أقر فيليبي كوتينيو روتيناً إعلامياً في أعقاب مباريات بطولة «دوري أبطال أوروبا»، ولم تكن ليلة 6 ديسمبر (كانون الأول) استثناءً على هذا الصعيد. وكما جرت العادة، ابتسم اللاعب وأعتذر للصحافيين الذين طلبوا عقد مقابلة معه داخل ما يعرف بالمنطقة المختلطة قبل أن يتوجه إلى طاقم عمل تلفزيوني برازيلي في نهاية الخط ويمنحه ما رغبه - بضع دقائق من وقت النجم وتصريحات واضحة لا تقبل التأويل.
وفي تصريحاته للمحطة التلفزيونية، قال كوتينيو: «لا أدري كيف سيكون شكل المستقبل، وسنعرف ذلك في يناير (كانون الثاني)». وبعد شهر واحد بالضبط، بدأت خطوات كوتينيو نحو الانتقال إلى «برشلونة» مقابل 142 مليون جنيه إسترليني.
ربما كانت أولويات كوتينيو في 6 ديسمبر (كانون الأول) مختلفة، خاصة أنه في تلك الليلة ارتدى شارة قائد فريق «ليفربول» للمرة الأولى خلال مباراة تنافسية. وجاء رد كوتينيو على ذلك في صورة أول «هاتريك» أو ثلاثة أهداف له خلال مسيرته مع «ليفربول»، لتنتهي المباراة بسحق «سبارتاك موسكو» بنتيجة 7 – 0، وذلك خلال أول مواجهة بين الفريقين في دور التصفيات ببطولة «دوري أبطال أوروبا» منذ ثماني سنوات. ومع هذا، كانت هناك موضوعات أخرى لمناقشتها تلك الليلة، ذلك أن كوتينيو اختار أن يثير علانية إمكانية انتقاله لناد آخر. وقد شعر هو وممثلوه بالتشجيع على المضي قدماً في هذا الاتجاه بسبب تحفظ «ليفربول» في الرد.
وتمثلت استجابة مسؤولي «ليفربول» تجاه تلميحات معسكر كوتينيو إلى إمكانية رحيله خلال موسم انتقالات يناير في تقديم عدد من العروض منها نسخة جديدة من تعاقده مع النادي بشروط أفضل، لكن من الواضح أنه حتى إمكانية المشاركة في بطولة دوري أبطال أوروبا - جائزة يبدو أن اللاعب البالغ 25 عاماً غير مؤهل لنيلها مع «برشلونة» هذا الموسم - لم تفلح في إثناء اللاعب عن عزمه.
وفي بيان كاشف، أعلن مدرب ليفربول: «بدا فيليبي في حديثه معي ومع مالكي النادي، بل وحتى مع زملائه بالفريق مصراً بشدة على الرحيل. إنه حلمه الخاص وأنا الآن على قناعة بأنه ليس ثمة ما يمكننا فعله لدفعه لتغيير رأيه في هذا الصدد». يذكر أن هذا البيان صدر في أعقاب موافقة النادي على رحيل كوتينيو، السبت، وبعد التزام الصمت حيال الأمر برمته طيلة شهر.
جدير بالذكر أن الأمل راود كلوب بداية الموسم في أن ينجز اللاعب البرازيلي الموسم بأكمله مع الفريق، خاصة بعد إنجازاته في ميلوود - ملعب تدريب ليفربول - إضافة إلى المباريات التي خاضها. وبالتأكيد شكل إحرازه 12 هدفاً خلال 20 مباراة شارك بها رد فعل مبهرا أضافت الكثير لمساعيه التي تعرضت للإحباط للانتقال إلى ناد آخر خلال الصيف. بيد أنه بمرور الوقت اتضح أن آمال المدرب كانت كاذبة، فقد عكست هذه الاستجابة من قبل كوتينيو مهنيته وحرفيته وليس إخلاصه بالطموحات طويلة الأمد لـ«ليفربول». ومن اللافت أنه احتفل بالعدد الأكبر من الأهداف التي سجلها هذا الموسم، بما في ذلك الثلاثية التي أحرزها في مرمى الفريق الروسي، بوجه ممتعض.
الواضح أن أهمية كوتينيو لـ«ليفربول» تنامت في وقت أخذت الفرحة التي كان يشعر بها بارتدائه قميص النادي تخبو. وتأتي الصفقة التي اقترحها «برشلونة» في الصيف مقابل 106 ملايين جنيه إسترليني بجانب 36 مليون جنيه إسترليني أخرى في صورة مكافآت، بمثابة ربح مادي ضخم على استثمار «ليفربول» في اللاعب الذي اشتراه مقابل 8.5 مليون جنيه إسترليني من إنترميلان الإيطالي منذ خمس سنوات ماضية كان حينها بمثابة ألماسة لم تصقل بعد.
