السكري والحمل... ضرورة المتابعة الطبية في عيادات الحوامل

ضبط نسبة السكر في الدم خطوة أساسية

السكري والحمل... ضرورة المتابعة الطبية في عيادات الحوامل
TT

السكري والحمل... ضرورة المتابعة الطبية في عيادات الحوامل

السكري والحمل... ضرورة المتابعة الطبية في عيادات الحوامل

كشفت دراسة جديدة لباحثين من اسكتلندا، تتبعوا من خلالها لمدة 15 عاماً العلاقة بين مرض السكري وتأثيراته على الحمل، أن وجود كل من النوع الأول لمرض السكري (T1D)، والنوع الثاني لمرض السكري (T2D)، لدى الأمهات الحوامل، يرتبط بارتفاع معدلات الإصابة بالمضاعفات الصحية خلال فترة الحمل. وتشمل المضاعفات صحة عملية الحمل نفسها، وصحة الأمهات الحوامل، وصحة الأجنة. ووفق ما نُشر في 11 يناير (كانون الثاني) الحالي، في مجلة علم مرض السكري «ديابيتولوجيا» Diabetologia الصادرة عن الرابطة الأوروبية لدراسة مرض السكري EASD، فإن المضاعفات تلك قد تصل إلى حد حصول حالات الإملاص Stillbirths، أي ولادة جنين قد توفي وهو في الرحم، والاضطرار إلى اللجوء إلى العملية القيصرية لإتمام عملية الولادة، فضلاً عن ارتفاع خطر احتمالات وفيات الأطفال الرُّضّع.
- السكري والولادات
وقال الباحثون في مقدمة دراستهم إن الهدف من دراستهم طويلة الأمد معرفة نتائج الولادة في حالات الحمل التي يُصاحبها الإصابة بالنوع الأول أو النوع الثاني من مرض السكري. ولقد قمنا بتحليل البيانات المتعلقة بولادة أطفال أحياء أو حالات الإملاص في الفترة ما بين أبريل (نيسان) 1998 و31 مارس (آذار) 2013 باستخدام سجلات المراضة الاسكتلندية SMR، والتي تضمنت أكثر من 800 ألف حالة مرضية. وأضاف الباحثون أنهم قاموا بفرز ودراسة حالات الحمل التي يُرافقها النوع الثاني من السكري وحالات الحمل التي يُرافقها النوع الأول من السكري، ثم قاموا بمقارنة نتائج الفترة المحيطة بالولادة (Perinatal Outcomes) بين النساء المصابات بمرض السكري من النوع الأول، وبمرض السكري من النوع الثاني من جهة، وبين أولئك الحوامل اللواتي ليس لديهن إصابة بمرض السكري من جهة أخرى.
ووفق التعريف الطبي، تبدأ الفترة المحيطة بالولادة من بداية الحمل حتى 4 أسابيع ما بعد إتمام الولادة، وتشمل نتائج تلك الفترة الحالة الصحية للأم الحامل، والحالة الصحية للجنين والمولود لاحقاً، وكذلك تطور وسير عمليتي الحمل والولادة.
وكانت عدة دراسات طبية سابقة قد لاحظت في نتائجها أن وجود الإصابة بمرض السكري لدى الأم الحامل يرفع من المخاطر الصحية في نتائج الفترة المحيطة بالحمل، كما أفادت نتائج دراسات إحصائية واسعة، منها ما تم في اسكتلندا، أن معدلات حصول حالات الإملاص ووفيات الحوامل أعلى مقارنةً بحالات الحمل الخالية من إصابة الأم الحامل بمرض السكري. وما حاول الباحثون تتبع نتائجه في دراستهم الحديثة هو مدى التطور في التعامل الطبي مع هذه الحالات لخفض تلك الاحتمالات السلبية المرتبطة بالحمل والولادة لدى مريضات السكري.
- حالات الحمل السكري
وأفادت نتائج الدراسة الاسكتلندية الحديثة هذه أن هناك ارتفاعاً واضحاً خلال فترة الـ15 سنة الماضية في عدد الحوامل اللواتي هن بالأصل مُصابات بالنوع الأول أو بالنوع الثاني من السكري. وتحديداً، أفاد الباحثون في نتائجهم بأن حالات حمل الأمهات المُصابات بالنوع الأول من السكري ارتفعت بنسبة 44% خلال فترة الـ15 سنة الماضية، كما ارتفعت في نفس الفترة حالات حمل الأمهات المُصابات بالنوع الثاني من السكري بنسبة 90%.
كما لاحظت نتائج هذه الدراسة الحديثة أن الأمهات الحوامل المُصابات في الأصل بالنوع الأول أو النوع الثاني من السكري يلدن في وقت مبكر، وكثير منهن يلدن قبل الموعد الطبيعي، أو ما يُترجم طبياً إلى العربية بعبارة «الولادة المبتسرة» Preterm Birth.
ووفق ما تقوله نشرات منظمة الصحة العالمية (WHO)، يُعرف المواليد المبتسرون (الخدج) بأنهم المواليد الذين يولدون أحياءً قبل استكمالهم 37 أسبوعاً من الحمل. وهناك فئات فرعية للابتسار Preterm Birth Sub - Categories تستند إلى العمر الحملي، وهي: الابتسار البالغ (أقل من 28 أسبوعاً)، والابتسار الشديد (من 28 إلى أقل من 32 أسبوعاً)، والابتسار المتوسط (من 32 إلى أقل من 37 أسبوعاً).
