قطر تستعين بلوبي صهيوني لتحسين صورتها في الغرب

علاقتها مع حماس تجري بالتنسيق مع إسرائيل وتستهدف تعمير غزة

TT

قطر تستعين بلوبي صهيوني لتحسين صورتها في الغرب

كشفت مصادر في تل أبيب، أمس، أن القيادة القطرية تقوم بتشغيل عناصر بارزة في اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة وشخصيات إسرائيلية عديدة، لمساعدتها في تحسين صورتها في الغرب، وتفنيد الاتهامات الملتصقة بها في مجال دعم الإرهاب. وأشارت المصادر إلى أن بعض هذه الجهات حاول ثني قطر عن دعم حركة حماس، فأجابت بأن «العلاقة مع حماس تتم في إطار الجهود لإعمار قطاع غزة، وأن كل خطوة تقوم بها في هذا الاتجاه تتم بالتنسيق مع إسرائيل».
وقالت مصادر إسرائيلية إن هناك علامات على نجاح الحملة القطرية مع «منظمة الصهيونية الأميركية»، وهي منظمة يهودية أميركية تدعم المستوطنات والرئيس ترمب. فقبل بضعة أشهر هاجم قادة المنظمة بشدة قطر واتهموها بـ«دعم الإرهابيين الذين يقتلون اليهود والمسيحيين والمسلمين». إلا أن رئيس المنظمة قال الأسبوع الحالي، في تصريح رسمي لصحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، إنه مستعد «لمنح فرصة» للتعاون مع قطر. وقال مورت كلاين، الذي يترأس المنظمة منذ التسعينات: «أعتقد أن علينا الاستماع إلى حججهم ودراستها بعناية. إذا كان هذا صحيحا، وأنها حقا لا تدعم حماس، فإنه لا توجد مشكلة في زيارتهم والاتصال بهم. وإذا كانوا يكذبون فلا يوجد سبب للتحدث معهم على الإطلاق».
وكان المحامي ألن درشوبيتس، المعروف بدعمه القوي لإسرائيل، قد فاجأ الكثيرين من معارفه في واشنطن، بالمقالة التي نشرها، الأسبوع الماضي، في موقع «ذا هيل» (The Hill)، والتي بدت كـ«لائحة دفاع» عن قطر، في وجه الاتهامات بأنها تدعم الإرهاب ماليا وماديا. وقال درشوبيتس في بداية المقال: «قمت في الأسبوع الماضي بزيارة قطر، بناء على دعوة وتمويل من أمير قطر». وفصّل في التقرير نفسه كيف رفض المسؤولون في قطر -بمن فيهم الأمير تميم بن حمد آل ثاني- الاتهامات بأن قطر تدعم حماس ومقربة من إيران وتساعد جماعة الإخوان المسلمين. وكتب درشوبيتس، أيضا، أنه «في حين رفضت السعودية، مؤخرا، السماح لفريق الشطرنج الإسرائيلي بدخول أراضيها للمشاركة في بطولة الشطرنج العالمية، تسمح قطر للرياضيين الإسرائيليين بالمشاركة في المسابقات الدولية التي تقام في العاصمة الدوحة منذ سنوات».
وكانت زيارة درشوبيتس إلى الدوحة جزءا من جهود العلاقات العامة الواسعة التي بدأت قبل بضعة أشهر، وتهدف إلى تغيير صورة قطر في نظر صناع القرار في واشنطن والغرب. وفي هذه الحملة، استأجرت قطر خدمات نيك موزين، وهو مستشار إعلامي يهودي من التيار الديني المتزمت (الحريديم)، كان يعمل ذات مرة متحدثا باسم عضو مجلس الشيوخ الجمهوري تيد كروز، الذي يعتبر عنصرا يمينيا متطرفا في صفوف الحزب الجمهوري. ولقاء دفعة شهرية تبلغ نحو 50 ألف دولار، فتح موزين أبواب الجالية اليهودية ووسائل الإعلام المحافظة في الولايات المتحدة أمام القطريين. وفي الأسبوع نفسه الذي زار درشوبيتس فيه الإمارة، تواجد في الدوحة عضو كونغرس جمهوري سابق، وهو إذاعي محافظ وشعبي من نيويورك، وكذلك حاكم ولاية أركنساس السابق، مايك هاكبي، والد المتحدثة باسم البيت الأبيض سارة هاكبي ساندرز. وفي يوم الاثنين الماضي، بعد أيام قليلة من عودة درشوبيتس وهاكبي من قطر، تحدث الرئيس ترمب هاتفيا مع أمير قطر. قد لا يكون التوقيت مرتبطا بهذه الزيارات، ولكن بطريقة أو بأخرى، وصف البيت الأبيض المحادثة بأنها إيجابية. ونشر نيك موزين ملخصا للمحادثة الذي نشره البيت الأبيض على حسابه في «تويتر».
لقد توجه القطريون إلى موزين، على خلفية الضائقة الصعبة التي تواجههم منذ الشتاء الماضي، حين قررت السعودية وبقية دول الخليج مقاطعة قطر. وتطرق درشوبيتس إلى هذه المقاطعة، في مقالته، من خلال مقارنة لافتة بين قطر وإسرائيل، فقال: «قطر هي إسرائيل الخليج، محاطة بأعداء، تواجه تهديدات المقاطعة، وتصارع من أجل بقائها». وأضاف أنه خلال الزيارة سمع من مسؤولين كبار في قطر «تصريحات إيجابية» إزاء إسرائيل، ورغبة بتحسين العلاقات معها.
وفي حديث أدلى به لصحيفة «هآرتس»، أمس، ادعى درشوبيتس أنه لم يتوصل إلى «استنتاجات واضحة» حول علاقات قطر مع حماس وإيران والعناصر الأخرى في المنطقة. وقال «لقد جعلتني هذه الزيارة أطور نهجا أكثر توازنا». وأضاف: «يبدو أن هناك جانبين لهذه القصة». ووفقا لدرشوبيتس، فقد نفى القطريون أنهم يؤيدون حماس، وقالوا إن استثمارهم في إصلاح البنى التحتية في قطاع غزة يتم تنسيقه مع إسرائيل. وقد أثار قضية المدنيين الإسرائيليين المحتجزين في غزة، وجثتي الجنديين هدار غولدين وأورون شاؤول، وقال «لقد قالوا بأنهم يحاولون المساعدة في هذه المسألة».
وقد تم انتقاد مقال درشوبيتس من قبل خبراء يتعاملون مع موضوع قطر. وكتب جوناثان شنيتسر من معهد الدفاع عن الديمقراطيات، وهو معهد أبحاث نشر معلومات واسعة عن دعم قطر للمنظمات الإرهابية في السنوات الأخيرة، إلى درشوبيتس على حسابه في «تويتر»: «التزم بالقضايا التي تفهمها حقا. سأكون سعيدا باطلاعك على ما يحدث حقا في قطر». وأضاف أن درشوبيتس «يدافع عن إسرائيل على شاشة التلفزيون حتى يتحول وجهه إلى اللون الأزرق، ثم يذهب للقاء رعاة حماس». وفي حوار مع «هآرتس» قال شنيتسر إنه «لا توجد مشكلة في أن يذهب الناس إلى قطر ويلتقون بقادة الدولة، ولكن عليهم أيضا الاستماع إلى الجانب الآخر. هناك الكثير من المعلومات التي تستند إلى صلات قطر مع حماس والقاعدة وطالبان والعناصر الإرهابية الأخرى. كل من يريد، حقا، فهم الواقع لن يجد الإجابات في الدوحة».
لكن القطريين لا يكتفون بجلب «صناع الرأي» الأميركيين إلى الدوحة. ففي الأسبوع الماضي، زار واشنطن الوزير القطري المسؤول عن إعادة إعمار قطاع غزة محمد العمادي. والتقى في المدينة مع أعضاء في الكونغرس وكبار المسؤولين في مختلف معاهد البحوث. وأوضح العمادي أن نشاطه يتم بالتنسيق مع الجهات الأمنية في إسرائيل المهتمة بإعادة بناء قطاع غزة. وادعى أن هناك رقابة صارمة تمنع حركة حماس من استخدام المساعدات القطرية للقيام بأعمال إرهابية.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.