تشهد أحياء العاصمة اليمنية صنعاء حالة من التشنج والغضب المكتوم، منذ أيام، جراء استخدام ميليشيات الحوثيين القوة المفرطة بحق المدنيين، واقتياد طلاب المدارس إلى جبهات القتال تحت تهديد السلاح أو بالمال، في حين تجري تحركات بين قيادات ومشايخ متوارين عن الأنظار في العاصمة، وممثلي قبائل طوق صنعاء والمتمركزين في جبهة نهم، لدعم الجيش الوطني في العمليات القتالية.
وتشهد صنعاء نزوح مئات من أبنائها باتجاه المدن المحررة، لصعوبة العيش نتيجة تدهور الوضع الاقتصادي، الأمر الذي قد يحول العاصمة إلى «مدينة أشباح» بحسب سكان فيها. ومن أبرز القطاعات شبه المتوقفة، التجارة والخدمات، إضافة إلى التعليم الذي يعتمد عليه الحوثيون لدعم جبهاتهم بالمقاتلين في هذه المرحلة، الأمر الذي دفع بأولياء أمور الطلاب لإصدار بيان غير ممهور خوفاً على حياتهم، يطالبون فيه الحوثيين بوقف إقحام أبنائهم في تلك المعارك والتلاعب بمستقبلهم، من خلال دفع مبالغ لهم للمشاركة في الحرب.
وقال الشيخ محمد الشليف أحد مشايخ قبيلة نهم لـ«الشرق الأوسط»: «من الصعب الكشف الآن عن جميع الاتصالات التي تجري مع مشايخ الداخل في صنعاء وعدد من القيادات، ولكن هناك حراكاً يجري وترتيبات للقيام بأعمال ضد الحوثيين، وهذه التحركات تحكمها جملة من الضوابط والتوقيت المناسب للقيام بردة فعل».
وأضاف أن الهدف من بقاء أولئك المشايخ في صنعاء، تزويد الجهات المعنية بالمعلومات، إضافة إلى القيام بأعمال مستقبلية أثناء تقدم الجيش.
ولفت الشليف إلى أن الميليشيات الحوثية تعيش حالة من الانهيار والتخبط، مع تضييق الخناق عليها وتقدم الجيش في الجبهات كافة، خصوصاً بعد تحرير شبوة ومديريات البيضاء، إضافة إلى الانتصار في نهم، أهم الجبهات الملاصقة لصنعاء، وتخطي الجيش والمقاومة الشعبية السلاسل الجبلية، التي تفتح المجال للتقدم بشكل سريع نحو المدينة.
وعن آلية التعامل مع النازحين، قال الشليف إن ذلك يجري من خلال التشكيل الذي يضم رئاسة الأركان والجهات الأمنية لاستقبال النازحين، كما أن المجلس الأعلى للمقاومة شكّل لجاناً من قيادات المجلس ووجهاء محافظات صنعاء لاستقبال النازحين وترحيلهم لمناطق آمنة، مشيراً إلى أن من النازحين قيادات كبيرة.
إلى ذلك، ذكر عبد الباسط الشاجع، مدير مركز العاصمة الإعلامي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن اقتياد الطلاب من مدارسهم يزيد في صنعاء، بحكم أن الحوثيين يحكمون قبضتهم على المدينة، مضيفاً أن الزج بالأطفال وطلاب المدارس في الجبهات اتخذ منحى جديداً وبوتيرة سريعة من قبل الميليشيات، خصوصاً بعد مقتل الرئيس السابق علي عبد الله صالح بفترة وجيزة، وهم يجاهرون حالياً بتجنيد أطفال المدارس. وبيّن أن الحوثيين يتبعون أساليب عدة لتجنيد الأطفال، منها عرض الأموال في شكل راتب شهري في ظل الوضع الاقتصادي المتهالك في المدينة، وما تمر به من أزمة إنسانية. وجرى رصد حالات يدعي فيها الحوثيون أنهم سيقدمون للأطفال المجندين دورات في أصلها طائفية ثم يرسلونهم للجبهات، ما دفع إلى إصدار بيان من آباء الطلاب يحذرون فيه الحوثيين من التلاعب بمستقبل الطلاب والزج بهم في الحروب.
وتطرق إلى أن تسارع الأحداث والتطورات العسكرية نتيجة تقدم الجيش في أكثر من محور، أدى إلى حدوث أزمة لدى الحوثيين الذين يعانون نقصاً كبيراً في المقاتلين، ما دفعهم إلى رفع وتيرة استقطاب المقاتلين من طلاب المدارس والجامعات، موضحاً أن أكثر من 60 في المائة من العملية التعليمية معطلة في صنعاء، جراء أخذ الطلاب من مقاعد الدراسة وخوف الأهالي، إضافة إلى رفض عدد من المدرسين مزاولة أعمالهم في ظل هذه الأوضاع.
وتعيش العاصمة صنعاء، وفقاً للشاجع، شبه توقف في مفاصل الحياة اليومية، كما أن مئات العائلات تنزح يومياً، ما انعكس على الحالة العامة للمدينة. فالحركة متوقفة في الأسواق والمجمعات والمدارس، ولا يوجد سوى طيف الحوثي المسيطر والمتحكم في المدينة، لافتاً إلى وجود غضب عارم لكن لا يستطيع أحد الإفصاح عنه بسبب القمع الحوثي، الذي اعتقل عشرات المواطنين على خلفية منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي.
نزوح مئات اليمنيين وغضب في صنعاء بسبب القمع وتردي الأوضاع
الحوثيون يجبرون الطلاب على الذهاب إلى جبهات القتال
نزوح مئات اليمنيين وغضب في صنعاء بسبب القمع وتردي الأوضاع
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة