المعارضة السورية مُصرّة على مفاوضات مباشرة مع النظام

TT

المعارضة السورية مُصرّة على مفاوضات مباشرة مع النظام

ردت المعارضة السورية على مساعي النظام لإفشال «مسار جنيف»، بتمسكها به، ودعوات منها للانخراط في مفاوضات مباشرة خلال هذه الجولة، رغم إقفال النظام هذا الاحتمال، وخروجه أمس من الاجتماع مع المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا من غير أي تصريح، فيما عقد وفد المعارضة جلسة مع دي ميستورا بعد الظهر، لاستكمال المناقشات التي استؤنفت أول من أمس.
وخرجت المعارضة بموقف موحد، أمس في جنيف، يصر على المفاوضات المباشرة؛ إذ أكدت هيئة التفاوض في بيان أصدرته أمس، أن موقفها من الحوار مع الوفد الذي يمثل النظام في جنيف ينطلق من إنهاء الكارثة الإنسانية وتأمين البيئة الآمنة والمحايدة التي تسمح بعودة السوريين إلى بلدهم عودة كريمة، والوصول إلى التغيير الجذري الديمقراطي الشامل والعميق. وأضافت في البيان: «لا يغيب عنا إطلاقاً أن كل العمليات التفاوضية تقوم على مبدأ التوافق، ولكننا؛ كثوريين أولاً قبل أن نكون سياسيين، نناضل لكي تكون كلمة الشعب السوري هي العليا، وأن تعود السلطة له، وذلك عبر تطبيق القرار (2254) بحذافيره ودون أي شروط مسبقة. وسنعمل كل ما يلزم لتحقيق ذلك».
ورأت أن «الأسبوع المتبقي من (جولة جنيف) الحالية هو فرصة جدية لبدء المفاوضات المباشرة، وندعو النظام للانخراط الجدي فيها».
وكان وفد المعارضة أكد أنه لم يضع شروطا مسبقة للتفاوض مع النظام السوري، وأكد الوفد أن «هناك فرصة متاحة في جنيف تتمثل في بدء عملية سياسية لحل الأزمة السورية، كونها الحل الوحيد والناجع». وأضاف الوفد في بيان للمتحدث باسمه يحيى العريضي، أن «فرصة الحل تتمثل في الجلوس وجها لوجه في مفاوضات حول الانتقال السياسي طبقا لقرار مجلس الأمن رقم (2254)»، وأبدى الوفد استعداده للجلوس مع النظام السوري «في أي وقت، للانتقال إلى سوريا آمنة للجميع».
في المقابل، عقد وفد الحكومة السورية برئاسة بشار الجعفري، أمس، جلسة محادثات ثانية مع مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا ستيفان دي ميستورا في مقر الأمم المتحدة بجنيف، في إطار الجولة الثامنة من الحوار السوري - السوري، من غير الإدلاء بعد اللقاء بأي تصريح، وذلك بعد جلسة محادثات أولى مع دي ميستورا في سياق المرحلة الثانية من الجولة الثامنة للحوار الذي استؤنف الاثنين الماضي.
وقال المتحدث باسم وفد المعارضة السورية بمؤتمر «جنيف8» أحمد رمضان لوكالة «الأناضول»، إن «النظام يعتمد سياسة الرفض ووضع الشروط المسبقة. النظام رفض المفاوضات المباشرة؛ وهذه رسالة مباشرة للأمم المتحدة بأنه لا يريد مفاوضات جدية»، واستطرد قائلا: «النظام يريد فقط الإبقاء على المحادثات الثنائية عبر الأمم المتحدة، وليس المفاوضات المباشرة».
وفي هذا السياق، رشحت عن الجلسة المسائية التي عقدت مساء أول من أمس «معلومات خاطئة» أثارت بلبلة، مما دفع بالمعارضة لإيضاحها، حيث نقلت معلومات عن مصادر مطلعة على مجريات مفاوضات «جنيف8»، أن دي ميستورا أبلغ وفد «هيئة التفاوض السورية»، خلال اجتماعهما مساء الاثنين، بضرورة أن تكون «واقعية»، وأنهم «فقدوا الدعم الدولي»، وهو ما نفته المعارضة مرة أخرى، مؤكدة أنه «غير دقيق بالمجمل».
وأكد عضو الائتلاف الوطني السوري ومستشار الهيئة العليا للمفاوضات الدكتور هشام مروة، لـ«الشرق الأوسط»، أن ما نقل عن تلك المصادر غير صحيح، موضحاً أن دي ميستورا «كان يتحدث عن أهمية (مسار جنيف)، وأكد أنه قوي وقائم، كما جدد تأكيد التزام الموقف الدولي بالقرار (2254)»، لافتاً إلى أن «دي ميستورا كان واضحاً لجهة التمسك بالقرارات الدولية و(مسار جنيف)».
وتعمل المعارضة على خطين متوازيين؛ «أولهما التمسك بمؤتمر جنيف، الذي يحظى بمظلة دولية، منعاً لتحويل التفاوض إلى مسارات أخرى ترفضها المعارضة، والثاني يتمثل في استدراج النظام إلى المفاوضات المباشرة التي يتهيبها، ولا يخفي رفضه لها».
وأكد مروة أن التمسك بمسار جنيف «ينطلق من أنه يحظى بمرجعية دولية»، وذلك لإقفال الباب على أي مساعي لنقل المسار التفاوضي إلى مسار آخر لا يحظى بمظلة دولية، كذلك «إلزام النظام بتنفيذ القرار الدولي (2254)». ورأى أن رفض النظام المفاوضات المباشرة «يهدف منه، إلى إجهاض المفاوضات وعرقلتها»، بالنظر إلى أنه أمام النظام مسارات أخرى قد تحميه، مثل مؤتمر «سوتشي» الذي لم توافق المعارضة على المشاركة فيه. وقال إن النظام «يهرب من الاستحقاقات ليعطي الانطباع بأن مفاوضات جنيف لن تنجح».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».