الأردن: قرار إحالة ثلاثة قادة عسكريين إلى التقاعد «شأن طبيعي داخلي»

يأتي ضمن عملية هيكلة القوات المسلحة وضبط النفقات

العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني
العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني
TT

الأردن: قرار إحالة ثلاثة قادة عسكريين إلى التقاعد «شأن طبيعي داخلي»

العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني
العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني

اعتبر مصدر أردني مسؤول قرار إحالة ثلاثة أمراء من الخدمة العسكرية إلى التقاعد «شأناً طبيعياً داخلياً»، مضيفاً أن هناك «جهات تحاول تسييس الموضوع، لكنها لا تستحق الرد عليها».
وأضاف المصدر أن الأمراء الثلاثة، وهم فيصل بن الحسين وعلي بن الحسين شقيقا الملك عبد الله الثاني والأمير طلال بن محمد ابن عمه، خدموا في القوات المسلحة وتسلسلوا في رتبهم إلى أن وصلوا إلى أعلى الرتب العسكرية، مشيراً إلى أن الحديث عن «إقصاء» عار عن الصحة فهم في مناصب مدنية لا تقل أهمية عن الخدمة العسكرية.
وأكد المصدر أن الحكومة غير مضطرة إلى أن تبرر قراراً اتخذته المؤسسة العسكرية ووافق عليه مجلس الوزراء ووافق عليه الملك بمرسوم ملكي، خاصة أن الحكومة والمؤسسة العسكرية تقومان بعملية إعادة هيكلة الجهاز المدني والعسكري، مؤكداً أن القرار «لا يعدو كونه خطوة في إطار ضبط النفقات وإعادة هيكلة المؤسسة العسكرية».
وتساءل المصدر: «ما الذي يدفع بعضهم إلى الخوض في قرار داخلي في هذا التوقيت خاصة؟»، مُجيباً بنفسه: «نحن نعلم أن هناك من يسعى إلى إضعاف جهود الأردن تجاه قضية القدس، التي كان للمملكة دورٌ كبير في توحيد الصف العربي والإسلامي نحوها، بعد القرار الأميركي الأخير» (بالاعتراف بالمدينة عاصمة لإسرائيل)، مؤكداً «أن الأردن سيستمر في موقفه الثابت تجاه القدس والقضية الفلسطينية، بالتنسيق والتعاون مع الدول العربية والصديقة».
ونهاية الأسبوع الماضي، وجّه الملك عبد الله الثاني رسائل شكر وثناء إلى الأمراء الثلاثة بعد صدور قرار إحالتهم إلى التقاعد من الجيش. وجاء في رسائل وجهها العاهل الأردني للأمراء الثلاثة: «تقوم القوات المسلحة الأردنية بعملية إعادة هيكلة وتطوير شاملة لتعزيز قدرات الوحدات ذات الواجبات العملياتية، وتوفير المتطلبات اللازمة، وتوحيد القيادات وتقليص الكلف وإعادة تشكيل الهرم القيادي بالشكل المطلوب للسنوات القادمة».
وزاد: «ولما كانت المؤسسية هي أساس العمل في قواتنا المسلحة، والقاعدة التي يُستند إليها في مسيرة التحديث والتطوير وإعادة الهيكلة، فقد اقتضت هذه المؤسسية وإعادة الهيكلة إحالتكم أنت (الأمير فيصل) وسمو الأمير علي بن الحسين، وسمو الأمير طلال بن محمد، إلى التقاعد أُسوة بإخوانكم كبار الضباط في الجيش العربي».
يشار إلى أن العاهل الأردني يبعث عادة برسالة شكر إلى كل مسؤول رفيع يتم إحالته إلى التقاعد سواء في المؤسسة العسكرية أو الحكومة. وكان قد تم ترفيع الأمير فيصل إلى رتبة فريق فخرية والأميرين علي وطلال إلى رتبة لواء فخرية لكل منهما.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.