قررت الحكومة الباكستانية تعزيز التواصل مع قيادات المعاهد الدينية في البلاد بغرض معالجة مشكلات الإرهاب والجماعات المسلحة التي تستلهم أفكارها من الدين المغلوط. ولذلك فإن مديري تلك المعاهد كثيرا ما يلتقون بكبار القيادات السياسية والعسكرية العليا في البلاد لتنسيق آلية إدارتها.
في السابق، كان مديرو المعاهد الدينية يجبرون على التعامل مع صغار المسؤولين بوزارة الشؤون الدينية. غير أن اجتماعات باتت تعقد بانتظام مع وزير الداخلية وحتى قائد الجيش. وبسبب الأوضاع الأمنية غير المستقرة في البلاد، لم تستمر الاجتماعات طويلا بين كبار مسؤولي الحكومة ومديري تلك المعاهد. عقد آخر تلك الاجتماعات في منتصف عام 2016 وسنحت خلاله الفرصة للالتقاء مباشرة مع رئيس الوزراء حينذاك نواز شريف، وكذلك مع رئيس الأركان في ذلك الوقت الجنرال رحيل شريف، ووزير الداخلية شادوري نصير.
وعقد الاجتماع في إسلام آباد حيث جرى الاتفاق على تعاون مديري المعاهد الدينية مع الحكومة لوضع قاعدة بيانات تلك المعاهد ومنتسبيها لخدمة الجهات الاستخباراتية وقت الحاجة.
وعلمت صحيفة «الشرق الأوسط» أن تلك الفكرة تعود لرئيس هيئة الأركان الباكستاني في ذلك الحين الجنرال رحيل شريف ووزير الداخلية شادوري نصر، اللذين رأيا أن المعاهد الدينية جزء مهم من المجتمع الباكستاني، وعليه «يجب أن تكون جزءا من الحل، لا جزءا من المشكلة».
وخلصت الحكومة الباكستانية في منتصف عام 2016 إلى أن الكثير من الاعتداءات الإرهابية التي نفذت خلال العشر سنوات الأخيرة تعود جذورها إلى تلك المعاهد الدينية المنتشرة في مختلف أرجاء البلاد. وخلصت الحكومة كذلك إلى أن هناك نحو 33 ألف معهد ديني منتشرة في البلاد تتبع أربعة أحزاب سياسية وطوائف محلية هي الطائفة البريلوية، وجماعة الحديث، و«الجماعة الإسلامية»، الأمر الذي استلزم التعامل والتواصل مع مديري تلك المعاهد، بحسب مسؤولين رفيعين بالحكومة الباكستانية.
وفي أعقاب تفجيرات لندن في يوليو (تموز) 2005، شرعت الحكومة الباكستانية في التقرب إلى مديري المعاهد لحثهم على تبني مقررات دراسية غير دينية.
والعام الجاري، تبنت الحكومة مشروعا إصلاحيا لتدريس مناهج دراسية غير دينية مثل اللغة الإنجليزية، والحساب، والعلوم، والكومبيوتر، وتاريخ باكستان في جميع المراحل الدراسية وصولا إلى سنة التخرج.
وكانت الحكومة في عهد الرئيس السابق برويز مشرف قد أطلقت مشروعا بتمويل مرتفع لإصلاح المناهج الدراسية لكنه انتهى بفشل ذريع. ففي بداية المشروع، كان عدد الطلاب المستهدفين نحو 1.5 مليون طالب، بيد أن المشروع انتهى بعدد 50 ألف طالب فقط بسبب مقاومة القائمين على تلك المعاهد لأي تغيير بدعوى أنها حجة لبداية هيمنة الفكر الغربي على المدارس في باكستان، وبعدها قررت الحكومة إلغاء البرنامج. ولهذا السبب، قررت الحكومة مؤخرا إعداد قاعدة بيانات تكون تحت تصرف وزارة الداخلية لدواع أمنية لضمان عدم تحول تلك المعاهد إلى أوكار للفكر المتطرف.
تشمل قاعدة البيانات معلومات عن عنوان المعهد، وعدد منتسبيه وأسمائهم وخلفية المعلمين وما إذا كان هناك ضيوف يستضيفهم المعهد. وأفادت مصادر بوزارة الداخلية في تصريح لصحيفة «الشرق الأوسط» بأن كل معهد سيزود بجهاز كومبيوتر متصل بقاعدة بيانات مركزية، ويقوم المعهد بأخطار وزارة الداخلية فور حدوث أي تغييرات في أعداد وبيانات الطلاب أو أي حركة انتقالات بين المعاهد.
بيد أن الحكومة تبدو الآن أقل اهتماما بإصلاح المناهج الدراسية بتلك المعاهد الدينية رغم مرور أكثر من 200 عام على بداية العمل بها، والسبب هو الفشل المتكرر عند كل محاولة تغيير، بحسب مسؤول رفيع.
إسلام آباد تعزز علاقاتها مع المعاهد الدينية لمكافحة الإرهاب
حثت قياداتها على تبني مشروع لإصلاح مناهجها
إسلام آباد تعزز علاقاتها مع المعاهد الدينية لمكافحة الإرهاب
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة