التحطيب واللعب بالعصا... طقس فرعوني

سجلتها نقوش مقابر طيبة ورسومها في الأقصر

فعاليات مهرجان التحطيب في دورته الثامنة بالأقصر («الشرق الأوسط»)
فعاليات مهرجان التحطيب في دورته الثامنة بالأقصر («الشرق الأوسط»)
TT

التحطيب واللعب بالعصا... طقس فرعوني

فعاليات مهرجان التحطيب في دورته الثامنة بالأقصر («الشرق الأوسط»)
فعاليات مهرجان التحطيب في دورته الثامنة بالأقصر («الشرق الأوسط»)

بدأت في الأقصر فعاليات مهرجان التحطيب في دورته الثامنة التي تستمر حتى بعد غد (الاثنين) بمشاركة 30 لاعباً يمثلون فرق التحطيب في محافظات الأقصر والمنيا وأسيوط وسوهاج وقنا، ضمن فعاليات الأقصر عاصمة الثقافة العربية. بدأت الفعاليات بحضور الدكتور أحمد عواض، رئيس هيئة قصور الثقافة في مصر، ويحيى أحمدو مستشار وزير الثقافة والصناعات التراثية في موريتانيا والوفد المرافق له.
يشارك اللاعبون في جولات، ويحكم بينهم شيوخ اللعبة، وتعقب كل جولة عروض تحطيب لفرق الفنون الشعبية، حتى يتبين مدى استلهام الفن الشعبي للعبة.
والتحطيب فن من الفنون القتالية المصرية المستمدة من الأصول الفرعونية القديمة الذي تستخدم فيه العصا الخشبية في المبارزة، وكان طقساً يومياً عند الفراعنة، وفي العصر الحديث تغير مفهوم اللعبة إذ تحولت إلى رقصة، فأصبحت تقدم خلال الأفراح داخل الريف المصري والصعيد كنوع من أنواع التراث الشعبي. وتعود تسمية اللعبة بالتحطيب، نظراً لأنّها كانت تلعب باستخدام الحطب أو العصا الغليظة التي يطلق عليها الآن «شومة»، وهذه العصا ليست للعدوان؛ لكن ترمز للتمسك بالنبل والشهامة.
من جانبه، قال رئيس المهرجان الفنان أحمد الشافعي، إن «المهرجان يهدف إلى إحياء لعبة تاريخية عرفتها مصر القديمة قبيل آلاف السنين، وتوارثها المصريون حتى اليوم»، مضيفاً: «تقوم قواعد المبارزة على الاحترام المتبادل والصداقة والشجاعة والفروسية والفخر، ويتم تناقل فنون هذه المبارزة بين العائلات والمجتمعات والبيئة المحيطة التي حافظت على جزء من الرموز والقيم المرتبطة بممارستها، حيث يقدم المتبارزون على أنغام الموسيقى الشعبية عرضاً قصيراً للحركات غير العنيفة باستخدام عصا طويلة في المناسبات الاجتماعية والاحتفالات الدينية، ويمارس هذه اللعبة الذكور الذين غالباً ما يكونون من سكان محافظات الصعيد (جنوب مصر)».
ظهر التحطيب في مصر بعهد الدولة الوسطى في مقابر بني حسن بمحافظة المنيا، وهو لعبة تراثية مصرية أصيلة، توارثها المصريون جيلاً عن جيل. وقد عرف الفراعنة الكثير من فنون الرقص، وتسجل معابد ومقابر الفراعنة عشرات المشاهد الراقصة، ومن أقدمها بجانب لعبة التحطيب والعصا لعبة تعرف باسم «حي بي»، كما سجلتها نقوش ورسوم مقابر طيبة في غرب الأقصر، ومجموعة الملك زوسر الأثرية في منطقة سقارة بالجيزة جنوب القاهرة. وقد سجلت وزارة الثقافة المصرية لعبة التحطيب في المنظمة الدولية للتربية والعلوم والثقافة (اليونيسكو) في نوفمبر (تشرين الثاني) 2016.
وقالت مصادر أثرية إنّ «مصاطب الدولة القديمة بسقارة في الجيزة جنوب القاهرة تمتلئ بمناظر للراقصين من الرجال والنساء، وهم يرقصون بالعصا، وهناك أيضاً رقصة الطيور المسجلة على جدران معابد مدينة هابو في غرب الأقصر، ورقصة الرياح الأربع في عصر الدولة الوسطى».
وكانت كلمة الرقص في مصر الفرعونية تعني «إيب» أو «إيبي»، وهي كلمة مرتبطة بالقلب، وكان المصري القديم يكتب كلمة سعادة، راسماً قلادة كبيرة وقلباً، أي أنّ هناك صلة كبيرة بين الرقص والقلب وسعادته في مصر القديمة. وأشارت المصادر الأثرية إلى أنّ للرقص آلهة في مصر القديمة، فهناك حتحور إلهة الرقص والموسيقى والسعادة، وابنها وابن حورس «إيحي» رب الموسيقى والرقص والطرب، ويعرف بين البعض باسم «أي هي هي» وهي جملة تدل على السعادة. وفي ذلك قال محمد سعد الدين الأثري في الأقصر، إن «الفراعنة صوّروا رياضة التحطيب على جدران مقابرهم ومعابدهم وكانوا يهتمون بتعليمها للجنود، والعصا المستخدمة في فن التحطيب ليست عصا عدوان، لكنّها ترمز للمحبة».


مقالات ذات صلة

«الزامبو» أحد أغرب المهرجانات في المنطقة العربية

يوميات الشرق الأطفال يحبون الزامبو (إنستغرام)

«الزامبو» أحد أغرب المهرجانات في المنطقة العربية

احتفلت مدينة الميناء في طرابلس، شمال لبنان، بواحدٍ من أغرب المهرجانات التي يمكن أن تراها على الإطلاق.

سوسن الأبطح (طرابلس (شمال لبنان))
سينما من «كثبان- 2»: أفضل تصوير (وورنر)

يومان على الأوسكار... من سيفوز ولماذا؟

يومان فقط يفصلانا عن حفل جوائز الأوسكار الـ97. تلك الجائزة الأقدم تاريخياً والأكثر متابعة بين كل الجوائز السنوية.

محمد رُضا (لندن)
يوميات الشرق نال الفيلم إشادات عدة بسبب مستواه الفني - (إدارة المهرجان)

«Têtes Brûlées»... عندما يواجه الأطفال فاجعة الفقد

الفيلم الروائي التونسي - البلجيكي «Têtes Brûlées»، الذي عرض للمرة الأولى عالمياً في مسابقة «أجيال +14» بمهرجان «برلين السينمائي» عبّر عن مشاعر الفقد والحزن.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق المخرج يوهان هاوغرود يحمل جائزة الدب الذهبي التي فاز به فيلمه «أحلام» (أ.ب)

مهرجان برلين يعلن جوائزه الرسمية وينتصر للتغيير

هناك فيلمان بعنوان واحد في مسابقة برلين، هذا العام، أحدهما هو الذي خطف الدب الذهبي من الآخر ومن باقي الأفلام التي تنافست على الجائزة الأولى.

محمد رُضا (لندن)
يوميات الشرق سلط الفيلم الضوء على معاناة كبار السن (إدارة المهرجان)

مخرج «المسار الأزرق» يكشف كواليس تهجير العجائز بـ«الأمازون»

كشف المخرج البرازيلي غابرييل ماسكارو عن كواليس فيلمه «المسار الأزرق» الحائز على جائزة الدب الفضي بالدورة الـ75 من مهرجان برلين السينمائي الدولي.

أحمد عدلي (القاهرة )

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.