غوتيريش: العملية الانتقالية ضمن المحادثات السورية

عبر عن «قلق بالغ» من قطع المعونة الأميركية عن «الأونروا»

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش - أرشيف (رويترز)
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش - أرشيف (رويترز)
TT

غوتيريش: العملية الانتقالية ضمن المحادثات السورية

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش - أرشيف (رويترز)
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش - أرشيف (رويترز)

حض الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، أمس، وفدي الحكومة والمعارضة في سوريا على «عدم وضع شروط مسبقة» لمحادثات السلام بينهما، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أن كل مظاهر القرار 2254 موضوعة على طاولة النقاش، بما فيها البند المتعلق بالعملية الانتقالية.
وفي مؤتمر صحافي عقده في مقر المنظمة الدولية في نيويورك، سئل غوتيريش عن جهوده لتنشيط عملية السلام في سوريا، فأجاب أن ما يحصل على الأرض «يظهر كم من المهم تنشيط عملية جنيف». وذكر بأن الأمم المتحدة شاركت في مؤتمر «الرياض 2»، «الذي كان لحظة مهمة للغاية، من أجل جمع المنصات المختلفة للمعارضة، ومن أجل مشاركة المعارضة بصورة بناءة»، مضيفاً أنه في المحادثات الأخيرة التي عقدت في جنيف «الحكومة في رأينا لم تقدم ما هو ضروري لتقدم العملية». وأمل في حصول «حوار بناء بين الحكومة والمعارضة» في الجولة المقبلة من المفاوضات المقررة في نهاية الشهر الجاري. وأضاف أن مؤتمر سوتشي «لا يزال يعتمد على كيفية سير الأمور» في الجولة المقبلة من المحادثات، محذراً من «استمرار الرهان على العمليات العسكرية؛ لأنه من الواضح أن لا حلّ عسكرياً».
ورداً على سؤال «الشرق الأوسط» حول دور رئيس النظام السوري بشار الأسد في العملية السياسية، والعمل الذي يقوم به المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، قال غوتيريش إنه «سعيد بالعمل الذي قام به ستيفان دي ميستورا»، معتبراً أنه «تقريباً معجزة أنه كان قادراً على مواصلة العمل، وجعل هذه العملية تتقدم رغم كل الصعاب والمشكلات وكل العقبات التي شهدناها». وكشف أن الأمم المتحدة «طلبت من كل من الحكومة والمعارضة عدم وضع شروط مسبقة للنقاش. ولذلك لن أضع بنفسي شرطاً مسبقاً فيما يتعلق بالرئاسة في سوريا». وأضاف أنه «من المهم للطرفين أن يناقشا من دون أي شروط مسبقة»، موضحاً أن «مسائل الحوكمة والانتخابات والدستور أمور مهمة للغاية». وأكد أن «كل مظاهر القرار 2254 موضوعة على الطاولة»، موضحاً أن ذلك يشمل «الدستور والانتخابات والعملية الانتقالية».
وكان غوتيريش يتحدث قبل إعلان الإدارة الأميركية تعليق دفع 65 مليون دولار لوكالة الأمم المتحدة لغوث اللاجئين الفلسطينيين وتشغيلهم في الشرق الأدنى (الأونروا)، فقال إنه «قلق للغاية» من الأنباء عن اقتطاع المعونة الأميركية. وذكر بأن «(الأونروا) ليست مؤسسة فلسطينية. إنها مؤسسة تابعة للأمم المتحدة، وأنشئت بقرار من الأمم المتحدة»، مضيفاً أنها «تقدم خدمات حيوية للاجئين الفلسطينيين، معظمها في الأراضي المحتلة، وفي الأردن وسوريا ولبنان». وأكد أن «هذه الخدمات ذات أهمية قصوى، ليس فقط لرفاه هؤلاء السكان. وهناك هاجس إنساني خطير هنا، ولكن أيضاً في رأيي - وهو رأي يتشاطره معظم المراقبين الدوليين وبينهم بعض المراقبين الإسرائيليين - أن هذا عامل مهم للاستقرار». وحذر من أنه «إذا لم تكن (الأونروا) في وضع يمكنها من تقديم الخدمات الحيوية وأشكال الدعم الطارئة التي تقدمها، فإن ذلك سيوجد مشكلة خطيرة جداً».
وكان غوتيريش قد أطلع أعضاء الجمعية العامة للمنظمة الدولية على استراتيجية العمل التي يعتزم اعتمادها في السنة الجارية. ولاحظ أن عام 2017 شهد تصاعداً في الصراعات المسلحة، وظهور أخطار جديدة، وزيادة المخاوف حيال الأسلحة النووية، وسرعة وتيرة تغير المناخ، والمغالاة في القومية والعنصرية وكراهية الأجانب.
ورحب بـ«القرارات الحازمة التي اتخذها مجلس الأمن رداً على التجارب النووية التي أجرتها كوريا الشمالية»، معتبراً أن «وحدة المجلس تمهد السبيل أيضاً للتواصل الدبلوماسي». ورحب أيضاً بـ«إعادة فتح قنوات الاتصالات بين الكوريتين، وخاصة بين القوات العسكرية»، مؤكداً أن «هذا أمر مهم للحد من مخاطر إساءة الحسابات أو سوء الفهم وتقليل التوترات». وعبر عن «التفاؤل أيضاً حيال قرار كوريا الشمالية في شأن المشاركة في دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في كوريا الجنوبية». وأعلن أنه سيحضر مراسم الافتتاح، مطالباً بـ«البناء على مؤشرات الأمل الصغيرة تلك وتوسيع الجهود الدبلوماسية، لإخلاء شبه الجزيرة الكورية من السلاح النووي، بشكل سلمي في سياق الأمن الإقليمي».
وقال غوتيريش إن «الوضع في الشرق الأوسط أصبح معضلة، في ظل الأزمات المتشابكة وخطر تصاعد الوضع»، مؤكداً أنه «لا توجد خطة بديلة لحل الدولتين. المؤشرات الأخيرة على تراجع الدعم لذلك، تقوض المعتدلين وتعزز المتشددين». ورأى أنه «لا توجد خطة بديلة». ودعا إلى «العمل للحفاظ على سيادة لبنان واستقراره وتعزيز مؤسسات الدولة فيه». وتحدث عن اليمن، معتبراً أن «الوقت حان كي تبدأ الأطراف مفاوضات سلام ذات مغزى».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».