«فيتو» أميركي محتمل ضد مشروع قرار مجلس الأمن

قدمته مصر ويطالب ترمب بإلغاء إعلانه حول القدس

«فيتو» أميركي محتمل ضد مشروع قرار مجلس الأمن
TT

«فيتو» أميركي محتمل ضد مشروع قرار مجلس الأمن

«فيتو» أميركي محتمل ضد مشروع قرار مجلس الأمن

طالب مشروع قرار دولي، وزعته مصر، العضو العربي الوحيد بمجلس الأمن على بقية الأعضاء، الولايات المتحدة، بإلغاء إعلان الرئيس دونالد ترمب القدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارة بلاده إليها، مشدداً على أن «أي تغيير في وضع القدس ليس له أثر قانوني ويجب عكسه».
ومع أن الولايات المتحدة تملك حق النقض (الفيتو)، فإنه من المقرر، حسب مراقبين، أن يتم عدم اعتماد مشروع القرار عند التصويت عليه، لكن الدول العربية ترى في عرض المشروع القرار رسالة مهمة إلى الإدارة الأميركية، مفادها أن المجلس بأغلبية أعضائه يرفض الإعلان الأميركي جملة وتفصيلاً، وأن المشروع سيعيد تأكيد مواقف أعضاء المجلس الـ14 التي سبق التعبير عنها خلال الأسبوع الماضي بشأن وضع القدس، وسيثبت بالإضافة إلى ذلك عدم وجود دعم دولي للعمل الأميركي أحادي الجانب.
ويعقد مجلس الأمن اليوم جلسته الشهرية العادية بشأن الأوضاع في فلسطين، حيث سيعيد الاستماع إلى نيكولاي ميلادينوف، المبعوث الأممي الخاص لعملية السلام، حول آخر التطورات على الأرض، ولا سيما أعمال العنف التي صاحبت إعلان ترمب بتحويل القدس عاصمة لإسرائيل.
وسيناقش المجلس في جلسة مشاورات مغلقة مشروع القرار المعروض، بعد الجلسة العلنية مباشرة، حسب برنامج المجلس.
ويؤكد مشروع القرار أن القدس قضية «يتعين حلها من خلال المفاوضات»، ويعرب عن «أسفه العميق للقرارات الأخيرة المتعلقة بوضع القدس»، مضيفاً أن «أي قرارات أو إجراءات تهدف إلى تغيير طابع المدينة المقدسة، أو وضعها الديموغرافي، أو تركيبتها الديموغرافية، لا يمكن أن يكون لها أي أثر قانوني، وتعتبر لاغية وباطلة، ويجب إلغاؤها».
كما يدعو مشروع القرار جميع البلدان إلى الامتناع عن فتح سفارات في القدس، مطالباً الدول الأعضاء بعدم الاعتراف بأي إجراءات تتعارض مع قرارات الأمم المتحدة بشأن وضع المدينة.
وقالت مصادر أممية إنه يمكن للفلسطينيين أيضاً أن يتخذوا إجراءات في الجمعية العامة بعد استخدام حق النقض في مجلس الأمن من قبل الولايات المتحدة، وذلك عن طريق الدعوة لجلسة طارئة للجمعية العامة. وفي هذا الصدد، قالت رئاسة الجمعية العامة لـ«الشرق الأوسط»، إن أي دعوة لم تصل بشكل رسمي لغاية الآن عن طريق الأمين العام أنطونيو غوتيريش، صاحب الشأن في هذه القضية، موضحة أن موقف الأمم المتحدة بشأن القدس يتمثل في بقاء المدينة قضية من قضايا الوضع النهائي، التي يتم تحديدها من خلال حل شامل وعادل ودائم، عبر التفاوض بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، وهو الموقف الذي أيدته كل الدول الأعضاء بمجلس الأمن، باستثناء الولايات المتحدة، التي دافعت مندوبتها نيكي هايلي عنه بالقول إن واشنطن لم تتخذ موقفاً على الحد أو الحدود، التي لا تزال تقررها إسرائيل والفلسطينيون، موضحة أن قرار الرئيس ترمب لم يحدد مسبقاً قضايا الوضع النهائي.
لكن تلميحات البيت الأبيض نهاية الأسبوع أشارت بصراحة إلى تأييد الرئيس ترمب لأن يكون حائط البراق تحت السيادة الإسرائيلية، وهو ينافي تماماً تصريحات السفيرة هايلي.
يذكر أن قرار المجلس رقم 476 ينص على أن «جميع التدابير والإجراءات التشريعية والإدارية التي اتخذتها إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، التي تهدف إلى تغيير طابع ووضع مدينة القدس الشريف، ليست لها أي شرعية قانونية وتشكل انتهاكاً صارخاً لاتفاقية جنيف الرابعة».
أما القرار رقم 478 فاعتمد في أعقاب سن إسرائيل قانونها الأساسي لعام 1980، الذي أعلن أن القدس «كاملة وموحدة»، فلاحظ قرار مجلس الأمن الدولي 478 عدم امتثال إسرائيل لقرار مجلس الأمن الدولي 476، ودان قانون القدس لعام 1980، الذي أعلن أن القدس هي عاصمة إسرائيل «الكاملة والموحدة»، باعتباره انتهاكاً للقانون الدولي. وينص القرار على أن المجلس لن يعترف بهذا القانون، ويدعو الدول الأعضاء إلى قبول قرار المجلس. كما يدعو هذا القرار أيضاً الدول الأعضاء إلى سحب بعثاتها الدبلوماسية من المدينة. أما القرار رقم 2334 الذي اعتمد في 2016 قبل نهاية ولاية أوباما، فأكد «من جديد أن إنشاء إسرائيل للمستوطنات في الأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، بما فيها القدس الشرقية، ليست له أي شرعية قانونية ويشكل انتهاكاً بموجب القانون الدولي، وعقبة رئيسية أمام تحقيق الحل القائم على وجود دولتين».
واعتمدت هذه القرارات الثلاثة بأغلبية 14 صوتاً وامتناع الولايات المتحدة عن التصويت.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».