اعتقال ضابط بالجيش المالي للاشتباه بتدبيره انقلابا ضد الرئيس كيتا

حركات الشمال تلتقي في الجزائر لإجراء مشاورات بهدف إنهاء الأزمة المالية

قاعدة جوية للجيش المالي
قاعدة جوية للجيش المالي
TT

اعتقال ضابط بالجيش المالي للاشتباه بتدبيره انقلابا ضد الرئيس كيتا

قاعدة جوية للجيش المالي
قاعدة جوية للجيش المالي

قالت مصادر في الجيش والمخابرات المالية إن سلطات باماكو اعتقلت أمس ضابطا في الجيش وعددا من مساعديه للاشتباه في أنهم كانوا يدبرون «شيئا ما» ضد الرئيس إبراهيم أبو بكر كيتا.
وذكرت المصادر ذاتها أن الملازم محمد أوتارا اعتقل مساء الأربعاء الماضي. وكان أوتارا ينتمي لوحدة «القبعات الحمراء»، التي تعد مقربة من الرئيس المخلوع أمادو توماني توري.
وقال مسؤول عسكري كبير لوكالة «رويترز»، طالبا عدم نشر اسمه: «أوتارا كان يخطط لشيء ما. لكن لم يتسع الوقت لتنفيذه. كما جرى اعتقال آخرين. لقد كان زعماء سياسيون سيتورطون في الأمر، والتحقيق جار».
وقال مسؤول في المخابرات إن أوتارا ونحو عشرة ضباط يخضعون الآن للاستجواب، كما اعتقلت عائلة الضابط، الذي أوقف لأنه نفذ «محاولة انقلاب»، وهو متهم بـ«المس بأمن الدولة»، وفق ما أفاد مسؤول حكومي مالي لوكالة الصحافة الفرنسية.
وصرح مسؤول مالي كبير بأن «الملازم أوتارا أوقف - ولم يخطف - بتهمة محاولة انقلاب وزعزعة استقرار مؤسسات الجمهورية والمس بأمن الدولة».
وجاء في وثيقة رسمية أن أوتارا كان يهدف مع ضباط آخرين «وشركائهم» إلى قلب «نظام» الرئيس كيتا.
وأوضح المسؤول المالي أن عدة توقيفات حصلت وستليها توقيفات أخرى. وينتمي أوتارا إلى وحدة «القبعات الحمر»، التي ظلت وفية للرئيس توري المطاح به في انقلاب 22 مارس (آذار) 2012، قاده الرائد حمادو هايا سانوغو، وحاول «القبعات الحمر» عبثا تنفيذ انقلاب مضاد بعد شهر قبل أن يطاردهم الانقلابيون.
ومنذ بداية ديسمبر (كانون الأول) 2013 عثر على نحو 30 جثة، يشتبه بأنها من عناصر «القبعات الحمر» الذين اختفوا في عدة مقابر جماعية قرب كاتي، المدينة العسكرية التي كانت معقل الكابتن سانوغو ورجاله.
من جهة ثانية، بدأت تتوافد على الجزائر العاصمة، أول من أمس، حركات شمال مالي بهدف إجراء مشاورات تمهيدية موسعة لإيجاد حل نهائي لمشكلة شمال مالي. وذكرت وكالة الصحافة الألمانية نقلا عن مصادر محلية أن «القادة الرئيسيين لحركات شمال مالي المعنية، سيشاركون في هذه المشاورات، مما يعكس الإرادة في مواصلة حركة التهدئة، التي بوشرت في إطار وقف إطلاق النار يوم 21 مايو (أيار) الماضي في المنطقة، وتعجيل التحضيرات لحوار شامل بين الماليين».
وكان وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة قد أعلن في 26 مايو أن الجزائر التي تلعب دور الوساطة مستعدة لاستقبال الأطراف المتفاوضة في مالي خلال شهر يونيو (حزيران) الحالي لإيجاد حل للأزمة الجديدة في هذا البلد، الذي تتقاسم معه الجزائر أكثر من ألف و300 كلم.
ووقعت الحكومة المالية والجماعات المسلحة المتمردة الكبرى الثلاث، التي تسيطر على مدينة كيدال في 23 مايو اتفاقا لوقف إطلاق النار بعد ساعات من المحادثات مع محمد ولد عبد العزيز، الرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي ورئيس موريتانيا.
وكانت الأطراف المعنية في هذا النزاع قد باشرت في يناير (كانون الثاني) جولة أولى من المشاورات التمهيدية لتقريب وجهات نظر حركات الشمال، والتي تعد «مرحلة هامة لتوفير ظروف نجاح الحوار الشامل المزمع إجراؤه بين الماليين»، حسب المصدر ذاته.
وذكر المصدر ذاته أنه سيجري خلال الأيام المقبلة في الجزائر عقد الدورة الرابعة للجنة الثنائية الاستراتيجية الجزائرية - المالية حول شمال مالي.



الشراكة مع فرنسا تثير جدلاً واسعاً في نيجيريا

الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)
الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)
TT

الشراكة مع فرنسا تثير جدلاً واسعاً في نيجيريا

الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)
الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)

في وقت تسحب فرنسا قواتها من مراكز نفوذها التقليدي في الساحل وغرب أفريقيا، وتبحث عن شركاء «غير تقليديين»، يحتدمُ الجدل في نيجيريا حول السماح للفرنسيين بتشييد قاعدة عسكرية في البلد الأفريقي الغني بالنفط والغاز، ويعاني منذ سنوات من تصاعد وتيرة الإرهاب والجريمة المنظمة.

يأتي هذا الجدل في أعقاب زيارة الرئيس النيجيري بولا تينوبو نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إلى فرنسا، والتي وصفت بأنها «تاريخية»، لكونها أول زيارة يقوم بها رئيس نيجيري إلى فرنسا منذ ربع قرن، ولكن أيضاً لأنها أسست لما سمّاه البلدان «شراكة استراتيجية» جديدة.

وتمثلت الشراكة في اتفاقيات تعاون هيمنت عليها ملفات الطاقة والاستثمار والمعادن، ولكنّ صحفاً محلية في نيجيريا تحدّثت عن اتفاقية تسمحُ للفرنسيين بإقامة قاعدة عسكرية داخل أراضي نيجيريا، وذلك بالتزامن مع انسحاب القوات الفرنسية من دول الساحل، خصوصاً تشاد والنيجر، البلدين المجاورين لنيجيريا.

لا قواعد أجنبية

ومع تصاعد وتيرة الجدل، تدخل الجيش النيجيري ليؤكد أن ما يجري تداوله بخصوص «قاعدة عسكرية» أجنبية فوق أراضي نيجيريا مجرد «شائعات»، نافياً وجود خطط للسماح لأي قوة أجنبية بإقامة قاعدة عسكرية في نيجيريا.

وتولّى قائد الجيش النيجيري، الجنرال كريستوفر موسى، بنفسه مهمة الرد، فأوضح أن «زيارة الرئيس بولا تينوبو الأخيرة إلى فرنسا، وُقِّعت خلالها عدد من الاتفاقيات الثنائية، لم تشمل السماح بإنشاء قواعد عسكرية أجنبية في نيجيريا».

وكان قائد الجيش يتحدّث خلال حفل عسكري بمقر وزارة الدفاع في العاصمة أبوجا، بمناسبة تغيير شعار القوات المسلحة النيجيرية، وقال إنه يوّد استغلال الفرصة لتوضيح ما جرى تداوله حول «قاعدة عسكرية أجنبية» في نيجيريا. وقال: «لقد أوضح الرئيس بشكل لا لبس فيه أن ما تم توقيعه هو اتفاقيات ثنائية تتعلق بالتجارة، والثقافة، والتقاليد، والتعاون، والاقتصاد، ولا وجود لأي شيء يتعلق بقاعدة عسكرية أجنبية».

وأوضح الجنرال موسى أن الرئيس تينوبو «يدرك تماماً عواقب مثل هذا القرار، ويعلم أن من واجبه حماية نيجيريا، ومن ثم، لن يسمح مطلقاً لأي قوة أجنبية بدخول نيجيريا»، ولكن قائد الجيش أكد: «سنستمر في التعاون بشكل ثنائي من خلال التدريب المشترك وإرسال ضباطنا كما هو معتاد، ولكن إنشاء قاعدة عسكرية أجنبية في نيجيريا ليس ضمن خطط الرئيس».

كراهية فرنسا

ورغم تصريحات قائد الجيش، فإن الجدل لم يتوقف؛ حيث عَبَّر «تحالف جماعات الشمال»، وهو هيئة سياسية ناشطة في نيجيريا، عن إدانته قرار السماح للعسكريين الفرنسيين بدخول أراضي نيجيريا، بل ذهب إلى أبعد من ذلك، حين انتقد بشكل لاذع عقد شراكة مع فرنسا.

وقال التحالف: «إن القرار يتعلق باتفاقية ثنائية جرى توقيعها بين نيجيريا وفرنسا تمنح الأخيرة وصولاً غير مقيد إلى الموارد المعدنية في نيجيريا»، وذلك في إشارة إلى اتفاقية وقعها البلدان للتعاون في مجال المعادن النادرة.

المنسق الوطني لتحالف جماعات الشمال، جميل علي تشارانشي، اتهم الرئيس تينوبو بالسعي نحو «تسليم سيادة نيجيريا إلى فرنسا، والتغطية على ذلك بمبررات مضللة»، ثم وصف ما يقوم به تينوبو بأنه «مناورة دبلوماسية مكشوفة».

الناشط السياسي كان يتحدث بلغة حادة تجاه فرنسا؛ حيث وصفها بأنها «دولة عدوانية؛ تدعم وتمول تفكيك المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)»، قبل أن يحملها مسؤولية «جو الحرب الذي تعيشه منطقة غرب أفريقيا».

وخلُص الناشط السياسي إلى أنه مصدوم من «إمكانية أن تخضع نيجيريا، بتاريخها الفخور بالدفاع عن السيادة الأفريقية، لتأثير أجنبي، نحن نرفض ذلك، وسنعارضه بشدة»، على حد قوله.

شراكة مفيدة

الرئيس النيجيري بولا تينوبو لدى حضوره حفل تنصيب رئيس تشاد في ندامينا 23 مايو (رويترز)

في المقابل، ارتفعت أصوات في نيجيريا تدافع عن تعزيز التعاون والشراكة مع فرنسا، وعدّت الحديث عن «قاعدة عسكرية» محاولة للتشويش على الطموحات الاقتصادية للبلدين.

في هذا السياق، قال المحلل السياسي النيجيري، نيكسون أوكوارا: «إن العالم يتّجه بسرعة نحو نظام متعدد الأقطاب، وإعادة صياغة التحالفات التقليدية، وهذا الواقع الجديد يتطلب من نيجيريا الاصطفاف مع شركاء يقدمون فوائد استراتيجية دون التنازل عن سيادتها».

وأضاف المحلل السياسي أن «فرنسا، رغم تاريخها غير الجيد في أفريقيا، فإنها تمنح لنيجيريا فرصة إعادة التفاوض على العلاقات من موقع قوة؛ حيث تواجه فرنسا معضلة تراجع نفوذها بشكل مطرد في الساحل وغرب أفريقيا».

وشدّد المحلل السياسي على أن نيجيريا يمكنها أن تربح «مزايا اقتصادية كبيرة» من الشراكة مع فرنسا، كما أكّد أنّه «مع تصاعد التحديات الأمنية في منطقة الساحل، يمكن للخبرات والموارد العسكرية الفرنسية أن تكمل جهود نيجيريا لتحقيق الاستقرار في المنطقة».

تعاون عسكري

التعاون العسكري بين فرنسا ونيجيريا عرف صعوداً مهماً عام 2016، حين وقع البلدان اتفاقية للتعاون العسكري والأمني، خصوصاً في مجالات الاستخبارات، والتدريب والإعداد العملياتي.

في الفترة الأخيرة، بدأ الحديث عن رغبة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في تعزيز هذا التعاون، وهو الذي عمل لستة أشهر في السفارة الفرنسية في أبوجا، حين كان طالباً في المدرسة الوطنية للإدارة. وبوصفها خطوة لتطوير التعاون العسكري بين البلدين، أعلن الجنرال حسن أبو بكر، قائد القوات الجوية النيجيرية، الأسبوع الماضي، أن بلاده تستعد للاستحواذ على 12 طائرة من طراز «ألفاجيت» مستعملة من القوات الجوية الفرنسية، ستتم إعادة تشغيل 6 منها، في حين ستُستخدم الـ6 أخرى مصدراً لقطع الغيار.

ورغم أنه لم تعلن تفاصيل هذه الصفقة، فإن نيجيريا أصبحت خلال السنوات الأخيرة «زبوناً» مهماً للصناعات العسكرية الأوروبية، وسوقاً تتنافس عليها القوى المصنعة للأسلحة، خصوصاً سلاح الجو الذي تراهن عليه نيجيريا لمواجهة خطر الإرهاب في غابات حوض بحيرة تشاد، أقصى شمال شرقي البلاد.