يتذكر غاريث ساوثغيت مدرب منتخب إنجلترا زميله السابق أوغو إيهيوغو، الذي توفي في أبريل (نيسان) الماضي إثر أزمة قلبية مفاجئة خلال إشرافه على حصة تدريبية لفريق الشباب بنادي توتنهام، وكيف كان قلب دفاع «أستون فيلا» و«ميدلزبره» والمنتخب الإنجليزي لاعباً قوياً ومثابراً، ومتواضعا لم ينس قط جذوره في حي هاكني اللندني الفقير.
ويقول ساوثغيت: التقيت أوغو إيهيوغو للمرة الأولى عام 1995 عندما وقعت عقد الانضمام إلى أستون فيلا، كنا مدافعين شابين ولعبنا معاً في مركز قلب الدفاع. وقضينا معاً خمس سنوات داخل أستون فيلا، ثم التقينا من جديد في ميدلزبره، حيث لعبنا جنباً إلى جنب على امتداد خمسة مواسم أخرى. عندما تدخل في شراكة داخل مركز قلب الدفاع، فهذا يعني أن يضع اللاعبان جسدهما في صف واحد لتغطية بعضهما البعض. خلال هذه الشراكة، تعترض الكرات وتعيق كرات الخصم ويحرص كل لاعب على تغطية ظهر زميله، معنوياً وبدنياً. وبالفعل، نشأ بيننا نوع من التفاهم عن بعد. بيد أن المفاجأة أنك بعد أن تلعب إلى جانب شخص ما طيلة 10 سنوات تكتشف أن ثمة الكثير بينكما لم يقل. وتظل هناك الكثير من جوانب حياة كل منا لا يعرفها عنه الآخر. لقد عايشت أوغو على نحو أكثر اجتماعية في أستون فيلا. في ذلك الوقت كنا أصغر سناً واعتادنا الخروج معاً لتناول العشاء كثيراً. وكان أوغو بطبيعة الحال منطوياً بعض الشيء، لكنه كان شخصا قد تولى لتوه مهام عمله على نحو شديد المهنية. وأتذكر أنه كان شديد الاهتمام بالتفاصيل إزاء ما يأكله، الأمر الذي كان يثير الضحك والتسلية بيننا آنذاك. وكان أحياناً يعد الطعام لكن دائماً ما كانت لديه معايير رفيعة يتمسك بها واستقلالية في الفكر بدرجة كافية لأن تجعله لا يأبه لما يظنه الآخرون. ومع هذا، فإنه كان ملتزماً السلوك المحترم.
ورغم هدوء شخصيته، فإنه كان لاعباً قوياً قادراً على فرض نفسه بدنياً. كان جسده ممشوقاً ومتناسقاً كما لو كان منحوتاً. كانت واحدة من أكبر الصدمات التي ألمت بي عندما سمعت خبر وفاته أنه كان الرياضي الأقوى الذي عرفته على الإطلاق. ومع أنني أدرك بالطبع أن اللياقة البدنية لا تمنع التعرض لمشكلة صحية بالقلب، تملكتنا جميعاً الحيرة إزاء فكرة أنه كيف يمكن لشخص كنا نتطلع نحوه جميعاً باعتباره نموذجاً للياقة البدنية أن يموت في ريعان شبابه.
كان أوغو قد نشأ في حي هاكني وحافظ على القيم المجتمعية الراسخة التي نشأ عليها، والتي تربى عليها مع أسرته. وكانت آخر رسالة نشرها عبر «تويتر» عن تقديمه 10 جنيهات إسترلينية لفتاة مشردة في هاكني. ومع أن هذا ربما بدا للبعض عملاً عشوائياً ينم عن طيبة القلب، فإنه في حقيقته لم يكن عشوائياً. كان هذا هو الأسلوب الذي عاش به أوغو حياته، فقد سبق وأن اضطلع بالكثير من جهود جمع التمويل لأغراض خيرية. وكنا (زملاؤه) بالفريق نضحك مع حلول كل موسم لأعياد الميلاد لأنه كان يحرص على تنظيم حفل يانصيب لناديه القديم الذي كان يلعب فيه خلال صباه. ومع هذا، كنا نشارك جميعاً لأننا كنا نعي ما يحاول تحقيقه، كان يحاول تقديم شيء لكيان كان جزءاً منه وهو صغير.
لقد قدم الكثير من الدعم ومن وقته للصبية الصغار - ليس فقط من يتولى تدريبهم في «توتنهام هوتسبير»، لكن كذلك بعض من شاركوا في أعماله الموسيقية. ومع هذا، فإنه لم يكن يخبر الصبية ما يودون سماعه، وإنما كان يسلط الضوء على المجالات التي يتعين عليهم العمل على التحسن فيها. في الواقع، كان نموذجاً رائعاً.
كما كان شخصاً على درجة بالغة من الشجاعة. لقد أشرفت أيضاً على تدريبه على مدار عام كامل عندما توليت مسؤولية فريق «ميدلزبره»، وكان الأمر صعباً لأنه كان يعاني من إصابات مروعة، منها تمزق في نقرة العين واضطر إلى إجراء جراحة دقيقة للغاية في الرأس وعانى تمزقاً في الرئة بسبب إصابة في أحد أضلاعه. وكانت بسالته في العودة إلى الملاعب والانتظام في المشاركة مبهرة.
دائماً ما نحكم على الرياضيين خصوصا لاعبي كرة القدم، من المباريات التي يخوضونها والبطولات التي يفوزون بها. إلا أنه في نهاية الأمر يجري الحكم علينا جميعاً كبشر. وتكشف التعازي التي انهالت بمجرد إعلان نبأ وفاة أوغو عن قدر الاحترام الذي حظي به كشخص لطبيعة شخصيته وتواضعه وقيمه. وكم أتمنى الآن لو أنني جلست معه وأخبرته بشعوري نحوه. لقد جعلتني وفاته أفكر في عدد المرات التي نصارح فيها من نحبهم ونحترمهم بمشاعرنا تجاههم. وكم كنت أتمنى لو أنني حظيت بفرصة كي أفعل هذا معه.
ويذكر أن إيهيوغو الذي توفي في عمر الـ44 عاما قد بدأ مسيرته الكروية الاحترافية عام 1989 مع وست بروميتش ألبيون، قبل الانتقال إلى أستون فيلا الذي دافع عن ألوانه من 1991 حتى 2000. ثم ميدلزبره الذي بقي في صفوفه حتى 2007 (لعب موسما واحدا مع ليدز يونايتد على سبيل الإعارة).
ومر إيهيوغو في نهاية مشواره الكروي برينجرز الاسكوتلندي 2007 - 2008 وشيفيلد يونايتد 2008 - 2009 وويمبلي 2012، وتوج خلال مسيرته بلقب كأس الرابطة ثلاث مرات 1994 و1996 مع أستون فيلا و2004 مع ميدلزبره، وشارك في أربع مباريات دولية مع المنتخب الإنجليزي.
ساوثغيت يحيي ذكرى أوغو إيهيوغو
مدرب إنجلترا لم ينس زميله المدافع الصلب الذي سقط متوفياً بأزمة قلبية في ملعب التدريب
ساوثغيت يحيي ذكرى أوغو إيهيوغو
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة