بمجرد دخولك من الباب، ستواجهك ساحتها ومشربياتها بعوالمها المملوكية الشيقة، وستفقد صلتك بعالم القرن الواحد والعشرين، منتمياً إلى هذه الأجواء التي يسعى القائمون في هيئة الآثار المصرية لجعل وكالة قايتباي الأثرية فندقاً سياحياً تراثياً يأخذ رواده إلى زمن سلاطينه ومماليكه، بعد الانتهاء من عمليات الترميم التي بدأت منذ أكثر من عامين في مارس (آذار) عام 2015.
«هانيا ممدوح» المشرفة على الوحدة الهندسية في القاهرة التاريخية قالت، إن الوكالة تتضمن 24 وحدة سكنية «حواصل»، ستتحول جميعها إلى أجنحة «دوبلكس»، لن تكون قاصرة على الأجانب فقط، لكنّها ستفتح للراغبين في الإقامة بها من المصريين الباحثين عن عبق تراث مصر المملوكية وسحر زمن تجارها وأسلوب حياتهم.
تقع الوكالة إلى اليمين بمجرد أن تتجاوز باب النصر، في منطقة الجمالية بحي الأزهر، وتتميز باتساعها، ورحابتها، وكانت مخزناً تجارياً يعود للعصر المملوكي الجركسي، بناها السلطان قايتباي عام 885 هجرية، وخصصها لسكنى التجار والمسافرين ومزاولة الأعمال التجارية، وتقوم على 3 طوابق تطل على فناء داخلي رحب، يضم الطابق الأرضي بئراً ودورات مياه لخدمة العاملين في المخازن، أمّا الطابقان العلويان فكانا يستعملان كمساكن وأماكن إعاشة.
تحويل الوكالة إلى فندق أثري لن يتم هكذا ببساطة، لكنه حسب «هانيا» يخضع لدراسات وأبحاث إعداد وتجهيز، تحافظ على الطابع المملوكي الجركسي، وتعيده بأثاثه ومفرداته وتضع سكانها في قلب عوالمه وأجوائه. لذا سوف تصمم الأسرة والكراسي والطاولات وكل ما يتعلق بتفاصيل حياة النزلاء ليناسب طابع الزمن الجركسي وأيام السلطان قايتباي. وكان السلطان الملك الأشرف أبو النصر قايتباي أحد حكام دولة المماليك الجراكسة محباً للعمارة والفنون فأظهر ذوقا ورفاهية بالغة بآثاره الخالدة التي تركها في مصر، وغيرها من الدول العربية، وقد تولى العرش في فبراير (شباط) عام 1468، وحكم ما بين (1468 - 1496)، وظل ممسكا بتقاليد الأمور في البلاد قرابة 29 عاما، وهي مدة كبيرة لم يتجاوزها سوى الناصر محمد بن قلاوون الذي حكم مصر 42 عاما.
«عم محمد» حارس الوكالة أشار إلى أن هناك دكاكين سوف تظل قائمة بعد الترميم، وستكون منفذاً يشتري منه السياح، فضلاً عن روادها ما يحتاجون إليه من هدايا وتحف ومستلزمات، أمّا الطابق الثالث، فهو عبارة عن غرف تغطي جزءاً من الناحية اليسرى، وتشرف على شارع النصر بمشربيات صغيرة، سوف يتم استكمالها ضمن مراحل الترميم والتطوير، وبناء غرف أخرى على غرارها لتصل إلى كامل مساحة الطابق الثاني.
وتعتبر وكالة قايتباي من أجمل نماذج فن الزخرفة الإسلامية التي تميزت بها العمارة في العصر المملوكي، وقد شُيّدت وخُطّط لها لتناسب محتوياتها المعمارية نظام وكالات العصر المملوكي بشقيه البحري والجركسي وهي للأخير أقرب.
ولفتت «هانيا» إلى أن عمليات ترميم الوكالة سوف يراعى فيها طابع الحجر الذي بناها به العمال المصريون زمن المماليك، وسوف تستخدم الأحجار نفسها، حرصاً من وزارة الآثار على طابعها، لتكون مناسبة لأجواء الصيف والشتاء، التي استدعت إقامتها بمثل هذا النوع من مواد البناء.
وستستعمل الأحجار الجيرية في استكمال بناء الحوائط الخارجية والداخلية المطلة على الصحن، أما الآجر فسوف يستخدم في بناء القواطيع الداخلية، خصوصاً في منطقة الخدمات، وأما الخشب فللأسقف والوحدات السكنية.
وذكرت «هانيا» أن هذه المواد فضلاً عن كونها مواد طبيعية انتشر استخدامها في تلك الفترة، وذات قدرة كبيرة على تحمل العوامل المناخية والبيئية كما توفر العزل الحراري المطلوب. وأشارت إلى أن المقيم في وكالة قايتباي سوف يستطيع ومن خلال نوافذ مشربياتها المطلة على ساحة باب النصر مشاهدة عروض الرقص والغناء التي تقدمها فرق وزارة الثقافة المصرية بين آن وآخر على المسرح المفتوح المقابل لبوابة الوكالة الرئيسية.
وكالة قايتباي تتحول لفندق أثري يعيد زواره إلى زمن المماليك
بنيت بالحجر وتعتبر نموذجاً لفن الزخرفة الإسلامية
وكالة قايتباي تتحول لفندق أثري يعيد زواره إلى زمن المماليك
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة