إسرائيل تنسحب من اليونيسكو... والتنفيذ قبل نهاية 2018

بعد تحضيرات دامت شهرين في قنوات دبلوماسية إسرائيلية وأميركية

إسرائيل تنسحب من اليونيسكو... والتنفيذ قبل نهاية 2018
TT

إسرائيل تنسحب من اليونيسكو... والتنفيذ قبل نهاية 2018

إسرائيل تنسحب من اليونيسكو... والتنفيذ قبل نهاية 2018

أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أن حكومته اتخذت قرارا رسميا بالانسحاب من منظمة الأمم المتحدة للتعليم والثقافة والعلوم (اليونيسكو).
وقال نتنياهو، خلال كلمة له الليلة قبل الماضية، إنه أصدر تعليماته إلى مندوب إسرائيل لدى المنظمة، كرمل شاما هكوهين، بأن يقدم إخطارا رسميا لمديرية اليونيسكو، بقرار الحكومة الإسرائيلية الرسمي الانسحاب من المنظمة. وسوف يقدم الإخطار مباشرة بعد انتهاء عطلة أعياد الميلاد ورأس السنة، على أن يدخل حيز التنفيذ مع نهاية عام 2018 وذلك وفقا للإجراءات المتبعة في المنظمة بخصوص آليات الانسحاب.
وأكدت مصادر في تل أبيب أن هذا القرار جاء بعد «طبخ» دام شهرين، في قنوات دبلوماسية إسرائيلية أميركية. ففي حينه، وتحديدا في الثاني عشر من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أعلنت الولايات المتحدة الانسحاب من اليونيسكو على إثر رفض المنظمة الدولية التدخلات الأميركية وضغوطاتها لصالح تمكين الموقف الإسرائيلي في قرارات المنظمة. وقد استهجنت واشنطن لماذا لم تعلن إسرائيل أيضا انسحابها من هذه المنظمة، إذ إن الانسحاب الأميركي كان من أجل إسرائيل. فرد نتنياهو، بأنه أوعز لوزارة خارجيته للشروع بإجراءات انسحاب إسرائيل من المنظمة. وشكر الولايات المتحدة على قرارها معتبرا «الانسحاب من اليونيسكو قرارا شجاعا وأخلاقيا لأن اليونيسكو أصبحت مسرحا للعبثية، وبدلا من أن تحافظ على التاريخ وتصونه، تقوم بتشويهه».
لكن القرار النهائي بالانسحاب من هذه المنظمة لم يصدر طوال شهرين وأكثر. وبعد قرار الرئيس الأميركي الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ووقوف غالبية دول العالم ضده بسبب هذا الاعتراف، قرر نتنياهو ألا يترك الولايات المتحدة وحيدة معزولة. فأصدر تعليماته إلى المندوب الإسرائيلي لدى اليونيسكو أن يشرع في إجراءات الانسحاب الرسمي من المنظمة.
الجدير بالذكر أن إسرائيل تهاجم اليونيسكو وتتخذ موقفا عدائيا منها لأنها وقفت ضد ممارساتها الاحتلالية الفظة في التراث الفلسطيني وكل المعالم التاريخية غير اليهودية تقريبا في إسرائيل نفسها وفيما بعد في المناطق المحتلة في عام 1967 عموما وفي مدينة القدس القديمة بشكل خاص. فمنذ سنة 1968، اتخذت اليونيسكو قرارا ينص على مطالبة الحكومة الإسرائيلية باتخاذ جميع التدابير من أجل حماية الممتلكات الثقافية في المدينة والامتناع عن إجراء أي حفريات فيها أو نقل ممتلكاتها أو تغيير معالمها أو ميزاتها الثقافية. وعندما رفضت إسرائيل الامتثال للقرار طوال ست سنوات، عادت اليونيسكو واتخذت قرارا جديدا في سنة 1974 يقضي بالامتناع عن تقديم العون الثقافي والعلمي لإسرائيل. وبعد أربع سنوات، أصدر المؤتمر العام لليونيسكو قرارين آخرين بخصوص القدس، أولهما توجيه نداء عاجل إلى إسرائيل لكي تمتنع عن جميع الإجراءات التي تحول دون تمتع السكان العرب الفلسطينيين بحقوقهم في التعليم والحياة الثقافية والوطنية، وثانيهما يدين إسرائيل لتغييرها معالم القدس التاريخية والثقافية وتهويدها.
وقد اتخذت قرارات أخرى بهذه الروح لاحقا. لكن التدهور الكبير في العلاقات بين إسرائيل واليونيسكو، بدأ في السنة الماضية (2016)، حيث أدرجت اليونيسكو 55 موقعا تراثيا في العالم على قائمة المواقع المعرضة للخطر، ومنها البلدة القديمة في القدس الشرقية المحتلة وأسوارها، مما خلف غضبا واستنكارا إسرائيليين. ثم تبنت اليونيسكو قرارا ينفي وجود ارتباط ديني لليهود في الحرم القدسي الشريف، بما في ذلك «حائط المبكى» (البراق). وكانت القشة التي كسرت ظهر البعير القرار الذي اتخذه المجلس التنفيذي لليونيسكو، الذي التأم في باريس، في مطلع شهر مايو (أيار) الماضي، فعاد تأكيد قرارات المنظمة السابقة باعتبار إسرائيل محتلة للقدس، ويرفض سيادة إسرائيل عليها. فأعلن نتنياهو عندها الكفر باليونيسكو وتقليص مساهمته المالية في ميزانيتها والتفكير بالانسحاب منها.



«خط أحمر»... «الحكومة الموزاية» تثير مخاوف مصرية من تفكك السودان

وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)
وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)
TT

«خط أحمر»... «الحكومة الموزاية» تثير مخاوف مصرية من تفكك السودان

وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)
وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)

تثير تحركات تشكيل «حكومة موازية» في السودان، مخاوف مصرية من تفكك البلاد، التي تعاني من حرب داخلية اندلعت قبل نحو عام ونصف العام، وشردت الملايين. وقال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، الأحد، إن «بلاده مع استقرار السودان ومع بسط سيادته على كل الأراضي السودانية»، مشيراً إلى أن «هذا أمر ثابت في السياسة الخارجية المصرية ولا يمكن أن تتزحزح عنه».

واعتبر وزير الخارجية، في مؤتمر صحافي مشترك، مع المفوضة الأوروبية لشؤون المتوسط دوبرافكا سويتشا، «تشكيل أي أطر موازية قد تؤدي إلى تفكك الدولة السودانية خطاً أحمر بالنسبة لمصر ومرفوضاً تماماً»، مضيفاً: «ندعم الشرعية. ندعم مؤسسات الدولة السودانية، وندعم الدولة، لا ندعم أشخاصاً بأعينهم».

ويرى خبراء ومراقبون، تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أن الموقف السياسي المصري الداعم بقوة لمؤسسات الدولة، والرافض لتشكيل أي أطر موازية، هدفه حماية السودان من التمزق، لكنه يظل رهن تباينات إقليمية تعقد حل الأزمة.

ويمهد توقيع «قوات الدعم السريع» وحركات مسلحة وقوى سياسية ومدنية متحالفة معها بنيروبي، الأسبوع الماضي، على «الميثاق التأسيسي»، الطريق لإعلان حكومة أخرى موازية في السودان، في مواجهة الحكومة التي يقودها رئيس مجلس السيادة السوداني، الفريق عبد الفتاح البرهان، وتتخذ من مدينة بورتسودان مقراً لها.

وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» من القاهرة، قبل أيام، عدَّ وزير الخارجية السوداني، علي يوسف الشريف، أن تحرك تشكيل «حكومة موازية» في مناطق سيطرة قوات «الدعم السريع» لا يحظى باعتراف دولي، مشيراً إلى أن «دولاً إقليمية ودولية تدعم موقف بلاده في هذه القضية».

وجددت مصر، الأحد، رفضها مساعي تشكيل «حكومة موازية» بالسودان، ووصفت الخارجية المصرية، في بيان رسمي، الأحد، ذلك، بأنه «محاولة تهدد وحدة وسيادة وسلامة أراضي السودان».

وأضاف البيان أن تشكيل حكومة سودانية موازية «يُعقد المشهد في السودان، ويعوق الجهود الجارية لتوحيد الرؤى بين القوى السودانية، ويفاقم الأوضاع الإنسانية»، فيما طالبت كافة القوى السودانية بتغليب المصلحة الوطنية العليا للبلاد والانخراط في إطلاق عملية سياسية شاملة دون إقصاء أو تدخلات خارجية.

وحسب الوزير المصري عبد العاطي، فإن «مصر على تواصل مع كل الأطراف المعنية لنقل وجهه نظرها وموقفها الواضح والثابت»، وأضاف: «بالتأكيد نحن مع السودان كدولة، ومع السودان كمؤسسات، ومع السودان بطبيعة الحال لفرض سيادته وسيطرته على كل الأراضي السودانية».

وتستهدف مصر من رفض مسار الحكومة الموازية «دعم المؤسسات الوطنية في السودان، حفاظاً على وحدته واستقراره، وسلامته الإقليمية»، وفق عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، السفير صلاح حليمة، الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إن «مصر تعمل على حشد الدعم الدولي والإقليمي لوقف الحرب ونفاذ المساعدات الإنسانية، ووضع خطط لإعادة الإعمار».

وتنظر القاهرة لحكومة بورتسودان باعتبارها الممثل الشرعي للسودان، والمعترف بها دولياً، وفق حليمة، ودلل على ذلك بـ«دعوة رئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان، للأمم المتحدة، وزيارة دول مختلفة، كممثل شرعي عن بلاده».

وترأس البرهان وفد السودان، في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، سبتمبر (أيلول) الماضي.

ويعتقد حليمة أن إجهاض مساعي «الحكومة الموازية» لن يتحقق سوى بـ«التوافق على مسار سياسي، من خلال حوار سوداني - سوداني، تشارك فيه كل الأطراف، ويفضي لتشكيل حكومة مدنية مستقلة لفترة انتقالية»، وطالب بالبناء على مبادرة مصر باستضافة مؤتمر للقوى السياسية السودانية العام الماضي.

وجمعت القاهرة، في شهر يوليو (تموز) الماضي، لأول مرة، الفرقاء المدنيين في الساحة السياسية السودانية، في مؤتمر عُقد تحت شعار «معاً لوقف الحرب»، وناقش ثلاث ملفات لإنهاء الأزمة السودانية، تضمنت «وقف الحرب، والإغاثة الإنسانية، والرؤية السياسية ما بعد الحرب».

في المقابل، يرى المحلل السياسي السوداني، عبد المنعم أبو إدريس، أن «التحركات المصرية تواجه تحديات معقدة، بسبب دعم دول إقليمية مؤثرة للقوى الساعية لتشكيل حكومة موازية، في مقدمتها (الدعم السريع)»، مشيراً إلى أن «الموقف المصري مرهون بقدرتها على تجاوز الرفض الدبلوماسي، وقيادة تحركات مع الفرقاء السودانيين وحلفائها في الإقليم».

ويعتقد أبو إدريس، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن اختراق القاهرة لأزمة «الحكومة الموازية»، «لن يكون سهلاً، في ضوء تأثير الجهات الدولية والأطراف الداعمة للقوى السودانية التي تقف خلف هذه الحكومة»، وقال إن «مصر تخشى أن تقود تلك التحركات إلى انفصال جديد في السودان، ما يمثل تهديداً لمصالحها الاستراتيجية».

ورغم هذه الصعوبات، يرى القيادي بالكتلة الديمقراطية السودانية، مبارك أردول، أن الموقف المصري مهم في مواجهة الأطراف الإقليمية الداعمة لمسار الحكومة الموازية، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «رفض القاهرة يؤكد أن السودان لا يقف وحده في هذه الأزمة»، وأن «هناك أطرافاً إقليمية داعمة لوحدة واستقرار السودان».

وتعتقد مديرة وحدة أفريقيا في «مركز الأهرام للدراسات السياسية»، أماني الطويل، أن «المواقف الرافضة لهذه الحكومة، التي صدرت من مصر والأمم المتحدة ودول أخرى، يمكن أن تُضعف من الاعتراف الدولي والإقليمي للحكومة الموازية، دون أن تلغيها».

وباعتقاد الطويل، «سيستمر مسار الحكومة الموازية بسبب رغبة شركات عالمية في الاستفادة من موارد السودان، ولن يتحقق لها ذلك إلا في وجود سلطة هشّة في السودان»، وقالت: «الإجهاض الحقيقي لتلك التحركات يعتمد على التفاعلات الداخلية بالسودان، أكثر من الموقف الدولي، خصوصاً قدرة الجيش السوداني على استعادة كامل الأراضي التي تسيطر عليها (الدعم السريع) وخصوصاً دارفور».