«سحر بانكوك» بين حظر باعة الأغذية الجائلين وفرض النظام

أفضل مدينة في العالم لتناول طعام الشارع

سوق بانكوك جزء لا يتجزأ من الحياة اليومية في تايلاند
سوق بانكوك جزء لا يتجزأ من الحياة اليومية في تايلاند
TT

«سحر بانكوك» بين حظر باعة الأغذية الجائلين وفرض النظام

سوق بانكوك جزء لا يتجزأ من الحياة اليومية في تايلاند
سوق بانكوك جزء لا يتجزأ من الحياة اليومية في تايلاند

يبدو اليوم وكأنه يوم آخر من أيام الطاهية سوبينيا جونسوتا، البالغة من العمر 72 عاماً، حيث تقف أمام أواني طهي وجبات الطعام التايلاندي التقليدي لتقديمها إلى زبائنها من السكان المحليين والسائحين على السواء.
ولكنه ليس بيوم عادي، حيث فاز متجر الأغذية الذي يقوم ببيع الأطعمة الجاهزة في بانكوك، وتديره سوبينيا منذ أكثر من 40 عاماً، بنجمة «ميشلين»، ليكون بذلك المكان الأول والوحيد بين أماكن بيع الأطعمة في الشارع بالعاصمة التايلاندية، الذي يتم ضمه إلى 17 مطعماً تم منحها نجمة ميشلين في اليوم السابق، حسب تقرير لوكالة الأنباء الألمانية. وتقول سوبينيا، المعروفة بجاي فاي، أثناء إطلاق الطبعة الخاصة ببانكوك، لأقدم دليل مطاعم في العالم: «لقد سمعتُ عن ميشلين من قبل، ولكنني لم أكن أتوقع أن تكون عظيمة الشأن إلى هذا الحد. لقد كنت شديدة التوتر عندما شاركت في الحدث». ويحمل متجر الأغذية التابع لسوبينيا في البلدة القديمة ببانكوك، اسم «جاي فاي».
وكانت بانكوك التي وصفها موقع «سي إن إن ترافل» الإلكتروني التابع لشبكة «سي إن إن» الإخبارية، المعني بأخبار السفر، في مارس (آذار) الماضي بأنها أفضل مدينة في العالم لتناول الطعام بالشارع مرادفاً لفترة طويلة لخيارات تقديم الأطعمة على مدار الساعة لخبراء التذوق من السكان المحليين والسائحين.
ولكن نجمة ميشلين، التي عادة ما تُخصَّص للأطعمة الممتازة، تعتبر الخطوة التالية في ارتقاء جودة طعام الشوارع. وأثناء إطلاق طبعة دليل المطاعم، وصف مايكل إليس، المدير الدولي لدليل «ميشلين غايدز»، الطعام بأنه «جزء لا يتجزأ من الحياة اليومية في تايلاند».
من ناحية أخرى، تقول المدونة والكاتبة في شؤون الأغذية، تشاوادي نوال الخير، المقيمة في بانكوك: «أنا سعيدة بوجودها (جاي) على القائمة. أعتقد أن ذلك يدل على أن هناك بعض الأطعمة الممتازة في متاجر الأغذية، وفي الأماكن المفتوحة، بالإضافة إلى وجودها في الفنادق والمطاعم المكيفة».
وتتوافق آراء المواطنين في الشارع مع آراء النقاد؛ فبعد يوم عمل طويل، يتوجه تشالينترا واسيتا كوكياتكولتشاي، موظف، 32 عاماً، إلى إحدى أسواق بانكوك لتناول طبق «باد تاي» بالجمبري - وهو عبارة عن نوع من الشعرية التايلاندية الشعبية. ويقول تشالينترا: «أتناول الطعام في المطاعم وفي الشارع». ويضيف: «أذهب إلى المطاعم للاستمتاع بالأجواء اللطيفة، وأنزل الشارع لتناول وجبة شهية، حيث يكون مذاق بعض الأطعمة في الشارع أفضل منه في الفنادق». وبالنسبة للسكان المحليين مثل تشالينترا، فإن تناول الطعام في الشارع، جزء طبيعي من مظاهر الحياة اليومية، وبالنسبة لملايين السائحين الذين يزورون المدينة الواقعة في جنوب شرقي آسيا كل عام، تعد وجبات الشوارع رفاهية رخيصة الثمن، لا تتوافر لهم في بلادهم.
وتنتظر ناتاليا اسكوبار (28 عاماً)، وأندريس ريستريبو (42 عاماً)، وهما سائحان من كولومبيا، في طابور طويل أمام «جاي فاي»، بعد ساعتين فقط من وصولهما إلى بانكوك. ويقول السائحان المحبان للطعام: «جئنا إلى بانكوك خصيصاً من أجل الطعام، وهذه هي أولى محطاتنا». ويشار إلى أن السائحين الكولومبيين يعتبرون من بين كثيرين الذين يترددون على متاجر الأغذية حالياً، بعد أن تصدرت عناوين الصحف، مما أدى إلى زيادة عدد المترددين على المطعم - المزدحم عادة - الذي لا يستوعب أكثر من 70 فرداً. ويقول السائحان: «إننا نفضل طعام الشارع التقليدي، أكثر من (تناوله) في المطاعم». ولكن في الوقت الذي يتزايد في إقبال السائحين على تناول الأطعمة في الشارع، تقوم السلطات التايلاندية من جانبها منذ أبريل (نيسان) الماضي، بفرض إجراءات صارمة ضد باعة الأغذية في الشوارع، وهو ما أجبر الكثيرين منهم على إخلاء «المناطق الرئيسية» من أجل شوارع أكثر نظافة.
وتم تطهير كثير من المناطق الراقية في بانكوك، خصوصاً ثونجلور وإيكاماي على طريق سوخمفيت، من باعة الأغذية في الشوارع، فيما تخضع مناطق أخرى للعمل وفقاً لساعات محددة، وعمليات تفتيش روتينية على النظافة. وتقول المدونة تشاوادي: «اضطر الباعة، الذين يُوجَد بعضهم هناك منذ عقود، إلى الانتقال إلى أماكن أخرى أو تغيير وظائفهم... إن الشعور بتأثير (ما حدث) موجود وسيظل قائماً لسنوات مقبلة».
وتضيف تشاوادي: «إن غياب التناسق في إجراءات النظافة التي تقوم بها الحكومة، يترك انطباعاً غير واضح لدى عشاق الطعام من أنحاء العالم، فهم لا يريدون تناول الطعام في المطاعم الراقية على طاولات ذات أغطية بيضاء فحسب».
وأشار تشاوادي إلى ابتعاد السلطات عن خطتها الأصلية لحظر تناول الطعام في الشارع كلية في العاصمة، بعد ردود الفعل الغاضبة من جانب وسائل الإعلام.
وعلى الرغم من أن هذا الحظر لم يتحقق قط، فإن السلطات تصر على ضرورة تحقيق ما يطلق عليه الزائرون الأجانب «سحر بانكوك».
من ناحية أخرى، يدافع وانلوب سوواندي، وهو كبير مستشاري محافظ بانكوك عن خطة الحكومة قائلاً: «إن السحر الحقيقي يتضمن النظافة والنظام، حيث لن يقبل السائحون على تناول أطعمة غير نظيفة». ويضيف وانلوب: «لا يمكننا أن نسمح لأي شخص بإنشاء كشك حسبما يشاء، بل إننا بحاجة إلى وضع معيار (لتنظيم هذا النشاط). وحتى (ميشلين) لا يمكنها اتخاذ قرارات دون معاييرها». ويطالب المدون البارز في شؤون السفر ريتشارد بارو بتايلاند، باستمرار تقديم طعام الشارع، فهو «أهم ما يميز بانكوك» و يجذب السائحين إلى المدينة التي يعيش بها 9 ملايين شخص. ويشار إلى أن متجر «جاي فاي»، الذي يشتهر بتقديم طبق عجة البيض بلحم سرطان البحر (السلطعون) إلى جانب مأكولات بحرية أخرى، هو دليل على ذلك.
وتقول سوبينيا: «إننا مجرد متجر أغذية صغير جداً في الشارع، ولكن زبائننا يثقون بنا لجودة المكونات التي نستخدمها. إنهم لم يأتوا بحثاً عن الرومانسية لأنها ليست موجودة هنا».


مقالات ذات صلة

السياحة المغربية تشهد نمواً قوياً... 15.9 مليون سائح في 11 شهراً

الاقتصاد سياح صينيون يزورون مسجد الحسن الثاني في الدار البيضاء (رويترز)

السياحة المغربية تشهد نمواً قوياً... 15.9 مليون سائح في 11 شهراً

أعلنت وزارة السياحة المغربية، الاثنين، أن عدد السياح الذين زاروا المغرب منذ بداية العام وحتى نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) بلغ 15.9 مليون سائح.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
سفر وسياحة من بين الأدوات التي استخدمها المجرمون في قتل ضحاياهم (متحف الجريمة)

«متحف الجريمة» في لندن... لأصحاب القلوب القوية

من براميل الأسيد التي استخدمها القاتل جون جورج هاي لتذويب ضحاياه والتي تعرف باسم Acid Bath «مغطس الأسيد» إلى الملابس الداخلية لـ«روز ويست».

عادل عبد الرحمن (لندن)
يوميات الشرق آلاف الحقائب التي خسرتها شركات الطيران في متجر الأمتعة بألاباما (سي إن إن)

المسافرون الأميركيون يفقدون ملايين الحقائب كل عام

داخل المساحة التي تبلغ 50 ألف قدم مربع، وإلى مدى لا ترى العين نهايته، تمتد صفوف من الملابس والأحذية والكتب والإلكترونيات، وغيرها من الأشياء المستخرجة من…

«الشرق الأوسط» (لندن)
سفر وسياحة «ساحة تيفولي» في كوبنهاغن (الشرق الأوسط)

دليلك إلى أجمل أضواء وزينة أعياد الميلاد ورأس السنة حول العالم

زينة أعياد الميلاد ورأس السنة لها سحرها. يعشقها الصغار والكبار، ينتظرونها كل سنة بفارغ الصبر. البعض يسافر من بلد إلى آخر، فقط من أجل رؤية زينة العيد.

جوسلين إيليا (لندن)

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.