شركات الحلوى تقلص حجم منتجاتها للحفاظ على الأسعار

في تقرير لهيئة الإذاعة البريطانية

شيكولاتة «توبلرون» (تيليجراف)
شيكولاتة «توبلرون» (تيليجراف)
TT

شركات الحلوى تقلص حجم منتجاتها للحفاظ على الأسعار

شيكولاتة «توبلرون» (تيليجراف)
شيكولاتة «توبلرون» (تيليجراف)

كشفت هيئة الإذاعة البريطانية عن تقلص حجم منتجات البسكويت والحلوى على مدار السنوات الأخيرة في بريطانيا، وسط موجة من الغضب من محبيها.
وأشارت الهيئة في تقريرها إلى أن الشركات المصنعة لتلك المنتجات تقلل أوزانها دون تخفيض السعر، وأظهر التقرير أن قرابة 18 منتجا من الحلوى في الأربع سنوات الماضية قد تقلص حجمها، مثل شيكولاتة «توبلرون» و«كيت كات» و«سنيكرس» و«مارس» و«تويكس».
ظاهرة «تقلص حجم المنتجات» أعلنت عنها أيضا شركة كادبوري لإنتاج الشوكولاته في أبريل (نيسان) 2015. إذ أعلنت أن شوكولاته «أصابع كادبوري» ستحذف منها قطعتان، بحسب ما نشرت صحيفة «ديلي ميل»، وأضافت الصحيفة أن حجم إحدى منتجات الشركة قد تغير ليصبح أقل بنسبة 14 في المائة.
وقال مكتب الإحصاءات الوطنية البريطاني إن هذه الظاهرة حدثت بشكل كبير في الشوكولاته والحلويات، وموجودة أيضا في منتجات متنوعة مثل المناديل والقهوة والسجق.
وذكر المكتب، في بيان نُشر في يوليو (تموز) الماضي أن أكثر من 2500 منتج تقلصت أحجامها خلال السنوات الخمس الماضية في حين أنها لا تزال تُباع بالسعر نفسه، وذلك وفقًا لبيانات رسمية.
ويكشف تقرير «بي بي سي» عن انخفاض حجم تلك المنتجات منذ 2014 وحتى الآن، فشوكولاته «سنيكرس» انخفضت من 232 غراما إلى 167 غراما، و«توبلرون» من مائتي غرام إلى 150 غراما، و«تويكس» من مائتي غرام إلى 160 غراما، و«كيت كات» من 48 غراما إلى 40 غراما، و«مارس» من 288 غراما إلى 250 غراما.
ويرجع صناع الحلوى سبب تلك الظاهرة إلى ارتفاع تكلفة شراء المواد الخام.
وقالت شركة «موندليز» المنتجة لشوكولاته «توبلرون» إنها «تحملت التكاليف بشكل أكبر من الممكن»، فيما قالت شركة نستله (المنتجة لشوكولاته كيت كات) إنها اضطرت إلى تخفيف الأوزان لـ«تقليل السعرات الحرارية» أو زيادة تكلفة تصنيع المنتجات في عدد من البلدان، فيما تعزي بعض الشركات السبب إلى القوة الشرائية للعملات في بعض البلدان.
وكشفت «بي بي سي» عن أن 9 منتجات فقط من 18 منتجا قد انخفض سعرها، وانخفض سعر اثنين منهما إلى قُرابة الخمس، فيما ارتفعت أسعار منتجات أخرى، كما أن التقلص في الحجم لا يتوافق بالضرورة مع تخفيض السعر.
ورغم ذلك، فإن المصنعين يؤمنون أن الحفاظ على منتجاتهم بأسعار معقولة هو أيضا أمر مهم.
وفي دراسة حديثة أعلنت عنها جامعة هارفارد في مارس (آذار) الماضي، تبين أن المستهلكين يلاحظون صغر حجم المنتجات، ولا يلاحظون بالضرورة زيادة حجمها.
وتلجأ الشركات إلى تلك الاستراتيجية عبر البيع من أجل زيادة الأرباح إذا ما بقيت السلعة بالسعر نفسه، لكنها تقع في مخاطرة فقدان العملاء للأبد.



«لعبة النهاية»... رائعة صمويل بيكيت بالعاميّة المصرية

جانب من العرض الذي كتب نصّه صمويل بيكيت (مسرح الطليعة)
جانب من العرض الذي كتب نصّه صمويل بيكيت (مسرح الطليعة)
TT

«لعبة النهاية»... رائعة صمويل بيكيت بالعاميّة المصرية

جانب من العرض الذي كتب نصّه صمويل بيكيت (مسرح الطليعة)
جانب من العرض الذي كتب نصّه صمويل بيكيت (مسرح الطليعة)

استقبل مسرح «الطليعة» في مصر أحد العروض الشهيرة للكاتب الآيرلندي الراحل صمويل بيكيت (1906- 1989)، «لعبة النهاية»، الذي رغم احتفاظه بالروح الأصلية للعمل الشهير المنسوب إلى مسرح العبث، فقد شكَّل إضاءة على مشاعر الاغتراب في الواقع المعاصر. وهو عرضٌ اختتم مشاركته في مهرجان «أيام قرطاج المسرحي» ليُتاح للجمهور المصري في المسرح الكائن بمنطقة «العتبة» وسط القاهرة حتى بداية الأسبوع المقبل.

على مدار 50 دقيقة، يحضر الأبطال الـ4 على المسرح الذي يُوحي بأنه غُرفة منسيّة وموحشة، فيتوسّط البطل «هام» (محمود زكي) الخشبة جالساً على كرسيّه المتحرّك بعينين منطفئتين، في حين يساعده خادمه «كلوف» ويُمعن في طاعته والإصغاء إلى طلباته وتساؤلاته الغريبة التي يغلُب عليها الطابع الساخر والعبثيّ المُتكرّر عبر سنوات بين هذا السيّد والخادم.

يَظهر والد «هام» ووالدته داخل براميل قديمة وصدئة، ويجلسان طوال العرض بداخلها، ولا يخرجان إلا عندما يستدعيهما الابن الذي صار عجوزاً، فيسألهما أسئلة عبثية لا تخلو من تفاصيل عجيبة، ويخاطبهما كأنهما طفلين يُغريهما بالحلوى، في حين يبادلانه أحاديث تمتزج بالذكريات والجنون، ليبدو كأنهما خارج العالم المادي؛ محض أرواح مُحتضرة تُشارك «هام» هلوساته داخل تلك الغرفة.

الأب يؤدي دوره من داخل أحد البراميل (مسرح الطليعة)

في المعالجة التي يقدّمها العرض، يحتفظ المخرج المصري السيد قابيل بأسماء الأبطال الأجنبية التي كتبها صمويل بيكيت من دون منحها أسماء محلّية. يقول لـ«الشرق الأوسط»: «قدَّم المسرح المصري هذه المسرحية قبل 60 عاماً تقريباً في عرض للفنان الكبير الراحل سعد أردش، لكنه كان باللغة العربية الفصحى. اليوم، عالجتُ النص وأقدّمه بالعامية المصرية. احتفظت بالأسماء الأصلية للأبطال وهوياتهم، وكذلك بروح العمل وتفاصيل الحوار فيه، خصوصاً أنّ لهذا العرض الذي ينتمي إلى مسرح العبث فلسفته التي تمسّكتُ بها ضمن قالب جديد».

يؤدّي دور الخادم «كلوف» الفنان المصري محمد صلاح الذي اعتمد جزءٌ كبير من أدائه على الإفراط بحركات سير متعرّجة في محاولاته المُتسارعة لتلبية طلبات سيّده الأعمى، إذ يبدو كأنه في مَهمّات لا نهائية، منها ترتيب البيت الخالي بشكل فانتازي. بالإضافة إلى تردّده الدائم على نافذة الغرفة التي يظّل سيّده يطلب منه وصف ما يدور خارجها، فيصف له الضوء والبحر اللذين لا يدرك إذا كانا موجودَيْن بالفعل أم محض خيال.

على مدار العرض، يظلُّ الخادم يسأل: «لماذا أطيعك في كل شيء؟»، و«متى جئتُ إلى هذا البيت لخدمتك؟»، فيكتشف أنه قضى عمره داخل جدرانه المخيفة، فيقرّر في خطوة خلاص مغادرة خدمة سيّده، فتكون لحظة فتحه باب البيت هي عينها لحظة نهاية اللعبة، حتى وإنْ ظلّ واقفاً أمامه، متوجّساً من الخروج إلى العالم الحقيقي ومواجهة المجهول. لحظة تحدّيه سيطرة سيّده «هام» سرعان ما تبدو كأنها لا تختلف عن «الفراغ» الذي أمامه، بما يعكس فلسفة صمويل بيكيت عن سخرية الحياة، حيث لا يبدو الهروب من عبثها ممكناً أبداً.

الأب والأم في أحد مَشاهد المسرحية (مسرح الطليعة)

يشير مخرج العرض السيد قابيل إلى أنّ «للقضية التي تطرحها المسرحية صيغة إنسانية عابرة للمكان والزمان، وتصلُح لتقديمها في أي وقت؛ وإنْ كُتب النصّ الأصلي لبيكيت في الخمسينات. فكثير من نصوص شكسبير، والنصوص اليونانية القديمة العائدة إلى ما قبل الميلاد، لا تزال قابلة لإعادة تقديمها، وصالحة لطرح أسئلة على جمهور اليوم. وفي هذا العرض أدخلنا بعض الإضافات على الإضاءة والموسيقى للتعبير بصورة أكبر عن دراما الأبطال، ومساعدة المتلقّي على مزيد من التفاعُل».

الفنان محمود زكي في مشهد من العرض (مسرح الطليعة)

وعكست ملابس الممثلين الرثّة حالة السواد التي تطغى على عالمهم، في حين وُظّفت الإضاءة في لحظات المُكاشفة الذاتية التي تتوسَّط سيل الحوارات الغارقة في السخرية والتكرار العدميّ والخضوع التام. فإذا كان السيّد الأعمى والمشلول يعتمد على خادمه في مواصلة لعبة عبثية يتسلّى بها في عزلته، فإنّ الخادم يظلُّ غير قادر على تصوُّر الحياة بعيداً عن قواعد تلك «اللعبة».