أما بالنسبة لكوتينيو ولأسرته الصغيرة، فإن هذا الانتقال يعد بمثابة تحقيق حل لطالما داعب خياله بمعاودة الانضمام إلى صديقه لويز سواريز، ورغم تضحيته بالمشاركة في «دوري أبطال أوروبا»، فإنه سيكسب في غضون أربعة أشهر كلاعب في صفوف «برشلونة» أكثر مما حصل عليه على مدار سنواته الخمسة مع ليفربول إذا ما نجح النادي الإسباني بقيادة المدرب إرنستو فالفيردي في الإبقاء على قبضته على بطولة الدوري الإسباني.
كما أن راتبه الأسبوعي سيزداد عن راتبه البالغ 150.000 جنيه إسترليني الذي كان يتقاضاه في ليفربول. ومنذ اللحظة التي وطأت قدماه طائرة خاصة في طريقه إلى كاتالونيا، تنامت الضغوط على عاتق كوتينيو باعتباره ثاني أغلى لاعب في العالم - حتى أعلنت صفقة انتقال كيليان مبابي إلى «باريس سان جيرمان» مقابل 166 مليون جنيه إسترليني - والبديل طويل الأمد للرائع أندريس أنيستا. ومع ذلك، فإنه بالنظر إلى سنه ومعدل تطور أدائه الراهن، فإن هذا لا ينبغي أن يشكل مصدر قلق لكوتينيو.
أما القلق الحقيقي فيكمن في «ليفربول» وتأثير رحيل «الساحر» البرازيلي على طموحات كلوب هذا الموسم وما وراءه. المؤكد أنه برحيل كوتينيو، فقد فريق «ليفربول» القوي والآخذ في التطور باستمرار عنصراً متوهجاً ومبدعاً ولاعبا تحمل مسؤولية متنامية موسم بعد آخر داخل ليفربول. ويبدو تأثير هذا الرحيل هائلاً بالنظر إلى تحدي ضرورة إنجاز الموسم من الدوري الممتاز في واحد من المراكز الأربعة الأولى، بجانب المشاركة في بطولتي كأس الاتحاد الإنجليزي ودوري أبطال أوروبا، مع مواجهة مرتقبة أمام «بورتو» في دور الـ16.
يعتبر توماس ليمار، لاعب «موناكو»، أحد الأهداف المؤكدة أمام أعين مسؤولي «ليفربول» حالياً، بعد أن عجزوا عن إنجاز اتفاق بخصوص اللاعب البالغ 22 عاماً في أغسطس (آب). من جهته، ادعى «موناكو» هذا الشهر أن اللاعب الفرنسي الدولي ليس معروضاً للبيع. بيد أن صفقتي فان ديك وكيتا تكشفان أن كلوب على استعداد للانتظار حتى يتمكن من ضم اللاعب المناسب، بدلاً عن النزول بسقف طموحاته. وتعتبر هذه السمة وحدها كفيلة بضمان عدم تكرار حالة الفزع التي ضربت أوصال النادي في أعقاب انتقال سواريز مقابل 75 مليون جنيه إسترليني إلى «برشلونة» عام 2014. في ذلك الصيف، رضي المدرب بريندان رودجرز بكل من ماريو بالوتيلي وريكي لامبرت بديلين لسواريز. ومن هنا، بدأ غرس بذور الأسباب التي أدت لرحيله عن النادي نهاية الأمر.
من ناحية أخرى، نجد أن «ليفربول» بوجه عام ليس لديه سجل مشجع في مسألة بيع لاعبين نجوم والاستمرار في التألق بعد ذلك. في الواقع، قليل من الأندية على مستوى العالم من يتمكن من تحقيق ذلك. ومع هذا، فإن كلوب صائب في توضيحه أنه على خلاف الحال مع فترات ما بعد رحيل سواريز وتشابي ألونسو وفرناندو توريس، فإن التحسن المستمر في أداء الفريق الآن «قوي بما يكفي للمضي في تألقنا بشدة داخل الملعب، حتى بعد فقدنا للاعب مهم. إننا اليوم في أفضل حالاتنا منذ فترة، كفريق يتطلع لتحقيق المزيد».
كيف ينوي ليفربول التأقلم بعد رحيل كوتينيو؟
ذهاب النجم البرازيلي صفعة قوية للفريق الساعي إلى استعادة أمجاد الماضي
كيف ينوي ليفربول التأقلم بعد رحيل كوتينيو؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة