عباس يدعو الأوروبيين إلى الاعتراف بفلسطين دولة عاصمتها القدس

«فتح» تدعو إلى مظاهرات... والجيش الإسرائيلي يشير إلى انخفاض العمليات الفلسطينية المسلحة

الرئيس الفلسطيني وبطريرك الأرثوذوكس اليونان في القدس ثيوفيلوس الثالث خلال احتفالات أعياد الميلاد ببيت لحم (أ.ف.ب)
الرئيس الفلسطيني وبطريرك الأرثوذوكس اليونان في القدس ثيوفيلوس الثالث خلال احتفالات أعياد الميلاد ببيت لحم (أ.ف.ب)
TT

عباس يدعو الأوروبيين إلى الاعتراف بفلسطين دولة عاصمتها القدس

الرئيس الفلسطيني وبطريرك الأرثوذوكس اليونان في القدس ثيوفيلوس الثالث خلال احتفالات أعياد الميلاد ببيت لحم (أ.ف.ب)
الرئيس الفلسطيني وبطريرك الأرثوذوكس اليونان في القدس ثيوفيلوس الثالث خلال احتفالات أعياد الميلاد ببيت لحم (أ.ف.ب)

كشفت مصادر فلسطينية سياسية، أمس، أن الرئيس الفلسطيني، محمود عباس (أبو مازن)، سيطلب من وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، الذين سيستقبلونه بعد أسبوعين، العمل لدى حكوماتهم من أجل الاعتراف بفلسطين دولة داخل «حدود 67»، وبالقدس الشرقية عاصمة لها. فيما توجهت حركة «فتح»؛ كبرى الفصائل الفلسطينية، إلى الجمهور الواسع، داعية لعدم السماح بانخفاض لهيب الاحتجاجات على السياسة الأميركية - الإسرائيلية، ومواصلة الخروج إلى الشوارع.
وقال المصدر المقرب من أبو مازن، إن «الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورجاله يعملون مع إسرائيل على دفن حل الدولتين. وإذا كانت أوروبا لا تزال تؤيد هذا الحل، فإن عليها الانتقال من التصريح إلى العمل. والعمل الأكثر حيوية هو الاعتراف بالدولة الفلسطينية داخل حدود 67، وعاصمتها القدس الشرقية، وإلا فسيبقى كل شيء مجرد كلام غير ملزم لأحد».
وسيلتقي أبو مازن مع وزراء الخارجية الأوروبيين في 22 يناير (كانون الثاني) الحالي في بروكسل، بدعوة من الاتحاد الأوروبي. وجاءت الدعوة في مواجهة فرض رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، نفسه على لقاء مع الاتحاد في نهاية الشهر الماضي، الأمر الذي لم يرق لدول الاتحاد، ووجّهت على الفور دعوة إلى عباس للقاء مرغوب.
في هذه الأثناء تدفع السلطة الفلسطينية، وبشكل خاص في حركة «فتح»، نحو مواصلة الاحتجاج الشعبي في أنحاء الضفة الغربية وقطاع غزة، الذي كان قد بدأ مع إعلان ترمب القدس عاصمة لإسرائيل. ونشرت «فتح»، أمس، بيانا يدعو الجمهور للخروج إلى الشوارع والحواجز، بعد غد الثلاثاء، والمشاركة في صلوات حاشدة يوم الجمعة المقبل، وعدم إسكات الاحتجاج، على الأقل كل يوم ثلاثاء وجمعة من الأسبوع.
وقال مسؤول فلسطيني رفيع وعضو في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، أمس، إنه في ضوء تصريح ترمب وتهديداته بتجميد المساعدات، ينبغي أن يعمل الفلسطينيون على إبقاء القضية الفلسطينية مطروحة على جدول الأعمال الدولي. وأكد أن «المجلس المركزي الفلسطيني»، الذي سيلتئم في رام الله بحضور كل الفصائل، بمن في ذلك «حماس» و«الجهاد الإسلامي»، في الأسبوع المقبل، سوف يقرر كيفية النشاط الفلسطيني في المرحلة اللاحقة.
وقال المسؤول الرفيع إن «تصريح ترمب يدفع، ظاهرا، هذا الموضوع لكي يبقى مطروحا على جدول الأعمال الدولي، خصوصا عشية انعقاد (المجلس المركزي) واللقاء المرتقب بين أبو مازن ووزراء خارجية الاتحاد الأوروبي». وأضاف أن الموقف الفلسطيني هذا، حظي بدعم من لجنة المتابعة العربية التي تضم الأردن، والسعودية، ومصر، والمغرب، والإمارات المتحدة، والسلطة الفلسطينية. وقال وزير الخارجية الأردني، أمس، إن الموقف الذي صاغه وزراء خارجية هذه الدول يحدد أنه لن يتحقق الاستقرار في المنطقة من دون دولة فلسطينية على «حدود 67».
وفي إسرائيل، أصدر الجيش الإسرائيلي، أمس، إحصاءات يلخص فيها أحداث المواجهات مع الفلسطينيين في سنة 2017 بالمقارنة مع سابقتها، فقال إن 20 إسرائيليا قتلوا في «اعتداءات إرهابية» في السنة الأخيرة، أي بزيادة 3 قتلى عن 2016، وأن عدد العمليات انخفض بنسبة أكبر (من 269 عملية إلى 99).
وجاء في الإحصاءات أيضا، أنه تم في 2017 إطلاق 35 صاروخا من قطاع غزة، من بينها 10 قذائف «هاون» أطلقت على موقع للجيش الإسرائيلي في نوفمبر (تشرين الثاني)، ردا على تفجير نفق عسكري تابع لـ«الجهاد». وفي العام الذي سبقه، كان عدد الهجمات الصاروخية من غزة أقل من النصف؛ 15 فقط. وردت القوات الإسرائيلية بنيران كثيفة، حيث هاجم الجيش 59 هدفا، منها راجمات صواريخ ومواقع عسكرية ومعسكرات تدريب ومنشآت لإنتاج الأسلحة وغيرها. كما أفاد الجيش بأنه تم في 2017 اعتقال 3617 فلسطينيا، وهو رقم يزيد بـ500 معتقل على العام الذي سبقه. وبالإضافة إلى ذلك، تم ضبط أكثر من 10 ملايين شيقل يدعي الجيش أنها خزنت لتمويل أغراض إرهابية، وإغلاق 42 مصنعا للأسلحة، وضبط 455 قطعة سلاح غير قانونية.
يذكر أن رئيس جهاز الأمن العام (شاباك)، نداف أرجمان، كان قد أعلن في الأسبوع الماضي أنه في سنة 2017، تم إحباط نحو 400 عملية مسلحة خطط لها فلسطينيون لضرب أهداف إسرائيلية.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».