وأفاد الباحثون في نتائج دراستهم هذه بأنه وبالمقارنة مع الأمهات الحوامل اللواتي هن غير مُصابات بالسكري، فإن الحوامل المُصابات بالنوع الأول من السكري تحصل لديهن الولادة مبكراً بنحو 2.6 (اثنين فاصلة ستة) أسبوع، وأن الحوامل المُصابات بالنوع الثاني من السكري تحصل لديهن الولادة مبكراً بنحو أسبوعين. ورغم ملاحظة الباحثين أنه هذه نتائج أفضل مما كان عليه الحال قبل 15 عاماً، فإن حالات الولادة قبل الموعد الطبيعي، أو حالات الولادة المبتسرة، ارتفعت في كل من حالات الحوامل بالنوع الأول والنوع الثاني من السكري مقارنةً مع الأمهات الحوامل اللواتي هن غير مُصابات بالسكري.
وأضافت نتائج الدراسة ملاحظة أن اللجوء الاختياري إلى إجراء الولادة بالعملية القيصرية كان بنسبة نحو 30% في حالات ولادة الأمهات المُصابات بالنوع الأول والنوع الثاني من السكري مقارنةً مع نسبة 9% في حالات ولادة الأمهات الحوامل اللواتي هن غير مُصابات بالسكري. وكذلك الحال لنسبة الاضطرار إلى اللجوء إلى العملية القيصرية لإتمام الولادة. ولم يلحظ الباحثون أي تغير إيجابي في معدل «وزن الطفل عند الولادة» لدى الأمهات المُصابات بالنوع الأول والنوع الثاني من السكري، وهو لا يزال أعلى من وزن الطفل عند الولادة لدى الأمهات غير المصابات بالسكري.
وأفادت نتائج الباحثين الاسكتلنديين في دراستهم الحديثة هذه بأن معدلات حصول حالات الإملاص وحالات وفيات الأمهات لم تتغير خلال الـ15 سنة الماضية، وتحديداً لاحظوا في نتائجهم أنها ما بين 3 - 5 أضعاف مقارنةً بالحوامل اللواتي هن غير مُصابات بمرض السكري.
- تقليل المخاطر
وخلص الباحثون إلى أن «الحمل بالنسبة إلى النساء المصابات بمرض السكري لا يزال يحمل مخاطر صحية ولا يزال هناك الكثير مما ينبغي فهمه فيما يتعلق بالأسباب، وما التدخلات العلاجية الفعالة من أجل تقليل هذه النتائج السلبية، وهناك مجال كبير لتحسين متابعة الحوامل المُصابات بالسكري».
ويقول الباحثون الطبيون في «مايوكلينك»: «اجتماع الحمل مع مرض السكري يُمثل تحدياً صحياً فريداً، ويجدر دائماً تذكر الهدف، وهو ضبط نسبة السكر في الدم بشكل جيد، وما الأمور التي تُساعد على تحقيق ذلك، وأن العمل على ضبط نسبة السكر في الدم قبل وخلال وبعد مرحلة الحمل هو ما يُسهم في تقليل احتمالات حصول المخاطر الصحية».
ويُضيف أطباء «مايوكلينك» قائلين: «بالإمكان فعل الكثير لتحسين حالة صحة الحامل وصحة عملية الحمل والولادة وصحة الجنين، إن السيطرة الجيدة على نسبة السكر في الدم خلال فترة الحمل يمكن أن تُفيد في:
• الحد من خطر الإجهاض والإملاص: السيطرة الجيدة على السكر في الدم تقلل من خطر الإجهاض والإملاص، وهي المخاوف الطبية الرئيسية لاجتماع حالة الحمل والسكري، والمرضى الذين يعانون من مرض السكري غير المنضبط لديهم خطر أكبر للإجهاض والإملاص.
• الحد من خطر الولادة المبكرة: كلما كان التحكم في نسبة السكر في الدم أفضل، قلّ احتمال الذهاب إلى المخاض قبل الأوان.
• الحد من مخاطر العيوب الخلقية: السيطرة الجيدة على نسبة السكر في الدم قبل وفي أثناء الحمل يقلل بشكل كبير من خطر إصابة الطفل بالعيوب الولادية، خصوصاً تلك التي تؤثر على الدماغ والعمود الفقري والقلب.
• الحد من خطر زيادة وزن الجنين: إذا كان ثمة ضعفاً في السيطرة على نسبة السكر في الدم، يمكن أن يدخل عبر المشيمة إلى الجنين مزيدٌ من سكر الجلوكوز، ما يؤدي إلى زيادة وزن الطفل Macrosomia. والطفل كبير الحجم يجعل الولادة المهبلية صعبة، ما يزيد من احتمالات اللجوء إلى الولادة القيصرية.
• منع حصول المضاعفات لدى الأم الحامل: إن السيطرة على نسبة السكر في الدم بطريقة جيدة تقلل من خطر التهابات المسالك البولية والتهابات الفطريات. ويمكن أن تساعد أيضاً على تجنب حصول مضاعفات السكري مثل الحماض الكيتوني السكري Diabetic Ketoacidosis. وفي حالات الحماض الكيتوني السكري، ترتفع بشكل كبير نسبة السكر في الدم لدرجة لا يُمكن للجسم التغلب عليها عبر صنع ما يكفي من الأنسولين، مما يؤدي إلى تراكم المواد الكيميائية التي تسمى الكيتونات في الدم، وهي حالة مرضية إسعافية تتطلب الدخول إلى المستشفى للمعالجة.

- استشارية في الباطنية


مقالات ذات صلة

10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

صحتك 10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

وصل إلى بريد «استشارات» استفسار من أحد المرضى هو: «عمري فوق الستين، ولدي مرض السكري وارتفاع ضغط الدم. وتناولت (فياغرا) للتغلب على مشكلة ضعف الانتصاب.

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)
صحتك الأطفال المصابون بـ«كوفيد الطويل الأمد» يتعافون في غضون عامين

الأطفال المصابون بـ«كوفيد الطويل الأمد» يتعافون في غضون عامين

مع بداية فصل الشتاء وزيادة احتمالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي واستمرار الحديث عن الأعراض المزمنة لمرض «كوفيد - 19»....

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
صحتك 6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

لا يزال كبار الطهاة العالميين، إضافة إلى ربات البيوت الماهرات في الطهي، يستخدمون أواني الطهي المصنوعة من الحديد الزهر Cast Iron Cookware.

د. عبير مبارك (الرياض)
صحتك من اليسار: القلب السليم مقابل القلب المصاب بالرجفان الأذيني (غيتي)

تتبُع الرجفان الأذيني باستخدام ساعة ذكية؟ تجنّبْ هذا الفخ

يعاني الملايين من الأميركيين من الرجفان الأذيني - وهو اضطراب سريع وغير منتظم في إيقاع القلب يزيد من خطر المضاعفات القلبية الوعائية، بما في ذلك السكتة الدماغية

جولي كورليس (كمبردج - ولاية ماساشوستس الأميركية)
صحتك الأحياء الحضرية تشجع السكان على المشي (جامعة ويسترن أونتاريو)

الأحياء المزدحمة تشجع السكان على المشي

أفادت دراسة أميركية بأن تصميم الأحياء السكنية يُمكن أن يؤثر بشكل كبير على مستوى النشاط البدني للأفراد، خصوصاً المشي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل
TT

10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

وصل إلى بريد «استشارات» استفسار من أحد المرضى هو: «عمري فوق الستين، ولدي مرض السكري وارتفاع ضغط الدم. وتناولت (فياغرا) للتغلب على مشكلة ضعف الانتصاب. ولم أحصل على نتائج مُرضية في غالب الأحيان. ما تنصح؟»

وللإجابة فإني أفترض بداية أن تناوله فياغرا كان بعد استشارة الطبيب وإجرائه الفحص الإكلينيكي والفحوصات اللازمة لهذه الحالة، وأنه تناول الحبة حسب توجيهات الطبيب.

مفعول فياغرا

ولكن سواء كان الأمر كذلك أو لم يكن، فإن الأمر يتطلب متابعة عرض النقاط التالية بشكل سردي متسلسل لفهم أسباب فشل أو توقف مفعول فياغرا، أو غيره من أدوية تنشيط الانتصاب، عن العمل:

1. فياغرا دواء مصمم لمساعدة الشخص للحصول على الانتصاب والحفاظ عليه، إذا كان يعاني من ضعف الانتصاب. والدواء النشط هو «سيلدينافيل»، والذي يصنف على أنه من فئة أدوية «مثبط للفوسفوديستيراز - 5». وهناك أدوية أخرى من نفس الفئة، ولديها مميزات قد لا تتوفر في فياغرا، مثل سيالس (تادالافيل)، وليفيترا (فاردينافيل)، وستيندرا (أفانافيل).

وهذه الفئة من الأدوية هي خط العلاج الأول لضعف الانتصاب. ومع ذلك، قد تجد أن أياً منها لا يعمل أبداً أو يتوقف تدريجياً عن العمل، بعد استخدامه بنجاح لفترة.

وإذا حدث هذا، فأنت لست وحدك، حيث تشير المصادر الطبية إلى أن ما يصل إلى 40 في المائة من المرضى قد لا يستجيبون بشكل مرضٍ لهذه الأدوية ولا يجدون الرضا بتناولها. كما أنه، ووفقاً للجمعية الأميركية لجراحة المسالك البولية، فإن «الاستخدام غير الصحيح» لفئة أدوية «مثبط للفوسفوديستيراز - 5» يمثل 56 في المائة إلى 81 في المائة من حالات فشل العلاج.

2. يحدث الانتصاب عندما تكون هناك زيادة في تدفق الدم إلى القضيب. وإذا كان تدفق الدم هذا محدوداً، يعاني الشخص من ضعف الانتصاب. وأثناء الإثارة الجنسية، يتم إطلاق بروتين يسمى «أحادي فوسفات الغوانوزين الدوري». وهذا يزيد من تدفق الدم إلى القضيب للحصول على الانتصاب أو الحفاظ عليه. ولكن بمجرد إطلاقه، يقوم بروتين آخر يسمى «فوسفوديستيراز - 5» بتكسير بروتين «أحادي فوسفات الغوانوزين الدوري»، مما يحد من تدفق الدم إلى القضيب، وبالتالي يتلاشى الانتصاب (أي نتيجة تفاعل بين نوعين من البروتينات).

ويعمل دواء فياغرا وغيره من مجموعة أدوية مثبطة للفوسفوديستيراز - 5. عن طريق تثبيط وإعاقة عملية التكسير هذه مؤقتاً، بغية الحفاظ على زيادة تدفق الدم إلى القضيب واستمرار انتصابه بهيئة أقوى أثناء الجماع. وبهذا يستفيد منْ لديه ضعف في الانتصاب بشكل مُرضٍ، وكذلك يستفيد بشكل أقوى منْ ليس لديه ضعف في الانتصاب بالأصل، ولكن لديه عوامل نفسية وذهنية تشتت رغبته الجنسية في أن تترجم بطريقة طبيعية عبر تكوين انتصاب العضو الذكري.

حالات ضعف الانتصاب

3. عملية الانتصاب هي عملية معقدة تتطلب نجاح أجزاء مختلفة من الجهاز العصبي والأوعية الدموية والغدد الصماء والجهاز التناسلي والصحة النفسية، في تكوين الانتصاب. وتُعرّف الأوساط الطبية ضعف الانتصاب بأنه: عدم القدرة على تكوين الانتصاب والحفاظ عليه لإتمام ممارسة العملية الجنسية لفترة معتادة. ويحدد الإصدار الخامس للدليل التشخيصي والإحصائي للاضطراب العقلي DSM – 5 أن تستمر المشكلة لمدة لا تقل عن 6 أشهر كأحد عناصر تشخيص الإصابة به.

وتؤكد المصادر الطبية على أنه من الضروري إتمام عملية تشخيص الإصابة بضعف الانتصاب بطريقة طبية صحيحة، وليس الاعتماد فقط على ملاحظة الرجل أن لديه «عدم رضا واكتفاء» بدرجة الانتصاب للعضو الذكري. والطريقة الطبية الأكثر استخداماً هي «الفهرس الدولي لوظيفة الانتصاب» International Index of Erectile Function، وهو استبيان مكون من 15 عنصراً، ويعتبر المعيار الذهبي لتقييم المرضى بالنسبة لمشكلة ضعف الانتصاب.

4. تجدر ملاحظة أن هناك حالتين من ضعف الانتصاب، الحالة الأولى ضعف الانتصاب الذي قد يُعاني منه الرجل من آن لآخر أو أن الانتصاب الذي تكوّن لديه لا يستمر حتى إتمام العملية الجنسية. والحالة الثانية هي الضعف التام عن الانتصاب بشكل دائم. ولذا يقول أطباء كليفليلاند كلينك: «ثمة العديد من الدراسات التي حاولت معرفة مدى انتشار هذه المشكلة. وأفادت دراسة شيخوخة الذكور في ولاية ماساتشوستس أن المعاناة منها في أوقات دون أخرى ترتفع بشكل متزايد مع تقدم العمر، ونحو 40 في المائة من الرجال يتأثرون به بعد بلوغ سن 40 سنة، ونحو 70 في المائة من الرجال يتأثرون به في سن 70 سنة. أما حالة الضعف التام في الانتصاب فتصيب نحو 5 في المائة من الرجال في عمر 40 سنة، و15 في المائة منهم في عمر 70 سنة».

رصد عوامل الخطر والأسباب

5. قبل بدء تجربة العلاج الطبي لضعف الانتصاب، من الضروري معالجة عوامل الخطر القابلة للتعديل والتي تتسبب بضعف الانتصاب. ومعلوم أن عوامل الخطر لضعف الانتصاب تشمل التدخين، والسمنة، وأمراض القلب والأوعية الدموية، واضطرابات الكولسترول، وعدم انضباط مرض السكري، والاكتئاب، وجراحة البروستاتا، واضطرابات النوم، والتوتر النفسي، ومرض انقطاع النفس الانسدادي أثناء النوم، واضطرابات الغدة الدرقية، ونقص هرمون التستوستيرون.

وكل هذه حالات تتسبب بضعف الانتصاب، والتغلب على هذه المشكلة لديهم، يكون بضبط هذه العوامل ومعالجتها أولاً للتغلب على ضعف الانتصاب. كما يجب أن يستكشف التاريخ الدقيق للعوامل النفسية والاجتماعية والعلاقاتية مع شريكة الحياة والممارسات الجنسية، التي قد تؤثر على الأداء الجنسي. وقد يجدر النظر في الإحالة إلى معالج جنسي.

6. أولى خطوات معالجة ضعف الانتصاب، هي تحديد السبب أو الأسباب وراء نشوء حالة ضعف الانتصاب. وتوضح إرشادات علاج ضعف الانتصاب الصادرة عن الجمعية الأميركية لجراحة المسالك البولية، أن تعديل نمط عيش الحياة اليومية بطريقة صحية يحسن وظيفة الانتصاب ويقلل من معدل انخفاضه الوظيفي مع تقدم العمر.

وهذه نقطة مهمة يغفل عنها كثير من الرجال الذين يواجهون مشكلة ضعف الانتصاب ويتجهون تلقائياً نحو طلب تلقي أحد فئة أدوية مثبطات الفوسفوديستيراز من النوع 5 بأنواعها المختلفة في الصيدليات. ولا يلتفتون بشكل كامل نحو نصح الطبيب للمرضى بشأن تعديلات سلوكيات نمط الحياة اليومية.

وعلى سبيل المثال، تذكر الجمعية الأميركية لجراحة المسالك البولية أن بعد سنة واحدة من التوقف عن التدخين، وُجد أن المرضى لديهم تحسن بنسبة 25 في المائة في جودة الانتصاب. وكذلك الحال مع حفظ وزن الجسم ضمن المعدلات الطبيعية والحفاظ على ممارسة الرياضة البدنية ومعالجة انقطاع التنفس أثناء النوم وغيرها من الأسباب.

7. ضعف الانتصاب قد يظهر نتيجة الآثار الجانبية للأدوية التي يتناولها الشخص، وقد يُساهم في نشوء هذه المشكلة. وهنا قد يكون من الصعب على أدوية ضعف الانتصاب التغلب على تلك الآثار الجانبية. وعندما يشتبه الطبيب في أن «بعض» أدوية علاج الاكتئاب، أو ارتفاع ضغط الدم، أو الحساسية، أو إدرار البول، أو الأدوية الهرمونية، أو غيرها من أنواع الأدوية المستخدمة بشكل شائع في أوساط المرضى، قد تكون هناك ضرورية للبحث عن أدوية بديلة ذات آثار جانبية أفضل.

وللتوضيح على سبيل المثال، يرتبط تناول أدوية «حاصرات بيتا» بضعف الانتصاب، رغم عدم تحديد السبب بشكل جيد. وقد تساهم معرفة المريض بأن ضعف الانتصاب أحد الآثار الجانبية المحتملة لحاصرات بيتا، في عدم رضاه عن الوظيفة الانتصابية لديه بعد بدء تناوله حاصرات بيتا. ويمكن للطبيب النظر في تجربة دواء بديل للمرضى الذين يتناولون حاصرات بيتا من الجيل الأول (مثل بروبرانولول، أتينولول) إلى أدوية الجيل الثاني (ميتوبرولول، نيبيفولول) من حاصرات بيتا الأقل تسبباً بضعف الانتصاب. كما أن وصف أدوية أخرى لعلاج ارتفاع ضغط الدم، قد يكون أقل تسبباً في ضعف الانتصاب. ومع ذلك، يجب أن يظل علاج ارتفاع ضغط الدم هو الأولوية، لأن مرض ارتفاع ضغط الدم وعدم انضباط الارتفاعات فيه، سبب قوي في ضعف الانتصاب بحد ذاته. وكثيراً ما تتحسن قدرات الانتصاب بضبط ارتفاع ضغط الدم إلى المستويات المُستهدفة علاجياً.

أسباب عدم عمل «فياغرا»

8. السبب الأول لعدم عمل فياغرا أو غيره من أدوية فئة مثبط للفوسفوديستيراز - 5 هو أن مشكلة ضعف الانتصاب ليست ناجمة عن مشكلة في الأوعية الدموية التي تعمل على احتباس الدم في العضو الذكري. وهذا يعني أن عمل هذه الأدوية على زيادة تدفق الدم لا يُساعد في تنشيط الانتصاب. ويمكن أن يحدث هذا بسبب اعتلال الأعصاب أو مشاكل أخرى. وقد تشمل بعض الحالات العصبية التي قد تؤثر على فعالية الفياغرا ما يلي:

- اعتلال الأعصاب بسبب عدم انضباط نسبة السكر في الدم لدى مرضى السكري.

- مرض التصلب المتعدد.

- مرض باركنسون.

- جراحة سابقة في البروستاتا.

- السكتة الدماغية السابقة.

- إصابة مباشرة في أعصاب الحبل الشوكي.

9. الارتباط بين أمراض شرايين القلب وضعف الانتصاب قوي. ووجود مرض تضيق شرايين القلب قد يعني عدم عمل فياغرا نتيجة وجود عائق كبير أمام تدفق الدم في الشريان القضيبي. أي قد يكون هذا أحد أعراض تضيقات الشرايين المغذية للقضيب، وهو عامل خطر للإصابة بالنوبة القلبية والسكتة الدماغية. وفي هذه الحالة، لن تستجيب الشرايين للفياغرا لأنه مجرد موسع للأوعية الدموية. كما أن وجود تسريب وريدي، أي وجود صمامات لا تعمل بكفاءة في الأوردة التي تُصرّف تجمع الدم في القضيب، يعيق تماسك الانتصاب.

