«فجوة الأجور» بين الجنسين... قضية تثير جدلاً عالمياً

قرابة 500 شركة بريطانية تعترف بانعدام المساواة بين موظفيها

مسيرة نسائية في نيويورك من مطالبها مناقشة الأجر العادل للنساء (أ.ب)
مسيرة نسائية في نيويورك من مطالبها مناقشة الأجر العادل للنساء (أ.ب)
TT

«فجوة الأجور» بين الجنسين... قضية تثير جدلاً عالمياً

مسيرة نسائية في نيويورك من مطالبها مناقشة الأجر العادل للنساء (أ.ب)
مسيرة نسائية في نيويورك من مطالبها مناقشة الأجر العادل للنساء (أ.ب)

«نعمل معاً، وربما ننتج نفس المطلوب، لكن أجورنا ليست متساوية»... هذا لسان حال كثيرات في الأوساط الإعلامية والفنية وبعض الشركات العالمية للمطالبة بالعدالة في الأجور بين الجنسين.
ويشير مصطلح «الفجوة في الأجر» بين الجنسين إلى الفارق بين الرجال والنساء في الأجر بغض النظر عن أدوارهم أو وظائفهم، ويختلف ذلك عن تكافؤ الأجور، الذي يعني أن علي الشركات ضمان أن يحصل النساء والرجال الذين يشغلون وظائف متماثلة أو متشابهة على الأجر ذاته للعمل الذي يقومون به، بحسب موقع هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي». وهذه أبرز الوقائع حول المطالبة بالعدالة في الأجور مؤخرا.

*«بي بي سي»
بالأمس، وافق أربعة صحافيين ذكور من الأعلى أجرا في هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) على خفض رواتبهم، بعد الكشف عن تفاوت كبير في الأجور بين العاملين من الرجال والنساء.
وقالت «بي بي سي» إن مقدمي البرامج الإذاعية في الهيئة جيرمي فاين وجون همفريز ومذيع الأخبار هيو إدواردز والمحرر المختص بشؤون أميركا الشمالية جون سوبل وافقوا بشكل رسمي ومن حيث المبدأ على خفض رواتبهم.
وعقب جدل في المساواة بين الأجور، فقد اضطرت الهيئة العام الماضي إلى إعلان أن ثلثي أعلى العاملين أجرا فيها هم رجال.
وتعهد المدير العام توني هول بسد الفجوة في الرواتب بين الجنسين بحلول 2020، لكن الهيئة واجهت انتقادات من صحافييها ومشرعين عقب تلك القضية.
وكانت محررة شؤون الصين في (بي بي سي) كاري جريسي قد استقالت من منصبها في 9 يناير (كانون الثاني) الحالي لأنها تتقاضى أقل بكثير من أقرانها الذكور احتجاجا على ما وصفته بأنه «ثقافة الأجور السرية وغير المشروعة في بي بي سي».
وأظهر كشف الرواتب أن محرر أميركا الشمالية سوبل أحد الأربعة الذين وافقوا على خفض أجورهم تقاضى ما بين 200 ألف جنيه إسترليني (285 ألف دولار) و249999 إسترليني (356 ألف دولار أميركي ) خلال 2016 و2017.

* 500 شركة بريطانية
وفي مطلع هذا العام، كشفت أكثر من 500 شركة بريطانية في مجالات عدة، من بينها شركة المراهنات لادبروكس وشركة الطيران إيزيجيت وشركة الاستثمار فيرجن موني، عن فرق في الرواتب بين موظفيها من النساء والرجال يصل إلى أكثر من 15 في المائة لصالح الرجال لما يحصلون عليه من أجر في الساعة.
ويقل أجر النساء في الساعة في إيزيجيت بنسبة 52 في المائة عن أجر الرجال.
وفي المتوسط، يقل دخل النساء 15 في المائة في لادبروكس عن الرجال ويقل أجرهن 33 في المائة عن الرجال في فيرجن موني.
ووفقا لـ«بي بي سي»، يتعين على الشركات التي يزيد عدد موظفيها عن 250 شخصا في بريطانيا أن تنشر أجور موظفيها، وقامت 527 شركة بنشر الفارق في الأجر بين موظفيها من الرجال والنساء.
وقالت مجموعة لادبروك كورال إن الفرق بين الرجال والنساء في الأجر يرجع إلى «التمثيل الضعيف في المستويات العليا».

* عالم السينما
ليس في بريطانيا فحسب، ولكن وصلت عدم العدالة في الأجور إلى السينما، فعلى الرغم من تحقيق الممثلة الأميركية أوكتافيا سبنسر رقما قياسيا لجائزة أكاديمية فنون وعلوم الصور المتحركة (الأوسكار)، بترشيحها ثلاث مرات للجائزة، فإن ذلك لم يشفع لسبنسر في معركة الأجر العادل.
هذا ما كشفت عنه النجمة الأميركية جيسيكا شاستين، بعد أن علمت أنها ستحصل على راتب أكثر 5 مرات من سبنسر في فيلمهما السابق المشترك «ذا هيلب»، لكي تطلب شاستين أن يكون الأجر متساويا مع أجر زميلتها سبنسر.
وقالت سبنسر في تصريحات على هامش مشاركتها في مهرجان «صن دانس» السينمائي، ونقلتها «سي إن إن»: «إن كنا سنتحدث عن الفجوة في الأجور، فعلينا طرح قضية أجور النساء ذوات البشرة السمراء». ونقل الموقع أن سبنسر قد بكت عندما علمت بموقف زميلتها شاستين من أجل أجر عادل.

*«غوغل»
وفي عالم الشركات التكنولوجية، اتهمت موظفة سابقة في شركة «غوغل» بتهمة العنصرية والتمييز في الأجور، وذلك في 5 يناير هذا العام، وقالت هيدي لامار (31 عاما)، وفقا لما نشرته صحيفة «غارديان» آنذاك، إن المُعلِّمات في «غوغل» يحصلن على رواتب أقل من الرجال.
وتقول لامار التي عملت في «غوغل» لمدة أربعة أعوام قبل الاستقالة في عام 2017، إن الشركة التكنولوجية توظف ما يقارب من 147 امرأة وثلاث رجال كمعلمين في مرحلة ما قبل الدراسة، لكن اثنين من هؤلاء الرجال حصلوا على رواتب أعلى من جميع النساء تقريبا.
وقد انضمت لامار إلى دعوى قضائية جماعية من عدد من النساء ضد الشركة، قالت فيها أن «غوغل» عزلت النساء في وظائف منخفضة الأجل.
وقدمت لامار الشكوى إلى سان فرنسيسكو، تشير إلى حرمان المرأة في الشركة من الراتب العادل مع الرجل، فيما رفضت «غوغل» التعليق لكنها أصرت على عدم وجود «فجوة» بين الجنسين، وأنها أجرت تحليلات دقيقة للتأكد من تعويض المرأة بشكل عادل، وكانت الشركة قد رفضت طلبا قانونيا بنشر رواتب العاملين بها، حسبما نشرت «غارديان» في ديسمبر (كانون الأول) 2017.

* دراسة كاشفة
وكشفت دراسة بريطانية أعلن عنها في نوفمبر (تشرين الثاني) 2012 وفحصت دخول نحو 39 ألفا من المديرين التنفيذيين، أن الفارق بين رواتب الرجال والنساء في بريطانيا ينجم عنه فجوة في الدخل تصل إلى أكثر من نصف مليون جنيه إسترليني (708 ألف دولار) على مدى حياتهم العملية.
وبحسب الدراسة فإن الرجال في بريطانيا يتقاضون نحو 10 آلاف جنيه إسترليني (قرابة 14 ألف دولار) أكثر من نظيراتهم من النساء اللائي يتولين الوظائف نفسها.
وأوضح رئيس مؤسسة شارترد مانجمينت التي أجرت الدراسة أن الفجوة في الرواتب بين النساء والرجال تصل إلى 25 في المائة على المستوى القيادي، أما الفجوة في المكافآت السنوية فتصل إلى نحو أربعة آلاف جنيه إسترليني لصالح الرجال طبعا.
وتوجد مطالبات سياسية من قبل حزب مساواة النساء في المملكة المتحدة لاتخاذ المزيد من الإجراءات للتصدي لقضية تساوي الأجور.
وفي عام 2016 بلغت الفجوة في الأجر بين الجنسين 9.4 في المائة للعاملين في دوام كامل و18.1 لجميع العاملين.



بتقنية ثلاثية الأبعاد... «أسلحة شبح» يمكن تصنيعها منزلياً في يوم واحد

أجزاء من مجموعة «أسلحة شبح» (رويترز)
أجزاء من مجموعة «أسلحة شبح» (رويترز)
TT

بتقنية ثلاثية الأبعاد... «أسلحة شبح» يمكن تصنيعها منزلياً في يوم واحد

أجزاء من مجموعة «أسلحة شبح» (رويترز)
أجزاء من مجموعة «أسلحة شبح» (رويترز)

«لم تعد هناك سيطرة على الأسلحة»، هكذا تقول إحدى الرسائل على موقع Deterrence Dispensed، وهو منتدى على الإنترنت مخصص للأسلحة النارية المنفذة بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد، وفق تقرير لصحيفة «تلغراف» البريطانية.

منذ أن تم الكشف عن اعتقال لويجي مانجيوني، الرجل البالغ من العمر 26 عاماً والمتهم بقتل الرئيس التنفيذي لشركة التأمين الصحي براين طومسون، وهو يحمل سلاحاً محلي الصنع، كان الموقع المزعج مليئاً بالمشاركات التي تناقش - وفي بعض الحالات، تحتفل - بالخبر.

وقال أحد صناع الأسلحة الهواة: «سوف يظهر للعالم أن الطباعة ثلاثية الأبعاد قابلة للتطبيق بالفعل»، بينما صرَّح صانع أسلحة: «النقطة الأساسية هي أن قوانينهم لا تهم. لقد قتل رجل واحداً من أغنى الناس في العالم في مكان به بعض من أكثر ضوابط الأسلحة صرامة في العالم».

