الوقود للمولدات، تم تأجيل موعد علاجه مرات عدة. وفي الآونة الأخيرة، لم يحصل على الأنواع التي يحتاج إليها. وبعد بحثه عن الأدوية وجد أنها متوافرة في الصيدليات الخاصة في غزة، لكنه لا يستطيع دفع ثمنها. وخلافاً له، تقوم مريضة عائلتها قادرة، بدفع 240 شيقلاً شهرياً لقاء دواء الروماتيزم الذي تجرى وصفه لها؛ لأن الدواء نفد من الصيدلة الحكومية. كما قرر أطباؤها نقلها إلى رام الله لتلقي العلاج، وتم تعيين موعد لها في شهر سبتمبر (أيلول)، لكن تصريح الخروج الإسرائيلي لم يصل إلا مؤخراً، وفقدت الموعد المحدد لها. والآن يجب عليها أن تنتظر موعداً جديداً».
ويشير تقرير «أطباء من أجل حقوق الإنسان»، إلى أن الأجهزة الطبية الحرجة (CT و- MRI) في مستشفى الشفاء، أكبر مستشفى في قطاع غزة، مصابة بالعطب منذ فترة طويلة. وكذلك الأمر بالنسبة لجهاز التصوير (CT) في مستشفى نصر للأطفال في الجنوب. وجاء في التقرير، أن «شلّ عمل أجهزة التصوير هذه، الناجم عن عدم وجود ميزانية لصيانة هذه المعدات وصعوبة جلب قطع الغيار (بسبب القيود الإسرائيلية)، جعل هذه المراكز الطبية المهمة تفقد مصداقيتها، وتحولت إلى محطة عبور للمرضى الذين يحالون إلى مستشفيات أخرى في قطاع غزة وفي الخارج.
ويضيف التقرير: إن مديري المستشفيات والفرق الطبية يشكون باستمرار، من معضلات في تحديد أولويات العلاج. ومن بين الحلول التي يلجأون إليها، تخفيف ثلث وحتى نصف كمية الدواء المقدمة للمرضى. وهناك حل آخر، هو إغلاق الأقسام، مثل قسم الأورام في مستشفى في جنوب قطاع غزة (بسبب نقص 19 نوعاً من أدوية السرطان)، أو إغلاق المستشفيات الصغيرة بسبب الحاجة إلى توفير الوقود للمولدات الكهربائية. وثمة مخرج آخر، هو تأجيل العمليات الجراحية الاختيارية. ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية، فإن فترة الانتظار للعمليات الجراحية الاختيارية هي 52 أسبوعاً، في حين أن الحد الأقصى الذي حددته وزارة الصحة الفلسطينية هو 24 أسبوعاً.
وتضاف إلى مصاعب العلاج في المستشفيات الإضرابات التي تحدث في جهاز الصحة العامة. ويذكر تقرير منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان أنه في منتصف ديسمبر (كانون الأول)، أضربت الشركة التي تزود المستشفيات بالطعام لمدة تسعة أيام بسبب عدم سداد الديون. وفي نهاية الشهر نفسه أضرب عمال النظافة في 13 مستشفى و54 عيادة و22 مكتباً مختلفاً، بعد عدم دفع رواتبهم عن أربعة أشهر. وفي اليوم التالي، وبسبب تراكم الأوساخ، أضرب الطاقم الطبي في مستشفى الشفاء. وسرعان ما نقلت وزارة المالية في رام الله مبلغ 1.800.000 شيقل إلى شركات الطعام والتنظيف، علماً بأن هذا المبلغ يساوي خُمس الديون المستحقة لها. في التاسع من يناير أعلن الأطباء الإضراب التحذيري، وعادوا إلى مرضاهم، في غياب الأدوية والمعدات المناسبة، وفي ظل رواتب جزئية.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.