صور فوتوغرافية تتناول تفاصيل الطبيعة من ناحية وعناوين العمارة الحديثة من ناحية ثانية، جمعها الفنان بشار عزمي بعدسة كاميرته ضمن معرض «صور بسيطة ورؤيا معقدة» في غاليري (قرية الصيفي) وسط بيروت.
«هي عبارة عن صور نقلها ذهني إلى عيني فاكتشفت من خلالها تفاصيل قلّما يشاهدها أحد غيري»، يقول بشار عزمي الذي عمل لفترة طويلة في مجال الهندسة المعمارية قبل أن يتفرغ لهوايته في التصوير الفوتوغرافي. وأضاف في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «حاولت أن أغبّ من بلدي سوريا مشاهد ترتبط ارتباطاً مباشرا بطبيعته الخلابة مقرّبا عدسة كاميرتي من تفاصيل جذورنا ولو بشكل تجريدي».
صورة لإسفلت مشقق تبلل بفعل مياه المطر، وأخرى تبين جزئيات جذع شجرة مقطوع، وثالثة تظهر عمر شجرة قديمة، إضافة إلى غيرها من الصور التي استنبطت من معالم طبيعة جافة بفعل الصدأ الذي يغطيها، أو خضراء بسبب الضوء الذي يغمرها مشهدية تعكس تناقضات عدة، فوضعها بشار عزمي في إطار فني ينطوي على المعرفة بالدرجة الأولى. كما لجأ أحيانا أخرى إلى أدوات خارجية (منشار خشبي)، لإبراز واقع أليم وتحويله إلى حلم سريالي، كما في لوحة «مقياس الزمن» التي تنقل معاناة الطبيعة من وحشية الإنسان.
يلاحظ زائر المعرض تلقائيا الخلفية الهندسية التي يتمتع بها عزمي، خصوصاً في القسم الثاني من لوحات المعرض التي تصور العمارة الحديثة من منظار مغاير، أي من خلال انعكاس صور من الطبيعة عليها (كالسماء والنور ومياه البحر). فتؤلّف بذلك حالة فنية تؤدي بناظرها إلى عالم خيالي فتقدم اللوحات المصورة بعدسة كاميرا وكأنّها مرسومة بريشة فنان.
«لقد تأثرت بخطوط فنانين عالميين أمثال مونيه وفان غوغ وغيرهما، ولذلك تريني في لوحة لعمارة شاهقة التقطتها بعدستي في نيويورك، تركت العنان لفلسفة فكرية قادتني إلى تحويل فقاعات بركة مياه تنعكس على زجاج عمارة حديثة لتشبه من زوايا عديدة لوحة (زنابق الماء) لمونيه».
روى الفنان السوري الأصل بشار عزمي في صوره الفوتوغرافية حنينه لبلده الأم مرة واندهاشه بضخامة تطور بلد هاجر إليه (أميركا) مرة أخرى، تاركاً لزوار المعرض فكّ أحجية علاقته ما بين حبّه لأرض وطنه ومشاعر غربة انبهر خلالها بإنجازات بلد له وقعه عالمياً ولكنّه في المقابل بعيد إلى حدّ كبير عن الإنسانية.
«لا أقول في تلك الصور الفوتوغرافية إلا ما أحسّ به وما يخالجني من مشاعر متناقضة بسبب مشاهد داعبت خيالي عندما كنت طفلا صغيراً، وزرعت في حبّ الاكتشاف عندما نضجت». أوضح عزمي في سياق حديثه. وتابع: «هناك خصوصية في طريقة تصويري قد لا تشبه غيرها، ولكنّها نابعة من حبّي لرؤية الأمور من ناحية إيجابية، فأركن إلى جماليتها قبل أي شيء آخر لأرسم لها فكرة في مخيلتي وأترجمها بأسلوبي فتبين شخصيتي».
نظّم عزمي معارض عدة متنقلا ما بين بلدان غربية وأخرى عربية، فقدم في نيويورك مثلا (عام 2014) واحدا بعنوان «نافذة أخرى على الأزرق» الذي استضافته جامعة نيويورك، كما نظّم أخرى في سوريا والأردن وأوهايو، فيما عرض في بلده الأم (عام 2009) وبالتحديد في المركز الثقافي الألماني في دمشق، صوراً فوتوغرافية أخرج فيها التفاصيل من العتمة إلى النور، وهو يعد أحد الفنانين الذي ينتظره آلاف السوريين المنتشرين في بلاد الاغتراب للوقوف على فنّه في عالم التصوير الفوتوغرافي.
«قريباً جداً سيكون لي معرض جديد في مكتبة (كوياهوغا) العامة (في ولاية كليفلاند)، أعرض فيه أعمالي التي تجمع ما بين الكلاسيكية والمعاصرة معا».
كما يولي في الوقت نفسه اهتماما بعالم الموسيقى وهو الأمر الذي لاحظه زوار معرضه في بيروت أثناء حفل الافتتاح، حين حضر نجله الموسيقي كنان عزمي (عازف كلارينيت)، خصيصاً إلى «ست الدنيا» ليعزف له مقطوعة من تأليفه، هو الذي سبق وقدم حفلات مختلفة في دول العالم وبينها في باريس وألمانيا ولبنان.
«صور بسيطة ورؤيا معقدة»... فن تجريدي بعدسة الكاميرا
في معرضه يمزج بشار عزمي ما بين التفاصيل والعناوين العريضة
«صور بسيطة ورؤيا معقدة»... فن تجريدي بعدسة الكاميرا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة