مقتل الدبلوماسية البريطانية يجدد النقاش حول «أمن» سيارات الأجرة في لبنان

دعاوى قضائية لإيقاف شركات النقل الإلكترونية

مقتل الدبلوماسية البريطانية يجدد النقاش حول «أمن» سيارات الأجرة في لبنان
TT

مقتل الدبلوماسية البريطانية يجدد النقاش حول «أمن» سيارات الأجرة في لبنان

مقتل الدبلوماسية البريطانية يجدد النقاش حول «أمن» سيارات الأجرة في لبنان

اتخذت رنا (32 عاماً) قراراً بالإحجام عن طلب سيارة «أوبر»، بعد حادثة مقتل الموظفة في السفارة البريطانية في بيروت، على يد سائق سيارة يعمل لصالح الشركة العالمية. «أثبتت أنها غير آمنة»، تقول رنا لـ«الشرق الأوسط»، موضحة أن الحادثة «تركت قلقاً بالغاً في صفوف النساء من طلب سيارة أجرة عبر التطبيق الشهير».
لكن الحادثة التي وقعت قبل أيام في بيروت، لم تجدد الأسئلة حول سائقي الشركة العالمية فحسب، بل فتحت باب النقاش حول أمن سيارات الأجرة بشكل عام، بالنظر إلى المعلومات التي تتردد في أوساط النساء عن محاولات تحرش في سيارات الأجرة، والتبليغات التي ترد إلى القوى الأمنية حول هذه الظاهرة، وتقود إلى أن ارتياد سيارات الأجرة التي لا تديرها شركات كبرى ومعروفة، تنطوي على مخاطر.
حذّر وزير الداخلية المشنوق خلال الغداء السنوي لبلدية بيروت المواطنين، قائلاً: «لا تستعملوا خدمة (أوبر) لأنها خطيرة».
ويقول نقيب أصحاب شركات التاكسي في لبنان، شارل أبو حرب، إن شركة «أوبر» تخالف قانون النقل اللبناني الذي يمنع الشركات الأجنبية من العمل في لبنان «لأن أصحاب الشركة ليسوا لبنانيين»، مشيراً إلى أن قانون النقل اللبناني الذي صدر في عام 2012 وضع شروطاً للشركات التي تنوي العمل في لبنان، كي تحوز على الرخصة، و«(أوبر) تخالف تلك الشروط»، كما يقول، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أن هناك دعوى جزائية بحق الشركة لدى القضاء اللبناني تقدمت بها النقابة، بهدف إيقافها عن العمل.
وتخالف الشركة العمل في لبنان، في شقين: أولهما أنها لم تحصل على ترخيص رسمي من السلطات اللبنانية، وثانيهما أن الشركة تشغل مركبات خصوصية رغم أن القانون يمنع تشغيل تلك المركبات الخصوصية بالأجرة، كما قال مدير عام وزارة الأشغال والنقل في تصريح له، ذلك أن القانون يحصر سيارات الأجرة بالمركبات العمومية.
ويسجل أبو حرب تحفظات على عمل «أوبر» التي تستدعي القلق، موضحاً أن «الحصول على رخصة قيادة عمومية في لبنان، أسهل بكثير مما هو الحال في لندن مثلاً، من غير تأهيل السائق والتأكد من كفاءته ومهنيته»، فضلاً عن أن سائق سيارة التطبيقات الإلكترونية «لا تتابعه جهة رسمية مسؤولة عنه لتعرف أين يذهب، ومن هو، وإن كان بصحة جدية، وإن كان الركاب سيكونون معه بمأمن». ويقول إن ذلك يخالف المعايير التي تتبعها كبرى شركات «التاكسي» بلبنان التي تلتزم «المعايير الأمنية» عبر «طلب مجموعة من المستندات عند تقديم طلب الانتساب لأي شركة تابعة للنقابة»، إضافة إلى «الأوراق الصحية التي لا تقل أهمية عن الأمنية، منعاً لأن يكون السائق يعاني من مرض معدٍ، وهذه المستندات نطلب تجديدها كل 3 أشهر»، إضافة إلى أن «السائق يبقى تحت المراقبة اليومية من قبل المسؤولين عن الأسطول، كما تخضع السيارات للرقابة الأسبوعية».
وتنقسم سيارات الأجرة في لبنان إلى ثلاث فئات: الأولى هي سيارات النقل المشترك المعروفة بـ«السرفيس»، حيث يستطيع أربعة ركاب، من مناطق متعددة، أن يستقلوا السيارة نفسها إلى وجهات متعددة. ويحق للسائق أن ينزل راكباً في وجهته، فيصعد راكب آخر. أما الفئة الثانية فهي سيارات «التاكسي» الخاصة التي أطلقتها شركات خاصة قبل 25 عاماً، وتعمل عبر طلب السيارة من المكتب المعتمد، ويوصل الركاب وحدهم إلى وجهتهم. أما الفئة الثالثة، فه سيارات «التاكسي» الخاصة التي تطلب عبر تطبيقي «أوبر» و«كريم» العاملين في لبنان.
وفيما أثارت الحادثة الأخيرة مخاوف من التنقل عبر شركات التطبيقات الإلكترونية، وصولاً إلى إلغائه من الهواتف الذكية، فإن الواقع يثبت أن سيارات الأجرة العادية غير آمنة أيضاً، بدليل تأكيد سارة (26 عاماً) أنها امتنعت عن الاستعانة بسيارات الأجرة العادية، منذ كانت في سنتها الجامعية الأولى «حين حاول سائق سيارة أجرة التحرش بي»، كما تقول لـ«الشرق الأوسط»، وأن الحادثة «تركت قلقاً لا يزال يلازمني حتى هذا الوقت»، مشيرة إلى أن والدها في ذلك الوقت «اقترض ثمن سيارة صغيرة لتتنقل بها».
غير أن المشترك بين رواد سيارات الأجرة التي يكلف ارتيادها في الرحلة الواحدة نحو 1.35 دولار للشخص الواحد، أنهم حذرون، ويستقلون السيارة بالشراكة مع شخص آخر، وهو ما يخفف التوتر في حالات النهار، رغم أنه لا يلغيه بعد المعلومات عن تعرض بعض الفتيات لحوادث تحرش، كان أبرزها سائق أوقفته القوى الأمنية وأحالته للقضاء اللبناني في عام 2014 يدعى «هـ.ح»، وكان متورطاً في التحرش وسرقة زبائنه.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».