إن اللامبالاة الظاهرية التي أبداها الكاتبان إزاء جريمة القتل بدم بارد لرئيس شركة «يونايتد هيلث كير»، وهو زوج وأب، في شوارع نيويورك توضح مدى حماسة مجتمع متنامٍ على الإنترنت ينظر إلى الأسلحة المطبوعة بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد - الأسلحة التي يمكن تصنيعها بالكامل في المنزل، دون استخدام أي أجزاء قابلة للتتبع، باعتبارها حصناً مهماً ضد التعدي على مراقبة الأسلحة في الولايات المتحدة.

لقد استخدم مانجيوني تصاميم وزَّعتها شركة «ديتيرينس ديسبينسد»، ولا تزال تصاميم سلاحه متداولة على المنتدى. وقد تم حذف غرفة دردشة مخصصة لاختبار نموذج مماثل من كاتم الصوت صباح الثلاثاء، في حين اختفت حسابات مصممها على الإنترنت من منصات متعددة.

لكن السلاح الذي عُثر عليه في حوزة مانجيوني بعد اعتقاله في أحد مطاعم «ماكدونالدز» في بلدة ألتونا بولاية بنسلفانيا يوم الاثنين لم يكن مطبوعاً بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد بالكامل.

فقد ذكر تقرير للشرطة أن السلاح كان يحتوي على «شريحة معدنية ومقبض بلاستيكي بماسورة معدنية ملولبة»، وكان به «مخزن غلوك محمل بـ6 طلقات معدنية كاملة عيار 9 ملم».

الدكتور راجان بسرا، باحث من المركز الدولي لدراسة التطرف والذي درس تطوير الأسلحة النارية المطبوعة بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد، حدد السلاح من صور الشرطة الأميركية بوصفه نوعاً من «البندقية الشبح» التي يمكن تصنيعها من مزيج من الأجزاء المصنعة تجارياً والمنزلية.

وشرح أنه «في أميركا، توجد أجزاء من السلاح يمكنك شراؤها قانونياً مع الحد الأدنى من التنظيم؛ لأنها غير مصنفة قانونياً على أنها أجزاء سلاح ناري، مثل البرميل والشريحة».

وأضاف: «هناك عدد من الشركات المصنعة التي تصنع هذه الأسلحة ويمكن للمرء شراؤها في الولايات المتحدة. وهنا يأتي دور الطباعة ثلاثية الأبعاد؛ لأنك تصنع بقية المسدس من البلاستيك، ثم تجمع بين الاثنين، وستحصل على مسدس صالح للاستخدام».

يُعرف نوع السلاح الذي يُزعم أن مانجيوني استخدمه باسم «إطار غلوك». وقد تم تداول الكثير من التصميمات على الإنترنت لسنوات، ويُعتقد أنها أصبحت شائعة بين هواة الأسلحة المطبوعة ثلاثية الأبعاد في الولايات المتحدة وكندا.

ويسمح ابتكارها للناس بامتلاك الأسلحة النارية دون المرور بأي عملية تسجيل مطلوبة قانوناً أو استخدام أجزاء مختومة بأرقام تسلسلية من الشركات المصنعة، ومن هنا جاء لقب «البنادق الشبح».

وحذَّر بسرا من أنه «يمكن للمرء أن يصنع مسدساً في المنزل دون أن تعلم السلطات بذلك بالضرورة، وبالنسبة لأولئك الذين يريدون التخطيط لاغتيال، على سبيل المثال، فهذا حافز واضح للقيام بذلك».

في حين قد يستغرق الأمر أياماً عدة لطلب المكونات التجارية اللازمة عبر الإنترنت وتسليمها، فإن الأمر لن يستغرق سوى ساعات لطباعة الأجزاء البلاستيكية من المسدس الذي يُزعم أن مانجيوني استخدمه.

إن الطابعات ثلاثية الأبعاد التي يوصي بها عادة مجتمعات صناعة الأسلحة وتستخدمها متاحة على نطاق واسع من تجار التجزئة الرئيسين، وهي تصنّع الأجزاء المطلوبة من خلال تشغيل ملفات يمكن تنزيلها مجاناً إلى جانب كتيبات التعليمات التفصيلية.

وأوضح بسرا أنه «لصنع مسدس مثل المسدس الذي استخدم في جريمة قتل برايان تومسون، يمكن لأي شخص استخدام طابعة ثلاثية الأبعاد تم شراؤها من (أمازون) بنحو 250 جنيهاً إسترلينياً. إنها بحجم ميكروويف كبير وليست نظاماً معقداً بشكل خاص للتشغيل. يمكنك وضعها في غرفة نومك، في الزاوية واتباع البرامج التعليمية عبر الإنترنت حول كيفية تشغيلها».

ونبّه من العواقب المرعبة لمثل هذه البساطة، وقال: «قد يستغرق الأمر ساعات لطباعة المسدس، لكن تجميعه قد يستغرق دقائق. يمكنهم القيام بالشيء بالكامل في يوم واحد. يمكن لأي شخص القيام بذلك، ما دام كان لديه القليل من الصبر وبعض الأدوات الأساسية ويمكنه اتباع التعليمات».