وبعد تناول فياغرا، قد يتدفق الدم بمعدل متزايد إلى القضيب، لكنه سيتسرب بالكامل ولن يبقى طويلاً بما يكفي للتسبب في الانتصاب. ووجود المشاكل النفسية بدرجة إكلينيكية مُؤثرة، قد يعيق عمل الفياغرا لدى البعض ممنْ لديهم القلق والاكتئاب والإجهاد المزمن، أو ضغوط في العلاقة مع شريكة الحياة أو لديهم قلق من كفاءة الأداء الجنسي.

الاستخدام غير الصحيح يمثل 56 - 81 % من حالات فشل العلاج

الجرعة ووقت تناول الدواء

10. وفقاً للجمعية الأميركية لجراحة المسالك البولية AUA، فإن «الاستخدام غير الصحيح» لفئة أدوية «مثبط للفوسفوديستيراز - 5» يمثل نسبة عالية من حالات فشل العلاج. وعدم تناول فياغرا، أو غيرها من أدوية تنشيط الانتصاب، بطريقة صحيحة، قد يُؤدي إلى عدم الاستفادة. وللتوضيح، هذه الأدوية تتشابه في طريقة عملها رغم أن ثمة اختلافات ثانوية فيما بينها نتيجة لأن لكل واحد منها تركيبة كيميائية مختلفة. الأمر الذي يُؤثر على طريقة عمل كل دواء منها، مثل مدى سرعة ظهور مفعول الدواء وسرعة اختفاء مفعوله والآثار الجانبية المحتملة. ويعمل عقار سيلدينافيل (فياغرا) بأقصى مستويات مفعوله عند تناوله على معدة فارغة قبل الممارسة الجنسية بساعة واحدة، ويدوم مفعوله لما يُقارب 6 ساعات. ولذا تجنب تناول الفياغرا مع وجبة كبيرة أو وجبة عالية الدهون، كما لا تتوقع أن تعمل الفياغرا قبل دقائق فقط من ممارسة الجنس. بينما يعمل عقار فاردينافيل (لفيترا) بأقصى مستويات مفعوله عند تناوله قبل الممارسة الجنسية بساعة واحدة، على معدة خالية أو ممتلئة. ويدوم مفعوله قرابة 7 ساعات. وبالمقابل، عقار تادالافيل (سيياليس) يُمكن تناوله مع الأكل أو من دونه قبل الممارسة الجنسية بمدة ساعة واحدة إلى اثنتين، ويدوم مفعوله لمدة 36 ساعة. وقد تكون الجرعة غير مناسبة.

ولذا فإن أول شيء يجب التحقق منه إذا لم يكن الفياغرا يعمل هو الجرعة المناسبة. والجرعة الأكثر شيوعاً من الفياغرا لعلاج ضعف الانتصاب هي 50 ملليغراما، والتي يتم تناولها قبل ساعة واحدة من النشاط الجنسي. ومع ذلك، قد لا يكون هذا كافياً لبعض الأشخاص. ويمكن للطبيب مساعدتك في تحديد ما إذا كانت الجرعة الأعلى من 100 ملليغرام تناسبك.

والمهم في كل ما تقدم ملاحظة أن فياغرا هو نوع من الأدوية المثبطة للفوسفوديستيراز 5. وتُستخدم أدوية مثبطة للفوسفوديستيراز 5 كعلاج أولي لضعف الانتصاب. ورغم أن مثبطات الفوسفوديستيراز 5 تميل إلى العمل بشكل جيد، فإنها قد لا تكون فعالة للجميع. وقد يكون هذا بسبب الظروف الصحية الأساسية وعوامل نمط الحياة، من بين أمور أخرى. وإذا لم يعمل أحد أنواع أدوية مثبطة للفوسفوديستيراز 5، قد يعمل نوع آخر من أدوية هذه الفئة. ولذا يجب التفكير في التحدث مع الطبيب إذا لم يساعد الفياغرا في علاج أعراض ضعف الانتصاب لديك. وقد يوصى بعلاج بديل بما سيكون هو الأفضل لك.